أرسل بوش مشروعاً سمّاه “مشروع الشرق الأوسط الكبير” إلى الدول الثماني الصناعية الكبرى من أجل مناقشته في اجتماعهم القادم في حزيران من العام 2004م، وقد دعا المشروع إلى تعميق الديمقراطية كحلّ للمشكلة السياسية، كما اقترح إصلاحاً لمناهج التعليم من أجل الارتقاء بالمعرفة، وإزالة الأُمّية عند قطاع كبير من الجماهير العربية وبالذات عند المرأة، واقترح إصلاحاً للاقتصاد من أجل إيجاد فرص أكبر للعمل إلخ… وقد قدّم وزير خارجية ألمانيا فيشر مشروعاً آخر وافقت عليه فرنسا وانكلترا وألمانيا في اجتماع القمّة الذي انعقد في شهر شباط/فبراير، ومن المتوقّع أن يناقش المشروعان في قمّة الدول الثماني التي ستنعقد في أمريكا، وأن يخلصوا إلى مشروع واحد.
ومن الجدير بالذكر أن المشروعين اعتمدا على تقريري التنمية العربية الإنسانية الصادرين في عامي 2002 و2003م، في تشخيص حال المنطقة العربية، واعتمدا عليهما في نقل الإحصاءات عن التعليم والمعرفة والمرأة والاقتصاد والتوجّهات إلخ…
وقد وصلت حمّى المشاريع إلى الدول العربية فتقدّمت كل من مصر والسعودية وسورية بمشروع مشترك من أجل إصلاح الأوضاع العربية وناقشه مجلس وزراء الخارجية في دورتهم المنعقدة في مطلع آذار/مارس من عام 2004م.
والأسئلة التي ترد الآن هي:
أما الجواب عن السؤال الأول فهو أن أمريكا ليست جادّة في إصلاح الشرق الأوسط، لأنها لو كانت جادّة لما وصلت الأوضاع خلال المائة سنة الماضية إلى ما وصلت إليه، فهي عندما تضع مشاريع الشرق الأوسط فإنها تضع مشاريع تحقّق مصالحها وأهدافها بالدرجة الأولى.
أما عن السؤال الثاني فإن تصرّفها بطرح مشاريع لصياغة الشرق الأوسط مزيج من نشوة النصر الذي حقّقته في حربيها مع نظامي طالبان وصدّام حسين، ومن الاستخفاف بشعوب المنطقة التي تراها ليست مؤهّلة لأن يضع أبناؤها البرامج التي تنقلهم من عالم التخلّف إلى عالم التقدّم والإصلاح.
أما عن السؤال الثالث فمن الواضح أن محاولة أمريكا لإنشاء نموذج حضاري غربي في منطقتنا هو استكمال لما فشلت فيه أوروبّا في القرن التاسع عشر والقرن العشرين من تغريب المنطقة.
أما عن السؤال الرابع فلاشك أن إدخال اسرائيل في هذا الشرق الأوسط الكبير المقصود منه أن تلعب اسرائيل دور القائد والمهيمن والمسيّر له.
أما عن السؤالين الخامس والسادس فمن الواضح أن أمريكا تريد من هذا الشرق الأوسط الكبير أن يكون بقرة حلوباً لأمريكا في مجال البترول بالذات، وأن يكون اللبنة الأولى في قرن أمريكي جديد هذا ما تريده أمريكا، لكن ما تريده شعوب المنطقة غير ذلك، وكما فاجأتنا شعوب المنطقة في الربع الأخير من القرن العشرين بصحوة إسلامية نسفت مشاريع التغريب ستفاجئنا شعوب المنطقة بصحوة إسلامية ثانية تنسف “مشروع الشرق الأوسط الكبير” وترسم إصلاحاً يتفق مع المعطيات الحضارية لهذه الأمّة، ويتفق مع ثوابتها التاريخية، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
الخميس في 13 من محرم 1425ﻫ
4 من آذار/مارس 2004م
المشرف الشيخ الدكتور غازي التوبة