قراءة في كتاب “شبهات حول 11 سبتمبر” لديفيد غريفين

قراءة في كتاب “بيرل هاربور الجديدة: الأسئلة المقلقة حول إدارة بوش و 11 سبتمبر” للمؤلف: دافيد راي غريفين

      شكّل حادث 11/9/2001 حدثاً مهمّاً في حياة الأمّتين الأمريكية والإسلامية، فهو ثاني حدث كبير يقع داخل أمريكا بعد حادث تدمير “بيرل هاربر“، والذي تسبّب في دخول أمريكا الحرب العالمية الثانية إلى جانب الحلفاء.

وبالنسبة للأمّة الإسلامية، فقد استتبع حادث 11/9/2001 احتلال أمريكا لبلدين إسلاميين مهمّين هما: أفغانستان والعراق، وطرح مشاريع متعدّدة سياسية وثقافية واجتماعية تتعلّق بعموم العالم الإسلامي، كمشروع “الشرق الأوسط الكبير”، لذلك يمكن أن نعتبر استعراض الآراء والكتب التي تتناول هذا الحديث أمراً مهمّاً ومفيداً.

وقد صدر كتاب يحمل عنوان “شبهات حول 11/9: أسئلة مقلقة حول إدارة بوش وأحداث 11/9” من تأليف (دافيد راي غريفين)، وقد تعرّض الكاتب إلى الظروف التي استدعت تأليفه لهذا الكتاب، فذكر أنه كان يسمع الرواية الرسمية للأحداث وكان مسلّماً بها إلى ربيع 2003، وكان يعتبر أنّ الآراء التي كانت تتحدّث عن تورّط المسؤولين الأمريكيين في أحداث 11 سبتمبر تدخل ضمن نظرية المؤامرة بمعناها الازدرائي إلى أن نبّهته أستاذة جامعية زميلة له إلى بعض المواقع الالكترونية التي تتعرّض للرواية الرسمية، فاطلع عليها فوجد  فيها جانباً من الصواب، وقاده هذا البحث إلى دراسات أخرى.

وقد ذكر الكاتب الكتب والأبحاث التي تعرّضت للرواية الرسمية منها:

ووجد أنها تتراوح بين التفصيل وبين الأسلوب المعقّد، ووجد أنّ الأمر يحتاج إلى كتاب يجمع بين الوضوح، ويبتعد عن التعقيد، فكان هذا الكتاب الذي نحن بصدد تلخيصه وعرض الآراء المطروحة منه. إذاً، يعتبر الكاتب أنّ وجهات النظر المطروحة في هذا الكتاب يعود الفضل فيها إلى آخرين، ويعتبر أنّ دوره في هذا الكتاب يقتصر على الجمع بين الحقائق وإلقاء الأضواء عليها وتفسيرها.

        بالإضافة إلى المقدّمة التي تعرّضنا لها يحتوي الكتاب على جزئين وخاتمتين، ويرى الكاتب أنّ هناك خمسة أنواع أساسية من البراهين قُدّمت ضدّ الرواية الرسمية: النوع الأول: يتعلّق بالتناقضات والأمور غير القابلة للتصديق في الرواية الرسمية، وتحدّث عن ذلك في الجزء الأول من الكتاب، وتحدّث في الجزء الثاني عن البراهين الأربعة الأخرى، ووصفها بأنها أسئلة مثيرة للقلق وجاءت على النحو التالي:

  • هل كان لدى المسؤولين الأمريكيين معلومات مسبقة حول 11/9؟
  • هل أعاق المسؤولون الأمريكيون التحقيقات قبل 11/9؟
  • هل كان لدى المسؤولين الأمريكيين أسباب دفعتهم للسماح بحدوث 11/9؟
  • هل أعاق المسؤول الأمريكيون الاعتقالات والتحقيقات بعد 11/9؟

وجاءت الخاتمة الأولى بشكل سؤال: هل يمكن اعتبار تواطؤ المسؤولين الأمريكيين التفسير الأمثل لهجمات 11/9؟، وجاءت الخاتمة الثانية للكتاب تحت عنوان: “الحاجة لتحقيق شامل”، والآن لنحاول أن نمرّ مروراً سريعاً على جزئي الكتاب والخاتمتين.

استعرض الكاتب في الفصل الأول من الجزء الأول قضية الرحلتين 11 و 175 وتساءل عنهما فقال: “كيف أمكن لمهمات الخاطفين أن تنجح؟” أوضح الكاتب في هذا الفصل أنّ الطائرة الأولى التي اختطفت صبيحة 11/9 كانت الرحلة 11 عند الساعة 7:59، وقد ارتطمت هذه الطائرة بالبرج الشمالي من مركز التجارة العالمي عند الساعة 8:46، وذلك حصل بعد 32 دقيقة من الإشارة إلى أن تكون الطائرة قد اختطفت وبعد 25 دقيقة من معرفة أنّ الطائرة اختطفت بالفعل، ويؤكّد منتقدو الرواية الرسمية بأنّ النقطة الأساسية تكمن في أنّ هناك إجراءات محدّدة  في ظروف كهذه، إذا ما اتبعت لكانت الرحلة 11 قد تمّ اعتراضها بواسطة طائرات مقاتلة في غضون 10 دقائق منذ اللحظة التي تصدر فيها أيّ إشارة تُنبئ بأنها يمكن أن تكون قد اختطفت. وإذا لم تُطِع الطائرة الإشارات باتباع الطائرات المقاتلة إلى مطار أرضي، فإنها ستقصف وتدمّر. وذلك كان سيحصل حوالي 8:24 أو 8:30 كحدّ أقصى.

أمّا بالنسبة للرحلة 175 التابعة للخطوط الجوية المتحدة فقد استعرض الكاتب الرواية الرسمية لارتطامها بالبرج الجنوبي من مركز التجارة العالمي، وقد تمّ ذلك في 9:03، فوجد أموراً محيّرة ومقلقة أنها لم تعترض من قبل الطائرات المقاتلة الأمريكية بعد العلم بأنها مختطفة، وبعد مضي سبع دقائق على ارتطام الطائرة الأولى بالبرج الشمالي، كان ينبغي على المقاتلات أن تكون مستعدّة لإسقاط الطائرة المختطفة الثانية في حال لم تذعن لأوامرها. إلاّ أنّ أيّا من الطائرات لم تعترض سبيل الرحلة 175، الأمر الذي أدّى إلى ارتطامها بالبرج الجنوبي من مركز التجارة العالمي في الساعة 9:03 .

على أيّ حال بعد الأخذ بعين الاعتبار حقيقة أنّ هذه الطائرة ارتطمت بالبرج الجنوبي بعد 17 دقيقة من ارتطام الطائرة الأولى، فإنّ أيّا من الأسباب التي يمكن أن نتخيّل بأنها تفسّر عدم اتخاذ الإجراءات النموذجية فيما يخصّ الطائرة الأولى -مثل إهمال منظّمي حركة الطيران أو عدم تيقّظ الطيّارين في القواعد العسكرية أو افتراض أنّ السلوك الشاذ للطائرة لم يكن يعني بأنها اختطفت- لا يمكن أن يفسّر عدم إسقاط الرحلة 175 أو على الأقل عدم اعتراضها.

لإنه في ذلك الوقت كان كل التقنيّين في قطاع الدفاع الجوي الأمريكي الشمالي التابعين لـ NORAD يضعون سمّاعاتهم الرأسية في اتصال مباشر مع إدارة الطيران الفدرالية في بوسطن من أجل سماع أخبار الرحلة 11، أيّ أنّ NORAD ينبغي أن تكون قد أصبحت مدركة تماماً لخطورة الوضع.

وما يحيّر أكثر هو لماذا يصاب البنتاغون بعد 35 دقيقة أخرى في الساعة 9:38؟

ثم استعرض الكاتب الرواية الرسمية فيما يتعلّق بسقوط البرجين، فذكر الحقائق التالية: ضُرب البرج الشمالي (البناء1) في الساعة 8:46 صباحاً وتداعى بعد ساعة و42 دقيقة من إصابته تلك، في الساعة 10:28 .

فيما ضُرب البرج الجنوبي (البناء2) في الساعة 9:03 وتداعى بع 56 دقيقة أي في الساعة 9:59 . أمّا المبنى 7 الذي لم يضرب والذي يقع على بعد مجموعتين منفصلتين من المباني فقد انهار في الساعة 5:20 من بعد الظهر. توحي هذه الوقائع بالأسئلة التالية: لماذا انهار البرج الجنوبي قبل 29 دقيقة من انهيار البرج الشمالي مع أنه ضُرب بعده بـ 17 دقيقة؟ وثانياً: لماذا انهار المبنى 7 أساساً، نظراً إلى أنه لم يضرب؟

ويطرح تساؤلات بناء على أنّ الحريق لم يكن في درجة عالية من الحرارة ليذيب الفولاذ التي تقوم عليها أعمدة البرجين، ويطرح تساؤلات حول انهيار المبنى 7 مع أنّ المباني 4 و5  و6 كان فيها حرائق  هائلة ولم يحدث فيها انهيار.

ثم تساءل: لماذا أزيل ركام الفولاذ الذي يزن 300.000 طن من مركز التجارة العالمي بأسرع وقت ولم يسمح بإجراء أي فحص شرعي له وبيع إلى تجّار الخردة في نيويورك وصدّر إلى الصين وكوريا، لِمَ هذه العجلة، يتساءل المنتقدون؟ ما لَم يكن لدى الحكومة ما تخفيه.

ويتوصّل منتقدو الرواية الرسمية إلى أنّ انهيار البرجين التوأمين والمبنى لابدّ له من عمل تفجيري منظّم، وهناك تفصيلات كثيرة أوردها أولئك المنتقدون من أجل تدعيم وجهة نظرهم من مثل: نوع الدخان الذي كان يصدر عن احتراق البرجين، ونوع الغبار الذي نتج عن انهيار المباني الثلاثة، والاستفادة من مركز رصد الزلازل الموجود قرب نيويورك، والذي أفاد بحدوث نوع من التفجير الذي حدّد درجته إلخ…

تحدّث غريفين في الفصل الثاني عن الرحلة 177 وهي الرحلة التي أصابت البنتاغون، ونقل الرواية الرسمية ثم طرح تساؤلات وشبهات منها: دلائل مادية على أنّ البنتاغون لم يضرب بواسطة بوينغ 757 بل ضرب بصاروخ، ويطرح التساؤلات التالية: لماذا يضرب الإرهابيون الجناح الغربي والأولى أن يضربوا سقف البنتاغون ليلحقوا أكبر ضرر ممكن به؟ وهل يستطيع طيّار عديم الخبرة أن يقود طائرة وينخفض ذلك الانخفاض ليضرب الوجهة الغربية؟ وهل يمكن أن تكون الرحلة 77 قد فُقدت لمدّة نصف ساعة  عن شاشة الرادار قبل أن تضرب البنتاغون؟ لماذا لم يمنع الهجوم بواسطة تنفيذ الإجراءات العملية النموذجية مع أنه جاء بعد نصف ساعة من إصابة البرج الثاني؟ ولماذا لم يتم إخلاء البنتاغون؟

تناول غريفين في الفصل الثالث الرحلة 93 وهي الرحلة التي أُسقطت من قِبَل الطائرات الحربية، وأورد سؤالاً رئيسياً: لماذا أُسقطت مع أنه كان واضحاً من خلال المكالمات التلفونية أنّ الركاب أوشكوا على الإمساك بزمام الطائرة؟

ثم تحدّث غريفين في الفصل الرابع عن سلوك الرئيس، لماذا تصرّف الرئيس على النحو الذي تصرّف فيه؟ فبيّن أنّ كوندليزا رايس مستشارة الأمن القومي كانت تبلغه التطوّرات أولاً بأول، وأوصلت إليه استنتاج جورج تبنت بأنّ أسامة بن لادن وراء اختطاف الطائرات، ووضّح غريفين أنّ سلوك الرئيس كان مدعاة للتساؤل، ففي الوقت الذي كان يُقاد تشيني ورايس إلى الملاجئ كان بوش مكشوفاً لمدّة ساعة وكان يمكن للإرهابيين أن يصلوا إليه، بالإضافة أنّ طائرة الرئيس أقلعت من فلوريدا دون حماية من أيّة طائرات مقاتلة، فهل يعني ذلك أنّ الرئيس كان يعرف أنه لا خطر حقيقياً عليه؟

ثم انتقل غريفين إلى السياق الأوسع في الجزء الثاني فجعل الفصل الخامس تحت عنوان “هل كان لدى المسؤولين الأمريكيين معلومات مسبقة حول 11/9؟” لقد ادعى عدد من المسؤولين الأمريكيين أنه لم تكن لديهم معلومات عن 11 سبتمبر، وأنهم فوجئوا بها، ولكن غريفين نقل معلومات منذ عام 1994 وعام 1995 حيث وجدت الشرطة الفليبّنية جهاز كمبيوتر للقاعدة، فيه خطّة دعيت “مشروع بوجينكا”، تتحدّث إحدى نسخه عن اختطاف طائرات والطيران بها إلى مركز التجارة العالمي، وفي أواخر تموز (يوليو) من عام 2001 أَعلم وزير الخارجية الطالباني المسؤولين الأمريكيين بأنّ أسامة بن لادن كان يخطط لـ “هجوم كبير” داخل الولايات المتحدة وسيقتل الآلاف، وذكر الرئيس الروسي بوتين أنه حذّر بوش في شهر آب/أغسطس بأشدّ التعابير إنذاراً من أنّ 25 إرهابياً كانوا يستعدّون للهجوم على الولايات المتحدة، من بينها أبنية رسمية مهمّة مثل البنتاغون، وقدّمت بريطانيا مذكّرة استخبارية في 6 آب/أغسطس حذّرت من تخطيط القاعدة لهجوم في الولايات المتحدة يتعلّق بخطف عدّة طائرات.

ونقل غريفين أنّ المخابرات الأمريكية اعترضت في 9 أيلول/سبتمبر رسالة من أسامة بن لادن لوالدته يقول فيها: “خلال يومين ستسمعين أخباراً عظيمة، ولن تسمعي عني شيئاً لفترة من الزمن” ونقل غريفين كذلك أنّ وكالة الأمن القومي اعترضت رسالة من محمد عطا وخالد شيخ محمد خلال صيف 2001، إذ أعطى الأخير الموافقة للأول على هجمات 11/9، ولكنّ المخابرات الأمريكية اعتذرت بأنّ الترجمة تأخّرت يومين عن أحداث 11/9 . خلص غريفين في نهاية الفصل بأنّ ادعاء المسؤولين الأمريكيين بأنه ليس لديهم معلومات مسبقة عن أحداث 11/9 كذب صريح، وبناء على هذه النتيجة تتعزّز فكرة التورّط الرسمي، وتصبح مثيرة للانتباه

تحدّث غريفين في الفصل السادس الذي جعل عنوانه: “هل أعاق المسؤولون الأمريكيون التحقيقات قبل 11/9؟” بيّن غريفين أنّ الدلائل أشارت إلى تقصير المسؤولين الأمريكيين في أسر وقتل أسامة بن لادن قبل أحداث 11/9، كما أنّ المسؤولين الأمريكيين تجاهلوا تحذيرات عملاء الإف بي آي في مدينة فينكس في 10 تموز/يوليو 2001، كما إنهم أعاقوا عملاء الإف بي آي في مدينة مينيا بوليس وغيرها من المدن في متابعة الإرهابيين، وأورد غريفين وقائع أخرى في هذا الفصل  تؤكّد إعاقة المسؤولين الأمريكيين للتحقيقات قبل 11 سبتمبر.

ثم طرح غريفين في الفصل السابع سؤالاً جديداً، فقال: “هل كان لدى المسؤولين الأمريكيين أسباب دفعتهم للسماح بحدوث 11/9؟” أجاب بالإيجاب وأشار في هذا الصدد إلى أنّ الحربين على أفغانستان والعراق صُوّرتا على أنهما ردّ على الإرهاب، لكن الحقيقة أنهما على جدول أعمال إدارة بوش قبل فترة أطول. وأشار غريفين أنّ أمريكا تحتاج إجماعاً وطنياً لفعل أمور خارجية، وكانت تحتاج إلى “بيرل هاربر” جديدة، وكانت أحداث 11 سبتمبر هي هذه الـ “بيرل هاربر” الجديدة. وبيّن غريفين أنّ الدفاع الصاروخي يتطلّب زيادة كبيرة في التمويل الحربي من أجل قرن أمريكي جديد، وهذا ما حقّقته اعتداءات 11/9 .

ثم طرح غريفين سؤالاً آخر في الفصل الثامن فسأل: “هل أعاق المسؤولون الأمريكيون الاعتقالات والتحقيقات بعد 11/9؟” أجاب غريفين على السؤال السابق بالإيجاب ودلّل على ذلك بالكف عن استمرارية البحث عن أسامة بن لادن والقاعدة، وإلى إخفاء دور المخابرات الداخلية الباكستانية ISI في تكوين طالبان بمساعدة C.I.A ، وذكر الإطلاق السريع لشخص يدعى عمر البيومي كان قد ساعد نوّاف الحازمي وخالد المحضار -اللذان يعتبران من الخاطفين- على دخول أمريكا لأول مرّة عام 1999، وأوصلهما إلى سان دييغو وقدّم لهما شقّة ليمكثا فيها، وساعدهما على فتح حساب مصرفي إلخ…

وقد أنهى الكاتب غريفين كتابه بخاتمتين، وبيّن في الخاتمة الأولى أنّ تفسير أحداث11 سبتمبر يتبلور في ثلاث نظريات: “نظرية المصادفة”، “نظرية قلّة الكفاءة”، “نظرية التواطؤ الرسمي”، والمقصود بنظرية قلّة الكفاءة بأنّ كل التقصيرات والإهمالات والأخطاء التي حدثت يوم 11 سبتمبر في مختلف مجالات الدفاع والحماية حدثت نتيجة قلّة الكفاءة لدى الأجهزة والأشخاص، وأشار إلى أنّ “نظرية قلّة الكفاءة” هي جزء من “نظرية المصادفة” التي تعني بأنّ كل حوادث “قلّة الكفاءة” حدثت مصادفة، وعقّب غريفين على هذه النظرية، بأنّ تصديق نظرية المصادفة و”نظرية قلّة الكفاءة” يتطلّب سذاجة أكبر من تصديق “نظرية التواطؤ الرسمي”. وأحصى غريفين (38) تصرّفاً تدخل في باب “قلّة الكفاءة” سأنقل ثلاثاً منها لإطلاع القارئ على نماذج مما أشار إليه الكاتب:

  • أظهر عدّة أشخاص من منظّمي حركة الطيران في إدارة الطيران قلّة كفاءة عالية في هجمات 11 سبتمبر، وفي ذلك اليوم على نحو خاص.
  • عندما أعطى المسؤولون في NORAD و NMCC أخيراً الأمر بإرسال الطائرات المقاتلة لحماية نيويورك وواشنطن، أمروا في كلتا الحالتين بإرسالها من قواعد بعيدة بدلاً من قاعدتي ماكفواير وأندروز على التوالي
  • هؤلاء الطيارون الذين يقودون طائرات قادرة على بلوغ سرعة 1500 إلى 1850 ميلاً في الساعة، لم يتمكّنوا في 11/9 بالذات كما كان واضحاً من حمل طائراتهم على الطيران إلا بسرعة 300 إلى 700 ميل في الساعة إلخ…

جمع غريفين الدلائل التي نرجح وجود تواطؤ رسمي فكانت (24) دليلاً، سأنقل منها ثلاثة على سبيل المثال:

  1. دلائل على أنّ الحربين على أفغانستان والعراق كانتا محضّرتين مسبقاً، لأسباب جيوسياسية، الأمر الذي عنى أنّ هجمات 11/9 لم تكن السبب وراء شنّ هاتين الحربين بل الذريعة فقط.
  2. دلائل على السماح للرجال الذين لديهم علاقات مع القاعدة بالدخول إلى الولايات المتحدة بالرغم من وجود أنظمة كان ينبغي أن تبقيهم خارجاً.
  3. دلائل على قيام قادة عسكريين وسياسيين أمريكيين بإصدار بيانات مضلّلة وخاطئة بشأن ما فعلوه ردّاً على أحداث الاختطاف.

الخلاصة التي يمكن أن ننتهي إليه من هذا العرض الموجز للكتاب بأنّ النتيجة التي رجّحها الكاتب -وهي التواطؤ الرسمي في أحداث 11/9- معقولة، لأنه دعّمها ببراهين وشواهد قوية وثابتة، ومن الجدير بالذكر أنّ كثيراً من الأحداث في العصر الحديث صنعتها الدول الكبرى، وليس التواطؤ الرسمي في أحداث 11 سبتمبر هو الحادث الأول، بل سبقه دفع الأجهزة الأمريكية جمال عبد الناصر إلى فعلين تريدهما أمريكا، هما:

الأول: تأميم قناة السويس الذي أدّى إلى العدوان الثلاثي، والذي ألهت به أمريكا الاستعمارين: الفرنسي والإنجليزي في البلاد العربية، والذي جاء كما ذكر مايلز كوبلاند في كتاب “لعبة الأمم” بعد أن سحبت أمريكا عرضها لتمويل السدّ العالي، فتوجّه إلى تأميم قناة السويس، وهو الفعل الذي أرادته أمريكا، فقد ذكر مايلز كوبلاند الذي يمثّل دور جمال عبد الناصر في طاولة “لعبة الأمم” أنه قد أمّم قناة السويس قبل أن يأمّمها جمال عبد الناصر.

الثاني: إيقاف أمريكا تمويل مصر بالقمح المجاني عام 1967، فسحب جمال عبد الناصر البوليس الدولي الذي كان يفصل مصر عن اسرائيل، وهو الفعل الذي كانت تريده أمريكا واسرائيل، واعتبرته الأخيرة تهديداً يرقى إلى مستوى إعلان الحرب، وردّت على ذلك بحرب الأيام الستّة في 5 حزيران (يونيو) 1967، وأدّت تلك الحرب إلى احتلال اسرائيل سيناء والجولان والضفة الغربية.

        من الواضح أنّ دافيد راي غريفين بيّن لنا جوانب من التواطؤ الرسمي المرتبط بأحداث 11 سبتمبر، ومثل هذا التوضيح يجب أن ينفع العاملين في الحقل الإسلامي إلى التؤكّد من أنّ نتيجة العمل في صالح الأمّة وليس في صالح أعدائها، لأنه من الممكن أن تستغلّ بعض أجهزة الأعداء بعض الأعمال وتجيّرها إلى صالحها، ليس هذا فحسب بل قد تدفع العاملين في الحقل الإسلامي إلى أفعال ليس في صالحهم، والضامن الوحيد أن لا يقع مثل هذا، هو في زيادة مساحة الوعي والإدراك وتعميقهما.

اترك رد