نعي عبد القادر صالح
“ولاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ”
إن مسيرة الجهاد ماضية إلى يوم القيامة لا يوقفها خور أو تثبيط أو خذلان، سار على هذا الطريق الصفوة المختارة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وقد انضم إلى قافلة هؤلاء الشهيد -نحسبه كذلك- البطل عبد القادر صالح، قائد لواء التوحيد، الذي قام وانتفض لإعلاء كلمة الله ورفع الظلم والقهر عن المسلمين في أرض الشام المباركة، التي سامها آلُ الأسد خسفاً وإفقاراً وإذلالاً، وقد خرج البطل مجاهدًا بماله ونفسه وضحى بهما في سبيل الله، إيماناً و تصديقاً لقول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم “قال رجلٌ: يا رسولَ اللهِ أيُّ الناسِ أفضلُ؟ ! فقال صلى الله عليه وسلم:
“مؤمنٌ يجاهد في سبيلِ اللهِ بنفسِه ومالِه”- صحيح البخاري.
ومن مآثره رحمه الله أنه كان من القلائل الذين توجهوا لنصرة المقاتلين في القصير عندما كانت المعركة في أوجها، ومن مآثره أنه عُرِف بتواضعه، وإخلاصه، ونزاهته، بحيث نال ثقة ومحبة الجميع في الثورة السورية.
ومن متابعة سيرة المجاهد عبدالقادر الصالح يتضح لنا أمران:-
الأول : إن الأمة التي أنجبت المجاهد عبد القادر صالح هي أمة حية فاعلة معطاءة، فهو قد نشأ وترعرع في حكم البعث الذي استهدف محق الدين والتدين والمتدينين، ولكن الأمة -بفضل الله- تجاوزت هذه المحنة وأنجبت هذا المجاهد وغيره الذين خرجوا يقارعون الباطل ويزلزلون عرش آل الأسد، حاملين راية الإسلام، تابعين إمام المجاهدين محمد صلى الله عليه وسلم، منطلقين من بيوت الله، راغبين في الجنة والإستشهاد .
وهذا يجعلنا نطمئن إلى أن هذه الأمة ستنتصر في كل معاركها، مهما انتفش الباطل واستعلى، ومهما كاد ومكر، وهذا مصداق قول الرسول صلى الله عليه وسلم:
“لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ”- صحيح مسلم.
الثاني: ليس من شك بأن أكبر خطر يواجه الثورة السورية هو خطر الانقسام والتفرق وعدم التوحد، ولقد وعى الشهيد عبدالقادر صالح رحمه الله أهمية الوحدة والتوحد، فكان من أهم دعاتها، وأبرز رموزها، ولعلنا نقول: إن من بركات استشهاده هو انبثاق “الجبهة الإسلامية” التي جمعت عدداً من الكتائب والفصائل ، والتي ندعوها الى أن تستكمل نعمة الوحدة بأن تضع ميثاقاً رشيداً، تدعو إليه كل الفصائل الأخرى في ساحة الثورة السورية: على أن يراعي هذا الميثاق كل الأمور الشرعية المطلوبة في هذا الوقت، وأن يتفهَّم كل مفردات واقع الثورة السورية ومآلاتها، وعلى أن يتنبه إلى مكر الأعداء، وعلى ان يدرك العقبات التي يمكن ان تواجهها الثورة..الخ.
إننا نحث الجبهة الإسلامية بعد انبثاقها على استكمال خطوة الانبثاق بخطة “الميثاق الرشيد” الذي يجعل الثورة السورية تقف على أرض صلبة تمهيداً للانتصار على باطل آل الأسد.
لا شك إن وحدة الفصائل والكتائب أمر حيوي يجب أن يعمل له جميع العاملين في ساحة الثورة لننتهي من خطر التفرق والتشرذم عملاً بقوله تعالى:
وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ.
نسأل الله أن يتغمد الشهيد بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته مع الشهداء والصديقين، وحسن أولئك رفيقا.
قال تعالى :-
“إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ” (التوبة 111)
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين