tawbahlike@hotmail.com +(00) 123-345-11

المدرسة الإصلاحية غير الإصلاح العربي

من أهم إيجابيات الساحة النقدية للفكر الإسلامي المعاصر وجود تصنيف لبعض الأفكار والأعلام في مدارس ذات معالم محددة: كالمدرسة الإصلاحية، والمدرسة السلفية، والمدرسة الحركية، والمدرسة التربوية إلخ….

 وهذا التصنيف يعتبر علامة صحة للمناخ الفكري الذي يتعلّق به التصنيف، وقد عرفت أمتنا مثل هذا التصنيف للأفكار والأعلام في مختلف المجالات الفكرية للعقائد والفقه والنحو والشعر إلخ….

ففي مجال العقائد عرفت المدرسة الأشعرية والمدرسة الماتريدية، وفي مجال الفقه عرفت مدرسة الرأي ومدرسة الحديث، وفي مجال النحو عرفت المدرسة البصرية والمدرسة الكوفية، وفي مجال الشعر عرفت مدرسة الصنعة ومدرسة التصنع ومدرسة التصنيع حسب الدكتور شوقي ضيف.

وعندما كتبت مقالي عن “المدرسة الإصلاحية وتحدّيات ما بعد احتلال العراق” الذي ردّ عليه عمار علي حسن في “الحياة” يوم 31 كانون الثاني(يناير) 2004م بمقال تحت عنوان “مدرسة الإصلاح العربي لا تقتصر على الإسلاميّين“.

كنت أتحدّث عن مدرسة معيّنة تحدث غيري عنها وأشاروا إليها في كتب ومقالات متعددة باسم المدرسة الإصلاحية مرة أو باسم المدرسة التوفيقية مرة أخرى.

وقد أشرت في مقالي السابق إشارات محددة عن تلك المدرسة، وأبرزت الأدوات التي استخدمتها في حلّ المشاكل التي واجهتها وأهمّها:

التأويل والمصلحة المرسلة، ومع كل تلك التحديدات الدقيقة عن تلك المدرسة الإصلاحية التي كانت مرتبطة بالمرجعية الإسلامية.

جاء عمار علي حسن ليقفز عنها في ردّه عليّ، ويتحدّث عن الإصلاح العربي، مما جعل الحوار غير مجد، إذ كتبت شيئاً وكتب عن شيء آخر،وتناولت أمراً خاصاً وتناول أمراً عاماً.

        ومما زاد في عدم جدوى الحوار -مع أن الحوار يجب أن يكون عملية بناء وإغناء- تحميل عمّار مقالي أشياء لم يقلها،

ومنها:حديثه عن اختزالي  المدرسة الإصلاحية بالإسلاميّين، فأنا لم  أختزلها بالإسلاميّين، وإنما هي خاصة بالإسلاميّين.

ثم جاء اعتسافه في التعامل مع بعض الوقائع التاريخية ومنها:

الفصل بين محمد عبده وبين محمد رشيد رضا وحسن البنّا، والأرجح أن سبب ذلك هو إضافاتهما الفكرية المرتبطة بتطورات الأحداث المعاصرة لهما، وهذا ليس من الإنصاف في شيء فليس معنى كونهما مرتبطين بمحمد عبده ألا يكون لهما إسهاماتهما الخاصة بهما.

ولا يعني ذلك أني أوافق المدرسة الإصلاحية على كل اجتهاداتها التي بدأت بمحمد عبده وانتهت بالصحوة الإسلامية، فلي ملاحظات على كثير من تلك الآراء والاجتهادات التي لا مجال لبسطها الآن.

        أما الكتّاب والمفكّرون الذين حشد عمّار علي حسن أسماءهم في معرض حديثه عن الإصلاح العربي على مدار القرن العشرين، والذين تنوّعت مشاريعهم وآراؤهم، والذين اختلفت مشاربهم ومرجعيّاتهم الايديولوجية والفكرية، والتي تراوحت بين الليبرالية  والماركسية والعلمانية والقومية والوضعية إلخ….

فإنني أعترف أنني استفدت من بعضهم في إغناء أفكاري، لكنني لا أستطيع أن أعتبر أن كل أعمالهم ساهمت في إصلاح الأمة، فبعضها كان مِعْوَلاً في هدم جوانب من كيان الأمة، وبعضها كان عائقاً أمام الإصلاح، وبعضها ساهم في تضبيب الرؤية أمام جماهير الأمة، إن عمق الكاتب و المفكّر أو غزارة إنتاجه لا يجعلانه بالضرورة مصلحاً أو بانياً للإصلاح، فالإصلاح له ضوابطه ومعاييره، وله أدواته التي يقوم عليها، والتي لابدّ فيها من وعي ثوابت الأمة والبناء عليها.

        إن أمتنا تواجه تحدّياً لم يسبق له مثيل بعد احتلال العراق في كل مجالات الفكر و الثقافة والفنون والاجتماع والاقتصاد والسياسة إلخ…، ويتحمّل الكتّاب والمفكّرون دوراً كبيراً في التصدّي لهذا التحدّي، وسننجح في مواجهة هذا التحدّي بمقدار ما يكون هناك تقويم وتصنيف وفرز وتبويب لمعطيات الماضي، وبمقدار ما يكون هناك تحليل للظواهر الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وإعطائها أسماءها الصحيحة وتحديد رجالاتها الحقيقيّين الفاعلين، وسنفشل عندما لا يتحقّق ذلك كلّه أو بعضه.

أضواء على المدرسة الإصلاحية لا بد منها من موقع سعورس

مقال عمار علي حسن رداً على غازي التوبة . مدرسة الإصلاح العربي لا تقتصر على “الإسلاميين”

 

اترك رد