ما الدروس المستفادة من الهجمة الصهيونية الشرسة على شعبنا في فلسطين ؟

لقد واجهت أمتنا في فلسطين خلال الأسابيع الماضية هجمة صهيونية شرسة، تجاوزت كل ما عرفه تاريخ البشرية من وحشية وعدوانية وقسوة، فهي لم تستثن إنساناً ولا حيواناً ولا بيوتاً ولا تراثاً ولا شجراً ولا حجراً إلخ… وهي قد كسرت كل التقاليد الحديثة التي بنتها البشرية من خلال اتفاقيات دولية تلزم جميع الشعوب باحترام المؤسسات الدولية للإسعاف أو المساعدة كمؤسسات الصليب الأحمر الدولي والهلال الأحمر الدولي، وكمؤسسة الأمم المتحدة للإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التي تعرف بمؤسسة الأونروا (U.N.R.W.A) إلخ…

فقد منعت اسرائيل تلك المؤسسات في العمل على إسعاف الجرحى والمصابين، كما منعت سيارات الإسعاف من التنقل وتقديم المساعدة، كما ساهمت في ضربها وفي إطلاق النار على الممرضين والممرضات الذين كانوا يمارسون مهنتهم الإنسانية، كما أطلقت النار على الصحفيين وموظفي وكالات الأنباء ومنعتهم من نقل أخبار وتصوير كثير من الأحداث كما حدث في نابلس ومخيم جنين وغيرهما من الأماكن.

ونحن لا نريد أن ننقل إلى القارئ الكريم تصويراً لما رآه عبر شاشات التلفاز بعينه، فما رآه بعينه أبلغ من أي تصوير، ف “ليس الخبر كالمعاينة” كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا نريد أن نكرر كلمات الندب والحزن والأسى فذلك ما ملأ سمع القارئ الكريم خلال الأسابيع الماضية، ولكننا نريد أن ننتقل إلى تدوين بعض الدروس المستفادة من تلك الهجمة الشرسة على أهلنا وإخواننا وشعبنا وأمتنا في فلسطين الحبيبة:

الأول: أثبتت تلك الهجمة أن أمتنا حية، ويدل على ذلك مئات الشهداء الذين قدمتهم من أجل الدفاع عن أرض المسجد الأقصى قبلة المسلمين الأولى ومسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويدل على ذلك آلاف الجرحى الذين أصيبوا بعاهات مستديمة، ويدل على ذلك المظاهرات التي قامت مؤيدة للانتفاضة بالملايين، لذلك نقول للدعاة الذين يرددون مقولة “موت الأمة” أن يعيدوا النظر في مقولتهم، وعليهم أن يبدأوا دعوتهم من إدراك تلك الحقيقة والبناء عليها.

الثاني: كشفت تلك الهجمة عوار الأنظمة العربية وعجزها، وبيّنت أنها في واد والأمة في واد آخر، وعلى الأمة أن تحفر هذه الحقيقة في ذاكرتها ولا تنساها، لكي لا تبني آمالاً عليها في المستقبل القريب.

الثالث: لقد وأدت القيادة الصهيونية اتفاقات أوسلو، وهدفت من كل حربها الوحشية استرجاع الضفة الغربية لتكون لبنة رئيسية في تدعيم الكيان الصهيوني وفي قيام اسرائيل الكبرى التي يتطلع إليها شارون ومن قبله نتنياهو الذي صرح في كتابه (مكان تحت الشمس) بأنه لا أحد في اسرائيل يستطيع أن يتنازل عن الضفة الغربية بحجة المحافظة على أمن اسرائيل وحمايتها.

لقد جاءت المعارك الوحشية التي خاضها الصهاينة في الضفة الغربية في سياق تطلع الصهيونية إلى قيام اسرائيل الكبرى التي تمتد من الفرات إلى النيل، والتي يوحد تيّار قوي في اسرائيل يدعو ويخطط لإقامتها، وينتهز جميع الظروف التي تساعد على ذلك، فمطامع الصهاينة لا تتوقف عند حدود اسرائيل الحالية بل تتعداها بكثير، فعلينا وعي ذلك والعمل على إحباطه.

اترك رد