مازالت الديمقراطية هي الشعار الذي ترفعه أمريكا منذ احتلالها العراق، وتلوّح به لشعوب المنطقة العربية من أجل إغرائها في دعم الاحتلال الأمريكي، وتدعو إليه، وتعتبره البلسم الشافي لكل جراح المنطقة، والمخرج لتخلفها، والطريق لإنهاء مرحلة الاستبداد والظلام والتحكم والقهر.
وقد قامت من أجل تحقيق وهم الديمقراطية بتقديم “مشروع الشرق الاوسط الكبير” إلى قمة الدول الصناعية الثمانية في سي أيلاند في جورجيا بأمريكا في 8-6-2004، وقد أقرّه المؤتمر مع بعض التعديلات عليه، فهل صحيح أن أمريكا جادّة في نشر الديمقراطية؟ وهل صحيح أن الديمقراطية هي وسيلة إنقاذ منطقتنا العربية من أمراضها وتخلفها؟
لقد أشرت في حوار تلفزيوني الشهر الماضي في يوم انعقاد قمة الدول الصناعية الثمانية إلى أن أمريكا والغة في دعم الأنظمة الاستبدادية في المنطقة العربية خلال نصف القرن الماضي، وأكبر دليل على ذلك مجيئها بنظام البعث في عام 1963م، الذي هو الأصل في وجود نظام صدام حسين، وقد اعترف علي صالح السعدي أول رئيس وزراء في العراق بعد ثورة شباط البعثية عام 1963م بدور أمريكا في دعمهم, فصرّح قائلاً: “لقد جئنا إلى الحكم فوق قطار أمريكي”، ولاشك أن هذا الموقف في دعم الأنظمة الاستبدادية يضعف من صدقية أمريكا، ويجعل شعبنا لا يطمئن إلى دعواها في نشر الديمقراطية.
أما عن دور وهم الديمقراطية في حل مشاكل المنطقة، فالأرجح أن الديمقراطية التي ستأتي بها أمريكا ستكون ذات محتوى غربي، وسيكون جوهرها مستنداً إلى نسبية الحقيقة التي تتعارض مع الثوابت التي تقوم عليها أمتنا، لذلك سيكون أبرز نتائج هذه الديمقراطية الأمريكية تفكيك المنظومة الثقافية لأمتنا، وسيؤدي ذلك إلى تعقيد أزمة المنطقة وليس حلّها، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الخميس في 27 جمادى الأولى 1425 هـ المشرف
الموافق 15 من تموز(يوليو) 2004 م غازي التوبة