tawbahlike@hotmail.com +(00) 123-345-11

جنيف 2 بين تشريع النظام وتقسيم سوريا

جنيف 2 بين تشريع النظام وتقسيم سوريا

يمكن الآن استجلاء وضع الثورة السورية بعد جنيف 2، والحكم على مدى صوابية أو خطأ الذهاب إلى جنيف 2 وذلك بعد مرور أكثر من شهر على احتفالية انعقاد جنيف 2 في 22/1/2014، وبعد جولتين من المحادثات عقدها الوفدان المتفاوضان.

منذ البداية -بكل أسف- يمكن أن نقرر أن أصدقاء النظام المجرم في سوريا كانوا أكثر وفاء ودعما له من أصدقاء الثورة السورية، فإيران وروسيا والصين أمدّوه بكل أنواع الدعم، فأمدته إيران بالمال والسلاح والنفط والخدمات الاستخبارية والتكنولوجية والرجال من الحرس الثوري وغيرها.

كما أمدته روسيا بالسلاح والدعم السياسي، فاستخدمت الفيتو ثلاث مرات لصالحه في مجلس الأمن الدولي، وأنقذته من مآزق سياسية كان يمكن أن يحاصره المجتمع الدولي فيها، ويفرض عليه قرارات صارمة.

أما أصدقاء سوريا فلم يقدموا للثوار ما يحتاجونه من معونات عسكرية، وبخاصة في مواجهة الطائرات والبراميل المتفجرة وصواريخ سكود والدبابات، ولم يفرضوا أي حظر للطيران، ولم يقيموا ملاذات آمنة يلجأ إليها الفارون من وحشية النظام السوري، ولم يزودوا المعارضة بأية صواريخ مضادة للطيران، كما لم يزودوا الثوار بأية قنابل مضادة للدروع، كما أنهم لم يتخذوا أي قرار دولي ينقذ المناطق المحاصرة التي يتبع النظام فيها سياسة التجويع.

لذلك فإن أصدقاء سوريا ليسوا أصدقاء على الحقيقة، وليسوا أعداء، بل هم في منطقة وسط، فيمكن أن نسميهم “أعدقاء” في حين أن النظام المجرم في سوريا يملك “أصدقاء” على الحقيقة.

هذه صورة الوضع الدولي وهو المعْلم الأول من صورة وضع الثورة السورية غداة انعقاد جنيف 2.

أما صورة الوضع الداخلي للثورة السورية، فإن النظام بدأ يسترد بعض المناطق بعد دخول حزب الله للقتال معه بشكل علني وبشكل كثيف، وكانت بداية هذا الرجحان والتقدم لصالح النظام منذ معركة القصير في 5 يونيو/حزيران 2013.

ولم يقتصر دعم النظام على مليشيات حزب الله، بل امتد ليشمل مقاتلين من العراق من كتائب أبو الفضل العباس وعصائب الحق ومليشيات الصدر وغيرهم، ومقاتلين من اليمن، ومقاتلين من إيران من الحرس الثوري ومن فيلق القدس، ومقاتلين من أماكن أخرى.

هذه هي صورة الوضع الداخلي والخارجي للثورة السورية، فما هي الأخطاء والأخطار التي نتجت عن حضور وفد المعارضة لجنيف 2؟

نتجت عدة أخطاء وأخطار، أبرزها:

أولا: تكون المفاوضات السياسية -في العادة- حصيلة أو انعكاسا للقوة على الأرض وفي المواقع، لذلك فإن عدم الذهاب إلى جنيف هو الموقف الأنسب سياسيا في هذه المرحلة، أي في حالة رجحان كفة النظام.

لكن هذا الوضع كان طبيعيا لو أن قيادة الائتلاف تملك أمرها وتملك إرادة سياسية حرة، لكنها لما كانت غير مالكة لأمرها، وغير مالكة لهذه الإرادة السياسية، فإن ذهابها إلى جنيف 2 كان إلزاميا، وكان نتيجة طبيعية لفقدان الإرادة السياسية، وارتهانها لدول تراعي مصلحتها أولا قبل أي اعتبار لآلام الثوار السوريين وآمالهم، وقبل أي اعتبار لمصلحة الثورة السورية.

وقد تم انعقاد جنيف 2 تنفيذا لاتفاق كيري-لافروف الذي وقع في مايو/أيار 2013 في موسكو، والذي أبرم فيه الطرفان عدة صفقات تتعلق بترتيب أوضاع المنطقة وكانت صفقة الكيميائي -التي أنقذت النظام السوري، والتي كانت الثمن الذي دفعه النظام من أجل البقاء في سدة الحكم- هي إحدى هذه الصفقات وأهمها.

ثانيا: يكمن الخطأ الثاني في أن الذهاب إلى جنيف 2 أعطى الشرعية لبشار وهو المجرم الذي قتل 150 ألفا من أبناء الشعب السوري، وشرد تسعة ملايين شخص داخل سوريا وخارجها، واعتقل عشرات الآلاف، ودمر معظم مدن وقرى سوريا بالبراميل المتفجرة وغيرها من الأسلحة المدمرة.

وقد تجاوزت قيادة الائتلاف الميثاق الذي نص على عدم مفاوضة بشار بحال من الأحوال، ونص على تفكيك الأجهزة الأمنية ومحاسبة كل المسؤولين عن إهراق الدم السوري قبل أي تفاوض، واعتبرت ذلك شرطا يجب أن يتحقق قبل حدوث أي لقاء مع النظام، لكن قيادة الائتلاف تجاوزت هذا البند في اجتماع إسطنبول في مطلع عام 2014، واحتالت عليها بتفسيرات غير سليمة وغير صحيحة.

ثالثا: وعند التدقيق في النتائج التي انتهى إليها مؤتمر جنيف 2، يتأكد لنا صحة الحكم بخطر الذهاب إليه، لأنه لم ينته إلى شيء حقيقي سوى إخراج بضع مئات من المحاصرين في حمص، وإيصال بعض المساعدات المحدودة إلى الجياع والمرضى في حمص المحاصرة والتي منع استمرارها شبيحة نظام الأسد، لأنهم يعتبرون أن المحاصرين لا يستحقون الطعام والدواء بل يستحقون الموت، فأطلقوا النار على قوافل الإغاثة، مما أدى لقتل وجرح عدد من عمال الإغاثة وغيرهم.

رابعا: أما على المستوى السياسي فكانت نتائج مؤتمر جنيف 2 صفرا، لأن النظام بقي متشبثا باعتبار قضية الثورة السورية قضية إرهابيين، وقضية تدخل خارجي من بعض دول الجوار، وظل مصرا على أن يبدأ الحوار من هذه النقطة، وبقي متجاهلا لأي بعد سياسي واجتماعي واقتصادي وثقافي ونفسي في الثورة السورية، وبقي متجاهلا لحقيقة أنها ثورة شعب قام مطالبا بحريته وكرامته وخبزه، ومسوقا لنفسه على أنه ضحية الإرهاب وبأنه محارب للإرهاب.

خامسا: أعتقد أن إضفاء الائتلاف الشرعية على نظام الأسد جعل مستقبل سوريا بين أمرين:
الأول: أن يستعيد نظام الأسد نفوذه على بقية المناطق التي ثارت عليه وتمكنت من الانعتاق من ربقة دكتاتوريته وظلمه وفساده وإذلاله وإفقاره لها، وهذا مستحيل لأن قسما من الناس التي ثارت لن تتراجع مهما كلفها ذلك من ثمن.

الثاني: أن تتجه سوريا إلى التقسيم وهو احتمال لا يمانع فيه نظام الأسد، فعندما يكون الأسد بين خيارين: زوال نظامه وبقاء سوريا موحدة، أو بقاء نظامه وتقسيم سوريا، فسيختار تقسيم سوريا، وسيدفع إليه من أجل بقاء نظامه.

وذلك لأن سوريا لا تعني له أكثر من مزرعة له ولأسرته، وليس له أدنى ارتباط حقيقي بسوريا كقيمة وإلا لما فعل ما فعله خلال السنوات الثلاث الماضية، من تدمير وقتل وتشريد، ولأنه يهمه أشخاص عائلة “الأسد” وسيطرتهم ونفوذهم وبقاء استعبادهم للناس، دون أي مراعاة للمصلحة العامة، أو ارتباط بأية قيمة عليا مثل “وحدة سوريا” و”قوة سوريا”.

يمكن أن نقول -الآن- بكل أسف إن الائتلاف بذهابه إلى جنيف وضع اللبنة الأولى في تقسيم سوريا، لأنه أعطى نظام الأسد الشرعية التي تقوى بها في مواجهة المجتمع الدولي من أجل الذهاب إلى التقسيم.

سادسا: ومما يمكن أن نعتبره تابعا لمؤتمر جنيف 2 انعقاد مجلس الأمن الدولي بطلب من الأردن ولوكسمبورغ وأستراليا لبحث الوضع الإنساني في سوريا، وقد قدمت الدول العربية مشروع قرار يطلب من النظام إيقاف البراميل المتفجرة، ويطلب منه إدخال الطعام والدواء للمناطق المحاصرة مثل حمص ومخيم اليرموك وغيرها، كما يطلب منه فتح ممرات وطرق آمنة من الحدود من أجل إيصال المواد الغذائية إلى المناطق المحتاجة… إلخ.

وكانت الطلبات مرتبطة -في البداية- بتوقيع العقوبات في حال عدم تنفيذها من النظام، ولكن وقوف روسيا في وجه مشروع القرار جعله يجرد من أسنانه ويصبح جملة مناشدات للنظام واسترحامات له، ولم يقر إلا بعد أن جرد من أية فقرة تشير إلى الإلزام أو إلى العقوبات، وأصبح مرتبطا بإرادة النظام وليس بإرادة المجتمع الدولي، وصدر القرار تحت رقم 2139 بتاريخ 22/3/2014.

وهذا القرار يؤكد -مرة ثانية- الدور السياسي الضعيف للائتلاف، فهو لم يستطع أن يفرض ويلزم النظام بأمور إنسانية، فكيف بفرض وتحقيق أمور سياسية؟

الخلاصة: إن الذهاب إلى جنيف 2 كان خطأ، فقد تم في توقيت غير مناسب للثورة السورية، لأن موازين القوى لم تكن لصالحها. وقد ترتبت عدة أخطار على جنيف 2، أبرزها: إعطاء شرعية جديدة للنظام كان قد تجرد منها نتيجة إجرامه وقتله للشعب السوري، مما يساعده على الذهاب لتقسيم سوريا، بالإضافة إلى أن جنيف 2 لم يقدم أي شيء سياسي للثورة السورية، بل قدم بعض معونات الغذاء والدواء الهزيلة في حمص، ووعودا بتمرير معونات إنسانية في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2139.

جنيف 2 بين تشريع النظام وتقسيم سوريا

بقلم: الشيخ الدكتور غازي التوبة                                   

يمكن الآن استجلاء وضع الثورة السورية بعد جنيف 2، والحكم على مدى صوابية أو خطأ الذهاب إلى جنيف 2 وذلك بعد مرور أكثر من شهر على احتفالية انعقاد جنيف 2 في 22/1/2014، وبعد جولتين من المحادثات عقدها الوفدان المتفاوضان.
منذ البداية -بكل أسف- يمكن أن نقرر أن أصدقاء النظام المجرم في سوريا كانوا أكثر وفاء ودعما له من أصدقاء الثورة السورية، فإيران وروسيا والصين أمدّوه بكل أنواع الدعم، فأمدته إيران بالمال والسلاح والنفط والخدمات الاستخبارية والتكنولوجية والرجال من الحرس الثوري وغيرها.

كما أمدته روسيا بالسلاح والدعم السياسي، فاستخدمت الفيتو ثلاث مرات لصالحه في مجلس الأمن الدولي، وأنقذته من مآزق سياسية كان يمكن أن يحاصره المجتمع الدولي فيها، ويفرض عليه قرارات صارمة.                                        أما أصدقاء سوريا فلم يقدموا للثوار ما يحتاجونه من معونات عسكرية، وبخاصة في مواجهة الطائرات والبراميل المتفجرة وصواريخ سكود والدبابات، ولم يفرضوا أي حظر للطيران، ولم يقيموا ملاذات آمنة يلجأ إليها الفارون من وحشية النظام السوري، ولم يزودوا المعارضة بأية صواريخ مضادة للطيران، كما لم يزودوا الثوار بأية قنابل مضادة للدروع، كما أنهم لم يتخذوا أي قرار دولي ينقذ المناطق المحاصرة التي يتبع النظام فيها سياسة التجويع.

لذلك فإن أصدقاء سوريا ليسوا أصدقاء على الحقيقة، وليسوا أعداء، بل هم في منطقة وسط، فيمكن أن نسميهم “أعدقاء” في حين أن النظام المجرم في سوريا يملك “أصدقاء” على الحقيقة.

هذه صورة الوضع الدولي وهو المعْلم الأول من صورة وضع الثورة السورية غداة انعقاد جنيف 2.

أما صورة الوضع الداخلي للثورة السورية، فإن النظام بدأ يسترد بعض المناطق بعد دخول حزب الله للقتال معه بشكل علني وبشكل كثيف، وكانت بداية هذا الرجحان والتقدم لصالح النظام منذ معركة القصير في 5 يونيو/حزيران 2013.

ولم يقتصر دعم النظام على مليشيات حزب الله، بل امتد ليشمل مقاتلين من العراق من كتائب أبو الفضل العباس وعصائب الحق ومليشيات الصدر وغيرهم، ومقاتلين من اليمن، ومقاتلين من إيران من الحرس الثوري ومن فيلق القدس، ومقاتلين من أماكن أخرى.

هذه هي صورة الوضع الداخلي والخارجي للثورة السورية، فما هي الأخطاء والأخطار التي نتجت عن حضور وفد المعارضة لجنيف 2؟

نتجت عدة أخطاء وأخطار، أبرزها:
أولا: تكون المفاوضات السياسية -في العادة- حصيلة أو انعكاسا للقوة على الأرض وفي المواقع، لذلك فإن عدم الذهاب إلى جنيف هو الموقف الأنسب سياسيا في هذه المرحلة، أي في حالة رجحان كفة النظام.

لكن هذا الوضع كان طبيعيا لو أن قيادة الائتلاف تملك أمرها وتملك إرادة سياسية حرة، لكنها لما كانت غير مالكة لأمرها، وغير مالكة لهذه الإرادة السياسية، فإن ذهابها إلى جنيف 2 كان إلزاميا، وكان نتيجة طبيعية لفقدان الإرادة السياسية، وارتهانها لدول تراعي مصلحتها أولا قبل أي اعتبار لآلام الثوار السوريين وآمالهم، وقبل أي اعتبار لمصلحة الثورة السورية.

وقد تم انعقاد جنيف 2 تنفيذا لاتفاق كيري-لافروف الذي وقع في مايو/أيار 2013 في موسكو، والذي أبرم فيه الطرفان عدة صفقات تتعلق بترتيب أوضاع المنطقة وكانت صفقة الكيميائي -التي أنقذت النظام السوري، والتي كانت الثمن الذي دفعه النظام من أجل البقاء في سدة الحكم- هي إحدى هذه الصفقات وأهمها.

ثانيا: يكمن الخطأ الثاني في أن الذهاب إلى جنيف 2 أعطى الشرعية لبشار وهو المجرم الذي قتل 150 ألفا من أبناء الشعب السوري، وشرد تسعة ملايين شخص داخل سوريا وخارجها، واعتقل عشرات الآلاف، ودمر معظم مدن وقرى سوريا بالبراميل المتفجرة وغيرها من الأسلحة المدمرة.

وقد تجاوزت قيادة الائتلاف الميثاق الذي نص على عدم مفاوضة بشار بحال من الأحوال، ونص على تفكيك الأجهزة الأمنية ومحاسبة كل المسؤولين عن إهراق الدم السوري قبل أي تفاوض، واعتبرت ذلك شرطا يجب أن يتحقق قبل حدوث أي لقاء مع النظام، لكن قيادة الائتلاف تجاوزت هذا البند في اجتماع إسطنبول في مطلع عام 2014، واحتالت عليها بتفسيرات غير سليمة وغير صحيحة.

ثالثا: وعند التدقيق في النتائج التي انتهى إليها مؤتمر جنيف 2، يتأكد لنا صحة الحكم بخطر الذهاب إليه، لأنه لم ينته إلى شيء حقيقي سوى إخراج بضع مئات من المحاصرين في حمص، وإيصال بعض المساعدات المحدودة إلى الجياع والمرضى في حمص المحاصرة والتي منع استمرارها شبيحة نظام الأسد، لأنهم يعتبرون أن المحاصرين لا يستحقون الطعام والدواء بل يستحقون الموت، فأطلقوا النار على قوافل الإغاثة، مما أدى لقتل وجرح عدد من عمال الإغاثة وغيرهم.

رابعا: أما على المستوى السياسي فكانت نتائج مؤتمر جنيف 2 صفرا، لأن النظام بقي متشبثا باعتبار قضية الثورة السورية قضية إرهابيين، وقضية تدخل خارجي من بعض دول الجوار، وظل مصرا على أن يبدأ الحوار من هذه النقطة، وبقي متجاهلا لأي بعد سياسي واجتماعي واقتصادي وثقافي ونفسي في الثورة السورية، وبقي متجاهلا لحقيقة أنها ثورة شعب قام مطالبا بحريته وكرامته وخبزه، ومسوقا لنفسه على أنه ضحية الإرهاب وبأنه محارب للإرهاب.

خامسا: أعتقد أن إضفاء الائتلاف الشرعية على نظام الأسد جعل مستقبل سوريا بين أمرين:
الأول: أن يستعيد نظام الأسد نفوذه على بقية المناطق التي ثارت عليه وتمكنت من الانعتاق من ربقة دكتاتوريته وظلمه وفساده وإذلاله وإفقاره لها، وهذا مستحيل لأن قسما من الناس التي ثارت لن تتراجع مهما كلفها ذلك من ثمن.

الثاني: أن تتجه سوريا إلى التقسيم وهو احتمال لا يمانع فيه نظام الأسد، فعندما يكون الأسد بين خيارين: زوال نظامه وبقاء سوريا موحدة، أو بقاء نظامه وتقسيم سوريا، فسيختار تقسيم سوريا، وسيدفع إليه من أجل بقاء نظامه.

وذلك لأن سوريا لا تعني له أكثر من مزرعة له ولأسرته، وليس له أدنى ارتباط حقيقي بسوريا كقيمة وإلا لما فعل ما فعله خلال السنوات الثلاث الماضية، من تدمير وقتل وتشريد، ولأنه يهمه أشخاص عائلة “الأسد” وسيطرتهم ونفوذهم وبقاء استعبادهم للناس، دون أي مراعاة للمصلحة العامة، أو ارتباط بأية قيمة عليا مثل “وحدة سوريا” و”قوة سوريا”.

يمكن أن نقول -الآن- بكل أسف إن الائتلاف بذهابه إلى جنيف وضع اللبنة الأولى في تقسيم سوريا، لأنه أعطى نظام الأسد الشرعية التي تقوى بها في مواجهة المجتمع الدولي من أجل الذهاب إلى التقسيم.

سادسا: ومما يمكن أن نعتبره تابعا لمؤتمر جنيف 2 انعقاد مجلس الأمن الدولي بطلب من الأردن ولوكسمبورغ وأستراليا لبحث الوضع الإنساني في سوريا، وقد قدمت الدول العربية مشروع قرار يطلب من النظام إيقاف البراميل المتفجرة، ويطلب منه إدخال الطعام والدواء للمناطق المحاصرة مثل حمص ومخيم اليرموك وغيرها، كما يطلب منه فتح ممرات وطرق آمنة من الحدود من أجل إيصال المواد الغذائية إلى المناطق المحتاجة… إلخ.

وكانت الطلبات مرتبطة -في البداية- بتوقيع العقوبات في حال عدم تنفيذها من النظام، ولكن وقوف روسيا في وجه مشروع القرار جعله يجرد من أسنانه ويصبح جملة مناشدات للنظام واسترحامات له، ولم يقر إلا بعد أن جرد من أية فقرة تشير إلى الإلزام أو إلى العقوبات، وأصبح مرتبطا بإرادة النظام وليس بإرادة المجتمع الدولي، وصدر القرار تحت رقم 2139 بتاريخ 22/3/2014.

وهذا القرار يؤكد -مرة ثانية- الدور السياسي الضعيف للائتلاف، فهو لم يستطع أن يفرض ويلزم النظام بأمور إنسانية، فكيف بفرض وتحقيق أمور سياسية؟

الخلاصة: إن الذهاب إلى جنيف 2 كان خطأ، فقد تم في توقيت غير مناسب للثورة السورية، لأن موازين القوى لم تكن لصالحها.

وقد ترتبت عدة أخطار على جنيف 2، أبرزها: إعطاء شرعية جديدة للنظام كان قد تجرد منها نتيجة إجرامه وقتله للشعب السوري، مما يساعده على الذهاب لتقسيم سوريا، بالإضافة إلى أن جنيف 2 لم يقدم أي شيء سياسي للثورة السورية، بل قدم بعض معونات الغذاء والدواء الهزيلة في حمص، ووعودا بتمرير معونات إنسانية في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2139.

رابط المقال في الجزيرة نت جنيف 2 بين تشريع النظام وتقسيم سوريا

Lorem Ipsum

اترك رد