tawbahlike@hotmail.com +(00) 123-345-11

تطور خطاب دعاة التحرر في قضية المرأة المعاصرة

تناول دعاة التحرر قضية المرأة بالبحث والتحليل، ونادوا بتحريرها، وقد تطور خطابهم خلال القرن الماضي، وسأرصد تطور هذا الخطاب من خلال بعض رموزهم، ثم سأدوّن في النهاية بعض الملاحظات العامة المشتركة حول هذا الخطاب.

قاسم أمين ودعوة تحرير المرأة:

        تناول قاسم أمين قضية المرأة في عدة كتب ومقالات، وأبرز ما كتبه عن المرأة كتابان

  • (تحرير المرأة) أصدره عام 1899م.
  • (المرأة الجديدة) أصدره عام 1900.

وقد أثار الكتابان جدلاً واسعاً وما زالا إلى الآن، تحدث فيهما عن عدة أمور مثل التربية، والتمدن، ووضع المرأة المصرية، والاستبداد السياسي، وحال المرأة الغربية إلخ…

ودعا في هذين الكتابين إلى عدة أمور منها:

  • تغيير الحق الممنوح للرجل في إنهاء الرابطة الزوجية بالطلاق.
  • وتغيير نظام تعدد الزوجات.
  • وتعليم المرأة إلخ…

وقد أشار الدكتور محمد عمارة في كتاب الأعمال الكاملة لقاسم أمين إلى مساهمة الشيخ محمد عبده في تأليف كتاب (تحرير المرأة)، وليس من شك بأن قاسم أمين قد أصاب في بعض آرائه التي تحدث فيها عن واقع المجتمع المصري وأخطأ في بعضها الآخر.

ولا أريد أن أتعرض إلى الآراء المختلفة التي طرحها الآن بالنقد والتحليل لأن المقام لا يتسع لذلك ولكني أريد أن أتساءل عن أصل الموضوع وعن أصل المعركة التي أثارها حول المرأة، والتي أسماها (تحرير المرأة).

أريد أن أتساءل عن المبررات الموضوعية لإثارة مثل هذه الضجة وعن الجذور التاريخية لهذه المسألة.

وهل كان يقرأ واقع أمتنا أم أنه كان يحاكي واقعاً آخر؟

وهل يمكن فصل قضية المرأة عن بقية قضايا الأمة في النظر والدراسة والحلول؟

وما السمات الخاصة التي ميزت قضية المرأة عن بقية قضايا الأمة؟

وهل أنكر الدين الإسلامي حقوق المرأة؟

وهل حقّر إنسانيتها؟

هل كبّلتها الشريعة حتى ندعو إلى تحريرها؟

لكن الذي يبدو لي -والله أعلم- أن قاسم أمين عندما كتب داعياً إلى تحرير المرأة كان يحاكي واقعاً آخر، هو واقع أوروبا المسيحية في القرون الوسط.

فما الذي كانت عليه أوروبا حتى نشأت فيها قضية مستقلة ذات سمات متميزة هي قضية (تحرير المرأة)؟

كانت تنظر أوروبا إلى المرأة على أنها ينبوع المعاصي وأصل السوء والفجور، وهي باب من أبواب جهنم، وهي التي تحمل الرجل على الإثم والمعصية، وهي سلاح إبليس الذي لا يوازيه سلاح، وعليها أن تكفّر عن خطيئتها ولا تنقطع عن أداء الكفارة أبداً، لأنها هي التي جاءت بالشقاء لأهل الأرض.

وقد قال ترتوليان “Tertullian” أحد أقطاب المسيحية مبيناً نظرية المسيحية في المرأة:

“إنها مدخل الشيطان إلى نفس الإنسان، وإنها دافعة بالمرء إلى الشجرة الممنوعة، ناقضة لقانون الله”.

وكذلك يقول كراي سوستام (Chry Sostem) الذي يعد من كبار أولياء الديانة المسيحية في شأن المرأة:

“هي شر لابد منه، وآفة مرغوب فيها، وخطر على الأسرة والبيت، ومحبوبة فتّاكة”.

        وكانت تنظر أوروبا المسيحية أيضاً إلى العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة على أنها نجس في ذاتها، يجب أن يتجنبها الإنسان، ولو كانت عن طريق نكاح وعقد رسمي مشروع، وجاءت هذه النظرة من الرهبانية التي كانت تدعو إليها المسيحية والتي كانت تمجد حياة العزوبة وتجعلها مقياساً لسمو الأخلاق، وعلامة من علامات التقوى والورع.

كما وضعت أوروبا المسيحية المرأة تحت سلطة الرجل الكاملة من الناحية الاقتصادية، وكان كل ما عندها ملك لزوجها، ولم يكن الطلاق والخلع مباحين بحال من الأحوال مهما بلغ البغض والتنافر بين الزوجين، ومهما بلغ الشقاق بينهما، بل كان الدين والقانون يحتمان عليهما دوام العشرة وبقاء حبل الزوجية متصلاً بينهما، وكان من أقبح العار أن يتزوج الرجل أو المرأة ثانية إذا توفى عن أحدهما زوجه، بل هو عند رجال الدين المسيحي من كبائر الإثم، وكانوا يعبرون عن الزواج الثاني بكلمة (الزنى المهذب).

        هذه أوضاع المرأة الأوروبية في القرون الوسطى، وهي أوضاع –كما رأينا- شاذة ومخالفة للفطرة التي فطر الله الناس عليها، وهي ظروف استدعت الثورة عليها فقامت حركت (تحرير المرأة) فهل هناك شيء مشابه لذلك عندنا؟

الجواب: لا. لأن القرآن أقر بالخلقة المتساوية بين الرجل والمرأة فقال تعالى:

(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها، وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء) (النساء،1)، ولأن القرآن الكريم بيّن أن كلاً من آدم وحواء تعرضا للوسوسة، ووقعا في الذنب وأكلا من الشجرة، واستغفرا لذنبهما، ولم يحمّل المعصية لحوّاء وحدها، قال تعالى:

(فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكون من الخالدين. وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين. فدلاّهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عود مبين . قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) (الأعراف،20-23).

وقد وضّح القرآن الكريم أن الله ساوى بين الذكر والأنثى في الأجر الأخروي وأنه لا يضيع عمل أي منهما فقال تعالى:

(فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض) (آل عمران،195).

وقد بيّن القرآن كذلك أن المؤمنين والمؤمنات يشتركون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى:

(والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله) (التوبة،71).

وبيّن الرسول صلى الله عليه وسلم ندية النساء للرجال فقال:

“إنما النساء شقائق الرجال” إلخ…

لذلك نقول إن الفرق بين واقعنا وواقع الغرب كبير فإن الإسلام أقر بإنسانية المرأة وحقوقها وأهليتها لممارسة كثير من الأعمال الاقتصادية والواجبات الدنيوية، في حين أن الغرب في القرون الوسطى  أنكر إنسانية المرأة بل نظر لها نظرة ازدراء واحتقار وأهمل كثيراً من حقوقها، لذلك كان عليها أن تثور لتسترد إنسانيتها وكرامتها وحقوقها.

أما المرأة المسلمة فإننا نعترف بأن حيفاً أصابها لكن هذا الحيف نتيجة أمراض أصابت جسم الأمة بشكل عام، وإذا عوفيت الأمة فإنه يكون من السهل على المرأة نيل حقوقها المقررة لها وإعادتها إلى وضعها الطبيعي.

هذا الفرق الذي تجاهله دعاة التحرر في اختلاف الواقعين، جعل قاسم أمين يضخم بعض الأمور ويعطيها أكثر من حجمها من مثل قوله إن سبب انحطاط الشرق هو الحجاب وسبب تقدم الغرب هو نزع الحجاب فقد قال بالحرف الواحد:

“بل الكل يتفقون على أن حجاب النساء هو سبب انحطاط الشرق، وأن عدم الحجاب هو السر في تقدم الغرب”.

ساطع الحصري والفكر القومي العربي:

لا نستطيع أن نتحدث عن تحرير المرأة دون التوقف عند الفكر القومي العربي، فالفكر القومي العربي هو الذي قاد المنطقة العربية بعد الحرب العالمية الأولى، وأثّر في مختلف شؤون الأمة: فوجّه التربية والإعلام، ورسم السياسة، وحشد العقول والعواطف، ووجّه الاقتصاد، وقنّن التشريع إلخ… ثم ازداد تأثيره بعد الحرب العالمية الثانية.

ويعتبر ساطع الحصري رائد الفكر القومي العربي بدون منازع، لذلك يعتبر أنسب مفكر يمكن أن نرصد من خلاله خطاب الفكر القومي العربي في قضية المرأة.

لقد ألّف ساطع الحصري عدة كتب عن القومية بشكل عام وعن القومية العربية بشكل خاص، واعتبر أن الأمة تقوم على عاملين: هما اللغة والتاريخ، واعتبر أن اللغة روح الأمة، والتاريخ ذاكرتها، وكان الحصري في اعتباره عنصري اللغة والتاريخ أساس تشكيل الأمم معتمداً على النظرية الألمانية، ولم يكن الحصري منظّراً قوميّاً فحسب، بل كان تربوياً، عمل في صياغة المناهج التربوية وتأليف الكتب المدرسية ووضع الخطط التربوية وإدارة المعاهد التربوية أثناء فترة مكوثه في استامبول وبغداد ودمشق، ثم عمل أخيراً في الجامعة العربية في القاهرة وفي معهد التربية العالي ثم أنشأ متحف الثقافة العربية ثم أنشأ معهد الدراسات العربية العالمية.

ومع كل هذا الإنتاج الغزير في التربية لا نجد له كتاباً عن المرأة يتحدث فيه عن ماضيها وحاضرها ومستقبلها، ولا عن مشاكلها، ولا عن تصور لبعض ما تعانيه ولا عن حلول لهذه المشاكل، والشيء المفاجئ أن مفكراً قومياً بارزاً آخر هو قسطنطين زريق ليس له كتاب مخصوص عن المرأة مع أنها اشتغل وألّف في التربية بمقدار ما ألّف في الفكر القومي.

والسؤال الآن: لماذا لم يؤلف ساطع الحصري وقسطنطين زريق أي كتاب عن المرأة؟

الجواب: أن ذلك يعود إلى الفقر الثقافي للفكر القومي، وسطحية تحليله لواقع أمتنا، وعدم موضوعيته في النظر إلى مسيرة الأمة، ويؤكد ذلك أن الدراسة الموضوعية لواقع أمتنا تبيّن أنها قامت على عنصرين آخرين غير اللذين تحدّث عنهما ساطع الحصري وهما: القرآن والسنة، ومما يؤكد ذلك أننا نرى أثرهما في مختلف مجالات حياة الأمة من عقائد وعادات وتقاليد وتطلعات وآمال وسلوك وفنون إلخ. . .

فهما اللذان شكّلا ثقافة الأمة، وهما اللذان رسما تصورها عن الكون والحياة والإنسان، وهما اللذان وضعا قواعد مشاعرها، وهما اللذان دفعاها إلى المزاوجة بين عمارة الدنيا والتطلع إلى الآخرة، وهما اللذان أسسا عاداتها وتقاليدها، وهما اللذان ساهما في إنشاء أوقافها الغنية، وهما اللذان شكّلا منظومتها الأخلاقية، وهما اللذان كوّنا مصدر تشريعاتها، وهما اللذان رسّخا قواعد الأسرة فيها، وهما اللذان رسما ملامح فنونها، وهما اللذان وضعا أسس اقتصادها، وهما اللذان صاغا بناءها النفسي، وهما اللذان كوّنا بناءها العقلي إلخ…

ومن الصعب أن نفهم العنصرين اللذين جعلهما ساطع الحصري والفكر القومي العربي الأصل في بناء الأمة وهما:

اللغة والتاريخ إلا في ضوء القرآن والسنة، فقد كانت هناك عدة لهجات عربية في الجزيرة العربية قبل نزول القرآن الكريم، وكان يمكن أن تتطور كل لهجة لتكون لغة مستقلة وبالتالي كان يمكن أن تنشأ عدة لغات عربية في الجزيرة العربية نتيجة وجود اللهجات المختلفة للقبائل لكن القرآن الكريم عندما كتب بلسان قريش، جعل الديمومة والهيمنة لهذه اللهجة على غيرها من اللهجات مما أنشأ لغة عربية واحدة وقضى على إمكانية نشوء عدة لغات عربية، وقد أكد عثمان رضي الله عنه هذا المعنى عندما قال للرجال الذين نسخوا عدة نسخ من المصحف الذي كان موجوداً عند حفصة بنت عمر زوج الرسول صلى الله عليه وسلم وأرسلها إلى مختلف الأمصار، عندما قال لهم:

“إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنه إنما نزل بلسانهم” (رواه البخاري).

        ثم إن الرعاية التي رعاها المسلمون للغة العربية كانت انطلاقاً من ظروف دينية، فعندما وضع أبو الأسود الدؤلي قواعد النحو وأتم ذلك سيبيويه في مصنفه “الكتاب”، وعندما نقّط حروف العربية وشكّلها كلٌّ من أبي الأسود الدؤلي ويحيى بن يعمر ونصر بن عاصم الليثي، وعندما وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي أصول معاجم اللغة، وعندما جمع العلماء مفردات اللغة ومعانيها في معاجم لغوية، إنما قاموا بكل تلك هاتيك الأعمال من أجل إبعاد التحريف واللحن عن آيات القرآن الكريم، ومن أجل فهمهما الفهم الصحيح.

        ومما يؤكد الدافع الديني وراء تلك الخدمات الجّلى التي قدّمها أولئك الرجال النوابغ الذي ألممنا بذكر طرف بعض منهم وأغفلنا في الوقت نفسه الكثير، مما يؤكد الدافع الديني وراء جهودهم أن قسماً كبيراً منهم ليسوا عرباً وليس لسانهم العربية، إنما اهتموا بالعربية وأفرغوا جهودهم للمحافظة عليها وضبط ألفاظها انطلاقاً من دينهم وإسلامهم.

أما التاريخ وهو العنصر الثاني من عناصر تكون الأمم حسب قول الحصري فمرتبط بالقرآن والسنة، فقد ثار الصراع بين الرسول صلى الله عليه وسلم والمشركين في الجزيرة العربية حول حقائق القرآن والسنة، وقامت الأمة بالفتوحات الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين من أجل نشر الإسلام القائم على القرآن والسنة، ونشأت الفرق الدينية والسياسية نتيجة الاختلاف حول أحكام القرآن والسنة، وقامت الدول المتعددة من أجل خدمة القرآن والسنة، ونشأت العلوم من أجل المساعدة في استنباط الأحكام من القرآن والسنة ومن أجل إثبات الحقائق التي تحدث عنها القرآن والسنة، ونشأت مؤسسة الحسبة لتنفيذ حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المقرّر في القرآن والسنة إلخ…

ماذا كانت نتيجة هذا الفقر الثقافي، وسطحية تحليل واقع الأمة، وعدم الموضوعية في النظر إلى مسيرة الأمة، واستبعاد الإسلام من عوامل تكوين الأمة إزاء قضية المرأة؟

كانت النتيجة انفتاح باب التغريب على مصراعيه أمام المرأة العربية المسلمة بصورة لم نعهدها من قبل، وولوجها له، وأصبحت قيم المرأة الغربية وعاداتها وتقاليدها هي الرائجة، وصدرت تشريعات تقنن ذلك في بعض البلاد العربية، ومنها تشريعات توجب عليها خلع الحجاب.

وزاد الأمر سوءاً في المرحلة الاشتراكية حيث اعتبر الدين الإسلامي العامل الرئيسي في التخلف والانحطاط والهزيمة لذلك يجب اقتلاعه من حياة الناس ووجودهم، واعتبرت الاشتراكية على لسان انجلز ستر العورة طريقة صريحة لامتلاك النساء، واعتبرت كذلك بأن ولادة الحجاب جاءت مترافقة مع ولادة الملكية الفردية، لذلك سينتهي الحجاب عند انتهاء الملكية الفردية، وستعود العلاقات الجنسية مشاعة كما كانت في المجتمع القديم: كل النساء لكل الرجال.

الدكتور محمد شحرور وبعض آرائه في قضية المرأة:

        لقد دعا محمد شحرور في كتابه (الكتاب والقرآن: قراءة معاصرة) الذي صدر عام 1990م إلى فقه جديد في مجال المرأة، وفهم جديد للقرآن الكريم، لكن ما يهمنا الآن آراؤه المتعلقة بالمرأة فقد تحدث عن تعدد الزوجات، والإرث، والمهر، ولباس الرجل والمرأة وسلوكهما الاجتماعي، والعلاقة العائلية بين الرجل والمرأة، وحق العمل السياسي، وعقدة النكاح، والطلاق، والعلاقة بين الرجل والمرأة إلخ…، ففي مجال تعدد الزوجات دعا محمد شحرور إلى أن تكون الزوجة الثانية من الأرامل مع التكلف برعاية أولادها، وفي مجال الإرث دعا شحرور إلى المساواة بين الرجل والمرأة، وفي مجال العورة اعتبر شحرور أن الزينة الظاهرة في قوله تعالى:

(ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) (النور،31)

هي الزينة الظاهرة من جسد المرأة بالخلق أي ما أظهره الله سبحانه وتعالى في خلقها كالرأس والبطن والظهر والرجلين واليدين، واعتبر أن الزينة التي يجب أن تخفيها هي الجيوب وهي: ما بين الثديين وتحت الثديين وتحت الإبطين والفرج والإليتين، وهذه الجيوب هي العورة، لذلك إذا ظهرت البنت أمام والدها عارية فهذا ليس حراماً بل عيباً فقط، واعتبر أن تغطية الوجه خروج عن حدود الله.

والسؤال الآن: ما المنهج الذي اتبعه الدكتور محمد شحرور في إصدار أحكامه تلك؟ اعتمد الدكتور شحرور على المنهج اللغوي في تحديد معاني الألفاظ، ومال إلى نظرية أبي علي الفارسي التي تقول بعدم وجود ترادف في اللغة، والتقى الدكتور شحرور في هذا المنهج مع المعتزلة الذين قالوا بأن المعني الشرعي لأي لفظ تحدده اللغة لأن الله أنزل القرآن بلسان عربي مبين، وأن الله أنزل الأنبياء والرسل بلسان أقوامهم لكي يبينوا لهم فقال تعالى:

(وما أَرْسَلنا مِنْ رسولٍ إلا بلسانِ قومِهِ لِيُبَيِّنَ لهم فيُضلّ اللهُ مَنْ يشاء ويهدي مَنْ يشاء وهو العزيز الحَكيم) (إبراهيم،4).

فأوقعهم هذا المنهج في أخطاء متعددة أبرزها حصرهم معنى الكلمة الشرعي بالمعنى اللغوي وحده ، وقد ردَّ بعض علماء الأمة عليهم معتمدين على المنهج الديني في النظر إلى هذه الألفاظ ، فبيّنوا أنّ بعض الألفاظ مثل: الزكاة، الإيمان، الوضوء، الإسلام، الشرك، الصلاة ، الكفر إلخ…  نقلها الشرع من معناها اللغوي وأعطاها معنى آخر، فأصبحت مصطلحاً محدّداً وضّحه القرآن والسنة توضيحاً كاملاً، فمثلاً لفظ الإيمان يعني لغة التصديق لقوله تعالى :

(وما أنت بمؤمن لنا) (يوسف،17)

بمعنى وما أنت بمصدّق لنا، لكنه يعني في الشرع الإيمان بالله والملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر والقضاء والقدر، ويعني الإيمان بالله بصفاته التي وردت في القرآن الكريم والأحاديث الشريفة، وكذلك قل بالنسبة لبقية الأركان التي دخلت في مسمّى الإيمان، وقد أجمل بعض علمائنا تعريف الإيمان فقالوا : الإيمان قول باللسان ، وتصديق بالجنان ، وعمل بالأركان.

        وقد نتجت فروق رئيسية بين الإيمان عند المعتزلة وعند أهل السنّة نتيجة الخلاف في منهج التعامل مع كلمة الإيمان أبرزها: إدخال أهل السنّة العمل في مسمّى الإيمان وبالمقابل عدم إدخال المعتزلة له، فشتان ما بين الإيمان لغة واصطلاحاً.

        وكذلك الصلاة في اللغة تعني الصلة والدعاء، لكن الصلاة في الشرع أصبحت مصطلحاً يدل على أعمال منها: القيام، والركوع، والسجود، وقراءة الفاتحة، والتسبيح الخ… ويجب أن يسبق تلك الأعمال شروط منها: طهارة البدن، وطهارة الثياب، وطهارة المكان، ودخول الوقت الخ…، ويجب أن يرافق ذلك أعمال قلبية منها: الخشوع، والاطمئنان، والتعظيم، والتذلّل الخ… فشتان ما بين الصلاة لغة واصطلاحاً.

        إذن اعتمد الدكتور محمد شحرور بشكل عام على المنهج اللغوي في تحديد معاني الألفاظ الشرعية، لكنه زاوج في حديد معاني بعض الألفاظ بين المنهج اللغوي وبعض العلوم الرياضية والاقتصادية والفلسفة، فهو اعتمد في توضيح معنى الحد الشرعي كحد السرقة والزنا والحرابة على المعنى اللغوي لكلمة الحد وعلى مفهوم “التوابع المستمرة” في نظرية نيوتن، كما اعتمد على ديالكتيك هيجل في رسم نظرية للمعرفة الإسلامية.

الدكتور نصر حامد أبو زيد وكتابه الجديد حول المرأة:

        نشر الدكتور نصر حامد أبو زيد كتاباً تحت عنوان “دوائر الخوف: قراءة في خطاب المرأة” عام 1999م، وتناول فيه عدة موضوعات متعلقة بالمرأة بشكل مباشر وبشكل غير مباشر، وأبرز الموضوعات التي تحدثت عن المرأة بشكل مباشر هي: حقوق المرأة في الإسلام، والإسلام والديمقراطية والمرأة، والمرأة والأحوال الشخصية، وتعرض في هذا الكتاب -أيضاً- بالنقد لخطاب النهضة، وللخطاب الديني في مجال المرأة، ولقضايا متعددة أخرى.

وقد اعتبر الدكتور أبو زيد عند دراسته لآية تعدد الزوجات بأنها آية تشريع مؤقت لمعالجة موقف طارئ، وبناء عليه يدعو إلى أن تقنن الدولة تشريعات تلزم المسلمين بالزواج من واحدة، كما يدعو إلى المساواة بين الرجل والمرأة في حق طلب الطلاق، كما يدعو إلى المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث، كما يدعو إلى اعتبار شهادة المرأة مثل شهادة الرجل على الإطلاق، كما يعتبر أن كل هذه الضجة المفتعلة حول الحجاب لا تستحق كل الجهود المبذولة في مناقشتها ويعتبر أن انتشار الحجاب في السنوات الأخيرة كان رد فعل على الهزائم التي وقعت سواء حرب 1967م أو حروب البوسنة والهرسك.

وهو يعتبر أن مفهوم العورة ليس مفهوما كلياً ثابتاً في وعي الجماعة البشرية، لذلك ينتهي من خلال النظر في السياق القرآني أن العورة هي الأعضاء الجنسية فقط بالنسبة للأحياء، وهي جثة الشخص الميت. ويمتدح نصر حامد أبو زيد قانون الأحوال الشخصية الذي صدر في تونس عام 1957م، والذي يقنن معظم الأمور السابقة مثل: منع الزواج من ثانية ووضع العقوبات على ذلك بالحبس لمدة سنة وبغرامة مالية أو بإحداهما، وربط الطلاق بالقاضي، وجعل شهادة المرأة مساوية لشهادة الرجل بعد بلوغ سن العشرين، وجعل ميراث المرأة مثل ميراث الرجل، وإقرار التبني وحصول المُتبنّى على ميراث مساو للابن الشرعي.

        علام استند الدكتور أبو زيد في كل الأحكام السابقة التي أصدرها أو التي امتدحها؟ وما المنهجية التي حكمت إصدار آرائه؟

  1. اعتباره القرآن الكريم نصاً تاريخياً ودعوته إلى ضرورة فهم النصوص في سياق إنتاجها الاجتماعي والتاريخي.

سأمثل على منهج الدكتور أبو زيد في كيفية تطبيقه القاعدة السابقة بحديثه عن الآية الكريمة:

(للذكر مثل حظ الأنثيين) (النساء،11).

فقد علّل الدكتور نصر حامد أبو زيد الحكم السابق الوارد في الآية السابقة بأن الواقع الذي يخاطبه الوحي ويتوجه إليه النص يقوم على الاعتداد بعلاقات الدم والنسب الأبوية على وجه الخصوص، إنه مجتمع العصبية الذكورية، وهو من جهة أخرى مجتمع يقوم على الصراع على منابع المياه والكلأ. في مثل هذا المجتمع يتحدد دور الأنثى ومكانتها في الخلفية، لذلك عندما أعطاها الوحي نصف حظ الذكر اعتبرت هذه الخطوة تقدمية، لذلك علينا أن نمضي في السياق نفسه وبعد مرور أربعة عشر قرناً على ذلك الحكم، فنجعل الآن ميراث المرأة مساوياً لميراث الرجل. ويمكن أن نعلق على دعوته تلك بالأمور التالية:

  • إن المرأة التي أعطاها الشرع نصف حظ الرجل في الميراث، إنما أعطاها ذلك وهي ليست مسؤولة عن الإنفاق في كل أحوالها سواء أكانت بنتاً أم زوجاً أم أمّاً.
  • يعتبر الشرع أن مؤسسة الأسرة ثابتة، وهي المؤسسة التي يجب أن تقوم من خلالها علاقة الرجل بالمرأة، والذكر بالأنثى، لذلك يفترض الشرع أن تبقى هذه النسبة ثابتة.
  • إن ظلم المرأة وإنصافها لا يكون المؤشر الحقيقي عليه تعديل نصيبها في الميراث، بل في جملة التوجيهات والقيم والمبادئ التي رافقت نشأتها ووجودها وتربيتها وحقوقها والتي حفلت بها آيات القرآن الكريم وأحاديث السنة المشرفة، وهي التي نعرفها ويعرفها الدكتور أبو زيد وأشار لها في كتابه “دوائر الخوف”.
  • إن المرأة التي أعطاها الشرع نصف حظ الذكر تحصل في بعض حالات توزيع الميراث أكثر مما يحصل عليه الذكر

2. اعتبر نصر حامد أبو زيد الألفاظ مثل: الملائكة والجن والشياطين والسحر والحسد إلخ… ألفاظاً مرتبطة بواقع ثقافي معين، ويجب أن نفهمها على ضوء واقعها الثقافي، واعتبر أن وجودها الذهني لا يعني وجودها العيني، وقد أصبحت ذات دلالات تاريخية، ويمكن أن نفهمها الآن على ضوء واقعنا الثقافي الجديد، وهو يعتمد في كل ما يروج له على نظرية عالم اللغة دي سوسير.

وفي الرد على الدكتور أبي زيد نسأل: لماذا اعتبر الدكتور أبو زيد تلك الألفاظ ذات دلالات تاريخية؟

وهل نفى العلم بشكل قطعي وجود حقائق عينية لتلك الألفاظ حتى نعفي عليها ونعتبرها ألفاظاً لا حقائق لها وذات وجود ذهني فقط؟

لم نسمع بذلك حتى الآن، وإنني أدعو الأخ المسلم إلى تصوّر وتخيّل وتقدير الاضطراب الذي سيصيب ديننا عندما نفسر الألفاظ حسب الثقافة الموجودة في كل مرحلة تاريخية.

3. اقترح الدكتور أبو زيد منهجاً جديداً لاستنباط الأحكام من النصوص الدينية سمّاه “منهج القراءة السياقية” وهو في اقتراحه ذلك متأثر ببعض العلوم اللسانية التي أنتجتها الحضارة الغربية، ويقوم ذلك المنهج على النظر إلى مجمل السياق التاريخي والاجتماعي لنـزول الوحي وهو القرن السابع الميلادي، والتمييز في إطار التشريعات والأحكام بين ما هو من إنشاء الوحي أصلاً وبين ما هو من العادات والأعراف الدينية والاجتماعية السابقة على الإسلام.

وهناك مستويات أخرى عديدة للسياق يجب مراعاتها في المنهج المقترح ومنها السياق الوصفي والسياق السجالي، المهم أنه ينتهي من كل ذلك إلى أحكام جديدة منها أن القوامة الواردة في قوله تعالى:

(الرجال قوّامون على النساء) (النساء،34)

وقول مريم عليها السلام باختلاف الذكر عن الأنثى في قوله تعالى:

(ليس الذكر كالأنثى) (آل عمران،36) ليست تشريعاً بمقدار ما هي وصف للحال.

ملاحظات عامة على آراء دعاة التحرر في قضية المرأة المعاصرة:

  • يعتبر دعاة التحرر المرأة الغربية نموذجهم المحتذى، وهم عندما يفعلون ذلك يبرزون الجوانب الإيجابية في قضية المرأة الغربية ويغفلون الجوانب السلبية التي ربما تكون أكثر بكثير من الجوانب الإيجابية من مثل:

تحطيم الأسرة،وكثرة الطلاق، والعلاقات غير الشرعية خارج إطار الزواج، وتفشي اللواط والسحاق، وكثرة الولادات غير الشرعية، واتخاذ بعض الأزواج خليلات لهم بمعرفة المجتمع وإقراره إلخ…

ويغفلون كذلك عن تطورات الحضارة الغربية التي لم تقف عند العلمانية الجزئية التي تعني فصل الدين عن الدولة، وهي صفة تقبل الحضارة الغربية أن تتعايش الدولة مع قيم إنسانية ودينية وأخلاقية مطلقة مادامت لا تتدخل في عالم السياسة بالمعنى المباشر والمحدّد، وقد ساد هذا الاتجاه لفترة من الزمن.

لكن حدثت تحولات تاريخية حوّلت العلمانية الجزئية إلى علمانية شاملة أودت بالإنسان كمقولة مستقلة عن عالم الطبيعة وبدأت هذه العملية بانفصال المجال الاقتصادي عن القيم الأخلاقية والدينية والإنسانية، وأصبح يحكم على عالم الاقتصاد بمقدار ما يحققه من الأهداف الاقتصادية بغض النظر عن أية قيمة دينية وأخلاقية وإنسانية، ثم شملت عملية الانفصال بقية المجالات الحياتية: السياسة والعلم والحب والجنس إلخ… فيحكم على نجاح العلم أو فشله بمقدار ما يحقق من أهداف علمية محضة مثل مراكمة المعلومات وإجراء التجارب الناجحة، بعيداً عن أية قيم أخلاقية وإنسانية ودينية، ويتحرر الجنس من سائر المعايير والقيم ليستمد معياريته من ذاته، ويحكم على مقدار نجاحه أو فشله بمقدار ما يحققه من أهداف جنسية محضة مثل اللذة، خارج أي نطاق اجتماعي أو أخلاقي.

إذن انتهت العلمانية الشاملة لا لتفصل الدين عن الدولة فقط، وإنما لتفصل القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية جميعها عن الدولة وعن جوانب الحياة العامة والخاصة كافة، أي أنها تفصل سائر القيم عن الطبيعة والإنسان وتنـزع عنهما أية قداسة، فكلاهما مكتف بذاته، ومرجعية لذاته.

  • يطعن دعاة التحرر في الفترة الأخيرة في أدوات الاجتهاد التي تساعد على استنباط الأحكام من الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة من مثل: علوم أصول الفقه، وعلوم القرآن الكريم، وعلوم اللغة العربية إلخ…

وقد وصفها الدكتور حامد نصر أبو زيد بأنها علوم بائسة، ورفض الدكتور محمد شحرور التعامل معها منذ البداية واخترع أدوات خاصة به، ولا يتسع المقام الآن لاستعراض طعونهم والرد عليهم، ولكن نتساءل:

لماذا يطعنون بها وهي العلوم التي تدل على عبقرية هذه الأمة؟

أيطعنون بها لأنها لم تساعدهم على إقرار التأويلات والمعاني التي يريدون أن يفرضوها على الدين والمسلمين؟

نحن يمكن أن نقرّهم فيما يذهبون إليه في حالة واحدة عندما يثبتون بالدليل والبرهان عجز هذه الأدوات عن استنباط المعاني بالصورة الصحيحة والسليمة، وطالما أنهم لم يفعلوا ذلك مسبقاً، فإن طعنهم فيها وتجاوزها يدخل في إطار الهدم والتخريب.

ليس معنى ذلك أننا نرفض أي تطوير لها أو استفادة من علوم الغرب اللسانية في تطويرها، فذلك ما نقره وندعو إليه لأن التطوّر سنّة الحياة، وهو ما حدث خلال القرون السابقة فهي لم تكن مقننة أصلاً ووجدت متتالية في عهود وأزمان مختلفة، فبدأت بعلم النحو، وعلم الصرف، وعلوم البيان، والبديع والمعاني، مروراً بعلم فقه اللغة، وأصول الفقه، وانتهت بعلم مقاصد الشريعة، لكن الذي نرفضه هو التجاوز النهائي، والطعن فيها دون حجة علمية وبرهان علمي.

  • يدعو دعاة التحرر إلى أن نفهم النصوص القطعية الثبوت القطعية الدلالة التي جاءت في مجال الزواج والطلاق والشهادة والميراث والعورة واللباس إلخ… فهماً جديداً على ضوء واقعنا الجديد، وأن لا نقف في فهمها عند العصر الذي نزلت وهو القرن السابع الميلادي.

ويبرّرون ذلك بأن هذه النصوص هي نصوص لغوية نزلت في حقبة تاريخية معينة، وعندما يقف دعاة المحافظة في فهم تلك النصوص عند مستوى معيّن، فليس ذلك رغبة في الجمود وإنما نتيجة فهم لطبيعة النفس البشرية التي تحتوي على جوانب ثابتة من مثل: علاقة التجاذب بين الذكر والأنثى، وعبادة الله، وحب التملك إلخ…

فجاءت الشريعة بنصوص قطعية الثبوت قطعية الدلالة توازي الثبات في النفس البشرية كالنصوص التي تتعلق بالزواج والطلاق والميراث إلخ…

وكالنصوص التي تبين صفات الله وتدعو إلى عبادته وتحدد صور العبادة، وكالنصوص التي تبيح التملك وتقرّه إلخ…

والسؤال الذي يرد في هذا المجال هو:

من أين جاءت كل هذه الضجة المفتعلة حول النصوص القطعية الثبوت القطعية الدلالة؟

جاءت من نسبية الحقيقة التي تقوم عليها الحضارة الغربية، والتي تتصادم مباشرة مع النصوص القطعية الثبوت القطعية الدلالة، فيجب إذن تطويع هذه النصوص وتفسيرها تفسيراً يخرجها عن ثباتها لتصبح متفقة مع نسبية الحقيقة التي تقوم عليها الحضارة الغربية.

وإنني أختم ورقتي بعبارة لبرنارد لويس وهو مستشرق انكليزي يهودي قارب الثمانين من عمره وهو مختص بشؤون العالم العربي والإسلامي والشرق الأوسط، ويقيم الآن في أمريكا، وطُلب منه أن يكتب عن رأيه في مستقبل الشرق الأوسط، قال: “سنحسم التغريب في الشرق الأوسط من خلال ثلاثة عوامل: اسرائيل وتركيا والمرأة”.

وأنا أقول له: “أخطأت التقدير، فإن المرأة العربية المسلمة أكثر ارتباطاً مما تظنّ بقيم أمتها ومبادئ شريعتها، وخير دليل على ذلك دور المرأة الأساسي في الصحوة التي أفشلت مخططات التغريب في القرن العشرين، وسيكون لهذه المرأة العربية المسلمة -بإذن الله- دور أساسي في إفشال التغريب في القرن الحادي والعشرين.

مقال آخر عن قضية المرأة المسملة بين التغريب والصحوة الإسلامية.

 

اترك رد