يمر علينا شهر رجب وهو شهر الإسراء والمعراج، حيث أُسري برسولنا محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عرج به صلى الله عليه وسلم من المسجد الأقصى إلى السماوات السبع ليريه من آيات الله الكبرى والصغرى.
ويزداد شرفاً ورسوخاً وإيماناً ومكانة وقدراً نتيجة التكريم الذي اختصه الله به وحده دون جميع الأنبياء والرسل -عليهم الصلاة والسلام-، وتبرز عدة حقائق في هذا الإسراء والمعراج جديرة أن يعيها المسلمون في الوقت الحاضر، وهي:
أولها: الربط بين أهم مقدّسين في تاريخ النبوات وهما: المسجد الحرام والمسجد الأقصى، فكان الإسراء من الأول إلى الثاني قبل العروج إلى السماء فقال تعالى:
(سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير) (الإسراء،1).
ثانيها: عروج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى السماوات السبع من المسجد الأقصى وليس من المسجد الحرام، وهذه إشارة إلى شرف المسجد الأقصى، ومكانته العالية.
ثالثها: إمامة الرسول صلى الله عليه وسلم لجميع الأنبياء عند صلاته لهم في المسجد الأقصى، وهذه إشارة إلى قيادة الأمة الإسلامية للأمم السابقة، ووراثة أمة محمد صلى الله عليه وسلم لمقدسات جميع النبوات ومن ضمنها المسجد الأقصى.
رابعها: بركة الأرض المحيطة بالمسجد الأقصى، وهي بلاد الشام لقوله تعالى: (الذي باركنا حوله)، في حين أنها لم ترد أية إشارة إلى مباركة الأرض المحيطة بأي مقدس من مقدسات المسلمين الأخرى.
كل هذه الأمور والإشارات الإلهية تدعونا إلى أن نتمسك بحقنا، ونبذل الجهد من أجل استعادة هذا الحق، وتبعث الأمل فينا بأن استرداد الأقصى كائن لا محالة، لأن الله وعدنا بذلك عندما قال تعالى:
(وقضينا إلى بني اسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علواً كبيراً (4) فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولاً (5) ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيراً (6) إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علَوْ تتبيراً(7)) (الإسراء،4-7).
المشرف غازي التوبة
15 أيلول/سبتمبر 2002م
8 رجب الفرد 1403هـ
مقال الشيخ الدكتور غازي التوبة الإسراء والمعراج: الواقعة والآفاق
الإسراء والمعراج: الواقعة والآفاق
الإسراء والمعراج