الجزيرة الأرشيف – منبر الأمة الإسلامية https://www.al-ommah.com/tag/الجزيرة/ منبر الأمة الإسلامية Sat, 11 Feb 2023 20:26:24 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.5.2 https://i0.wp.com/www.al-ommah.com/wp-content/uploads/2021/02/Group-6.png?fit=32%2C32&ssl=1 الجزيرة الأرشيف – منبر الأمة الإسلامية https://www.al-ommah.com/tag/الجزيرة/ 32 32 171170647 تجديد الدين.. الفكرة والواقع https://www.al-ommah.com/%d8%aa%d8%ac%d8%af%d9%8a%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%8a%d9%86/ https://www.al-ommah.com/%d8%aa%d8%ac%d8%af%d9%8a%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%8a%d9%86/#respond Mon, 28 Sep 2015 01:40:21 +0000 https://al-ommah.com/?p=545 إن تجديد الدين أمر طبيعي، وقد تحدث الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذا الأمر فقال “إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة من يجدد لها دينها” (أبو داود في سننه)، ويختلف الباعث الذي يدفع إلى هذا التجديد من عصر إلى آخر. ويمكن أن نأخذ نموذجا لهذا […]

ظهرت المقالة تجديد الدين.. الفكرة والواقع أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
إن تجديد الدين أمر طبيعي، وقد تحدث الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذا الأمر فقال “إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة من يجدد لها دينها” (أبو داود في سننه)، ويختلف الباعث الذي يدفع إلى هذا التجديد من عصر إلى آخر.

ويمكن أن نأخذ نموذجا لهذا التجديد من التاريخ ونمثل عليه بالشافعي رحمه الله، فقد سمي بمجدد المئة الثانية ولقب بـ”ناصر السنة”، وقد كان السبب في ذلك أن هناك صراعا بين أهل الرأي وأهل الحديث بلغ أوجه في القرن الثاني للهجرة، وقد تعمقت الهوة بينهما، وقد تعصب كل فريق لاجتهاده وحكمه وأدواته التي استخدمها لإصدار فتواه، وكادت تحدث فتنة، ولكن الشافعي -رحمه الله- وضع “الرسالة” التي أصل فيها لعلم أصول الفقه، وضبط العلاقة بين أهل الرأي وأهل الحديث، وأعاد للحديث الشريف مكانته، وأعطاه قيمته الحقيقية، وقنن للقياس.

ولهذا استحق أن يكون مجدد القرن الثاني من قرون الهجرة بعد أن جاء هذا الاستحقاق حصيلة العلم الذي أخذه من مالك بن أنس رحمه الله في المدينة عندما درس على يده “الموطأ”، وتقصى “الحديث” عند أهل المدينة ثم ذهب إلى العراق، والتقى محمد بن الحسن الشيباني تلميذ أبي حنيفة رحمهما الله، وأخذ عنه علمه الذي كان مثالا لمدرسة الرأي، ثم عاد إلى مكة وكتب “الرسالة” في الأصول، وكان هذا الكتاب “الرسالة” تقعيدا لعلم جديد هو “علم أصول الفقه”، وهو علم امتازت به أمتنا، وهو غير موجود عند الأمم الأخرى.

من المهم أن ننتبه إلى أن تجديد الدين لا يأتي بقرار حكومي، بل هو حصيلة وعي الطبقة العلمائية في الأمة، وانتباهها للمشاكل التي تواجه الأمة، ثم تضع الحلول المناسبة لها بشكل تلقائي من خلال وعي حقائق الدين ومن خلال فهم واقع الأمة ومن خلال إبداع قواعد التجديد وأحكامه التي تحتاجها الأمة وتستدعيها ظروفها وأحوالها.

أما الآن فإن الحضارة الغربية تمثل التحدي الأكبر للدين الإسلامي والأمة والحضارة الإسلامية، لأنها تقوم على أصول مناقضة -في كثير من الأحيان- للأصول التي تقوم عليها أمتنا وحضارتنا، لذلك فإن أي تجديد يجب أن يكون إما ردا على الحضارة الغربية التي تريد أن تفرض نفسها علينا وتلغي كياننا، أو يجب أن يكون في إيجاد توافق معها في موضوع من المواضيع لصوابية رأيها في هذا الموضوع.

فعلى سبيل المثال يعترف الإسلام بأن الكون مبني على عالمين، هما: عالم الغيب وعالم الشهادة، في حين أن الحضارة الغربية تعترف بعالم الشهادة فقط ولا تعترف بعالم الغيب وما فيه من روح وجنة ونار وملائكة وشياطين.. إلخ، وتعتبر ذلك خرافات وأوهاما.

ومن أمثلة الاختلاف أن الإسلام يقوم على نقل متمثل بالقرآن الكريم والسنة المشرفة، وهما وحيان من الله سبحانه أوحى الله بهما إلى محمد صلى الله عليه وسلم، ويقوم على عقل يتعامل مع هذا النقل، كما يتعامل مع الكون المحيط به، في حين أن الحضارة الغربية تقوم على عقل يتعامل مع الكون المادي المحيط به فقط ولا تعترف بأي نقل.

ومن أمثلة الاختلاف أن الإسلام يعتبر أنه دين ودولة، في حين أن الحضارة الغربية تعتبر أن الدين لا علاقة له بالدولة ويجب ألا يتدخل بها، وقد سبقتها إلى هذا أوروبا المسيحية في القرون الوسطى.

ومن خلال رصد التطورات الفكرية التي حدثت خلال القرنين الماضيين في ساحات الأمة الثقافية نجد أن محاولات التجديد لم تتوقف، ويمكن أن نقسمها إلى سلبية وإيجابية، فالسلبية: ما يأتي في إطار تطويع نصوص الإسلام لصالح الحضارة الغربية، والإيجابية: ما يأتي في إطار تحديد موقف من بعض مفاهيم الحضارة الغربية والبناء عليه، وسنضرب أمثلة على نوعي التجديد في السطور التالية.

أولا: المحاولات السلبية في التجديد

الأولى: يمكن أن نعتبر محاولة محمد عبده في مجال تضييق الفجوة بين عالم الغيب وعالم الشهادة لصالح عالم الشهادة ومن ثم لصالح المادية الغربية مثالا على ذلك.

فقد ورد في سورة الفيل حديث القرآن الكريم عن الطير الأبابيل الذي أرسله الله تعالى على جيش أبرهة الذي جاء لهدم الكعبة فرماه بحجارة من سجيل، فأهلكه الله مع الفيلة التي جاء بها، فقال تعالى ﴿ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل (1) ألم يجعل كيدهم في تضليل (2) وأرسل عليهم طيرا أبابيل (3) ترميهم بحجارة من سجيل (4) فجعلهم كعصف مأكول﴾ [الفيل:1-5].

لقد أول محمد عبده ذلك الطير الأبابيل بأنه طير من جنس البعوض أو الذباب، وحجارة السجيل بأنها طين يابس من الذي يسمونه -الآن- الميكروب والتي هي جراثيم الجدري أو الحصبة.

وقد أول محمد عبده الجن بالميكروب والجراثيم فقال “وقد قلت في المنار غير مرة أنه يصح أن يقال إن الأجسام الخفية التي عرفت في هذا العصر بواسطة النظارات المكبرة وتسمى الميكروبات تصح أن تكون نوعا من الجن”.

كما أول محمد عبده خلق عيسى عليه السلام بـ”اعتقاد قوي استولى على قلب مريم فأحدث الحمل بها، وكثيرا ما يكون الاعتقاد بالمرض مسببا له”.

ولكن توجه محمد عبده التجديدي بشكل عام لقي تراجعا على يد تلميذه محمد رشيد رضا، وهو في الحقيقة تصويب وتصحيح لما مثله محمد عبده من استسلام لمعطيات الحضارة الغربية المادية وترويجها.

الثانية: أصدر علي عبد الرازق كتاب “الإسلام وأصول الحكم” بعد سقوط الخلافة العثمانية عام 1924 على يد الإنجليز، وقد اعتبر علي عبد الرزاق في ذلك الكتاب أن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء داعيا ولم يجئ حاكما، وأن الخلافة التي برزت في التاريخ الإسلامي كسلطة وحكومة وأحكام وجيوش وقتال ودول إنما هي من اختراع المسلمين، وافتئات على الإسلام والرسول ولا علاقة للإسلام بها، وهو في هذا الاجتهاد يلغي الدولة من أجل أن يوافق المسلمون الحضارة الغربية فيما انتهت إليه من أحكام حول علاقة الدين بالدولة.

وقد كانت ردود الفعل واسعة على علي عبد الرازق فلم يقبل كلامه، وقد ألفت عدة كتب في الرد عليه، وأبرزها “الإمامة العظمى” لمحمد رشيد رضا، ثم قدمت دعوى قضائية بحقه في محاكم القاهرة، وتم سحب الكتاب من الأسواق، ثم جرد المؤلف من شهادته الأزهرية.

الثالثة: تناول محمد عابد الجابري العلاقة بين النقل والعقل في كتابيه “مدخل إلى القرآن الكريم” و”تفسير القرآن الكريم”، وقد ضيق مجال النقل وضخم دور العقل من أجل صالح الحضارة الغربية التي تقوم على العقل وحده كما هو معروف.

وقد انطلق محمد عابد الجابري من اعتبار القرآن الكريم معجزة عقلية، وهو في هذا مصيب، ولكنه أخطأ عندما اعتبر أن القرآن الكريم هو المعجزة الوحيدة للرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يعترف بكل المعجزات الأخرى، من مثل: انشقاق القمر، والإسراء والمعراج، وتكليم الحجر له صلى الله عليه وسلم، وحنين المنبر له، وانبثاق الماء بين يديه، ثم سقايته لجيش كامل، وطرح البركة في طعام قليل، وإطعامه عددا كبيرا من الناس.

وقد استكمل ذلك بأنه لم يعترف بالجانب الآخر من النقل، وهو السنة المشرفة التي وضحت القرآن الكريم وفسرته، وزادت عليه في بعض أحكامها، وفي هذا تضييق للنقل لصالح العقل، ومن أجل خدمة الحضارة الغربية وترويجها التي تقوم على العقل وحده.

ثانيا: المحاولات الإيجابية للتجديد في الدين

الأولى: رد محمد قطب على فكرة “نسبية الحقيقة” التي تقوم عليها الحضارة الغربية في كتاب “التطور والثبات في حياة البشرية” فذكر أنه ليس كل شيء متطورا في حياة البشرية، وليس كل شيء ثابتا، بل هناك قضايا ثابتة، وهناك قضايا متطورة ومتغيرة، ووضح بعد ذلك أن الثابت ما يتعلق بالعقيدة من توحيد وعبادة، وأحكام الأسرة من طلاق وزواج وميراث استنادا إلى قوله تعالى ﴿يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا﴾ [النساء:1].

الثانية: تحدث أبو الأعلى المودودي عن “القومية” التي انبثقت في الغرب بعد سقوط إمبراطوريات القرون الوسطى، واعتبرها “قومية عنصرية”، وبين أنها انتكاس ورجوع إلى الوراء في العلاقات الدولية: من الإطار الإنساني إلى الإطار العنصري الضيق.

وأوضح أن الإسلام طرح بديلا عن ذلك وهي “القومية الحضارية”، وقد تمثلت “القومية الحضارية” في أمة الإسلام التي تمازجت فيها مختلف الأعراق والأجناس تحقيقا لقوله تعالى ﴿يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إِن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير﴾ [الحجرات: 13].

الثالثة: كتب الطاهر بن عاشور في مقاصد الشريعة، ودعا إلى توسيع المقاصد وعدم حصرها في المقاصد الخمسة التي وضحها الشاطبي في كتاب “الموافقات”، وهي: مقاصد حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال.

لذلك اقترح بعض العلماء اعتماد مقاصد أخرى للدين من مثل مقاصد: الحرية والعدل والمساواة والتي يمكن أن نستفيدها من تطورات الحضارة الغربية، ولقي هذا التوجه قبولا لدى عموم علماء الأمة، ليس هذا فحسب بل زاد الاهتمام بعلم المقاصد بسبب الكتابات الواسعة عن علم المقاصد لدى الطاهر بن عاشور وغيره من الكتاب.

الخلاصة: التجديد في الدين أصل من أصول الحضارة الإسلامية، وقد قام علماء متعددون بمهمة التجديد في التاريخ الماضي، وإن الحضارة الغربية هي التحدي الأكبر الذي يواجه -الآن- الدين والأمة والحضارة الإسلامية، وقد قامت عدة محاولات للتجديد والاجتهاد في العصر الحديث، وقد رصدنا بعض محاولات التجديد السلبية في ثنايا المقال، كما رصدنا بعض محاولات التجديد الإيجابية.

رابط المقال من الجزيرة نت تجديد الدين.. الفكرة والواقع

ظهرت المقالة تجديد الدين.. الفكرة والواقع أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d8%aa%d8%ac%d8%af%d9%8a%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%8a%d9%86/feed/ 0 545
كيف نتعامل مع إيران بعد الاتفاق النووي؟ https://www.al-ommah.com/%d8%a5%d9%8a%d8%b1%d8%a7%d9%86-%d8%a8%d8%b9%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%aa%d9%81%d8%a7%d9%82-%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%88%d9%88%d9%8a/ https://www.al-ommah.com/%d8%a5%d9%8a%d8%b1%d8%a7%d9%86-%d8%a8%d8%b9%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%aa%d9%81%d8%a7%d9%82-%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%88%d9%88%d9%8a/#respond Mon, 07 Sep 2015 01:56:53 +0000 https://al-ommah.com/?p=549 وقّعت إيران مع دول مجلس الأمن الخمسة وألمانيا اتفاقاً حول برنامجها النووي بتاريخ 14/7/2015، فما قيمة هذا الاتفاق؟ وما دوره في إنجاح “المشروع الإيراني” الذي رسمته إيران بعد قيام الثورة الإيرانية عام 1979م؟ وكيف يجب أن نُعامل إيران بعد وضوح أهداف “المشروع الإيراني” في سورية ولبنان والعراق واليمن والمغرب العربي […]

ظهرت المقالة كيف نتعامل مع إيران بعد الاتفاق النووي؟ أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
وقّعت إيران مع دول مجلس الأمن الخمسة وألمانيا اتفاقاً حول برنامجها النووي بتاريخ 14/7/2015، فما قيمة هذا الاتفاق؟ وما دوره في إنجاح “المشروع الإيراني” الذي رسمته إيران بعد قيام الثورة الإيرانية عام 1979م؟ وكيف يجب أن نُعامل إيران بعد وضوح أهداف “المشروع الإيراني” في سورية ولبنان والعراق واليمن والمغرب العربي وأفريقيا وجنوب شرقي آسيا إلخ…؟ هل يجب أن نُعاملها كأخ؟ أم كصديق؟ أم كعدو؟ ونحن من أجل الإجابة على هذه الأسئلة لا بد لنا من إلقاء نظرة على تاريخ الدولة الإيرانية في القرن العشرين.

حكم إيران خلال القرن العشرين نظامان:

الأول: نظام قومي فارسي: قام نظام قومي فارسي في إيران بعد الحرب العالمية الأولى، وحكمت إيران في هذه الفترة أسرة رضا بهلوي، واعتبر الشاه نفسه امتداداً لأكاسرة الفرس القدماء، واعتبر الضفة الغربية من الخليج جزءاً من أرض إيران الفارسية، وتطلّع إلى احتلالها، وإلى الاستيلاء على ثرواتها البترولية، وقد ادّعى في وقت من الأوقات ملكية البحرين، كما احتل بعض الجزر من الإمارات العربية المتحدة عام1971م.

الثاني: نظام ديني طائفي: قامت في إيران ثورة عام 1979م، وتغلبت على شاه إيران، وقادها رجال الدين، واعتبرت إيران دولة طائفية تقوم على الالتزام بالمذهب الجعفري الاثني عشري إلى الأبد، وأعلنت مشروعاً مبنياً على تصدير الثورة إلى العالمين: العربي والإسلامي، وقد قام المشروع على إحداث تغيير في بنية الأمة وتركيبتها التاريخية، بأن يحوّلها من أمة إسلامية إلى أمة ذات صبغة طائفية ملتزمة بالمذهب الجعفري الاثني عشري.

وبدأت إيران بتصدير هذا المشروع عن طريق التواصل مع بعض القيادات الطائفية الجعفرية في دول العالم العربي والإسلامي، ومدّها بالمال والسلاح، وإصدار الأوامر إليها بإحداث القلاقل، وافتعال الأزمات، فأحدثت تفجيرات في الكويت في الأعوام 1983م و1985م عن طريق حزب الله، وأوقعت مجازر في الحرم المكي أثناء موسم الحج في الأعوام 1986م و1987م و1989م، كما أحدثت قلاقل في دول أخرى مثل البحرين والعراق ولبنان واليمن إلخ…

وسخّرت دولة إيران كل إمكانياتها الاقتصادية والعسكرية والتربوية والثقافية والسياسية من أجل تحقيق هدف ذلك “المشروع الإيراني” الأساسي وهو التغيير البنيوي لتركيبة الأمة التاريخية، بحيث تتحوّل من أمة إسلامية إلى أمة ذات صبغة طائفية.

ففي المجال العسكري أنشأت إيران “الحرس الثوري” الذي هو ميليشيات عسكرية مرتبطة بالمرشد الأعلى، وهو غير الجيش النظامي، وتُقدّر بعض المراكز عدد قوات الحرس الثوري بـ (350) ألف عنصر، ويمتلك الحرس الثوري عتاداً خاصاً به يتضمن صواريخ ودبابات وطائرات مقاتلة، ويمتلك صواريخ طويلة المدى من عائلة “شهاب” و”خيبر” و”رعد” و”النازعات”، ويمتلك قوّة بحرية وأخرى جوية، وهناك قوات أخرى تتبع الحرس الثوري منها: قوات “الباسيج” و”فيلق القدس” الذي يرأسه “قاسم سليماني”، وهذا الفيلق مُختصّ بالتدخلات الخارجية، وهو الذي يُحرّك الشيعة في الدول الخارجية، ويُقدّر عدد قوات “فيلق القدس” بـ (50) ألفاً، ومن الواضح أن كل التشكيلات السابقة تلتزم بـ”المشروع الإيراني” وتُنفّذ تطلعاته وتدخلاته في العراق ولبنان والبحرين واليمن وسورية إلخ…

وفي المجال السياسي نجد أن –سياسة- إيران تقوم كلها على تنفيذ أهداف “المشروع الإيراني” الذي تحدثنا عنه سابقاً، والذي يدعم التوجه الطائفي وتمكينه كما حصل في لبنان والعراق واليمن وسورية والبحرين وشمالي أفريقيا وآسيا، وأنشأت في سبيل ذلك المراكز الثقافية التي تبث آراء وثقافة “المشروع الإيراني”، وتوزع الكتب والمجلات من أجل ترويج الدعاية لـ “المشروع الإيراني”، وتمكين مبادئه، وتوسيع رقعة حضوره ونفوذه.

وقد قامت إيران بخطوتين بارزتين لإنجاح “المشروع الإيراني”، وهي:

الأولى: التعاون مع أمريكا: وقد حدث ذلك في عدة محطات من تاريخ “المشروع الإيراني”، وكان أولها: الحرب العراقية الإيرانية في زمن صدام حسين ودلّ على ذلك “كونترا غيت”، وثانيها: مساعدة أمريكا في احتلال أفغانستان عام 2001م، والعراق في عام 2003م، وثالثها: إلغاء البرنامج النووي في إيران، ووضعه تحت المراقبة الدولية، وتطمين إسرائيل بعدم وجود منافس ذري لها في المنطقة، وقد تم التوقيع على هذا الاتفاق في الشهر السابع من عام 2015م.

وذلك مما سيجلب الرضا عن إيران من طرفين رئيسيين في العالم والمنطقة، هما: أمريكا وإسرائيل، وسيوفر ذلك الرضا لإيران إطلاق يدها في تنفيذها مشروعها الذي يستهدف تغيير بُنية الأمة وتركيبتها التاريخية.

الثانية: التواصل مع حركات المقاومة في فلسطين: لقد قامت القيادة الإيرانية بالتواصل مع حركات المقاومة في فلسطين ولبنان وأبرزهما: حركة حماس وحركة الجهاد، وقدّمت دعماً مالياً وإعلامياً لهما، وادّعت أنها تقف إلى جانب قضايا التحرر، وقد استفادت من هذه العلاقة في ترويج مشروعها. 

لقد حقق “المشروع الإيراني” عدّة نجاحات، واستطاع أن يُغيّر صورة المنطقة، وهو يسيطر الآن على أربعة عواصم عربية: بغداد، دمشق، بيروت، صنعاء، وستزداد وتيرة تأثير “المشروع الإيراني” في المنطقة بعد أن وقّعت إيران الاتفاق النووي مع دول مجلس الأمن الخمسة زائد واحد، لأن توقيع الاتفاق سيعني إطلاق يد إيران في المنطقة من جهة، وسيعطي قوّة للاقتصاد الإيراني لأنه سيستعيد (150) مليار دولاراً مجمدة في بنوك أوروبا وأمريكا من جهة ثانية، وسيجعل هذا الاقتصاد الغني إيران أقدر على تنفيذ “المشروع الإيراني” والإنفاق عليه.

والسؤال الآن: كيف يجب أن يُعامِل الدعاة والجماعات الإسلامية والأحزاب إيران وبخاصة بعد أن وقّعت الاتفاق النووي مع دول مجلس الأمن الخمسة زائد واحد؟ هل يجب أن تُعامَل كأخ وبخاصة أنها تحمل اسم “الجمهورية الإسلامية الإيرانية”؟ أم يعاملونها كصديق بحكم الجوار والتاريخ؟ أم يعاملونها كعدو بناء على مشروعها الذي أطلقته عام 1979م والذي يقوم على تغيير بُنيوي في تركيبة الأمة التاريخية وتفتيتها، وتحويلها من “أمة إسلامية” إلى “أمة شيعية”؟

من الواضح أن الواجب على الدعاة والجماعات الإسلامية والأحزاب أن يُعاملوا إيران كعدوّ لأنها تتبنى مشروعاً معادياً للأمة يستهدف تغيير بنيتها وتركيبتها التاريخية، وتفتيتها طائفياً.

ومما يشير إلى سوء موقف إيران الأخلاقي، ويؤكد صحة التصنيف لها في خانة الأعداء، أنها لم تقف إلى جانب الأمة في مصارعتها للمشروع الصهيوني الغربي، ليس هذا فحسب، بل فتحت المعارك الجانبية على الأمة في مختلف أقطارها: في العراق، والخليج، والمغرب العربي، وأفريقيا، وشرق آسيا، إلخ…فمزقت وحدتها، وبدّدت قوتها.

قد نلتمس العذر للدعاة والجماعات التي التبس عليها موضوع إيران عند قيام الثورة عام 1979م، فأحسنت الظن بها، ولم تُصنّف إيران في خانة الأعداء نتيجة قلّة المعلومات المتوفرة عن “المشروع الإيراني” من جهة، ولأن إيران رفعت –آنذاك- شعارات جذابة وقريبة من قلوب المسلمين وعقولهم من مثل: الدعوة إلى وحدة المسلمين، وإلى التحرر من الاستعمار، وإلى تدمير إسرائيل، وإلى قتال المستكبرين من جهة ثانية. ربما كانت هذه العوامل السابقة هي التي أوجدت ارتباكاً وتشويشاً في عدم التوصل إلى الحكم الصحيح على إيران.

لكن -الآن- لم يعد هناك عذر لأحد في ألاّ يضع إيران في مركز العداوة للأمة، بعد أن اتضح أنها ذات “مشروع” مدمّر للأمة يهدف تغيير بُنيتها وتركيبتها التاريخية وتحويلها إلى “أمة شيعية” من جهة، وأنها متعاونة مع أعداء الأمة في تفتيت وحدتها وتبديد قوّتها في ساحات كثيرة من ساحات العالمين: العربي والإسلامي من جهة ثانية.

الخلاصة: بعد قيام “الثورة الإسلامية” لم تعد إيران دولة عادية، بل دولة تحمل “مشروعاً” هادفاً لتغيير بُنية الأمة وتركيبتها التاريخية، وتحويلها من “أمة إسلامية” إلى “أمة شيعية”، لذلك سخّرت إيران كل إمكانات الدولة ومؤسساتها وأجهزتها: السياسية والعسكرية والاقتصادية والمالية والإعلامية والاجتماعية والفكرية والثقافية إلخ… لخدمة هذا المشروع وتحقيق أهدافه.

وقد ظهرت نتائج هذا المشروع في أكثر من قطر عربي وإسلامي، وأبرزها: التفتيت الطائفي من جهة، والانشغال عن مواجهة المشروع الصهيوني العالمي بالتنازع والاحتراب الداخلي من جهة ثانية، لذلك فمن الطبيعي أن نُصنّف إيران في خانة “العداوة”، لأن مشروعها “مُعادٍ” للأمة في أهدافه ونتائجه.

رابط المقال من الجزيرة نت كيف نتعامل مع إيران بعد الاتفاق النووي؟

ظهرت المقالة كيف نتعامل مع إيران بعد الاتفاق النووي؟ أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d8%a5%d9%8a%d8%b1%d8%a7%d9%86-%d8%a8%d8%b9%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%aa%d9%81%d8%a7%d9%82-%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%88%d9%88%d9%8a/feed/ 0 549
دور داعش وملالي إيران في تدمير الربيع العربي https://www.al-ommah.com/%d8%af%d9%88%d8%b1-%d8%af%d8%a7%d8%b9%d8%b4-%d9%88%d9%85%d9%84%d8%a7%d9%84%d9%8a-%d8%a5%d9%8a%d8%b1%d8%a7%d9%86/ https://www.al-ommah.com/%d8%af%d9%88%d8%b1-%d8%af%d8%a7%d8%b9%d8%b4-%d9%88%d9%85%d9%84%d8%a7%d9%84%d9%8a-%d8%a5%d9%8a%d8%b1%d8%a7%d9%86/#respond Thu, 20 Aug 2015 02:08:43 +0000 https://al-ommah.com/?p=552 لم يكن الربيع العربي حدثا عاديا في تاريخ الأمة، فحين جاء كانت الشعوب متحفزة للتغيير، وكانت الأمة منهكة نتيجة للضغوط الداخلية والخارجية التي تتكالب عليها، وتثقل كاهلها. لو رسمنا صورة بانورامية لوضع الأمة غداة “الربيع العربي” عام 2011م لوجدنا أمرين: الأول: حكومات مستبدة في كلٍ من مصر وتونس وليبيا وسورية […]

ظهرت المقالة دور داعش وملالي إيران في تدمير الربيع العربي أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
لم يكن الربيع العربي حدثا عاديا في تاريخ الأمة، فحين جاء كانت الشعوب متحفزة للتغيير، وكانت الأمة منهكة نتيجة للضغوط الداخلية والخارجية التي تتكالب عليها، وتثقل كاهلها.

لو رسمنا صورة بانورامية لوضع الأمة غداة “الربيع العربي” عام 2011م لوجدنا أمرين:

الأول: حكومات مستبدة في كلٍ من مصر وتونس وليبيا وسورية واليمن والعراق إلخ…احتكرت القرار في كل المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وربطته بشخص القائد أو الرئيس، ونهبت الأموال، ووزعتها على أسرتها، ومحازيبها وأزلامها، وكتمت الأنفاس، فلم تسمح لأحد بأن ينتقد أو يُصلِح، بل قَصَرت الكلام على المديح أو الثناء للحكم والحاكم. وزرعت الخوف في كل مناحي الدولة من خلال أجهزة أمنية متعددة، وربطت كل حركات المواطن بهذه الأجهزة الأمنية، وبهذا أهلكت البلاد والعباد.

ثم بدأ أولئك الحكام المستبدون يهيئون البلاد لتوريث الحكم لأحد أبنائهم، ونسوا أن هذه البلاد ليست مزرعة لهم، لكي يستأثروا بها، ولكي يورثوها لأبنائهم، لكن فساد طويّتهم، وأنانيتهم، زيّنت لهم ذلك. فنجح بعضهم في ذلك كما حدث في سورية عندما ورّث حافظ الأسد الحكم لابنه بشار، ولم ينجح ذلك في مصر واليمن وليبيا وتونس، لأن شعوب تلك الدول قد ثارت في مطلع عام 2011م، وتوقفت مخططات التوريث، إذ زال الطغاة ونجحت الثورات في اقتلاعهم كما حدث مع حسني مبارك وزين العابدين بن علي وعلي عبدالله صالح ومعمر القذافي.

الثاني: تطلعت الأمة إلى النهضة بعد الحرب العالمية الأولى، وبعد الثورة العربية الكبرى التي انطلقت شرارتها من مكة عام 1916م، وأملت الأمة في أن تبني هذه النهضة مجتمعاً حرّاً غنياً متعلماً، وأن تبني دولة قوية مستقلة تحمي شعبها، وتذود عن حدودها، وتساهم في البناء الحضاري للبشرية، ولكن هذه الآمال تبخرت بشكل كامل بعد قرن على بدايتها، فوجدنا أن إسرائيل قامت على جزء من أرض فلسطين عام 1948م، ثم احتلت إسرائيل أراض واسعة أخرى عام 1967م، فاحتلت سيناء من مصر، والضفة الغربية من الأردن، والجولان من سورية.

إذن لم يكن هناك تحرر، بل هناك أرض محتلة من عدو رئيسي هو إسرائيل، ولم يكن هناك استقلال وطني، بل هناك تبعية للدول الغربية في القرار السياسي، ولم تستطع دول النهضة أن تبني مجتمعاً صناعياً غنياً، وعلى العكس فإن الفقر هو الغالب على حياة الشعوب العربية، وما زال دخل الفرد في العالم العربي في أدنى مستويات الدخل على مستوى العالم بالمقارنة مع الدول الأخرى مع غنى الموارد الطبيعية.

ولم تبن النهضة مجتمعاً متعلماً، بل ما زالت الأمية تتجاوز 40% في العالم العربي، وما زالت الجامعات العربية في ذيل جامعات العالم من ناحية الكفاءة العلمية والبحث العلمي.

ولم تبن النهضة مجتمع العدل والمساواة، بل بنت مجتمعاً ساد الظلم فيه وانعدمت المساواة، وتحكمت قلّة من الأشخاص في مجموع الشعب، هذه القلة إما أن تكون عشيرة، أو طائفة، أو عائلة، واستأثرت بالقرار وظلمت بقية الشعب.

ولم تبن النهضة مجتمع الأمن، بل بنت مجتمع الخوف، الذي سادت فيه أجهزة الاستخبارات التي تنشر الخوف والرعب في حياة الشعوب العربية.

لقد كانت هذه بعض معالم الصورة في مطلع العام 2011م غداة انفجار شعوب “الربيع العربي“: حكام وحكومات فاسدة مستبدة من جهة، وفشل كامل لمشروع النهضة الذي بنت الأمة عليه آمالها قبل قرن من الزمان من جهة ثانية.

لقد كان تحرُّك شعوب الأمة في تونس ومصر وسورية واليمن والعراق والمغرب مُبرَّراً، وكانت ثورتها على الحكّام الفاسدين سليمة، وكانت ولادة “الربيع العربي” ولادة سليمة وطبيعية من أجل ابتداء مشروع نهضوي جديد بعد فشل المشروع النهضوي الذي بدأ قبل أكثر من قرن.

وقد أبرز “الربيع العربي” حقيقتين:

  • ارتباط الأمة بإسلامها وبقياداتها الإسلامية:

لقد أبرز “الربيع العربي” أن هذه الأمة ما زالت وفيّة لدينها وإسلامها، ودلّ على ذلك أن الجمهور الغالب الذي ثار في الربيع هو جمهور إسلامي، وقد كانت المساجد هي حاضنة هذا “الربيع العربي”، ودلّ على أن هذه الأمة ما زالت وفيّة لقياداتها الإسلامية، ودلّ على ذلك أنها اختارت الإسلاميين في معظم الانتخابات التي جرت في بلدان “الربيع العربي” كتونس ومصر.

  • فشل المنظومة الفكرية التي قامت عليها النهضة السابقة:

لقد اعتمدت النهضة التي انطلقت في مطلع القرن العشرين على مجموعة من الأفكار أبرزها” “القومية العربية”، و”الوطنية”، و”العلمانية”، و”الاشتراكية”، وقد فشلت هذه الافكار في تحقيق النهضة، وقد كان الغرب راعياً لهذه الأفكار، وكان هذا الفشل مؤشراً على فشل التغريب الذي رعاه الغرب ورعى نخبه منذ القرن التاسع عشر.

لذلك عندما جاء “الربيع العربي”، وكان رافعة لنهوض الأمة، قام أعداء الأمة بإفشاله، واستخدموا عدة أدوات كانت أبرزهما أداتان، هما:

 الأولى: “داعش”:

ليس من شك بأن الناظر إلى مسيرة “القاعدة” التي هي سلف “داعش” يلحظ بأن انتشارها وتوسعها يعود إلى تخطيط غربي، وسأذكر حادثتين فقط للتدليل على هذه الحقيقة، وهما:

أ- بعد لقاء بين خالد الشيخ وأسامة بن لادن في أفغانستان، عرض خالد الشيخ على أسامة بن لادن فكرة تدمير البرجين في نيويورك عام 1996م، لكنه رفض هذه الفكرة في البداية، ثم أعاد خالد الشيخ طرح فكرة تدمير البرجين مرة ثانية على أسامة بن لادن فوافق عليها عام 1999م، ثم نفذ الخطة التي وضعها في إرسال الانتحاريين إلى أمريكا وتدريبهم، وتم تدمير البرجين في 11 سبتمبر 2001م.

ومن الأرجح أن المخابرات الأمريكية وصلتها معلومات عن إجراءات خالد الشيخ لتدمير البرجين، لكنها سكتت عليها ومرّرتها من أجل أن تجعل ذلك مُبرراً لاحتلال أفغانستان ثم العراق من جهة، ولتنفيذ خطة مسبقة تتعلق بتغيير جذري بخصوص المنطقة وضعها “المحافظون الجدد” من جهة ثانية.

ب- لقد حذّرت أجهزة الاستخبارات الأمريكية “أوباما” من استعدادات “داعش” واحتمال توسعها في العراق من مطلع عام 2014م، وعن نيّتها في احتلال الموصل وغيرها، لكنه لم يُلق بالاً لهذه التقارير، وترك “داعش” تتمدد وتحتل الموصل، وتهدد العاصمة بغداد في حزيران عام 2014م، ثم دعا إلى الحلف الدولي الذي شمل أربعين دولة في سبتمبر من عام 2014م.

والسؤال الآن: ماذا قصد الغرب من السماح لـ “داعش” بالحضور والمرور والانتشار؟ قصد أن يُشوّه الإسلام، والقيادات الإسلامية من جهة، ويُعطي مُبرراً لبعض أعماله وتصرفاته من جهة ثانية، وبذلك يقطع الطريق على “الربيع العربي” وقياداته الإسلامية، وطروحاته الإسلامية، وبخاصة ترى أن “داعش” تتمدد –الآن- إلى مصر في سيناء، وإلى تونس في جبال الشعانبي، وإلى ليبيا في سرت.

الثانية: “مشروع ملالي إيران”:

استهدف مشروع “ملالي إيران” عدة أهداف منذ أن قاد الخميني المشروع عام 1979م، وكان أبرزها تغيير بُنية الأمة وتركيبتها التاريخية، لذلك فهو ساهم في توليد الصراع الطائفي، وتفتيت الوحدة الثقافية، وهو بهذا التقى مع “المشروع الغربي الصهيوني”.

وقد كثّف “مشروع ملالي إيران” دوره الطائفي في بلدان “الربيع العربي”، فهو قد ساعد نظام بشار الأسد في مواجهة الشعب السوري الذي ثار على استبداد بشار وأجهزته الأمنية وفساد سلطته، لذلك طلبت إيران من “حزب الله” في لبنان، والمليشيات التابعة لها في العراق وباكستان وأفغانستان واليمن أن تُرسل كتائبها لتقاتل إلى جانب نظام بشار الأسد، بعد أن كاد يسقط في نهاية عام 2012م، وبهذا أفشلت حلقة أساسية من حلقات “الربيع العربي”، وقد نجحت خطتها، لذلك فقد استعاد نظام بشار جانباً من قوته في عام 2013م، وذلك بفضل مساعدات إيران وأموالها وأسلحتها واستخباراتها ومليشياتها.

وكذلك لعب “مشروع ملالي إيران” في إفشال “الربيع العربي” في دوله الأخرى مثل: اليمن والعراق ومصر وليبيا إلخ…، ولكن بصورة مختلفة من دولة إلى أخرى حسب ظروف تلك الدولة، ولكن الأبرز في دور المشروع هو إثارة النعرات الطائفية التي زلزلت كيان الأمة، وحرفتها عن مواجهة الخطر الأساسي المتمثل في “المشروع الغربي الصهيوني”.

الخلاصة: لقد جاء “الربيع العربي” مولوداً شرعياً وطبيعياً لظروف مأزومة على مستويين: مستوى الحكام المستبدين والحكومات الفاسدة، وعلى مستوى انسداد الأفق أمام النهضة التي حلمت بها الأمة منذ مطلع القرن العشرين، وقد أبرز “الربيع العربي” حقيقة ارتباط الأمة بإسلامها، وحقيقة فشل المنظومة الفكرية التي استندت إليها النهضة، واستخدم أعداء الأمة عدة أدوات لإفشال “الربيع العربي” منها: “داعش” و”مشروع ملالي إيران”.

رابط المقال من موقع الجزيرة نت دور داعش وملالي إيران في تدمير الربيع العربي

ظهرت المقالة دور داعش وملالي إيران في تدمير الربيع العربي أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d8%af%d9%88%d8%b1-%d8%af%d8%a7%d8%b9%d8%b4-%d9%88%d9%85%d9%84%d8%a7%d9%84%d9%8a-%d8%a5%d9%8a%d8%b1%d8%a7%d9%86/feed/ 0 552
قراءة في كتاب القاعدة عن “إدارة التوحش” https://www.al-ommah.com/%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%a1%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d9%83%d8%aa%d8%a7%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%a7%d8%b9%d8%af%d8%a9-%d8%b9%d9%86-%d8%a5%d8%af%d8%a7%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%88%d8%ad%d8%b4/ https://www.al-ommah.com/%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%a1%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d9%83%d8%aa%d8%a7%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%a7%d8%b9%d8%af%d8%a9-%d8%b9%d9%86-%d8%a5%d8%af%d8%a7%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%88%d8%ad%d8%b4/#respond Wed, 28 Jan 2015 01:19:07 +0000 https://al-ommah.com/?p=537 صدر كتاب “إدارة التوحش” عن “تنظيم القاعدة”، وهو من الكتب القليلة التي صدرت عنها بالإضافة إلى كتاب “إعلام الأنام عن قيام دولة الإسلام” الذي استعرضته في مقال سابق، وقد وضح الكتاب إستراتيجية “القاعدة” منذ التسعينيات ومنهجيتها في التعامل مع الواقع المحيط بها، وهو ما زال معتمدا لدى التنظيمات التي انبثقت […]

ظهرت المقالة قراءة في كتاب القاعدة عن “إدارة التوحش” أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
صدر كتاب “إدارة التوحش” عن “تنظيم القاعدة”، وهو من الكتب القليلة التي صدرت عنها بالإضافة إلى كتاب “إعلام الأنام عن قيام دولة الإسلام” الذي استعرضته في مقال سابق، وقد وضح الكتاب إستراتيجية “القاعدة” منذ التسعينيات ومنهجيتها في التعامل مع الواقع المحيط بها، وهو ما زال معتمدا لدى التنظيمات التي انبثقت عن “القاعدة” مثل “داعش” وغيرها.

وقد ذكرت تقارير أن مركز مكافحة الإرهاب في كلية “ويست بوينت” الأميركية ترجمه إلى الإنكيلزية ووزعه على مسؤولين في الإدارة الأميركية، وعلى بعض الضباط في الجيش والاستخبارات الأميركييْن.

وقد رسم الكتاب مراحل العمل الجهادي فقسمها إلى ثلاث مراحل: الأولى، شوكة النكاية والإنهاك، والثانية، إدارة التوحش، والثالثة، التمكين، الذي يعني قيام الدولة الإسلامية.

وسنعتمد في تقويمنا لكتاب “إدارة التوحش” على مدى مطابقة مضمون الكتاب للحقين: الشرعي والكوني، فالحق الشرعي: دليله النقل، والحق الكوني: دليله العقل والعلم. وسينجح أي تنظيم في تغيير الواقع بمقدار صواب الحقين: الشرعي والكوني عنده، تحقيقا لقوله تعالى: “قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا”.

ولكن نعتقد أنه من الضروري أن نقف قبل تقويم الكتاب أمام دور “القاعدة” في إسقاط نظام طالبان، وهي الدولة الإسلامية التي كانت “القاعدة” أنشئت من أجل إيجاد دولة مثلها، ومن الضروري أن نتبين حجم الخطأ الذي وقعت فيه في مجال الحقين: الشرعي والكوني إزاء دولة طالبان.

من الجدير بالذكر أن طالبان أقامت دولتها في أفغانستان تحت اسم “إمارة أفغانستان الإسلامية” عام 1995، بعد أن تغلبت على كل قادة الجهاد الأفغاني وفصائله التي قادها برهان الدين رباني، وحكمتيار، وسياف… إلخ.

ثم انتقل أسامة بن لادن مع قيادات “القاعدة” من السودان إلى “دولة طالبان” لأنها “الدولة الإسلامية” التي اعتقد إسلاميتها وأنها الدولة التي يجب أن يعمل في ظلها، وبالفعل فقد بايع أميرها الملا محمد عمر، ثم أعلن ولادة جبهة إسلامية جديدة تحت اسم “الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والصليبيين” في 23 فبراير/شباط 1998. كما أعلن ولادة تنظيم جديد تحت عنوان “قاعدة الجهاد”، وهذا التنظيم تم باندماج تنظيميْ “القاعدة” و”الجهاد”.

ثم قام تنظيم “القاعدة” بعمليتيْ تفجير سفارتيْ أميركا في نيروبي ودار السلام في أغسطس/آب 1998، وبتفجيرات نيويورك وواشنطن في سبتمبر/أيلول 2001، ثم طلبت أميركا من طالبان تسليمها أسامة بن لادن لأنها اعتبرته المسؤول عن تفجيرات نيويورك وواشنطن، ولما رفضت طالبان ذلك غزت أميركا أفغانستان وأسقطت نظام طالبان 2001، وكانت عمليات أسامة بن لادن سببا مباشرا في سقوط هذه الدولة الإسلامية.

ولكن قد يقال إن أميركا كانت ستُسقط نظام طالبان سواء أقام أسامة بن لادن بتفجيراته أم لم يقم، وهذا احتمال وارد ولكنه ليس أكيدا، ولكن عندما يوجد أسامة بن لادن في أفغانستان ثم يقوم بتفجيرات ضد أميركا فإنه يقوّي احتمال غزوها لأفغانستان، وكان يمكن أن نضعف هذا الاحتمال في حال قيام بن لادن بتفجيراته من خارج أفغانستان، كما فعل حزب الله عندما قام بعمليات مشابهة ضد السفارة الأميركية في بيروت مع ارتباطه الأكيد بإيران، ولكن كل قياداته تقيم خارج إيران.

وقد يسأل سائل ما الذي كان يجب أن يفعله أسامة بن لادن و”القاعدة” بعد أن بايع طالبان وأقام فيها غير ما فعله؟ أعتقد أنه كان الأوْلى به أن يدعم هذه الدولة ويشد أزرها، ويعمل على دفعها إلى بناء الشعب الأفغاني بناء إيمانيا قويا وسليما بعد أن تطهره من كل أنواع الشرك، وبناء دولته علميا واقتصاديا وعسكريا حتى تكون قادرة على الدفاع عن نفسها، وتكون قادرة على بناء قدرات الأمة الإسلامية والاستفادة منها في معركة المواجهة مع أميركا وغيرها.

ومن الواضح أن “القاعدة” وقعت في خطأين: شرعي وكوني عندما تسببت في إسقاط نظام طالبان؛ الشرعي: لأنها ساهمت في إسقاط دولة تعتقد “أدبيات القاعدة” أنها دولة إسلامية في حدها الأدنى. والكوني: لأنها خالفت آداب الجندية التي كان يجب أن يقوم بها أسامة بن لادن ومن معه من رجال القاعدة في بناء أفغانستان وطاعة أميرها، لأن الأخبار نقلت أن بن لادن قام بالتفجيرين دون أخذ موافقة قيادة طالبان.

والآن: بعد أن بيّنا الخطأين: الكوني والشرعي اللذين وقعت فيهما “القاعدة” بإسقاط نظام طالبان، سننتقل إلى استعراض بعض مباحث الكتاب وتقويمها.

ذكر كتاب “إدارة التوحش” -في بحثه التمهيدي الذي حمل عنوان “النظام الذي يدير العالم بعد حقبة سايكس/بيكو”- أن دولة الخلافة انقسمت إلى عدة دول، ثم صور الكتاب كيفية إدارة هذه الدول من قبل القطبين الكبيرين: أميركا وروسيا بعد الحرب العالمية الثانية، واعتبر أن العلاقة بين الدول العربية والدول الكبرى علاقة تبعية لتحقيق مصالح القطب (أميركا أو روسيا) الاقتصادية والعسكرية، ويبرز هذا التصور جانبا من الحقيقة وليس كل الحقيقة، ويغفل عن أن الدول الغربية عندما أزالت دولة الخلافة كانت تسعى باستعمارها للدول العربية إلى أمور سياسية وثقافية واجتماعية واقتصادية وتربوية… إلخ.

فكانت تسعى إلى تغريب جماهير الأمة وسلخها عن ثقافتها وشخصيتها الحضارية التاريخية، وكانت تريد أن تفرض نموذجها الحضاري في كل المجالات الحياتية، فأرادت أن تكون الدول العربية ليبرالية في ثقافتها، وتابعة لها في إدارتها السياسية، ورأسمالية في تركيبتها الاقتصادية.

وكانت الأداة الرئيسية التي استخدمتها الدول الكبرى هي الفكر القومي العربي الذي أرادت أن يحل مكان الدين الإسلامي، ليصبح الإخاء العربي عوضا عن الأخوة الإيمانية.

ولذلك لعب مفكرون بارزون (مثل ساطع الحصري رائد الفكر القومي العربي) دورا بارزا في صياغة الدولة العراقية تحت قيادة الملك فيصل عام 1920، وكذلك لعب عباس محمود العقاد وسلامة موسى وطه حسين ومحمد حسين هيكل -وغيرهم من كبار المفكرين المصريين- دورا مؤثرا في صياغة التوجهات الثقافية والسياسية والفنية للشعب المصري بعد الحرب العالمية الأولى وبعد ثورة سعد زغلول عام 1919.

لقد أغفل كتاب “إدارة التوحش” كل الحقائق السابقة، لذلك غفل عن جانب من “الحق الكوني”، وظن أن علاقة الدول العربية بالقطب الغربي هي علاقة تبعية سياسية فقط وأن الموضوع يمكن أن يحل عسكريا فقط، لكن الحقيقة كانت أعقد من ذلك وأكثر تشعبا، لذلك من الواجب أن نواجه التبعية السياسية والعسكرية مع الأمور الفكرية والثقافية والاقتصادية، لنفلح في خلخلة الوجود الأميركي وإنهائه ونحقق الاستقلال الكامل.

ثم تحدث الكتاب في مبحث آخر -حمل عنوان “وهم القوة: مركزية القوى العظمى بين القوة العسكرية الجبارة والهالة الإعلامية الكاذبة”- عن القطبين العالميين (أميركا وروسيا)، وعن “عوامل الفناء الحضاري” التي أوردها الكاتب الأميركي بول كينيدي، وعن سقوط الاتحاد السوفياتي ودور أفغانستان في ذلك السقوط.

ثم بيّن أن أميركا تداركت الأمر واستمرت في التحكم في العالم، وحدد الكتاب ثلاثة أهداف “للقاعدة” في مرحلة التسعينيات من القرن العشرين. ونحن سنستعرض اثنين منها لضيق المجال، ونبين وجه الباطل فيهما ومخالفتهما للحقين: الشرعي والكوني.

الهدف الأول: القيام بعمليات عسكرية مثل عمليات نيروبي ودار السلام عام 1998 ونيويورك وواشنطن عام 2001، والقصد منها إسقاط جزء من هيبة أميركا وبث الثقة في نفوس المسلمين، واستدراج الجيوش الأميركية إلى المنطقة.

ونحن سنناقش الجزء الأول من الهدف، ونؤجل الجزء الثاني إلى حين مناقشة الهدف الثالث لأنه يلتقي معه ويكرره.

نلحظ أن الهدف الرئيسي من القيام بعمليات عسكرية -حسب تصور “القاعدة”- مرتبط بشقيه بالبناء النفسي للمسلم، لكن ذلك لا يكون بتنفيذ عمليات عسكرية بل بالعلم الصحيح بالله وأنه الكبير، العظيم، القوي، الجبار…، وبالامتلاء القلبي بذلك العلم من خلال تعظيم الله والخضوع له والثقة به سبحانه وتعالى.

ويكون أيضا بتعميق وعي المسلم بأن أميركا دولة مأزومة لأنها امتداد لحضارة أوروبا التي قامت كرد فعل على أخطاء الكنيسة ورجال الدين، فاعتبرت أوروبا الغيوب أوهاما وآمنت بمادية الكون، واعتبرت الحقيقة نسبية وأنه ليس هناك حق مطلق.

لذلك فإن هذه الحضارة مأزومة وما زالت تستفحل فيها الأزمات والأمراض والمشاكل، وتنتقل من حفرة إلى أخرى، وأكبر دليل على ذلك هو تفكك الأسرة، وزيادة نسبة الانتحار، وتفشي المخدرات، وشيوع الفاحشة والرذيلة، وقد أقر بذلك كبار الإستراتيجيين في أميركا مثل بريجينسكي.

لقد وقعت “القاعدة” -كما رأينا من خلال تقويم الهدف الأول- في خطأين: شرعي وكوني، أما الشرعي فهو أنها جهلت كيف يمكن أن تبني الثقة في نفوس المسلمين وتسقط هيبة العدو، وأما الكوني فهو استخدام العمليات العسكرية في غير مجالها الذي يجب أن تستخدم فيه، وهو: إضعاف العدو، وتدمير قواته وقتل قياداته، وتخريب منشآته العسكرية، وتحرير أراض منه… إلخ.

الهدف الثالث: استهدفت “القاعدة” من العمليات العسكرية هدفا ثالثا هو استدراج أميركا لتحارب بنفسها في المنطقة، وتظن “القاعدة” أن أميركا تتجنب هذا بشكل نهائي، وهذا وهم تعيشه “القاعدة” فأميركا تتدخل عندما تقتضي ظروفها وسياستها ومصالحها ذلك، وربما كانت أكثر الدول تدخلا -بشكل مباشر- في شؤون الآخرين في تاريخ البشرية، وما أساطيلها المنتشرة في كل المحيطات (الهادي، والأطلسي، والبحر المتوسط، والخليج) إلا دليلا على ذلك.

وبالعكس تحرص أحيانا على أن تتدخل بجنودها وحدهم كما حدث في الحرب على أفغانستان والعراق، ومن الأرجح أنها خططت لذلك باستدراج “القاعدة” لتضرب البرجين في 11 سبتمبر/أيلول 2001 من أجل تجييش شعبها ودفعه إلى قبول التضحيات التي سيقدمها من دمائه لأن الخطر وصل إليه، ولتزج بالجنود الأميركيين في حرب مباشرة مع دولتيْ طالبان والعراق لأنها تعتقد أن إسقاطهما لن ينجح إلا بجنودها.

وللعلم فإن أميركا تدقق أحيانا في نوعية الجنود، فهي استثنت الجنود السود ذوي الأصول الأفريقية من إنزال النورماندي عام 1945 وأبقت الجنود ذوي العيون الزرق من الأصول الأوروبية، وهو الإنزال الضخم الذي حسم الحرب العالمية الثانية وانتهى بانتصار الحلفاء على ألمانيا.

ومن خلال تقويمنا للهدف الثالث وجدنا أن الكتاب وقع أيضا في باطل كوني عندما جهل كيفية اتخاذ الإدارة الأميركية لقرارها، وعاش أوهاما عند صياغته لهذا الهدف فظن أن الأصل في سياسة أميركا العسكرية هو تجنيب جنودها أية مواجهات على الأرض، في حين أن هذا الحكم باطل، وهي تستخدم جنودها عندما يستدعي الأمر ذلك وضمن حسابات معينة.

الخلاصة: اعتمدنا في تقويم كتاب “إدارة التوحش” على مدى مطابقة مضمونه للحقين: الشرعي والكوني، وتجعلنا نتائج هذا التقويم نقرر أن “القاعدة” وتفريعاتها (مثل داعش في العراق، وحركة الشباب في الصومال، والقاعدة في المغرب العربي.. إلخ) تسير إلى طريق مسدود لأنها تقوم على باطل عند مخالفتها للحقين: الشرعي والكوني في أغلب أمورها.

المقال من الجزيرة قراءة في كتاب “القاعدة” عن “إدارة التوحش”

ظهرت المقالة قراءة في كتاب القاعدة عن “إدارة التوحش” أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%a1%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d9%83%d8%aa%d8%a7%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%a7%d8%b9%d8%af%d8%a9-%d8%b9%d9%86-%d8%a5%d8%af%d8%a7%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%88%d8%ad%d8%b4/feed/ 0 537
إعلان الخلافة.. رؤية شرعية https://www.al-ommah.com/%d8%a5%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d9%84%d8%a7%d9%81%d8%a9-%d8%b1%d8%a4%d9%8a%d8%a9-%d8%b4%d8%b1%d8%b9%d9%8a%d8%a9/ https://www.al-ommah.com/%d8%a5%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d9%84%d8%a7%d9%81%d8%a9-%d8%b1%d8%a4%d9%8a%d8%a9-%d8%b4%d8%b1%d8%b9%d9%8a%d8%a9/#respond Thu, 11 Dec 2014 10:10:34 +0000 https://al-ommah.com/?p=569 اختارت دولة العراق والشام الإسلامية أن تسمي نفسها دولة الخلافة الإسلامية، بعد أن تسمت قبل ذلك بدولة العراق الإسلامية. وقد جاء هذا الإعلان عن “دولة العراق الإسلامية” إعلانا أوليا تفرعت عنه كل تلك التسميات بعد ذلك، فإلى أي حد يمكن أن نعتبر ذلك الإعلان قد استوفى الشروط الشرعية؟ لقد أصدرت […]

ظهرت المقالة إعلان الخلافة.. رؤية شرعية أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
اختارت دولة العراق والشام الإسلامية أن تسمي نفسها دولة الخلافة الإسلامية، بعد أن تسمت قبل ذلك بدولة العراق الإسلامية. وقد جاء هذا الإعلان عن “دولة العراق الإسلامية” إعلانا أوليا تفرعت عنه كل تلك التسميات بعد ذلك، فإلى أي حد يمكن أن نعتبر ذلك الإعلان قد استوفى الشروط الشرعية؟

لقد أصدرت “وزارة الهيئات الشرعية في دولة العراق الإسلامية” كتابا تحت عنوان “إعلام الأنام بميلاد دولة الإسلام” أعده “مسؤول الهيئة الشرعية”، بيّن فيه النظرية التي اعتمدها المجاهدون في إقامة دولتهم الإسلامية في الواقع، وكشف الأسباب والدواعي التي وفرت الظروف المناسبة لبروز هذه الدولة.

وقد احتوى كتاب “إعلام الأنام بميلاد دولة الإسلام” على مقدمة ممهورة بتوقيع المتحدث الرسمي باسم “دولة العراق الإسلامية”، مما يؤكد أن هذا الكتاب هو تعبير عن رؤية شرعية في مبررات إنشاء الدولة الإسلامية، لذلك تعني مناقشة هذا الكتاب مناقشة كلام حقيقي منسوب لـ”دولة العراق الإسلامية” التي هي الأصل في خلافة أبي بكر البغدادي.

وتضمن الكتاب عدة فصول، وجاء “الفصل الأول” محتويا على عنوانين، هما “وجوب قيام الدولة المسلمة”، “وأهمية الدولة الإسلامية”، ونحن نتفق مع الكاتب فيما ورد في هذا الفصل من وجوب قيام الدولة الإسلامية وأهميتها.

ثم حمل الفصل الثاني عنوان مشروعية قيام دولة العراق الإسلامية، وقد احتوى ذلك الفصل فقرة تحمل عنوان “نبذة مختصرة عن الطريقة الشرعية في تنصيب الإمارة”، (ص: 12) وقد جاء فيها:

“اتفق أهل العلم على أن الإمامة تنصب وفقا لطرق ثلاثة:

  • الأول: عن طريق بيعة أهل الحل والعقد من المسلمين لرجل يختارونه اكتملت في حقه صفات الأهلية المطلوبة للإمامة.
  • الثاني: عن طريق عهد الإمام لرجل من المسلمين من بعده، أو لعدد منهم يختار منهم أهل الحل والعقد إماما.
  • الثالث: عن طريق الغلبة والقهر بالسيف، عند حلول الفتن وخلو الزمان عن الإمام، وتباطؤ أهل الحل والعقد عن تنصيبه، فيشرع وقتها لمن تغلب بسيفه من المسلمين ودعا للبيعة وأظهر الشوكة والأتباع أن يصير أميرا للمؤمنين، تجب طاعته وبيعته ولا يحل لأحد منازعته.

ثم وازن الكاتب بين الطرق الثلاثة، فوجد أن الطريق الثالث هو المناسب لإقامة “دولة العراق الإسلامية”، فاعتبر أن امتلاك “مجلس شورى المجاهدين” القوة وسيطرته على مساحة واسعة من أرض العراق في محافظة الأنبار وغيرها أهّله لإعلان “دولة العراق الإسلامية”.

والحقيقة أن الكاتب أصاب في تحديد طرق تنصيب الإمام والتي نقلها عن كتاب الأحكام السلطانية للماوردي وغيره، ولكنه أخطأ في إنزالها على واقع “دولة العراق الإسلامية” وقد برزت عدة أخطاء في كلام الكاتب، وهي:

الخطأ الأول: عندما اعتبر أن “حلف المطيبين” الذي دخل فيه “مجلس شورى المجاهدين” وهو مشكل من سبع جماعات جهادية ومنها “قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين” التي رأسها أبو مصعب الزرقاوي، وهي فرع القاعدة في العراق التي امتلكت الشوكة وحققت الغلبة في الأنبار وغيرها، فجاء حكمها شرعيا، لأنها جاءت عن الطريق الثالث في الطرق التي قننتها كتب الأحكام السلطانية، وهي “حكم المتغلّب”.

ولكن عند التدقيق نجد أن “الحاكم المتغلب” كان يزيل “الحاكم المتغلب عليه”، فعندما جاء “السلجوقيون” إلى بغداد عام 450هـ، واستلموا الحكم عن طريق الغلبة، أزالوا نهائيا حكم “البويهيين” الذين كانوا قبلهم، وأدالوا دولتهم، ويقاس على ذلك “المرابطون” و”الموحدون”، “فالموحدون” عندما حكموا المغرب أزالوا نهائيا “دولة المرابطين”، وكذلك الشأن في العباسيين والحمدانيين والأخشيديين والطولونيين والطاهريين والأدارسة.. إلخ، فحتى يتحقق “حكم المتغلب” يجب أن يزيل “حكم المتغلب عليه” السابق، ويبعده عن الحكم نهائيا، ويقضي عليه، ويزيل كل معالم سيطرته على الدولة.

ولكن فيما يخص “دولة العراق الإسلامية”، فهي لم تتغلب على نوري المالكي الحاكم السابق، والمحتل الأميركي للعراق، ولم تزل حكمهما، وتتغلب عليهما، وهو المقصود من “حكم المتغلب”، لذلك نعتقد أن “مجلس شورى المجاهدين “لم يحقق المقصود في الطريقة الثالثة من طرق الحكم الشرعي، ولم يحقق مضمونها، وهي إزالة “حكم المتغلب عليه” والقضاء عليه، بل احتلوا فضاء من الأرض، لذلك فإن حكمهم يعد غير شرعي.

الخطأ الثاني: أجروا مقارنة بين “دولة العراق الإسلامية” و”دولة المدينة” التي أسسها الرسول صلى الله عليه وسلم، فوجدوا أن الأرض التي احتلوها في الأنبار وغيرها من الأرض في العراق أوسع من “دولة المدينة” وقد اعتبروا هذا يبرر إعلان الدولة.

وقد أشاروا إلى هذا المعنى مرتين، الأولى: أوردها كاتب “إعلام الأنام” حيث قال في صفحة 26 “والمجاهدون في العراق اليوم يسيطرون على بقاع من الأرض هي بفضل الله أضعاف أضعاف البقعة التي أقام عليها النبي صلى الله عليه وسلم دولته الأولى، فالمناط الشرعي في قيام الدولة متحقق لوجود المعنى الذي قامت عليه الدولة الأولى، وهو التمكين على بقاع هي أكبر من تلك التي ترعرعت عليها الدولة الأولى”.

الثانية: أوردها أيمن الظواهري في حديثه عن قيام “دولة العراق الإسلامية” في أكثر من مناسبة.

وقد أخطأ كل من كاتب “إعلام الأنام” وأيمن الظواهري في المقارنة بين “دولة العراق الإسلامية” و”دولة المدينة” التي أقامها الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد تبين الخطأ في عدم إدراكهم لواقع السلطة في الجزيرة العربية: فلم تكن السلطة متمثلة بدولة، كما هو في الدول التي تقع في جوار الجزيرة العربية، حيث كانت تقوم “دولة الفرس” و”دولة الروم” و”دولة الغساسنة” و”دولة المناذرة” التي تمتلك جيوشا وشرطة ووزراء وأجهزة إدارية.

فالسلطة في مكة كانت مختلفة، وتمثلت بأشخاص ذوي نفوذ اجتماعي وعائلي كأبي جهل وأبي لهب وأبي طالب والوليد بن المغيرة، ولم تكن تملك شرطة أو جيشا أو وزراء، لذلك عندما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة لم يستطع أبو جهل أن يلاحق الرسول لأنه لا يملك شرطة أو جيشا، ولأن سلطته انتهت عند حدود مكة.

وعندما أنشأ الرسول صلى الله عليه وسلم سلطة في المدينة، كانت -على الأقل- مكافئة لسلطة أبي جهل في مكة إن لم تكن أرقى، وكانت مشروعا لدولة واجهت بعد ذلك دولتي فارس والروم.

لذلك عندما أجرى أيمن الظواهري وكاتب “إعلام الأنام بميلاد دولة الإسلام” مقارنة بين “دولة العراق الإسلامية” و”دولة المدينة” فإنهما ركزا على عامل مساحة الدولتين وأغفلا حقيقة التكافؤ بين سلطة الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة وسلطة أبي جهل في مكة، ليس هذا فحسب، بل كانت “دولة المدينة” -في البداية- مكافئة في سلطتها لكل الكيانات القائمة في الجزيرة العربية مثل السلطة في الطائف واليمامة وتيماء وتبوك… إلخ.

ويمكن أن تكون الصورة أكثر جلاء عند المقارنة بين حالتي الرسولين الكريمين محمد صلى الله عليه وسلم والمسيح عيسى بن مريم عليه السلام، فقد لوحق الرسولان من قبل سلطتي مكة وروما، وعندما خرج الأول من مكة وهاجر إلى المدينة أصبح في سلطة مكافئة لأبي جهل، أما عيسى عليه السلام، فعندما لاحقه قيصر روما أرسل شرطته وعسكره، فلاحقوه في كل فلسطين، ثم قرروا اعتقاله، وكانوا يريدون أن يقتلوه لكن الله رفعه إليه، واختلاف النتائج في حالتي الرسولين الكريمين هي -من عوامل أخرى- في اختلاف نوع السلطتين اللتين لاحقتهما، وهذا ما لم يتنبه له الكاتبان: مسؤول الهيئة الشرعية وأيمن الظواهري.

الخطأ الثالث: أخطأ كاتب “إعلام الأنام” في إسقاط مصطلح “دار الحرب ودار الإسلام” على واقع العراق، وقد استخدم هذا المصطلح في الرد على من اشترط وجود “دار إسلام” من أجل تنصيب إمام في مجال تفنيده للشبهة الثانية التي أثارها خصوم الدولة الإسلامية في الصفحة 61 والتي بدأها بقوله “سيقال: دولتكم المعلنة تفتقر للشرعية لأنها أقيمت مع وجود محتل غاز للأرض، فلو أنكم انتظرتم حال خروجه من العراق، ثم قمتم بإنفاذ مرادكم لكان أحرى وأليق بالقبول!”.

وقد استُخدِم -بكل أسف- مصطلح “دار الحرب ودار الإسلام” في الساحات الجهادية بشكل كبير لدى معظم الفصائل الجهادية في نصف القرن الماضي، وكانت له نتائج كارثية في بلبلة مسيرة الأمة، ومن الواضح أن المصطلح هو مصطلح فقهي وليس له أصل في قرآن ولا سنة، ولكنه نشأ لتوصيف واقع تاريخي معين، ولإصدار أحكام فقهية تضبط مسار الأمة، وتسدد مسيرتها في مجال التعامل مع أعداء الأمة.

ومن الجلي أيضا أن وجود “دار الإسلام”، يقام فيها شرع الله، هو الذي يحدد كون الدار الأخرى “دار حرب”، لذلك فإن إلغاء “الخلافة الإسلامية” في إسطنبول عام 1924، وهي آخر دولة تطبق الشريعة الإسلامية ألغى “دار الإسلام”، وبالتالي لم يعد هناك وجود لـ”دار الحرب”، ولذى فإن اعتبار ديار المسلمين التي لا يطبق فيها شرع الله “دار حرب” خطأ فقهي، لأن وجود “دار الحرب” مرهون بوجود “دار الإسلام”، فلما لم تكن هناك “دار إسلام” فقد انتفى مصطلح “دار حرب”، ولا يجوز إسقاط الأحكام الفقهية المرتبطة بهذا المصطلح على المسلمين، فعلينا أن نوجد أولا “دار إسلام” لتكون هناك “دار حرب”.

وطالما بينا خطأ إسقاط هذا المصطلح على واقعنا الحالي، فبماذا نصف المسلمين في هذه البلدان التي لم تعد محكومة بشريعة الله الآن؟

الحقيقة أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بنى في حياته ثلاثة أمور: المسلم أولا، والأمة ثانيا، والدولة ثالثا، فعندما سقطت الدولة بقي أمران: المسلم والأمة.

لذلك نصف المسلمين الموجودين الآن في أية أرض من ديار المسلمين بأنهم جزء من “الأمة الإسلامية” التي كانت موجودة على مدار التاريخ من حين أنشأها الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الوقت الحاضر، مع قيام عشرات الدول وسقوطها من مثل دولة الأمويين والعباسيين والبويهيين والسلجوقيين والزنكيين والأيوبيين والمماليك والموحدين والمرابطين … إلخ، التي لم تؤثر في وحدتها رغم قيام كل تلك الدول وسقوطها.

من الواضح والجلي أن هذه الأمة هي الحقيقة الحية الجماعية التي بقيت على مدى 14 قرنا تحمل القرآن الكريم، وتطبق أحكامه، وتعظم سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وتوالي أصحابه، وتجسد قيم الإسلام ومبادئه في إعمار الأرض، وتكريم بني آدم، وتحيي أخلاق الإسلام ومثله، لذلك نعتقد أنه يجب أن تنطلق قيادات العمل الإسلامي والجماعات الإسلامية في العصر الحاضر من حقيقة هذا الوجود للأمة الإسلامية، وتبني عليها، وتنمي خيرها، وتعالج أمراضها، فهي الرصيد الحقيقي الذي يجب أن ننتبه له ونعيه ونحافظ عليه.

والسؤال الآن: بماذا نعامل مسلمي هذه الأمة الإسلامية في مختلف الأراضي والديار والدول؟ هل نعاملهم بأحكام “دار الحرب” أم “دار الإسلام”؟ أعتقد أننا لا نعاملهم بأحكام “دار الإسلام” لعدم وجود إمام يطبق شريعة الإسلام، ولا نعاملهم بأحكام “دار الحرب”، لأن أحكام “دار الحرب” مرهونة بوجود “دار الإسلام” وأعتقد أننا يجب أن نعاملهم بموجب “فتوى ماردين” لابن تيمية التي أطلقها جوابا على سؤال جاءه حول ماردين التي استولى عليها التتار: هل هي بلد حرب أم بلد سلم؟

فقال رحمه الله “وأما كونها دار حرب أو سلم، فهي مركبة: فيها المعنيان، ليست بمنزلة “دار السلم” التي تجري عليها أحكام الإسلام، لكون جندها مسلمين. ولا بمنزلة “دار الحرب” التي أهلها كفار، بل هي قسم ثالث يعامل المسلم فيها بما يستحقه، ويعامل الخارج عن شريعة الإسلام بما يستحقه”.

أخيرا، فقد استعرضنا فيما سبق جانبا من كتاب “إعلام الأنام بميلاد دولة الإسلام” الذي صدر عن “دولة العراق الإسلامية” وأصّل لقيام الخلافة، لكننا وجدنا أن الكاتب وقع في أخطاء تجعلنا نقول بعدم شرعية قيام هذه الدولة والخلافة.

ظهرت المقالة إعلان الخلافة.. رؤية شرعية أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d8%a5%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d9%84%d8%a7%d9%81%d8%a9-%d8%b1%d8%a4%d9%8a%d8%a9-%d8%b4%d8%b1%d8%b9%d9%8a%d8%a9/feed/ 0 569
ما قيمة محمد قطب الفكرية؟ https://www.al-ommah.com/%d9%85%d8%a7-%d9%82%d9%8a%d9%85%d8%a9-%d9%85%d8%ad%d9%85%d8%af-%d9%82%d8%b7%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%81%d9%83%d8%b1%d9%8a%d8%a9%d8%9f/ https://www.al-ommah.com/%d9%85%d8%a7-%d9%82%d9%8a%d9%85%d8%a9-%d9%85%d8%ad%d9%85%d8%af-%d9%82%d8%b7%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%81%d9%83%d8%b1%d9%8a%d8%a9%d8%9f/#respond Tue, 08 Apr 2014 03:33:00 +0000 https://al-ommah.com/?p=566 توفي محمد قطب -رحمه الله- عن 98 عاما، وهو إحدى القامات الفكرية العالية التي ساهمت في بناء الفكر الإسلامي المعاصر، فأين تكمن قيمته الفكرية؟ وما اللبنات التي أثرى بها الفكر الإسلامي؟ ليس من شك في أن الحضارة الغربية كانت التحدي الأكبر الذي واجه الأمة منذ مطلع القرن التاسع عشر، وقد […]

ظهرت المقالة ما قيمة محمد قطب الفكرية؟ أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
توفي محمد قطب -رحمه الله- عن 98 عاما، وهو إحدى القامات الفكرية العالية التي ساهمت في بناء الفكر الإسلامي المعاصر، فأين تكمن قيمته الفكرية؟ وما اللبنات التي أثرى بها الفكر الإسلامي؟

ليس من شك في أن الحضارة الغربية كانت التحدي الأكبر الذي واجه الأمة منذ مطلع القرن التاسع عشر، وقد استطاع الغرب أن يحقق بعض الانتصارات العسكرية والسياسية على الأمة، وأبرزها:

سقوط الخلافة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى، واستعمار كثير من الدول العربية، وقيام الدولة الوطنية والقومية في عدد من الدول العربية، ثم قيام إسرائيل عام 1948.. إلخ.

وقد رافق ذلك قيام نخبة ثقافية تدعو إلى الحضارة الغربية بأسلوبين:
– الأول يدعو إلى أخذ الحضارة الغربية بشكل مباشر، مثل: طه حسين، وسلامة موسى، ولويس عوض وغيرهم.

– الثاني يدعو إلى أخذ الحضارة الغربية عبر تأويل الإسلام بما يتلاءم مع معطياتها. وأبرز من قام بهذا محمد عبده وتلامذته، ومنهم: قاسم أمين، وعلي عبد الرازق، وسعد زغلول وغيرهم.

ثم انسحب تأثير النخبة الثقافية على عدد محدود من أفراد الأمة، فتغرّب قطاع من الأمة، وتسربت تأثيرات الحضارة الغربية على المجالات الفنية والأدبية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية من وجود الأمة وكيانها.

ثم جاء الإمام حسن البنّا وأسس جماعة الإخوان المسلمين عام 1928، واستطاع أن يكسب جمهورا واسعا من قطاعات الطبقة الوسطى والدنيا التي لم تتجاوب مع الحضارة الغربية ولم تتغرب، وبقيت على ولائها للدين الإسلامي وقيمه وأفكاره وأخلاقه ومنظومته الفكرية والثقافية.

والسؤال الآن: ما الدور الذي أداه محمد قطب في هذا المعترك الحضاري الذي تولّد بعد الحرب العالمية الثانية بين التيارين الإسلامي والتغريبي؟

لقد أدى الراحل محمد قطب دورين أساسيين: أولهما الرد على بعض نظريات الحضارة الغربية، والثاني طرح نظريات إسلامية في بعض المجالات.

وسنستعرض هنا جهده في هذين المجالين بشكل مختصر وسريع لأننا لن نستطيع أن نوفيه حقه في هذا المقال.

ففيما يتعلق بالدور الأول، رد محمد قطب على أبرز النظريات التي قامت عليها الحضارة الغربية من مثل نظرية داروين في النشوء والارتقاء، ونظرية ماركس في تطور وسائل الإنتاج وأثرها في تطور الحياة البشرية، ونظرية فرويد في الجنس وأثره على سلوك الفرد ونشوء الأدب والدين، ونظرية دوركهايم في الحتمية الاجتماعية وأثر ذلك في الأسرة والزواج والدين. وها هي بعض ردوده على تلك النظريات:

أ‌- نظرية داروين في النشوء والارتقاء:
اعتبرت نظرية داروين أن الإنسان جاء نتيجة تطور مادي، ولا دخل للإرادة الإلهية في خلقه، وبهذا وضعت النظرية أول جدار فاصل بين السماء والأرض.

واعتمد محمد قطب وأخوه سيد في ردهما على نظرية داروين في أن أصل الإنسان قرد، على الداروينية الحديثة التي اضطرت للتراجع عن مقولة داروين بالتطور المادي الكامل، واضطرت للاعتراف بأنه لا يمكن تفسير جوانب في تكوين الإنسان وقواه الذاتية من مثل القدرة على التخيل، إلا بالإقرار بأن هناك تدخلا خارجيا في هذا الخلق، وهو الاعتراف -بصورة من الصور- بعوامل من خارج المنظور المادي الذي انطلقت منه النظرية وبنت عليه صورتها، وهي يد الله.

ب‌- نظرية ماركس في تطور وسائل الإنتاج:

اعتبر ماركس أن تطور وسائل الإنتاج من الشيوعية الأولى إلى المحراث في الزراعة، إلى الآلة البخارية، ثم الآلة الكهربائية إلخ.. هو الذي يطور المجتمعات من مجتمع شيوعي إلى مجتمع رق، إلى إقطاعي، إلى برجوازي إلخ.. وأن تطور وسائل الإنتاج هو العامل الرئيسي في ولادة الدين والأخلاق والعادات والفنون والأذواق.. إلخ.

وقد رد محمد قطب عليها أروع رد في كتاب “التطور والثبات في حياة البشرية”، فذكر أن علينا أن نميز بين “المتطور” و”الثابت” في حياة الإنسان، وأوضح أن “الثابت” هو الشهوة الإنسانية و”المتطور” هو أشكال تحقيق هذه الشهوة.

فتحدّث عن شهوة الطعام وقال: كان الإنسان يعتمد في غذائه على الصيد وثمار الأشجار، وكان يأكل طعامه نيئا قبل أن يكتشف النار، ثم اكتشف الزراعة فزرع أنواعا مختلفة من النبات استخدمها في صنع غذائه، ثم “تحضّر” فجعل صناعة الغذاء فنا، وصنع أدوات لهذا الفن من ملاعق وأشواك وسكاكين، وجعل للطعام تقاليد وآدابا مرعية عند تناوله، فما الذي تغيّر: رغبة الطعام في جوهرها أم الصورة التي حقق بها الإنسان هذه الرغبة؟ وقس على ذلك كثيرا من الأمور.

المهم أن محمد قطب أوضح أنه ليس كل شيء متطورا كما زعم ماركس، فهناك “ثابت” هو فطرة الإنسان، وهناك “متطور” هو الشكل الذي تحققت به هذه الفطرة، وهذا ما انتبه له الإسلام واجتهد في مراعاته في أحكامه، فراعى الفطرة الثابتة وشرع لها أحكاما ثابتة، أما صور تحقيق الفطرة فلم يشرع لها أحكاما ثابتة وإنما ترك أحكام تحقيقها حسب تطورات الزمان والمكان.

ج- نظرية فرويد في الجنس:
اعتبر فرويد أن طاقة الجنس أضخم طاقة في الإنسان، وربط كلَّ مفردات السلوك الإنساني بالجنس، بدءا من علاقة الطفل بأمه، مرورا بعلاقة البنت بأبيها، وانتهاء بالدين والفنون والآداب والأخلاق والأحلام، واعتبر أن عدم وجود حرية جنسية سيؤدي إلى الكبت وإلى العقد النفسية.

وقد رد محمد قطب على كل تلك الأقوال في أكثر من كتاب، لكن أولها وأشهرها هو كتاب “الإنسان بين المادية والإسلام”، واعترف محمد قطب -ابتداءً- بأن طاقة الجنس طاقة ضخمة، لكنه رفض دعوة فرويد إلى الإباحية الجنسية، وميّز بين “الكبت” و”الضبط”، وأعطى تفسيرا رائعا للكبت الذي يورّث عُقدا نفسية بظروف الدين المسيحي الذي يعتبر تفكير الإنسان في الشهوة حراما.

وفي هذا السياق استعرض قصة النبي يوسف عليه السلام والتي وردت في القرآن الكريم، ليبين قدرة الإنسان على ضبط نفسه، كما أكد أن الأحلام ليست كلها تعبيرا عن الطاقة الجنسية المكبوتة، بل بعضها أضغاث أحلام، وبعضها حديث نفس، وبعضها رؤى من الله كما ورد في قصة يوسف عليه السلام مع صاحبي السجن.

أما فيما يتعلق بالدور الثاني لمحمد قطب، فقد طرح أصولا ومبادئ لعدة نظريات في مجالات إسلامية مختلفة منها: الفن الإسلامي، والتفسير الإسلامي للتاريخ، والتربية الإسلامية، والنفس الإنسانية. وسنستعرض دوره في إرساء بعض القواعد لنظريتين هما الفن الإسلامي والتفسير الإسلامي للتاريخ.

أ- الفن الإسلامي:

ألف محمد قطب كتابا تحت عنوان “منهج الفن الإسلامي” حاول أن يطرح أسسا لنظرية إسلامية في مجال الفن، وقد اعتبر في كتابه أن الفن الإسلامي ليس هو الذي يتحدث عن حقائق العقيدة مبلورة في صورة فلسفية، ولا هو مجموعة من الحكم والمواعظ والإرشادات، وإنما هو أشمل من ذلك وأوسع، إنه التعبير الجميل عن حقائق الوجود من زاوية التصور الإسلامي لهذا الوجود.

ثم عرض خطوطا عريضة لهذه النظرية وأورد نماذج تدلل على ذلك في مجالات الشعر والقصة والمسرح، وبعض كتابها ليسوا من المسلمين مثل طاغور الهندي.

ب‌- التفسير الإسلامي للتاريخ:
طرح محمد قطب نظرية من أجل تفسير التاريخ في كتابه “حول التفسير الإسلامي للتاريخ”، وأشار إلى أن هذا التفسير اجتهاد بشري يمكن أن يخطئ ويصيب كاجتهاد الفقهاء في استنباط الأحكام، ويمكن أن تختلف فيه وجهات النظر كما تختلف وجهات النظر بين الفقهاء. أما “المعيار” الذي يجب أن يقوم عليه هذا التفسير فليس بشريا، ولا يملك البشر -بعلمهم المحدود وقصور نظرتهم وتأثرهم بأهوائهم- أن يضعوا هم المعيار من عند أنفسهم، وإنما يضعه الخالق المدبّر اللطيف الخبير.. قال تعالى “ألا له الخلق والأمر” (سورة الأعراف، الآية: 54).

وكان قد ناقش في كتابه السابق جملة من التفاسير المعاصرة كالتفسير المادي للتاريخ، والتفسير الليبرالي، وبيّن بعض الأخطاء التي يقوم عليها هذان التفسيران.

الخلاصة:
لقد أثرى محمد قطب الفكر الإسلامي في عدة مجالات، وقد أشرت إلى مجالين منها وهما: مجال الرد على بعض النظريات الغربية، ومجال بناء نظريات إسلامية في مجالات جديدة، مع التأكيد أنه أبدع في مجالات أخرى.

وأعتقد أن من حقه علينا أن يقوم بعض مفكرينا وعلمائنا ومؤسساتنا بجمع كتاباته ودراستها وتقويمها، لتستفيد الأجيال القادمة منها.

المقال في موقع رابطة العلماء السوريين

ظهرت المقالة ما قيمة محمد قطب الفكرية؟ أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d9%85%d8%a7-%d9%82%d9%8a%d9%85%d8%a9-%d9%85%d8%ad%d9%85%d8%af-%d9%82%d8%b7%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%81%d9%83%d8%b1%d9%8a%d8%a9%d8%9f/feed/ 0 566
لماذا تعثر الربيع العربي؟ https://www.al-ommah.com/%d9%84%d9%85%d8%a7%d8%b0%d8%a7-%d8%aa%d8%b9%d8%ab%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%9f/ https://www.al-ommah.com/%d9%84%d9%85%d8%a7%d8%b0%d8%a7-%d8%aa%d8%b9%d8%ab%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%9f/#respond Sat, 22 Mar 2014 04:39:00 +0000 http://onlinedawa.org/alommah/?p=221 كان المفروض أن تتحول أزهار الربيع العربي إلى ثمرات ولكنه تعثر قبل أن نقطف ثمراته، فما السبب في ذلك؟ هنالك عاملان في أي تغيير هما: العامل الموضوعي، والعامل الذاتي. ويجب أن نعترف منذ البداية أن العامل الموضوعي في التغيير ناضج، وهو الذي جعل جماهير الأمة تقتلع أعتى نظامين استبداديين وهما: […]

ظهرت المقالة لماذا تعثر الربيع العربي؟ أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
كان المفروض أن تتحول أزهار الربيع العربي إلى ثمرات ولكنه تعثر قبل أن نقطف ثمراته، فما السبب في ذلك؟
هنالك عاملان في أي تغيير هما: العامل الموضوعي، والعامل الذاتي. ويجب أن نعترف منذ البداية أن العامل الموضوعي في التغيير ناضج، وهو الذي جعل جماهير الأمة تقتلع أعتى نظامين استبداديين وهما: نظاما مصر وتونس في زمن قياسي قصير.
وسنلقي بعض الأضواء على العاملين: الموضوعي والذاتي، ثم نبين أسباب التعثر في هذا الربيع العربي.
العامل الموضوعي
يمكن أن نلقي الضوء على العامل الموضوعي في الربيع العربي من خلال ما يلي:
1- وجه بعض الدارسين التهمة إلى الربيع العربي بأنه صناعة أميركية، وهذا الكلام باطل لأن دور أميركا لم يكن صناعة الربيع العربي، بل كان دورها في مسايرته والاستفادة منه وتجييره لصالحها.

وأبرز دليل على ذلك هو اضطرارها للتخلي عن بعض عملائها الذين علفتهم ورعتهم ودعمتهم بكل الوسائل التكنولوجية والمالية والإعلامية والمواقف السياسية… إلخ، وهما: حسني مبارك، وزين العابدين بن علي، والتضحية بهم من أجل أن لا تكون خسارتها أكبر في حال التمسك بهم والإصرار على بقائهم.

2- لقد كان الربيع العربي تعبيرا عن حيوية الأمة التي ثارت على كل ألوان الفساد والاستبداد والظلم والقهر الذي مارسه الحكام لعقود طويلة.
ويمكن أن نعطي هذه الحيوية علامتها الحقيقية عندما نعلم أن تلك الجماهير التي ثارت، كانت قد تعرضت إلى تدمير وتمزيق وتشويه لكل عوامل بنائها الذاتي الذي يشمل العوامل الثقافية والاجتماعية والخلقية والسلوكية والنفسية، من خلال خطط وبرامج وآليات، ومن خلال رسم مراحل لتنفيذ تلك الخطط والبرامج والآليات، لكنها لم تفلح في قتل حيوية الأمة وإماتتها، وإن كانت قد استطاعت أن تقتل حيوية بعض الأفراد، وأن تجعلهم يعيشون في متاهات الضياع والاغتراب.

3- من الواضح أنه ما زال للإسلام الدور الكبير والقيمة الأولى في صياغة جماهير الأمة، وأكبر دليل على ذلك هو أن جماهير الأمة ذات الصبغة الإسلامية، كانت هي الجماهير الأكثر حضورا وفاعلية وتأثيرا من الجماهير الأخرى ذات الصبغة الليبرالية أو الشيوعية أو اليسارية أو الحداثية أو غيرها.
وأكدت تلك الحقيقة أن تلك الجماهير هي التي صوتت لصالح القيادات الإسلامية في دول الربيع العربي، وأنجحتها في الانتخابات التشريعية أو الرئاسية أو في التصويت على مشاريع الدساتير ذات الصبغة الإسلامية.
حدث ذلك من جماهير الأمة مع تعرض الإسلام لحملة تشكيك عميقة وواسعة في قيمة الإسلام من جهة، وبضرورة قراءته قراءة حداثية من جهة ثانية، أما التشكيك فهو قديم وتناول السنة المشرفة والقرآن الكريم والصحابة -رضي الله عنهم- واللغة العربية والفقه والحكم الإسلامي وغير ذلك.
وأما القراءة الحداثية فقد قام بها عدد من الكتاب المعاصرين ومنهم: محمد شحرور وأدونيس ومحمد سعيد العشماوي ومحمد أركون وحسين أحمد أمين وعبد المجيد الشرفي ومحمد عابد الجابري… إلخ.
وتدور الدعوة إلى القراءة الحداثية حول محور أساسي واحد هو أن نثبت النص القرآني ثم نفسره حسب معطيات عصرنا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية مع اختلافات متعددة بين قراءة وأخرى، لتصبح الحضارة الغربية هي الأصل في وجود الأمة وحياتها، وليصبح الإسلام عنوانا وديكورا، دون أن يكون أي دور لقيمه وأفكاره وآرائه وطروحاته.
العامل الذاتي
أما بالنسبة للعامل الذاتي في الربيع العربي فنذكر بما يلي:
1- الفهم الخاطئ للدولة الوطنية: ظنت القيادات الإسلامية أن الدولة الوطنية -بكل مؤسساتها من جيش وقضاء وإدارات محلية- دولة محايدة وأنها يمكن أن تستجيب لإرادة جماهير الأمة وأكثريتها وأنها خالية من أي موقف مسبق، وهذا قصور ونقص في وعي تاريخ هذه الدولة التي جاءت بعد رحيل الاستعمار والتي طبعها الاستعمار بطابعه الأساسي وهو العداء للدين الإسلامي.

وهذا ما حدث قبل عشرين سنة في الجزائر عندما حصل الإسلاميون على أكثر من تسعين بالمائة من البرلمان، وكان المفروض أن يكونوا الحكام الفعليين للجزائر، لكن الجيش الذي هو أحد أعمدة الدولة الوطنية انقض على البرلمان وحله، ولم يأبه بإرادة الجماهير ورغبة الأكثرية.

وهذا الأمر هو الذي تكرر في مصر وكان على التيار الإسلامي أن يحسب حسابه مسبقا لكي لا يكرر خطأ من سبقه، ويقع في نفس المطب، ولو فقه الدولة الوطنية على حقيقتها لما وقعنا في هذه الكارثة التي نواجهها -الآن- في مصر، والتي من المحتمل أن تتكرر في غير مصر مستقبلا.
2- الموقف من دولة الملالي في إيران: لقد أبطنت دولة الملالي في إيران عداوتها للأمة منذ أن قامت عام 1979، وقد وضح ذلك في إصرار الخميني على شيعية الدولة منذ اللحظة الأولى، وتدوين ذلك في الدستور، ثم تتالت الأحداث مؤكدة هذا العداء منذ وقوفها إلى جانب الأسد في مواجهة الثورة السورية عام 1980، وفي إصرارها على تمزيق الأمة من خلال تسخير جهود الدولة لنشر المذهب الشيعي في كل مناحي العالم الإسلامي، وإثارة الفتن الطائفية نتيجة لتلك الجهود والحال هو أن المطلوب هو الوحدة من أجل مواجهة الخطر الغربي الإسرائيلي.
لم تدرك -بكل أسف- كثير من الفصائل الإسلامية في العالم الإسلامي عداوة دولة الملالي للأمة، وبقيت تتعامل معها على أنها قوة تخدم الأمة وربما التبس عليها الأمر نتيجة موقف إيران من القضية الفلسطينية، ودعواها معاداة إسرائيل، لذلك بنت عليها كثيرا من الآمال لخدمة الربيع العربي.
ولكن اتضح موقفها الصارخ في معاداة الربيع العربي، وفي معاداة الأمة في موقفها من الثورة السورية، حيث سخّرت إمكانات دولة الملالي لمساعدة نظام بشار في قتل السوريين وتدمير سوريا، ودفعت المليشيات الموالية لها في لبنان والعراق وإيران: كحزب الله وكتائب أبو الفضل العباس والحرس الثوري الإيراني للمقاتلة إلى جانب النظام وتثبيت أركانه، بعد أن تخلخل بناؤه، وانهارت دعائمه.
3- الفقر في تقويم التجارب الإسلامية المعاصرة: لقد مرت الحركة الإسلامية بتجارب متعددة على امتداد العالم الإسلامي خلال القرن الماضي بدءا من تجربة الأفغاني ومحمد عبده، ومرورا بتجربة حسن البنا، ثم بتجربة أبو الأعلى المودودي، ثم بتجربة الجهاد الأفغاني في أفغانستان عام 1980، ثم بتجربة الثورة السورية في مواجهة حكم حافظ الأسد عام 1980، ثم بتجربة تحرير مورو في الفلبين، ثم انتهاء بالصحوة الإسلامية التي كانت بعد نكسة عام 1967 وسقوط التيار القومي العربي أمام اسرائيل وخسارته لسيناء والجولان والضفة الغربية.

مجالات قصور
والحقيقة أن الحركة الإسلامية لم تقم بتقويم التجارب الإسلامية السابقة وغيرها بشكل تفصيلي، وكان الواجب أن تقوم بتقويمها في عدة مجالات أساسية من أجل أن تسدد مسيرتها الحالية، ونستطيع أن نبرز أهم مجالات القصور وهي:

أ‌- في مجال المنهج:
يجب أن يرصد التقويم رصيد الحركات الإسلامية من المنهج الحق في بناء الفرد والجماعة والقصور في ذلك، وأثر ذلك على عدم التوصل إلى النتائج السليمة في تغيير الواقع، ثم كيفية معالجة الخلل في مراحل قادمة، ووضع البرامج الكفيلة بالارتقاء في بناء الفرد والجماعة.

ب‌- في مجال القيادة:
يجب أن يرصد التقويم تحقق الشروط الشرعية التي طلبها الشرع في القيادات التي قادت الجماعة في تلك المرحلة وأبرزها: الربانية، والتبحر في العلم الشرعي وإدراك واقع الحضارة الغربية والواقع المحيط بهم، وقدرتهم على الإبداع والاجتهاد العميق، والارتباط بالأمة، ومحاولة استكمال وتحقيق ذلك في قيادات المراحل القادمة، لأن استيفاء القيادات للشروط الأساسية في بنائها الذاتي يعتبر من أحد العوامل الرئيسية في نجاح الحركات الإسلامية في تحقيق أهدافها، وغياب هذه الشروط أحد العوامل الرئيسية في فشلها.

ج- في مجال فهم الواقع:
من المؤكد أن أحد الأسباب الرئيسية لتعثر الحركات الإسلامية في تحقيق أهدافها هو خطؤها في فهم الواقع لذلك عليها أن تتأكد في مراجعاتها من صحة فهم الواقع ومطابقته للحقيقة وتحديد مكان الخلل فيه وإصلاحه.

ويشمل فهم الواقع تحديد وضعية الدولة، ووضعية الجماهير، وعلاقة الدولة بالجماهير، وتوزيع الطوائف، وسياسة الغرب تجاه الدولة… إلخ، ووضع خطة للتغلب على كل الصعوبات، والنجاح في التغيير.

الخلاصة: ألقينا بعض الأضواء على العاملين: الموضوعي والذاتي في الربيع العربي، وتبين لنا أن التعثر في الربيع العربي جاء من القصور في العامل الذاتي، وقد نفينا تهمة الصناعة الأميركية للربيع العربي.

كما تبين لنا أن الربيع العربي كان نتيجة لحيوية الأمة ولدور الإسلام في بناء هذه الحيوية رغم الاستهداف المبرمج لتدمير تلك الحيوية ولدور الإسلام.

وأوضحنا القصور في العامل الذاتي وبيّنا ثلاث قضايا في هذا القصور، وهي: الفهم الخاطئ للدولة الوطنية، الموقف من دولة الملالي في طهران، الفقر في تقويم التجارب الإسلامية المعاصرة.

رابط مقال الجزيرة نت لماذا تعثر الربيع العربي؟

ظهرت المقالة لماذا تعثر الربيع العربي؟ أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d9%84%d9%85%d8%a7%d8%b0%d8%a7-%d8%aa%d8%b9%d8%ab%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%9f/feed/ 0 221
وجاء دور العلماء https://www.al-ommah.com/%d9%88%d8%ac%d8%a7%d8%a1-%d8%af%d9%88%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%84%d9%85%d8%a7%d8%a1/ https://www.al-ommah.com/%d9%88%d8%ac%d8%a7%d8%a1-%d8%af%d9%88%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%84%d9%85%d8%a7%d8%a1/#comments Sun, 17 Nov 2013 04:38:39 +0000 http://onlinedawa.org/alommah/?p=219 تعاني ساحات الثورة السورية اضطرابا وتوترا وانقساما على مختلف الأصعدة، العسكرية والسياسية، والإعلامية، والمالية، والإدارية. وهذا الأمر يشكل تهديدا حقيقيا لمآلاتها، ولحجم المكاسب التي يمكن أن تحققها قيادة الثورة لصالح الشعب السوري. وكان دور العلماء بارزا وفاعلا في كل الثورات التي قامت على مدار التاريخ الحديث في كل البلدان العربية، […]

ظهرت المقالة وجاء دور العلماء أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
تعاني ساحات الثورة السورية اضطرابا وتوترا وانقساما على مختلف الأصعدة، العسكرية والسياسية، والإعلامية، والمالية، والإدارية. وهذا الأمر يشكل تهديدا حقيقيا لمآلاتها، ولحجم المكاسب التي يمكن أن تحققها قيادة الثورة لصالح الشعب السوري.

وكان دور العلماء بارزا وفاعلا في كل الثورات التي قامت على مدار التاريخ الحديث في كل البلدان العربية، ومن ضمنها سوريا وفلسطين والعراق ومصر والجزائر، وغيرها.

ولا يحتاج هذا الدور إلى استعراض الوقائع، فهي أكثر وأوسع من أن يحاط بها، ولكن نكتفي في هذا المجال بذكر بعض أسماء العلماء والمشايخ الذين لعبوا دورا في إذكاء الثورات العربية في مختلف البلدان وقيادتها، من مثل الحاج أمين الحسيني، وعز الدين القسام، وعبد العزيز الجاويش، وحسن البنا، ومحمد بهجة البيطار، وجمال الدين القاسمي، ومصطفى السباعي، وصدقي الزهاوي، وعبد الحميد بن باديس، وعلال الفاسي، وغيرهم.

وقد واكب العلماء السوريون الثورة منذ بداية انطلاقتها، فقام علماء الداخل بالدعوة إلى التظاهر، وتحشيد الجهود من أجل إزالة حكم الطاغية بشار الأسد، واستفادوا في ذلك من المساجد ومن جموع صلاة الجمعة، ودعوا إلى التضحية والبذل والفداء.

أما علماء الخارج فعقدوا عدة مؤتمرات واجتماعات من أجل تأييد العمل الثوري والتظاهري الذي تقوم به جموع الشعب السوري في الداخل، فكان أول هذه المؤتمرات “مؤتمر العلماء لنصرة الشعب السوري” الذي انعقد في الشهر السابع من عام 2011، وهذا يعني أن هذا المؤتمر انعقد بعد ثلاثة أشهر من بداية الثورة، وهو موعد مبكر يدل على تفاعل العلماء مع الثورة، وهو أمر طبيعي.

ثم تطورت أمور الثورة، فنشأت فصائل متعددة ذات مرجعيات إسلامية مختلفة من سلفية ومذهبية وصوفية وحزبية، وأصبح هذا الوضع يستدعي مرجعية واحدة توحّد الجهود، وتقلل الاحتكاك والتناقض، وتقوّي الثورة، وتسرّع في إسقاط النظام، لذلك تداعى العلماء من أجل تحقيق ذلك الهدف، واجتمع الشمل في منتصف يناير/كانون الثاني من عام 2012 في إسطنبول، وانبثق عن الاجتماع “الملتقى الإسلامي السوري” الذي جمع عدة روابط وعدة شخصيات.

ثم تطورت الأمور في ساحة الثورة السورية على مستوى الداخل والخارج، وتشكلت قيادة سياسية من “المجلس الوطني” أولا، ثم “الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة” ثانيا، وتعقدت ساحة الثورة السورية بدخول “جبهة النصرة” و”دولة العراق والشام الإسلامية”، وأصبحت الأمور أكثر إلحاحا لتشكيل مرجعية إسلامية أقوى لمواجهة الأخطار المختلفة، والتي تجلت في بطء وتلكؤ المجتمع الدولي في دعم الثورة السورية فتشكل “مكتب التنسيق بين الروابط والهيئات الإسلامية” الذي اجتمعت تحت رايته عدة روابط أبرزها: “رابطة العلماء السوريين”، “رابطة علماء الشام”، “مؤسسة دعاة وعلماء الثورة”، “هيئة الشام الإسلامية”.

لكن ساحة الثورة السورية مازالت بحاجة إلى مرجعية علمائية تظلل كل الأرض السورية، فقد نما إلى علمي أن هناك جهودا تبذل الآن من أجل تحقيق هذا الهدف، وتقوم بهذه الجهود كبرى روابط العلماء السوريين من مثل: “رابطة علماء الشام” و”رابطة العلماء السوريين”، وستستفيد هذه المرجعية العلمائية من التجارب السابقة: تبني على إيجابياتها، وتتجنب سلبياتها.

وسيكون علماء المرجعية -إن شاء الله- ربانيين، يعملون على معالجة كل المشاكل التي تواجهها الثورة السورية من خلال ميثاق شرعي علمي منهجي واعٍ لكل مكوناتها.

وأعتقد أن الثورة السورية عطشى لمثل هذه المرجعية العلمائية التي ستلبي عدة احتياجات في مسيرة الثورة السورية، وستحل مشاكل متعددة تواجهها هذه الثورة، ومنها:

1- تجميع الفصائل والكتائب والقوى والروابط والهيئات والشخصيات الإسلامية تحت قيادة واحدة من أجل تبادل الآراء، وتسديد الأقوال، وتوحيد الجهود، وبناء الوحدة، وإبعاد الاختلاف والتمزق والتشرذم، وتحقيق النصر.

2- التشاور مع القيادتين السياسية والعسكرية في الثورة السورية، والتفاهم معهما على خطوات موحدة تعود بالنفع والقوة والتقدم على الثورة السورية، من أجل دحر النظام وإنهاء معاناة الشعب السوري، وإيقاف تدمير سوريا.

3- ستقوم المرجعية العلمائية بعد بلورة المواقف المناسبة مع القيادتين السياسية والعسكرية للثورة السورية، بترويج هذه المواقف ودعوة جماهير الشعب السوري إلى مساندتها، والالتفاف حولها، وتأييدها.

4- العمل على وضع خطة لتوحيد المعطيات الإعلامية والمالية والإدارية والعسكرية في ساحات الثورة السورية، تبدأ من الحد الأدنى متدرجة إلى الحد الأعلى.

5- التوجه بخطاب شرعي إيماني إلى جماهير الشعب السوري لتوضيح حقائق الإيمان والإسلام، ودعوته إلى الصبر والتضحية والإيثار والفداء، ودعوته أيضا إلى التمسّك بالأخلاق الفاضلة التي دعا إليها الإسلام من رحمة وحب وتعاون.

6- التواصل مع الشعب السوري في كل ما يواجهه من آلام وصعوبات ومشاكل، والاجتهاد في وضع حلول لهذه الآلام والصعوبات والمشاكل مع الأطراف المعنية ذات العلاقة بالموضوع.

7- التخطيط لمعالجة مشكلة تيار الغلو الذي طرأ على الساحة السورية والمتمثل في “جبهة النصرة” و “دولة العراق والشام الإسلامية”. وستبدأ المعالجة بترشيد جماهير الشعب السوري بضوابط أحكام التكفير والدماء في الشريعة الإسلامية، وتبيين شروط إقامة الحدود الشرعية، وبث الوعي الديني الوسطي السليم وتعميقه في كل أوساط الشعب السوري من أجل ألا تصبح جماهير الشعب السوري فريسة خطاب الغلو، بل تكون عندها القدرة على تفنيد خطاب الغلو وغيره من الخطابات المنحرفة.

كما ستتوجه المعالجة بعد ذلك إلى مخاطبة المنضوين تحت لواء “داعش” (الدولة الإسلامية في العراق والشام) ودعوتهم ليكونوا عونا لإخوانهم المسلمين في مواجهة النظام الأسدي المجرم، وليس عونا للنظام.

من الواضح أن تكوين مرجعية علمائية هو الآن واجب الوقت، وأعتقد أن علماءنا واعون ومتنبهون لهذا الواجب، وأن أعمالا ضخمة تنتظر هذه المرجعية، ذكرت بعضها سابقا، وستتفتق أذهان علمائنا عن أعمال أخرى لم أذكرها.

والخلاصة هي أن العلماء شكلوا قيادة فاعلة على مدار التاريخ الماضي والحاضر، والثورة السورية الآن أحوج ما تكون إلى مرجعية علمائية ربانية، توحد الجهود، وتبث الخطاب الإيماني الذي يدعو إلى الصبر والتضحية والإيثار، وتسدد توجهات القيادات السياسية والعسكرية، وتزيد اللحمة بين أبناء الشعب الواحد، وتواجه خطاب الغلو والخطابات المنحرفة بخطاب شرعي وسطي سليم، وهو ما نتوقع أن نراه قريبا بإذن الله.

رابط المقال في موقع الجزيرة نت وجاء دور العلماء

ظهرت المقالة وجاء دور العلماء أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d9%88%d8%ac%d8%a7%d8%a1-%d8%af%d9%88%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%84%d9%85%d8%a7%d8%a1/feed/ 2 219
علام اتفق كيري ولافروف في لقاء موسكو؟ https://www.al-ommah.com/%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%85-%d8%a7%d8%aa%d9%81%d9%82-%d9%83%d9%8a%d8%b1%d9%8a-%d9%88%d9%84%d8%a7%d9%81%d8%b1%d9%88%d9%81-%d9%81%d9%8a-%d9%84%d9%82%d8%a7%d8%a1-%d9%85%d9%88%d8%b3%d9%83%d9%88%d8%9f/ https://www.al-ommah.com/%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%85-%d8%a7%d8%aa%d9%81%d9%82-%d9%83%d9%8a%d8%b1%d9%8a-%d9%88%d9%84%d8%a7%d9%81%d8%b1%d9%88%d9%81-%d9%81%d9%8a-%d9%84%d9%82%d8%a7%d8%a1-%d9%85%d9%88%d8%b3%d9%83%d9%88%d8%9f/#respond Tue, 08 Oct 2013 04:37:39 +0000 http://onlinedawa.org/alommah/?p=217 كانت الاتفاقات الثنائية بين الدول الكبرى في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين تقوم على التقسيم الجغرافي للبلدان، كما حدث في اتفاقية سايكس-بيكو بين وزيري خارجية فرنسا وإنجلترا اللذين اقتسما بلاد الشام والعراق بينهما أثناء الحرب العالمية الأولى عام 1916، واستمر هذا التقليد قائماً بين الدول الكبرى. ولكنّه أخذ منحى […]

ظهرت المقالة علام اتفق كيري ولافروف في لقاء موسكو؟ أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
كانت الاتفاقات الثنائية بين الدول الكبرى في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين تقوم على التقسيم الجغرافي للبلدان، كما حدث في اتفاقية سايكس-بيكو بين وزيري خارجية فرنسا وإنجلترا اللذين اقتسما بلاد الشام والعراق بينهما أثناء الحرب العالمية الأولى عام 1916، واستمر هذا التقليد قائماً بين الدول الكبرى.

ولكنّه أخذ منحى آخر بعد الحرب العالمية الثانية، فاتجه إلى اقتسام النفوذ بالإضافة إلى اقتسام الأرض، أو الاتفاق على إجراءات معينة تحقق مكاسب للطرفين، كما حدث في اتفاق يالطا بين ستالين وروزفلت وتشرتشل في الفترة 4-11 فبراير/شباط 1945.

بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت إسرائيل وأميركا من أبرز اللاعبين في منطقتنا العربية، لذلك رسمت إسرائيل عدة خطط من أجل مواجهة محيطها العربي والإسلامي، كما رسمت أميركا خططاً للتعامل مع العالم العربي. وسنستعرض بعض هذه الخ 2013طط الإسرائيلية والأميركية، كما سنستعرض اتفاق كيري-لافروف في موسكو يوم 7 مايو/أيار، وسنبين مكانه ودوره في تنفيذ هذه الخطط.

الخطط الإسرائيلية

لقاء موسكو

من الواضح أن إسرائيل دولة غريبة عن نسيج المنطقة الثقافي والاجتماعي والسياسي، وأنها زرعت بشكل اصطناعي، لذلك فهي حريصة على التفتيت الثقافي والتجزيء السياسي لكل مفردات المنطقة من أجل تمزيقها، وجعل دولتها (أي: إسرائيل) هي الأقوى والفاعل الأكبر في توجيه سياسات المنطقة. وقد اتضح ذلك في تحريضها لكثير من الأقليات العرقية والدينية على التمرّد والانفصال، كما حصل مع الأكراد في العراق منذ ستينيات القرن الماضي، ومع المسيحيين في لبنان في الثمانينيات، وكما حدث من تمزيق للسودان إلى دولة مسيحية في الجنوب وإلى دولة عرقية في الشمال.

أما في مجال التجزيء السياسي فقد تسرّبت عدّة وثائق من الدوائر الإسرائيلية، أهمها: الوثيقة التي نشرها الصحفي الهندي كارانجيا ونشرتها الصحف المصرية عام 1957 حول خطط إسرائيل في تقسيم المنطقة وإنشاء دولة للدروز في جبل العرب، ودولة للعلويين في جبل العلويين، ودولة للمسيحيين في لبنان.

ومن أهمها أيضاً: الوثيقة التي نشرتها المجلة الإسرائيلية “كيفونيم” (ومعناها: اتجاهات) في فبراير/شباط 1982، إذ بينت أن الدوائر الإسرائيلية الصهيونية أعدّت خطة لتجزيء مصر إلى دولتين: إحداهما قبطية في الجنوب والأخرى سنية في الشمال، وأعدّت خطة ثانية لتجزيء العراق وبلاد الشام، وخطة ثالثة لتجزيء المغرب العربي، والرابعة لتجزيء الخليج العربي.

ومما يؤكد ما ورد في الوثيقة السابقة دفع المحافظين الجدد -وهم لوبي صهيوني- أميركا إلى غزو العراق وتفتيته ثقافياً وتجزيئه سياسياً، وكذلك الاضطرابات والانقسامات في الجزائر وموريتانيا والصومال وجيبوتي والسودان.

ومن الواضح أن ما نراه على أرض الواقع الآن من اضطرابات وانقسامات في السودان والعراق واليمن والصومال والجزائر وموريتانيا وجيبوتي، يؤكّد ما ذهبت إليه المجلة.

الخطط الأميركية

لقاء موسكو

يعتبر برنارد لويس من أشهر المستشرقين الأميركيين ذوي الأثر في توجهات السياسة الأميركية، وقد تبنى الكونغرس مشروعاً قدمه له لويس عام 1983 يرتكز على فكرة شيطانية هي أن المسلمين أمة فاسدة مفسدة ولا تصلح معها أي حضارة.

ولذلك فإن حماية مصالح المعسكر الرأسمالي الغربي الذي أصبح تحت القيادة الأميركية من أية أخطار عربية أو إسلامية في المستقبل، تحتم تفكيك الوحدة البنائية الداخلية لكل الدول العربية والإسلامية إلى مجموعة من الدويلات والكانتونات العرقية أو العشائرية أو الدينية أو الطائفية أو المذهبية.

ويقول لويس إنه ينبغي دفع تلك الكيانات المجتزأة للدخول في عدة حروب بينية وصولاً إلى التدمير الشامل والمتبادل لبعضها البعض.

وقد تعرض في مشروعه إلى تقسيم شمال أفريقيا والعراق والجزيرة العربية واليمن وسوريا ولبنان والأردن وإيران وباكستان وأفغانستان، ووضع الخرائط المناسبة لكل تلك التقسيمات.

ومن المهم أن نتحدث هنا عن مصر في مشروع برنارد لويس الذي اقترح تقسيمها إلى أربع دويلات:

  • إحداها “بدوية” عاصمتها العريش وتستحوذ على كل شبه جزيرة سيناء حتى الضفة الشرقية لقناة السويس وتكون تابعة لإسرائيل.
  • والثانية “قبطية” عاصمتها الإسكندرية، وتستحوذ على الجزء الشمالي الغربي لمصر المتاخم للبحر المتوسط والحدود الليبية، والذي يمتد جنوباً حتى خط عرض 26 وشرقاً حتى خط طول 30.
  • أما الثالثة فهي “نوبية” عاصمتها أسوان، وتستحوذ على الجزء الجنوبي لمصر المتاخم للحدود السودانية من أقصى شرقه إلى أقصى غربه، لينتهي شمالاً عند خط عرض 26، ويمتد جنوباً ليضم إقليم النوبة السوداني.
  • ويتبقى إقليم جغرافي ضيق للدولة الرابعة وهي “مصر العربية الإسلامية” وعاصمتها القاهرة، وتستحوذ على الجزء الذي يحده البحر المتوسط شمالاً والبحر الأحمر شرقاً وخط عرض 26 جنوباً وخط طول 30 غرباً.

لقاء كيري ولافروف

لقاء موسكو

انعقد لقاء في موسكو بين وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف يوم 7 مايو/أيار 2013، واتفقا فيه على أمرين: أولهما إبعاد الإسلاميين عن تصدر قيادة الربيع العربي في مصر وسوريا وتونس وليبيا، والثاني تفكيك السلاح الكيميائي السوري.

وبالفعل بعد اللقاء تم إبعاد الإسلاميين من واجهة الائتلاف السوري، ودخلت كتلة العلمانيين برئاسة ميشيل كيلو إلى هذا الائتلاف، كما حصل إسقاط مرسي ومجيء السيسي يوم 3 يوليو/تموز 2013. فهل يكون هذا الإبعاد لمرسي بداية لتقسيم مصر كما ورد في خطة برنارد لويس؟ من المحتمل أن يحصل ذلك على ضوء ما يجري في سيناء من جهة، وعلى ضوء اللامعقولية في خطوات السيسي والعلمانيين نحو التيار الإسلامي من جهة ثانية، وعلى ضوء حدة الاستقطاب القائمة بين طرفي الشعب المصري من جهة ثالثة.

وقد تم الاتفاق بين الوزيرين كيري ولافروف لأن بوتين يعتقد أن أكبر خطر يأتي عليه من الإسلاميين، وقد وضح ذلك كيسنجر وزير الخارجية الأميركي الأسبق ومستشار الأمن القومي في حديثه مع شبكة سي.أن.أن الأميركية يوم 17 سبتمبر/أيلول 2013 رداً على سؤال حول حقيقة موقف موسكو وما يريده الرئيس الروسي، فقال “بوتين يعتبر أن الإسلام المتشدد هو التهديد الأمني الأكبر لبلاده، كما أنه لا يرغب في أن تستفرد أميركا بأمور الشرق الأوسط”.

أما بالنسبة لتفكيك السلاح الكيميائي فقد بدأ الحديث عنه قبل عام من إعلان المبادرة الروسية يوم 14 سبتمبر/أيلول 2013، وذلك أثناء قمة العشرين لعام 2012 بين بوتين وأوباما، واستمر التحادث بينهما طوال العام الماضي.

ثم حدثت البلورة النهائية للاتفاق في لقاء قمة العشرين في سان بطرسبرغ بين بوتين وأوباما يوم 5 سبتمبر/أيلول 2013، ثم جاء وزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى موسكو وأعلن موافقة دمشق على تفكيك الكيميائي من هناك. ثم اجتمع كيري ولافروف في جنيف يوم 14 سبتمبر/أيلول 2013 وأعلنا عن تفصيلات المبادرة الروسية والاتفاق عليها، وإعطاء مدة أسبوع لسوريا كي تعلن عن مخزونها الكيميائي، ثم اتجه الجميع إلى مجلس الأمن من أجل استصدار قرار يلزم دمشق بذلك.

والآن: كيف نتوقع أن يكون الحل في سوريا؟ من المرجح أنه لن يكون هناك تقسيم لسوريا نتيجة اتفاق كيري ولافروف، لأن إسرائيل راضية تمام الرضا عن قيادة أسرة الأسد للبلاد، وهذا الرضا هو الأصل في رضا روسيا وأميركا من جهة، ولأن إسرائيل تعتبر أن النموذج الطائفي الذي انتهت إليه سوريا بقيادة الطائفة العلوية نموذج مثالي يجب أن تحتذيه بقية الطوائف من جهة ثانية.

لذلك فالأرجح أن هذا الاتفاق سيكون تمهيداً للسيناريو اليمني في المنطقة عام 2014، إذ ستنتهي ولاية بشار في يوليو/تموز 2014، ويبقى الجيش الضامن لوضع الدولة والمحافظ عليها، وستأتي حكومة توافقية بين المعارضة والسلطة ذات صلاحيات كاملة هي التي ستقود البلاد.

من الواضح أن الخاسر الرئيسي من اتفاق كيري-لافروف هو الشعب السوري، وأن الرابح الرئيسي هو إسرائيل لأنه أزال الأسلحة الكيميائية من وجه إسرائيل، وهو ما عمل عليه الطرفان الأميركي والروسي، لكن أين ستقبض روسيا الثمن؟

على الأرجح أن روسيا ستقبض الثمن في الوضع المتقدم الذي ستأخذه في سوريا من جهة، وفي إزالة بعض الصواريخ المحيطة بها في الأراضي التركية وغيرها من جهة ثانية.

ما الذي يجب أن تفعله المعارضة السورية؟ يجب أن تتوحد المعارضة على مختلف أطيافها، وأن تركز جميع الأطراف على هدف خلخلة النظام وإضعافه إلى أقصى حد، ليكون في أضعف حالاته عند الترتيبات النهائية لسوريا.

الخلاصة

جاء اتفاق كيري ولافروف حصيلة عام كامل من الكواليس والأحاديث والاتفاقات بين روسيا وأميركا، وقد جاء لتدمير الإسلاميين بالدرجة الأولى، وقد اتضحت أولى تطبيقاته في مصر، فقد تمت إزاحة مرسي، ومصر الآن مرشحة للتقسيم إلى أربع دول حسب مشروع برنارد لويس عام 1983. أما تطبيقاته في سوريا فقد كان أولها تدمير الكيميائي لصالح إسرائيل، وثانيها التمهيد للسيناريو اليمني خلال الفترة القادمة. ومن الواضح أن الشعبين المصري والسوري هما الخاسران الأولان من هذا الاتفاق، وأن إسرائيل هي الرابح الأول منه.

المقال كما ظهر في الجزيرة نت علام اتفق كيري ولافروف في لقاء موسكو؟

ظهرت المقالة علام اتفق كيري ولافروف في لقاء موسكو؟ أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%85-%d8%a7%d8%aa%d9%81%d9%82-%d9%83%d9%8a%d8%b1%d9%8a-%d9%88%d9%84%d8%a7%d9%81%d8%b1%d9%88%d9%81-%d9%81%d9%8a-%d9%84%d9%82%d8%a7%d8%a1-%d9%85%d9%88%d8%b3%d9%83%d9%88%d8%9f/feed/ 0 217
أضواء على مسيرة الإخوان المسلمين والسلفيين https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%ae%d9%88%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d9%84%d9%85%d9%8a%d9%86-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%84%d9%81%d9%8a%d9%8a%d9%86/ https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%ae%d9%88%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d9%84%d9%85%d9%8a%d9%86-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%84%d9%81%d9%8a%d9%8a%d9%86/#respond Tue, 18 Dec 2012 04:19:53 +0000 https://al-ommah.com/?p=840 لقد أنشأ حسن البنا جماعة الإخوان المسلمين عام 1928، وقد احتوت الجماعة خلال مسيرتها الماضية عدداً من العلماء منهم: محمد الغزالي وعبد القادر عودة والبهي الخولي ومصطفى السباعي وعبد الكريم زيدان وغيرهم… ولكن أبرز العلماء الذين أحدثوا تغييراً نوعياً في بعض وجهات نظر الإخوان وآرائهم كان سيد قطب، فقد طرح […]

ظهرت المقالة أضواء على مسيرة الإخوان المسلمين والسلفيين أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
لقد أنشأ حسن البنا جماعة الإخوان المسلمين عام 1928، وقد احتوت الجماعة خلال مسيرتها الماضية عدداً من العلماء منهم: محمد الغزالي وعبد القادر عودة والبهي الخولي ومصطفى السباعي وعبد الكريم زيدان وغيرهم… ولكن أبرز العلماء الذين أحدثوا تغييراً نوعياً في بعض وجهات نظر الإخوان وآرائهم كان سيد قطب، فقد طرح أفكارا متعددة في مجال القومية والوطنية والديمقراطية والحكم والواقع العربي والإسلامي.

وإذا تجاوزنا الالتباس الذي حدث حول فكرة (تكفير المجتمع) التي فهمها بعضهم من بعض عبارات سيد قطب، فإننا لا خلاف على أن هناك إضافة وتسديدا وتصويبا لما طرحه حسن البنا في الحديث عن الديمقراطية والوطنية والقومية التي كانت سائدة في مصر آنذاك، فقد اعتبر سيد قطب القومية والوطنية نوعا من الأوثان الحديثة التي كانت تقتضي تعظيم الأقوام والأوطان والخضوع لها وصرف الحب لها، وجاءت لتجعل المسلم يستبدل أخوة القومية والوطنية بأخوة الإيمان، وكان هذا الموقف تسديدا لما طرحه حسن البنا عن القومية والوطنية والذي تجنب فيه أن يعطي الحكم الشرعي على القومية المطروحة آنذاك في حياة الشعب المصري، بل تحدث عن الأنواع المقبولة والمرفوضة من القومية والوطنية.

أما عن السلفيين فمن المعلوم أن السلفية منهج له بذور وأتباع في كل مناطق العالم الإسلامي، وتأتي نقطة القوة عند السلفيين في إحاطتهم بعلوم التراث، وحرصهم على تمحيص العقيدة واتباع السنة وإشهار أحاديثها الصحيحة، والبعد عن الأحاديث الضعيفة، لكن نقطة الضعف عندهم في سطحية وعيهم للواقع، وهذا جعلهم يقعون في خطأ إنزال أحكام شرعية صحيحة وسليمة على واقع مخالف، وهذا ما أوجد انفصالا لهم عن الواقع، وبعدا لهم عن مسار الأمة الحقيقي، والتفاعل معه، وبالتالي جعلهم موضع استغلال من بعض الحكومات، والحكام.

لكن الحركة السلفية بدأت التخلص من هذا الضعف في السنوات الأخيرة، وبدأ يتشكل عندها وعي سليم للواقع، وأكبر دليل على ذلك مسارها في مصر، ودخولها الانتخابات الأخيرة، وحصولها على 25% من مقاعد البرلمان.

وفي ظل هذا التطور في مسيرة الإخوان والسلفيين نحو الأفضل، تبقى عدة أسئلة مطروحة حول مستقبل الجماعتين، وحول العلاقة بينهما، وحول تطوير ذاتهما ومعالجة عوامل الضعف فيهما.

إن أولى الملاحظات التي يمكن أن نسجلها على حصول الإخوان على 47% من مقاعد البرلمان المصري، وعلى حصول السلفيين على 25% من مقاعده، وعلى حصول (النهضة) في تونس و(العدالة والتنمية) في المغرب على أكثرية في الانتخابات هي أن الإسلام مازال عميق الجذور في حياة شعوبنا مع كل محاولات التشكيك في أصوله ومبادئه، والتشويه لتاريخه وصحابته وأعلامه، ومع كل محاولات انتزاعه من حياة الشعوب واستئصاله من وجودهم والتي جرت خلال المائة سنة الماضية بعد الحرب العالمية الأولى بدءا من طروحات طه حسين وعلي عبد الرازق، ومروراً بعلمانية الحبيب بورقيبة واشتراكية جمال عبد الناصر وانتهاءً بهرطقات سيد قمني ومحمد أركون وأدونيس ومحمد شحرور وغيرهم.

إن ثاني الملاحظات على الانتخابات الأخيرة، تبين أن الأمة منحازة إلى الإسلاميين، وأنها عندما تعطى الحرية الكاملة في إبداء رأيها فإنها تختار الإسلاميين لأنهم خير معبّر عن ذاتها وشخصيتها وكيانها وهمومها وتطلعاتها، لذلك فعلى الإخوان والسلفيين أن يعوا أن الفضل في نجاحهم يعود للأمة بالدرجة الأولى، لذلك فإن قيمة الإسلاميين الحقيقية ليست في النجاح، ولكن قيمتهم الحقيقية تأتي من الإنجازات التي يمكن أن يقدموها في تمكين الأمة والدين وتحسين الأوضاع، وتطويرها في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية والتربوية والأخلاقية والعسكرية والاجتماعية إلخ…، ومثال ذلك كوارث ورث عن أبيه مليون دينار فهذا المال قيمة والده، لكن قيمته تأتي عندما يحول هذا المليون إلى مليون ونصف المليون.

إن ثالث الملاحظات التي يمكن أن نضعها بين يدي الإسلاميين هي ضرورة وعيهم بالتجارب السابقة التي وقعت خلال العقود الثلاثة الأخيرة: وعي السلبيات والإيجابيات فيها ومن ذلك: تجربة حسن الترابي في السودان، وتجربة الجهاد الأفغاني في أفغانستان.

فقد استلم الترابي الحكم في عام 1989، وكان الأمل أن يصبح السودان بثرواته وخيراته بؤرة إشعاع، ونقطة انطلاق لإحياء الأمة من جديد، لكن لم يتحقق شيء من تلك الآمال، بل أدى حكم الترابي إلى تدمير السودان، وها هو السودان قد تمزق إلى شمال وجنوب، وانفصلت عنه دولة الجنوب المسيحية، وهناك احتمال أيضا أن تنفصل عنه منطقة ولاية دارفور الغربية، وهو الآن في وضع أسوأ مما كان عليه عندما استلمه الترابي في مختلف المجالات: الاقتصادية والدينية والعرقية والاجتماعية والثقافية، ولا شك أن حسن الترابي هو المسؤول الأول عن هذا التردي، ولا شك أن الآخرين الذين قادوا الإنقاذ مع الترابي يتحملون جانبا من المسؤولية ولكن بصورة أقل.

والتجربة الثانية القريبة هي تجربة الجهاد الأفغاني، فقد أعطت الأمة تأييدها الكامل لقادة الجهاد ومنهم: رباني وسياف وحكمتيار … ومنحتهم التأييد الكامل، ولم تبخل عليهم بمال أو سلاح أو خبرة أو شباب، فماذا كانت النتيجة؟ أصبحت أفغانستان ألعوبة بيد أميركا وأتباعها، ودفعت الأمة ثمنا باهظا في أفغانستان في مختلف المجالات: الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية، وهذا سيجعلنا نتساءل: ما الدرس الذي يمكن أن يستفيده الإخوان والسلفيون من التجربتين السابقتين؟

الدرس المستفاد هو أن القيمة الرئيسية لهما في دفع مسيرة الأمة باتجاه أهدافها في مجال الاقتصاد والسياسة والثقافة والقيم والأخلاق والوحدة والعزة والبناء الحضاري، وليس الوصول إلى الحكم فحسب، وأن الفشل في الحكم سينعكس على أوضاع الأمة، وستدفع الأمة ثمناً باهظاً، ولا تتوقف آثار الخسارة عليهما فقط.

إن رابع الملاحظات التي يمكن أن نضعها بين يدي الإخوان والسلفيين في أن الأعداء سيشتغلون على إثارة الخلافات بينهما، وتعميقها من أجل القضاء على الطرفين، لذلك يجب عليهما ألا ينظروا إلى الاختلافات التي بينهما إلى أنها اختلافات تضاد بل اختلافات تنوع، وأن عليهما أن يعيا أنهما جزءان من أمة واحدة، فهذا ما يجعل الاختلاف بينهما وكأنه اختلاف أفراد في أسرة واحدة وفي مركب واحد.

إن خامس الملاحظات التي نضعها بين يدي الإسلاميين هي ضرورة انتباههم إلى أن التحدي الأكبر الذي تواجهه الجماعتان هو تفعيل جانب الوعي والإدراك والفهم عند المسلم المعاصر وتعميقه وزيادة مساحته، ومعالجة القصور الموجود حاليا، وخير مثال على ذلك القصور: قلة الدراسات التي تقوّم الإنتاج الثقافي والشرعي الإسلامي خلال المائة سنة الماضية في مختلف المجالات الاقتصادية والدعوية والعقائدية والفقهية إلخ، وتقوّم التجارب الإسلامية الجماعية المعاصرة من مثل جماعة أبي الأعلى المولودي في باكستان، وجماعة الإخوان المسلمين في مصر، وجماعة النور في تركيا، وجماعة التبليغ في الهند.. إلخ…، وتقوّم أعمال العلماء المسلمين من أمثال محمد الغزالي وعبد القادر عودة ومحمد أبو زهرة وأبو الأعلى المولودي وسيد قطب ومصطفى السباعي، فإن الدين قام على جناحين هما: النقل والعقل، فالنقل كامل ومحفوظ، لكن العقل الذي يتعامل مع النقل هو مكان القصور.

لذلك كان أهم كتاب عرفه التاريخ الإسلامي –كما ذكر بعض الدارسين- هو كتاب (درء تناقض العقل والنقل)لابن تيمية، وفي مسمى آخر له (موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول)، لأنه تناول القضيتين: النقل والعقل بالشرح والتوضيح، ولأنه بين أنه لا تناقض بينهما، وإن وجد فذلك ناتج من أن المنقول غير صحيح أو أن المعقول غير صريح.

لذلك فإن على الجماعتين أن تعالجا هذا القصور في الوعي بإصدار دراسات متعددة تقوّم الإنتاج الشرعي والثقافي المعاصر، وتقوّم علماءه وتجاربه الحركية، ثم تثري هذا الجانب أيضاً، بتقويمات لمختلف فروع الثقافة الشرعية الماضية وتطوراتها، من مثل: الفقه والأصول وعلوم القرآن وعلوم الفقه … وتثري هذا الجانب أيضا بتقويم الحضارة الغربية في مختلف مجالاتها المعرفية، ثم تبني على كل هذا استشراف المستقبل.

في النهاية: يتبين أن الفوز الأولي للإسلاميين ا(لإخوان والسلفيين) في الانتخابات المصرية رتب عليهما واجبات متعددة، منها: تحسين أوضاع الأمة في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والخلقية، ومنها: وعي التجارب الإسلامية المعاصرة والاستفادة منها والبناء عليها، ومنها: معالجة القصور في جانب تفعيل الوعي عند المسلم المعاصر.

ظهرت المقالة أضواء على مسيرة الإخوان المسلمين والسلفيين أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%ae%d9%88%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d9%84%d9%85%d9%8a%d9%86-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%84%d9%81%d9%8a%d9%8a%d9%86/feed/ 0 840