قضايا الأمة الأرشيف – منبر الأمة الإسلامية https://www.al-ommah.com/category/قضايا-الأمة/ منبر الأمة الإسلامية Tue, 25 Apr 2023 19:54:40 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.5.2 https://i0.wp.com/www.al-ommah.com/wp-content/uploads/2021/02/Group-6.png?fit=32%2C32&ssl=1 قضايا الأمة الأرشيف – منبر الأمة الإسلامية https://www.al-ommah.com/category/قضايا-الأمة/ 32 32 171170647 لا “يا قيادة حماس” هذا خطأ استراتيجي وخطيئة شرعية https://www.al-ommah.com/no-hamas-leadership/ https://www.al-ommah.com/no-hamas-leadership/#respond Tue, 25 Apr 2023 19:54:40 +0000 https://www.al-ommah.com/?p=12117 تركت “حماس” سورية عام 2012 بعد أن اشتعل الربيع العربي وظهر إجرام النظام السوري واستهتاره بجماهير شعبه وقمعه له. وهذا موقف يحسب لها لأنها ضحت بعدد من المكاسب لها، وهو منسجم مع حقيقة أنها جزء من أمة وتصرفت بما يعود بالخير عليها وعلى الأمة. والآن عادت “قيادة حماس” إلى إعادة […]

ظهرت المقالة لا “يا قيادة حماس” هذا خطأ استراتيجي وخطيئة شرعية أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
تركت “حماس” سورية عام 2012 بعد أن اشتعل الربيع العربي وظهر إجرام النظام السوري واستهتاره بجماهير شعبه وقمعه له. وهذا موقف يحسب لها لأنها ضحت بعدد من المكاسب لها، وهو منسجم مع حقيقة أنها جزء من أمة وتصرفت بما يعود بالخير عليها وعلى الأمة.

والآن عادت “قيادة حماس” إلى إعادة علاقتها مع النظام السوري حسب البيان الذي صدر في 15/9/2022 وكذلك من الطبيعي إعادة علاقتها مع “نظام ملالي إيران” بشكل كامل لأنه هو الراعي للنظام السوري، وهو الأصل في كل العلاقة مع النظام السوري بعد الانتفاضة الأولى عام 1987.

وقد جاء بيان “قيادة حماس” تحت عنوان “أمة واحدة في مواجهة الاحتلال والعدوان”، فهل “النظام السوري” و”نظام ملالي إيران” جزءان من الأمة الواحدة؟ أم هما عدوان للأمة الواحدة؟

الحقيقة أنهما عدوان لهذه الأمة الواحدة، وهذه هي الحقائق:

أولاً: “نظام ملالي إيران”

وصل الخميني إلى طهران عام 1979 إثر تغلبه على شاه إيران، ولم يأت فقط كرجل دين شيعي يريد أن يحكم إيران، بل حمل معه مشروعاً هو ما يمكن أن نسميه “مشروع ملالي إيران”. وهذا المشروع يحمل أهدافاً تغييرية معادية لبنية الأمة ووجودها وطبيعتها وتاريخها ودينها ومبادئها إلخ….، وسنبين أهم ملامح هذا المشروع المعادي للأمة في الخطوات التالية:

  • الإصرار على “شيعية” الجمهورية الإيرانية:

 بعد أن استقر الخميني في طهران زارته وفود مختلفة من أنحاء العالم الإسلامي، على رأسها كانت وفود علمائية من أهل السنة ومن حركاتها الإسلامية، واستبشروا خيراً بوصوله إلى سدة الحكم، واعتبروا ذلك نصراً بعد الأيام الحالكة القاسية التي مرت على العالم العربي بشكل خاص، وتحكم فيها “المشروع الاشتراكي الماركسي” في ستينيات القرن الماضي، والتي حارب فيها هذا المشروع الدين والمتدينين، وانتهى بانهزامه، وظهور “الصحوة الإسلامية”. واعتبر العلماء آنذاك أن انتصار الخميني كان ثمرة للصحوة الإسلامية. وكان القصد من زيارات الوفود العلمائية هو التعاون مع “الجمهورية الإيرانية” لصالح تمكين الإسلام في بلدانهم، ومواجهة المشاريع “الصهيونية الغربية” في المنطقة.

وعندما أراد الخميني أن يضع دستوراً للجمهورية الوليدة وضع مادة في الدستور، تبرز تبني إيران للمذهب الجعفري الإمامي، وذهب العلماء إلى الخميني –قائد الثورة- وطالبوا منه ألا يقع في هذا الخطأ، لأن “الثورة الإيرانية” و”الدولة الإيرانية” مرتبطان بالأمة جميعها، ولكن الخميني أصر على ذلك، وخاب أمل العلماء وفجعت جماهير الأمة بهذا الموقف، وصدر الدستور وجاءت المادة الثانية عشرة التي تقول: “الدين الرسمي لإيران هو الإسلام والمذهب الجعفري الإثني عشري، ويبقى هذا المبدأ قائماً وغير قابل للتغيير إلى الأبد”.

  • تسخير دولة إيران لتحقيق “مشروع ملالي إيران”:

بعد أن وصل الخميني إلى الحكم اتضح أنه يحمل مشروعاً لتمكين الشيعة، وتغيير صورة أمتنا وتحويلها من “أمة إسلامية” إلى “أمة شيعية”. وأنه أراد أن يسخر “دولة إيران” لتحقيق هذا المشروع وتنفيذه، وبدأ الخميني تهيئة كل الأدوات والأجهزة التي يحتاجها هذا المشروع، فأعدم كل جنرالات جيش الشاه، ووضع قيادة جديدة للجيش والسافاك، وأنشأ إلى جانب ذلك جيشاً رديفاً للجيش الإيراني هو الحرس الثوري، ووظف هذا الحرس للتدخلات الإيرانية في دول المحيط والجوار، كما أنشأ أجهزة أحرى ثقافية وسياسية وإعلامية واجتماعية ….إلخ من أجل خدمة ذلك المشروع، والدعاية له، وتنطلق أدوات المشروع من المذهب الشيعي وأفكاره، وتروج له، وتدعو له.

  • نشر المذهب الشيعي و”تدمير الوحدة الثقافية والسياسية” للأمة:

 اتجه الخميني إلى نشر المذهب الشيعي، وتواصل مع الطوائف الشيعية في مختلف المناطق ووظفها لصالح “مشروع ملالي إيران”، ودفعها إلى التصادم مع المحيط السني الذي تعيش فيه، وأمدها “مشروع ملالي إيران” بكل ما تحتاجه، من أجل النجاح في المواجهة، من مال وإعلام وكتب ودعاة وبعثات إلخ…..

وأما المناطق السنية التي لا يوجد فيها طوائف شيعية، فاتجه إلى التأثير على بعض الناس من أجل دعوتهم إلى “المذهب الشيعي”، وكان من نتائج ذلك في الحالتين الاصطراع بين أبناء الأمة الواحدة، وافتعال معركة لا داعي لها الآن، والمستفيد الأساسي منها هو “المشروع الصهيوني الغربي”، وكانت النتيجة وبالاً على الأمة وهو “تدمير الوحدة الثقافية” و”تدمير الوحدة السياسية” وهو ما نرى نتائجه في العراق الآن، وهو الاستقطاب الثقافي الحاد الذي وقع فيه بين الشيعة والسنة، وكذلك التجزئة السياسية التي نراها واضحة للعيان، وهي تقسيم العراق إلى ثلاث مناطق: كردية في الشمال، وسنية في الوسط، وشيعية في الجنوب.

ومن المعلوم أن الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي رحمه الله، ذو موقف معتدل من الشيعة، وكان متواصلاً معهم، لذلك وضع في “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين”، الذي أنشأه عام 2004 شيخاً شيعياً كأحد نوابه في الاتحاد  وهو الشيخ التسخيري، وبعد أن نبهه بعض الأخوة على خطورة “مشروع ملالي إيران”، وإصرار إيران في الدعوة إلى المذهب الشيعي في مصر، ما أدى إلى اضطراب داخلي في وقت أحوج ما تكون الأمة فيه إلى وحدة الصف، وتوجيه البوصلة إلى مقاتلة أمريكا و”المشروع الصهيوني”، اتصل – رحمه الله – بآيات الله في إيران، وعرض عليهم إبرام اتفاق يقوم على عدم دعوة أهل السنة للمذهب السني في المناطق ذات الأغلبية الشيعية، وعدم دعوة الشيعة للمذهب الشيعي في المناطق ذات الأغلبية السنية، ولكنهم رفضوا ذلك، مما يدل على أنهم مصرون على الدعوة إلى التشيع مهما كانت النتائج، ومصرون بالتالي على تدمير الوحدة الثقافية والسياسية للأمة، وعلى إثارة المعارك الطائفية، وسيكون المستفيد من ذلك هو أمريكا والغرب و”المشروع الصهيوني”، وكان نتيجة ذلك أن غيّر الشيخ يوسف القرضاوي موقفه من ممارسات “ملالي إيران” واعترف بخطئه السابق وعدّله، وهذا موقف يحسب له.

  • استغلال “مشروع ملالي إيران” للقضية الفلسطينية:

انتبه الخميني إلى أهمية القضية الفلسطينية ودورها في تحشيد الأمة حول “مشروع ملالي إيران”، لذلك صرح بأن “لا قيمة لسياستنا الخارجية إذا لم يكن لها يد طولى في القضية الفلسطينية”، لذلك أقام علاقات مبكرة مع مختلف “الفصائل الفلسطينية”، وأمّدها بالسلاح والمال من أجل أن يقوي نفوذه في الساحة الفلسطينية.

وكذلك أنشأ “مشروع ملالي إيران” في عام 1982 فصيلاً شيعياً مقاتلاً لإسرائيل في جنوب لبنان تحت مسمى “حزب الله” وأصبح هناك تعاون بين هذا الحزب وفصائل المقاومة. واستفاد “مشروع ملالي إيران” إعلامياً من هذه المكاسب في ساحة القضية الفلسطينية من أجل حشد التأييد له أو كسب التعاطف الجماهيري معه، وتحسين صورته أمام العالم الإسلامي. ولكن كل هذه الأعمال لا تصمد أمام الواقع، فالحريص على قضية فلسطين وانتصارها لا يمكن أن يعمل بحال من الأحوال على تصفية الجيش العراقي وإنهاء وجوده، وهو ما قام به “مشروع ملالي إيران” في تعاون مع أمريكا في تسهيل احتلال العراق عام 2003 ثم موافقته على حل الجيش العراقي، وقد اعتبرت إسرائيل هذا الحل انتصاراً كبيراً لها، لأن إنهاء الجيش العراقي ألغى خطر الجبهة الشرقية عليها، وقد غيرت إسرائيل بعد هذا الحل عقيدتها الاستراتيجية على أنه لا وجود لخطر عليها من الجبهة الشرقية، وذلك من أفضال “مشروع ملالي إيران” على إسرائيل.

  • مساعدة “مشروع ملالي إيران” لأمريكا على احتلال بلدين مسلمين، هما: أفغانستان والعراق:

هاجمت أمريكا أفغانستان عام 2001 بحجة إيواء طالبان لأسامة بن لادن، الذي اتهمته أمريكا بأنه وراء إسقاط برجي نيويورك، وقد قدمت إيران خدمات لوجستية للقوات الأمريكية الغازية، كما قدمت خدمات لوجستية للقوات الأمريكية عندما غزت العراق عام 2003، وهذا يؤكد استحكام عداء “مشروع ملالي إيران” للأمة، وتعاونه مع أعدائها من أجل تدمير دولها، وذلك بمساعدتهم على احتلال بلاد المسلمين.

  • لماذا يشكل “مشروع ملالي إيران” خطراً وجودياً – الآن – على الأمة؟

يشكل “مشروع ملالي إيران” خطراً وجودياً وجذرياً على الأمة لسببين:

  1. لا يستهدف “مشروع ملالي إيران” نشر آراء شرعية مخالفة لما هو موجود عند “أهل السنة” فقط، ولكنه يتطلع ويستهدف تغيير أصل من أصول الكيان والوجود الإسلامي، وهو “الأمة الإسلامية”، حتى تصبح “أمة شيعية”، وهو تغيير وجودي، لم تقم به أية طائفة أو فرقة دينية على مدى التاريخ الماضي، وإن أقصى ما تطلعت له كل الفرق والطوائف كالخوارج والمعتزلة إلخ…. هو زيادة الانتشار والتوسع والتمكن في محيطها.
  2. من الجدير بالذكر أن ما شجع “مشروع ملالي إيران” على هذا التطلع إلى إنشاء “أمة شيعية” هو سقوط آخر دولة سنية وهي: “دولة الخلافة العثمانية” وأصبح “أهل السنة” بلا دولة تدعم وجودهم وكيانهم، وهذا ما يضعف قدرتهم على مواجهة “مشروع ملالي إيران”، وهذا ما يجعل “إيران” تحرص على استغلال الفرصة، والاستفادة منها أقصى الاستفادة، فقد كانت هناك باستمرار دولة في مواجهة أية دولة شيعية على مدار التاريخ، فقد تصدت “الدولة السلجوقية” السنية ل”الدولة الفاطمية” الشيعية” في الماضي، كما تصدت “الدولة العثمانية” ل”الدولة الصفوية” في القرن السادس عشر الميلادي وما بعده.

بعد أن وضحت عداوة “مشروع ملالي إيران” للأمة، ننتقل إلى توضيح عداوة “نظام سورية الأسدي” للأمة.

ثانياً: “نظام سورية الأسدي”

لا أريد أن أتعرض لتاريخ عداء نظام البعث ومن بعده نظام الأسد للأمة وللدين الإسلامي في سورية منذ مجيء البعث إلى السلطة عام 1963، ولكني أريد أن أرصد الفترة التي بدأ الربيع العربي فيها في سورية منذ 15-3-2011، وآثاره على علاقات نظام الأسد مع “مشروع ملالي إيران”، ومع “حركة حماس”.

بعد سقوط زين العابدين بن علي ونظامه في تونس في 14-1-2011، وسقوط حسني مبارك ونظامه في مصر في 21-2-2011، ابتدأ الربيع العربي في سورية، وخرجت ملايين الشعب السوري إلى الشوارع في مظاهرات حاشدة في كل المدن: حمص، ودرعا، وحماة، ودير الزور إلخ…..، وعبرت جميعها عن عدائها للنظام الأسدي، وأحس بشار الأسد بخطورة الوضع واضطراب الحكم، ففكر في التنازل وترك الحكم، لكن قاسم سليماني أقنعه بالبقاء، ووعده بأن إيران ستقدم كل متطلبات الدعم.

من الواضح أن “مشروع ملالي إيران” كان يدعم نظام الأسد في المراحل السابقة، ولم يقصر في شيء، لكنه زاد الدعم بعد التحركات الشعبية والجماهيرية في مختلف المجالات: المالية والبترولية واللوجستية والسيبرانية والمخابراتية والعسكرية إلخ…

ومع ذلك فقد اهتز النظام وكاد أن يسقط في نهاية عام 2012 مما اضطر “مشروع ملالي إيران” أن يظهر دعمه وتأييده لنظام الأسد، وينتقل من السر إلى العلن، لذلك دعا الخامنئي “قوات حزب الله” لدخول سورية ومناصرة النظام السوري، فدخلت “قوات حزب الله” إلى منطقة “القصير” في غربي سورية، وقاتلت قوات الثورة، وتغلبت عليها في حزيران-يونيو 2013، كما أمر الخامنئي “قوات الحرس الثوري” بالتدفق إلى سورية، وتدخلت هذه القوات وشكلت عدة ميليشيات بحجة المحافظة على الأماكن المقدسة عند الشيعة، ومنها: عصائب الحق، والزينبيون، والفاطميون إلخ…..، وقد احتوت هذه الميليشيات جنسيات من دول مختلفة مثل: باكستان وأفغانستان وإيران والعراق إلخ…..

ومع كل ذلك الدعم الذي قدمه “مشروع ملالي إيران” للنظام الأسدي، فإن النظام اهتز مرة ثانية أمام تحركات الجماهير وانهزم في ساحات درعا وحمص المنطقة الشرقية وحماة ومحيط دمشق في الغوطتين: الشرقية والغربية، وبقي النظام محصوراً في داخل مدينة دمشق والساحل، مما اضطره إلى التطلع إلى تدخل روسيا.

ذهب قاسم سليماني إلى روسيا عام 2015، وأقنعها بالتدخل عسكرياً لصالح النظام الأسدي، بعد تقديمها الغطاء السياسي للنظام الأسدي بأن استخدمت الفيتو لتعطيل القرارات التي صوت عليها مجلس الأمن لإيقاف المجازر الدموية التي كان النظام الأسدي يرتكبها في حق شعبه منذ عام 2011.

وبالفعل تدخلت روسيا بكل ثقلها العسكري إلى جانب النظام الأسدي، واستخدمت سلاح الطيران بشكل مكثف في كل ساحات القتال، مما جعل كفة النظام ترجح على الثوار، واستعاد النظام بعض المدن: حمص، حماة، مدن الغوطة إلخ…….

ثم استمر النظام الأسدي في قتل أبناء الشعب وتهجيرهم، فاستخدم كل الأسلحة المحرمة دولياً، فاستخدم الكيماوي أكثر من مرة، واستخدم البراميل المتفجرة، وبلغ ما قتله من أبناء الشعب ما يقرب من المليون، وهجر أكثر من عشرة ملايين بين هجرة داخلية وهجرة خارجية، ودمر معظم مدن سورية تدميراً كاملاً، في هذا الوقت أعادت “قيادة حماس” علاقتها بهذا النظام.

هذه بعض معالم صورة النظام الأسدي: قتل وجرح وهجر الملايين من مسلمي سورية، فهو عدو للأمة كما هو عدو لكل مسلم في الأرض، فهو عدو للمسلمين في سورية، وهو عدو للأمة طالما أنه قتل المسلمين هذا من جهة، وهو قد باع البلد لطرفين هما: دولة روسيا و”مشروع ملالي إيران”، أما روسيا فقد عقدت اتفاقات مع نظام الأسد فامتلكت موانئ بحرية في طرطوس واللاذقية على البحر المتوسط، وهي المناطق الدافئة التي كان القياصرة الروس يحلمون بالوصول إليها من جهة ثانية.

وقد استغل “مشروع ملالي إيران” مساندته لنظام الأسد، وأجرى عدة تغييرات جذرية في سورية وهي:

  • نشر التشيع:

ينشط “مشروع ملالي إيران” في نشر التشيع في كل مناطق سورية، ويبذل أقصى طاقته، ويساعده النظام على ذلك، ويرتبط بنشر التشيع إحياء المواسم والطقوس الشيعية في عاشوراء وميلاد الأئمة ووفاتهم، ويرتبط بنشر التشيع – أيضاً – إقامة الحسينيات، وبناء الأضرحة على قبور رجالات آل البيت ونسائهم، وإقامة المزارات والبناء حولها من أجل زيارتها والتبرك بها.

  • التغيير الديمغرافي:

ينشط “مشروع ملالي إيران” في تغيير صورة سورية السكانية، ويحل مكان السكان الأصليين أجانب، قد يكونون باكستانيين أو إيرانيين أو أفغان إلخ….. حسب الميليشيات التي ينتمون إليها.

وبدأت الحكومة تأخذ مساكن المهجرين بحجة أنها “أملاك غائبين” وتحولها إلى عناصر تلك الميليشيات الشيعية، وبهذا يحدث أكبر تغيير سكاني على مدار العصور لوجه سورية.

  • تغيير ثقافي علمي تربوي:

ينشئ “مشروع ملالي إيران” مدارس وحوزات علمية مرتبطة بالمذهب الجعفري الإمامي الإثني عشري لتعليم المذهب الشيعي وتوسيع رقعته في كل أنحاء سورية، وبهذا تتغير صورة سورية الدينية الثقافية من دولة سنية متسامحة إلى دولة ذات وجه طائفي متعصب.

وألغى النظام الأسدي منصب المفتي العام للدولة، وهو منصب كان يأتي عن طريق الانتخاب بين العلماء، وأقام مجلساً فقهياً مكانه يحتوي على عناصر من مختلف المذاهب في سورية، ويعتبر هذا تغييراً جذرياً في صورة سورية الدينية.

  • تدمير سورية:

ساهم “مشروع ملالي إيران” في تدمير سورية عمرانياً واقتصادياً وزراعياً وصناعياً..، فقد أصبحت معظم مدن سورية مدمرة، وتعطلت الزراعة فيها، ودمرت المصانع فيها في مختلف المدن، ودمرت البنية التحتية فيها في جميع المرافق.

وتقدر الخسائر المادية فيها بمئات مليارات الدولارات، ويحتاج إصلاح كل ما دمر فيها إلى عشرات السنين.

  • تقسيم سورية:

لقد سيطرت الطائفة العلوية على كل سورية بعد تولي حافظ الأسد للحكم عام 1970، وشملت سيطرتها كل مرافق الدولة الاقتصادية والعسكرية والسياسية والإعلامية والتعليمية إلخ……

لقد زاد تدخل “مشروع ملالي إيران” الطائفية اشتعالاً والتهاباً في سورية بعد الربيع العربي، لأنه نشط وأسرع في تشييع كثير من أهل سورية، بالإضافة إلى افتتاح المراكز والحسينيات والمدارس والجامعات التي تدرس وتدعو إلى المذهب الشيعي.

لذلك من المرجح أن يزيد انتشار المذهب الشيعي في سورية احتمال تقسيمها حسب التوزيع العرقي والمذهبي.

استعرضنا – فيما سبق – عداوة النظامين “نظام ملالي إيران” و “نظام سورية الأسدي” للأمة.

ننتقل – الآن – لتقويم موقف “قيادة النظامين”، وانعكاسه على القضية الفلسطينية، ويمكن أن ننتهي إلى النتائج التالية بالنسبة ل”مشروع ملالي إيران”:

1-من الواضح أن “مشروع ملالي إيران” عدو للأمة عداوة “وجودية”، لأنه يريد أن يغيّر بنيتها الداخلية ويحوّلها من “أمة إسلامية” إلى “أمة طائفية شيعية”.

2-وهو عدو للأمة لأنه دمّر بلداناً بكاملها، أو عاون على تدميرها، مثل: العراق، سورية، لبنان، اليمن، وقتل مئات الآلاف من المسلمين في كل أنحاء الأرض.

3-وهو عدو للأمة لأنه تعاون مع أعداء الأمة وعلى رأسهم أمريكا في تدمير بلدين مسلمين هما: أفغانستان والعراق.

4-وهو عدو للأمة لأنه يعمل على تدمير وتفتيت “الوحدة الثقافية” التي هي أغلى ما نملك في تحقيق الترابط بين أبناء الأمة الواحدة.

5-طالما أن “مشروع ملالي إيران” هو عدوّ للأمة في كل أنحاء الأرض، يقتل أبناءها، ويدمر عمرانها، ووحدتها الثقافية، ويسعى إلى تغيير بنيتها الوجودية، فهو لا يمكن أن يكون عدواً للأمة في كل أنحاء الأرض، ويتحوّل إلى “صديق حليف” في فلسطين، فهو كاذب في دعواه لأن “صديق” القضية الفلسطينية لا يمكن أن يسمح بحل الجيش العراقي، وإنهاء “الجبهة الشرقية” التي كانت أكبر خطر على إسرائيل بعد إنهاء خطر “الجبهة الجنوبية” باتفاقات “كامب ديفيد” عام 1979، بين إسرائيل و”السادات”، لأن المستفيد الأول من هذا التدمير للبلدان، والحل للجيش العراقي هو “المشروع الصهيوني الغربي”، وقد قام “مشروع ملالي إيران” بتحقيق ما عجز عنه “المشروع الصهيوني الغربي” في التدمير والتفتيت والتجزيء من حيث الكم والكيف وسرعة الإنجاز.

6-ليس من شك بأن قضية فلسطين هي قضية كبيرة من قضايا الأمة، بمعنى أنه لم يتحقق حلم الصهاينة في إقامة دولة إسرائيل إلا بتدمير نوعي لجانب من وجود الأمة وإسقاط “الدولة الإسلامية” الأخيرة وهي “الخلافة العثمانية” عام 1924، واستعمار المنطقة العربية كلها تقريباً من قبل إنكلترا وفرنسا بعد الحرب العالمية الأولى، وكذلك لا يمكن أن تتحرر فلسطين إلا بجهود الأمة جميعها، لذلك فإن جميع العرب جاهدوا في فلسطين إلى جانب الفلسطينيين قبل قيام إسرائيل عام 1948، وبعد الانسحاب البريطاني من فلسطين عام 1948 دخلت سبعة جيوش عربية للمقاتلة إلى جانب الفلسطينيين بالإضافة إلى مجاهدين عرب ومسلمين من كل أنحاء الأرض.

فمن المؤكد أن الفلسطينيين وحدهم لا يمكن أن يحرروا فلسطين، بل لا بد من دعم الأمة جميعها لهم، وتكافلها معهم، وهم يشكلون رأس الحربة في هذه المواجهة.

وقد تحقق ذلك على مدار التاريخ، بدءاً من الحروب الصليبية حيث ناصرت الأمة الأسرة الزنكية في الموصل والأسرة الأيوبية في مصر، لتحرير القدس عام 1889 م من أيدي الصليبيين، مروراً بدعم الأمة لعز الدين القسام، ثم من بعده الحاج أمين الحسيني رحمهما الله، “انتهاءً بقيادات “حماس والجهاد” على مدار السنين الماضية.

فكما أن هذا واجب الأمة، فإنه يجب على القيادات المجاهدة ألا تتخلى عن أمتها، وتبقى مرتبطة بها، وألا تتعاون مع أعدائها، لكن “قيادة حماس” خرقت – الآن – بكل أسف هذا الواجب، فهي عندما تعيد تطبيعها مع “النظام الأسدي” الذي هو جزء من “مشروع ملالي إيران” الذي يدمر بلداناً متعددة من الأمة، ويقتل مئات الألوف من أبناء الأمة، ويفتت “الوحدة الثقافية” للأمة، ويتطلّع إلى إيجاد “أمة بديلة” لهذه الأمة الإسلامية، وبالتالي لا يمكن أن نصنفه إلا بأنه “عدو للأمة”.

7-أما القول بأننا يجب أن نصادق “مشروع ملالي إيران” لكي نواجه العدو الإسرائيلي و”مشروعه الصهيوني” فهذا الأمر لا نقرره وحدنا، بل يجب أن يشترك به “مشروع ملالي إيران”، وقد قدمت قياداتنا الدينية وعلى رأسهم الشيخ يوسف القرضاوي – رحمه الله – عرضاً إلى “ملالي إيران” والذي تحدثنا عنه سابقاً، ولكنهم رفضوا ذلك العرض الذي يمهد للتعاون، وأمام هذا الصدود من قبل “ملالي إيران”، سنضطر إلى مواجهة المشروعين: “مشروع ملالي إيران” و”المشروع الصهيوني”، وهما اللذان يقتلان أبناء أمتنا، ويدمران بلداننا، ويخرجان أهلينا من أوطانهم وديارهم، ونعد الخطط لمواجهة هذين المشروعين، وذلك ليس بدعاً في تاريخنا، فقد واجهت أمتنا أيام الدولة العباسية عدوين خطرين في وقت واحد هما: المغول والصليبيون.

الخلاصة

إنّنا نستطيع أن نصنّف هذا التصرف من “قيادة حماس” بأنها وقعت في خطأين:

الأول: “خطأ استراتيجي” وهو ابتعادها عن أمتها، وإدارة ظهرها لها، ووقوفها مع عدو للأمة.

الثاني: “خطيئة شرعية” لأن الله نهانا عن التواصل والتعاون وتولي من يقاتلنا ويخرجنا من ديارنا وهو ألد أعدائنا، وهو ما يقوم به “مشروع ملالي إيران”، فقد قال تعالى: “لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ(9)” (سورة الممتحنة).

وهو ما ستكون له عواقبه الخطيرة على “حركة حماس” و”القضية الفلسطينية”، ومن ورائهما “الأمة”.

ظهرت المقالة لا “يا قيادة حماس” هذا خطأ استراتيجي وخطيئة شرعية أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/no-hamas-leadership/feed/ 0 12117
فارسا القضية الفلسطينية: الحاج الحسيني والشيخ القسام https://www.al-ommah.com/knights-of-the-palestinian-cause/ https://www.al-ommah.com/knights-of-the-palestinian-cause/#respond Tue, 25 Apr 2023 19:39:32 +0000 https://www.al-ommah.com/?p=12113 حسم مؤتمر بازل الذي نجح هرتزل في عقده عام 1897 للصهيونية العالمية في تحديد فلسطين كأرض لإقامة الدولة الصهيونية المزمع إنشاؤها، ثم نلحظ أنه تتالت بعد هذا المؤتمر الأحداث المزلزلة لكيان العالم الإسلامي. وقد جندت الصهيونية العالمية كل طاقاتها من أجل تحقيق هذا الهدف، فتواصل هرتزل مع الدولة العثمانية، والتقى […]

ظهرت المقالة فارسا القضية الفلسطينية: الحاج الحسيني والشيخ القسام أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
حسم مؤتمر بازل الذي نجح هرتزل في عقده عام 1897 للصهيونية العالمية في تحديد فلسطين كأرض لإقامة الدولة الصهيونية المزمع إنشاؤها، ثم نلحظ أنه تتالت بعد هذا المؤتمر الأحداث المزلزلة لكيان العالم الإسلامي.

وقد جندت الصهيونية العالمية كل طاقاتها من أجل تحقيق هذا الهدف، فتواصل هرتزل مع الدولة العثمانية، والتقى بالسلطان عبد الحميد، وتواصل مع الدولة الألمانية، وتواصل مع الامبراطور وليام الثاني، فلما وجد أن الأمور لا تمشي بالصورة التي يريدها, توجّه إلى انجلترا، ووضع ثقله فيها وتعاون معها، وخدمها بكل إمكانيات اليهود العالمية: المالية والسياسية والعلمية والثقافية.. إلخ.

ثم بدأت الأحداث تتوالى، فقامت الحرب العالمية الأولى عام 1914م، وكان هناك طرفان: الدولة العثمانية والدولة الألمانية من جهة، وانجلترا وفرنسا من جهة ثانية، وحركت انجلترا العرب ضد الأتراك فكانت ثورة الشريف حسين عام 1916م، التي جاءت بعد مراسلات الشريف حسين مع مكماهون المندوب السامي البريطاني في مصر عام 1915م.

وانتهت الحرب العالمية الأولى عام 1918م بتفكيك الخلافة العثمانية إلى عدة دول قطرية، وأسقطت الحكم بشريعة الإسلام، فأقرت الدول المنتصرة استعمار معظم الدول العربية واقتسمتها بينها، وصدر عام 1917م وعد بلفور نتيجة التعاون الوثيق بين الصهيونية العالمية والحلفاء، ثم نفذت انجلترا وعد بلفور بعد أن احتل الجنرال “اللنبي” القدس في 9 كانون الأول عام 1917م واستعمرت فلسطين، ومكّنت اليهود في فلسطين عن طريق الهجرات غير الشرعية من أوروبا وغيرها، وساعدتهم على اغتصاب الأراضي من أصحابها الفلسطينيين، وسمحت لهم بإقامة المستعمرات في كل أنحاء فلسطين، وساعدتهم في إقامة كياناتهم السياسية المستقلة: كالوكالة اليهودية، وكياناتهم العمالية: كالهستدروت، ونقلت لهم معظم أملاك الدولة كي يتوسعوا في مستعمراتهم التي كانت تنقسم إلى نوعين: الموشاف والكيبوتز، فالموشاف كانت ملكية الأرض فيها جماعية، أما الكيبوتز فملكية الأرض فردية، أما آلات الزراعة الميكانيكية فملكيتها جماعية، وجميع المستوطنات بنوعيها حصون قتالية.

في هذه الأثناء التي كانت فيها انجلترا تنسج خيوط مؤامراتها مع الصهيونية العالمية من أجل ابتلاع فلسطين، ونقلها إلى الصهيونية العالمية، وتنفيذ وعد بلفور؛ برز عالمان من علماء الأمة هما: الحاج أمين الحسيني، والشيخ عز الدين القسام، الذين تصديا لهذه المؤامرة، وجعلا القضية الفلسطينية ملء السمع والبصر على مستوى العالم الإسلامي، بل العالم أجمع، فمن هما هذان العالمان الفارسان؟ وفيم التقيا؟ وفيم افترقا؟

أولًا: الحاج محمد أمين الحسيني

ولد الحاج أمين الحسيني عام 1895م في القدس، وتلقى تعليمه الأساسي فيها، ثم انتقل بعدها إلى مصر ليدرس في دار الدعوة والارشاد التابعة لمحمد رشيد رضا، وليدرس في الأزهر وفي كلية الآداب في القاهرة، وأدى فريضة الحج في السادسة عشرة من عمره، والتحق بالكلية الحربية في استانبول، ليلتحق بعدها بالجيش العثماني، والتحق بعدها في صفوف الثورة العربية الكبرى عام 1916م.

شارك في ثورة النبي موسى عام 1920م، ثم انتخب مفتيا للقدس عام 1921م خلفا لأخيه كامل الحسيني، وترأس أول مجلس للشؤون الإسلامية والأوقاف والمحاكم الشرعية، وهو المجلس الإسلامي الأعلى لفلسطين عام 1922م، وترأس مؤتمر العالم الإسلامي الذي عقد أول اجتماع له من أجل القضية الفلسطينية في القدس عام 1931م، وتكرر عقده برئاسته في مكة وبغداد وكراتشي وغيرها في أوقات لاحقة.

كوّن جمعية –الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- من أجل الإصلاح بين المتخاصمين ومقاومة الدعوة الصهيونية للعرب لبيع أراضيهم، وأسس اللجنة العربية العليا لفلسطين وترأسها عام 1936م، كما شارك في ثورة 1936م، وقادت اللجنة العربية العليا الجانب السياسي من الثورة، وطارد الإنجليز الحاج أمين الحسيني مما اضطره للجوء إلى المسجد الأقصى ثم الهروب إلى لبنان، وهناك أقام من عام 1937م إلى عام 1939م بداية الحرب العالمية الثانية، وقررت السلطة الفرنسية تسليمه إلى الإنجليز في فلسطين، لكنه هرب إلى العراق، وهناك اشترك في ثورة رشيد عالي الكيلاني ضد الإنجليز عام 1941م، ويقال إنه هو الذي حرض رشيد عالي الكيلاني على الثورة ضد الإنجليز والتعاون مع الألمان، وشارك الفلسطينيون الذين كانوا لاجئين سياسيين مع الحاج أمين الحسيني في العراق في قتال الإنجليز، وعندما فشلت الثورة هرب الحاج أمين الحسيني إلى طهران، واعتقل اللاجئون السياسيون، ثم طردوا من العراق.

ثم انتقل إلى ألمانيا والتقى هتلر في ألمانيا وتكلم هناك باسم العرب جميعا، وطلب من هتلر أن يمنح الدول العربية استقلالها بعد الحرب، ثم عاد إلى القاهرة في نهاية الحرب العالمية الثانية، وترأس الهيئة العربية العليا التي شكلتها الجامعة العربية عام 1946م، وهي التي قادت الفلسطينيين في قتالهم اليهود بعد إعلان التقسيم في 29 تشرين الثاني 1947م والتي استمر طوال عام 1948م ، وانتهى بإعلان دولة (إسرائيل) في 15/5/1948م، ثم انتهى به المطاف إلى الإقامة في بيروت والوفاة فيها عام 1974م.

ثانيًا: الشيخ عز الدين القسام

ولد الشيخ عز الدين القسام –رحمه الله- في بلدة جبلة من أعمال اللاذقية عام 1882م، وتربى في أسرة متدينة ومعروفة باهتمامها بالعلوم الإسلامية، ثم ارتحل إلى الجامع الأزهر بالقاهرة سنة 1896م، وتخرج منه عام 1906م، وعاد إلى بلده حيث عمل مدرساً وخطيباً في جامع إبراهيم بن أدهم.

احتل الفرنسيون الساحل السوري عام 1918م في نهاية الحرب العالمية الأولى وهنا تصدى عز الدين القسام لفرنسا، فباع عز الدين القسام بيته في جبلة ليشتري به سلاحا، ثم درب المتطوعين في جنوب جبلة؛ لأنه كان عنده خبرة في السلاح وكان قد أخذها من تطوعه في الجيش العثماني في أكثر من مناسبة، ومنها تطوعه في لحرب إيطاليا في طرابلس الغرب 1911م.

وعندما اكتشفه الفرنسيون، انتقل من جبلة إلى جبل صهيون من أجل الاستفادة من مناعة الجبل، فقاوم الفرنسيين، ثم أعلن الفرنسيون عن جائزة لمن يساعد في القبض على الشيخ القسام، وأصدروا حكما بالإعدام عليه، مما اضطره للهرب إلى دمشق، وعندما احتل الجنرال غورو دمشق بعد معركة ميسلون عام 1920م، غادر القسام دمشق إلى فلسطين.

عمل القسام في التدريس في بعض المدارس في حيفا، ثم استلم الإمامة والخطابة في جامع الاستقلال عند إنشائه في عام 1925م، وأعلن عزالدين القسام في خطبه في مسجد الاستقلال أن الإنجليز هم رأس البلاء، وأنه يجب توحيد الإمكانات لحربهم وطردهم، وحذر عز الدين القسام من التساهل مع الهجرة اليهودية، ثم عمل مأذوناً شرعياً، وكان هدفه من ذلك أن تتاح له فرصة التواصل مع الناس في بيوتهم ليكتشف أوضاعهم الحقيقية، ولتكون فرصته لدعوتهم في مختلف القرى والمدن، وبدأ يجمع مجموعات لا تتجاوز الخمسة أشخاص، ثم رفعها إلى تسعة أشخاص، وكان يضع نقيبا لكل مجموعة، وكان يعلمهم أمور دينهم، ثم يبدأ يدربهم على السلاح، وسمى هذه المجموعات (الجهادية) وكان الشعار الذي رفعه القسام: “هذا جهاد: نصر أو استشهاد”.

وليس من شك بأن عمله كان مراقبا من قبل السلطات الإنجليزية التي زرعت الجواسيس في محيطه، ليتجسسوا عليه وعلى حركته، ومع ذلك فقد قام أتباعه بعدة عمليات ضد المستعمرات اليهودية في فلسطين منها إلقاء قنابل على مستعمرة نهلال عام 1932م.

وفي عام 1935 اجتمع أمران على عز الدين القسام، هما:

الأول: زيادة مراقبة السلطات الإنجليزية له، وخشيته من اعتقاله واعتقال القيادات التي حوله، وهذا سيؤدي إلى إحباط عمله وإنهائه.

الثاني: ازدياد الهجرة اليهودية إلى فلسطين، واتساع مساحة الأراضي التي استولوا عليه، فقد وصل إلى فلسطين عام 1935م 62 ألف يهودي، وتملّك اليهود في العام نفسه 73 ألف دونم، حتى كتب المندوب السامي البريطاني قبل نهاية عام 1935م إلى وزارة المستعمرات: ” إن خمس القرويين أصبحوا بالفعل دون أرض يمتلكونها، كما أن عدد العمال العاطلين عن العمل آخذ في الازدياد”[2].

هنا حزم القسام أمره على الخروج واتصل بأتباعه، وأخبرهم عزمه على إعلان الجهاد، وخرج إلى جبال جنين في ليلة 26 من شهر تشرين أول (أكتوبر) 1935م، ثم وقعت المعركة الفاصلة بين عز الدين القسام والقوات الإنجليزية قرب قرية الشيخ زيد في أحراش يعبد، وكانت معركة غير متكافئة في أعداد الطرفين، واستشهد عز الدين القسام في نهايتها وكان ذلك في 20 تشرين ثاني (نوفمبر) 1935م.

وكان استشهاد عز الدين القسام سببا في إشعال الثورة في كل أنحاء فلسطين، وكان قد وزع أعضاء تنظيمه على مناطق عدة ورتب أوضاعهم لكي تستمر الثورة، وبالفعل بدأت الثورة في نيسان (أبريل) 1936م واستمرت إلى عام 1939م، وبالفعل كان رجاله الذين رباهم ونظمهم أوفياء لدمه وجهده الذي بذله، وقادوا الثورة في مختلف مناطق فلسطين من الشمال في صفد وعكا، وفي الوسط في نابلس وجنين، وفي الخليل والقدس.

استعرضنا فيما سبق سيرة عالمين جليلين هما الحاج أمين الحسيني والشيخ عز الدين القسام رحمهما الله، ورأينا أعمالهما في القضية الفلسطينية، ففيم التقت سيرة هذين الفارسين؟ وفيم افترقت؟

التقت سيرتهما بأنهما لم يأبها لمرض القطرية الذي بدأ يتفشى في العالم العربي، ولم يلتزم كل منهما العمل بقطره وحده، بل اعتبر الحاج أمين الحسيني أنه ليس ابن فلسطين فحسب، بل ابنا للأمة الإسلامية، لذلك شارك في أحداث العراق، وساهم في ثورة رشيد عالي الكيلاني عام 1941م، بل وحث على ذلك، وكذلك اجتمع بهتلر عام 1942م فخاطبه باسم العرب جميعا.

كذلك فعل الشيخ عز الدين القسام، فعندما جاء إلى فلسطين، تجاوز انتماءه السوري، واعتبر نفسه ابنا للأمة الإسلامية، وعليه أن يعمل في القضية الفلسطينية، فكلها قضايانا كمسلمين ، وهي قضايا أمة واحدة.

لذلك انخرط في القضية الفلسطينية، وحذر من مخاطر الاستعمار الانجليزي والهجرة اليهودية، ونبه إليهما، وحشد جماهير الشعب الفلسطيني لمواجهتهما من خلال منبر جامع الاستقلال، ونظم النابهين من الفلسطينيين الذين تجاوبوا معه، ثم خرج مجاهداً حاملا بندقيته، ثائرًا في مقدمتهم وليس من خلفهم، حتى استشهد في جبال فلسطين.

من الواضح أن العالميْن الجليلين غلّبا انتماءهما الإسلامي على انتمائهما القطري، وهذا واجب المسلم؛ لأن المسلم ينتمي إلى الأمة الإسلامية وليس إلى جغرافيا محددة.

افترق الحاج أمين الحسيني عن الشيخ عز الدين القسام بأن الأول عمل في الجانب السياسي للقضية الفلسطينية، وعمل الثاني في الجانب الجهادي للقضية الفلسطينية، وكلاهما أغنى وأثرى القضية الفلسطينية خير إغناء وإثراء، وكان عملهما في صالح القضية الفلسطينية، ثم اجتمع الجهدان، بعد أن اشتعلت الثورة عام 1936م، وقاد الحاج أمين الحسيني الجميع بعد استشهاد عز الدين القسام، ورعى تلاميذ وأبناء العصبة القسامية وتنظيم “الجهادية”، وأصبحوا جميعا في صف واحد، وأصبح الكيانان كيانًا واحدًا في كل مراحل القضية الفلسطينية بعد ثورة 1936م، ثم في حرب عام 1948م التي قامت بعد انسحاب انجلترا من فلسطين وإنهاء الانتداب البريطاني في 15/5/1948م، وقد عمل رجالات تنظيم القسام بإمرة الحاج أمين الحسيني في “قوات الجهاد المقدس” التي أنشأها الحاج أمين الحسيني لمواجهة اليهود عام 1948م من خلال “الهيئة العربية العليا” التي أسستها الجامعة العربية عام 1946م، والتي كان يرأسها الحاج أمين الحسيني، واستمر التعاون بين الحاج أمين وجماعة القسام بل تم اللقاء الكامل بينهما إلى حين وفاته عام 1974م.

وقد التقى الجهدان (الحسيني) و(القسامي) في ثورة 1936م، وفي كل مراحل القضية الفلسطينية بعدها؛ فكانا فارسين عظيمين من فرسان الأمة، تجاوزا مرض القطرية في كثير من مراحل عملهما، فرحمهما الله رحمة واسعة.

 

[1] * كاتب ومفكر إسلامي فلسطيني.

[2] تاريخ فلسطين الحديث، عبد الوهاب الكيالي: 251.

ظهرت المقالة فارسا القضية الفلسطينية: الحاج الحسيني والشيخ القسام أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/knights-of-the-palestinian-cause/feed/ 0 12113
انتصار طالبان: التفسير وتصويب المسير https://www.al-ommah.com/%d8%b7%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%81%d8%b3%d9%8a%d8%b1-%d9%88%d8%aa%d8%b5%d9%88%d9%8a%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d9%8a%d8%b1/ https://www.al-ommah.com/%d8%b7%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%81%d8%b3%d9%8a%d8%b1-%d9%88%d8%aa%d8%b5%d9%88%d9%8a%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d9%8a%d8%b1/#respond Sat, 11 Sep 2021 13:39:25 +0000 https://al-ommah.com/?p=9258 ليس من شك بأن خروج الولايات المتحدة ومن معها من الحلفاء من أفغانستان انتصار كبير لطالبان، لكنه -في الوقت نفسه- انتصار للأمة ودينها وقيمها ومبادئها ورسالتها التي خرجت طالبان من رحمها، واستندت إليها في بنائها، وحشدت جماهيرها من محيطها. ولقد جاء انتصار طالبان بعد فشل الولايات المتحدة الأمريكية في حكمها […]

ظهرت المقالة انتصار طالبان: التفسير وتصويب المسير أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
ليس من شك بأن خروج الولايات المتحدة ومن معها من الحلفاء من أفغانستان انتصار كبير لطالبان، لكنه -في الوقت نفسه- انتصار للأمة ودينها وقيمها ومبادئها ورسالتها التي خرجت طالبان من رحمها، واستندت إليها في بنائها، وحشدت جماهيرها من محيطها.

ولقد جاء انتصار طالبان بعد فشل الولايات المتحدة الأمريكية في حكمها لأفغانستان، وتجلى هذا الفشل في أمرين، هما:

الأول: هو الفشل في تغريب المجتمع الأفغاني، بمعنى إيجاد مجتمع أفغاني يزاوج بين القيم الغربية والإسلام، أو قل بمعنى آخر: تطويع الإسلام لصالح مبادئ الحضارة الغربية، مع طمس هويته الإسلامية، وهو ما سعت إليه أوروبا بعد سقوط الخلافة العثمانية في عام 1924، ثم استلمت الراية أمريكا من أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، وكان احتلال أفغانستان إحدى حلقات هذا التغريب، وجاءت في إطار “مشروع الشرق الأوسط الجديد” الذي طرحه بوش بعد إسقاط برجي التجارة في نيويورك عام 2001.

الثاني: هو فشل أمريكا في صناعة قيادة جديدة يقبل بها الشعب الأفغاني: بدءًا من حامد كرزاي وانتهاء بأشرف غني ومرورًا بعبد الله عبد الله، وهذه القيادات نبذها الشعب الأفغاني، وبقي وفيًا لقيادته السابقة المتمثلة بقيادة طالبان.

وقد أثبت الشعب الأفغاني أنه شعب مسلم، يريد قيادة إسلامية، وهو لن يخضع ولن يذعن إلا لقيادة إسلامية، تدين بالإسلام، وتنطلق به، وتحمل رايته، وهو ما وجده في طالبان، لذلك أسلم كيانه لها، ولم يسلمه لعملاء أمريكا وأذناب الحضارة الغربية.

وهذا الفشل لأمريكا في أفغانستان يذكرنا بفشلين آخرين في مكانين آخرين، هما:

  • الأول: فلسطين، وهو فشل إسرائيل في تغريب الشعب الفلسطيني وطمس هويته بعد نكسة عام 1967.
  • والثاني: سورية، وهو فشل قيادة البعث في اقتلاع الإسلام واستئصال المتدينين من سورية بعد الانقلاب في عام 1963.

أما فلسطين فقد مارست إسرائيل بعد احتلالها الضفة الغربية وغزة عام 1967 كل أنواع التأثير الفكري والثقافي والإفساد الأخلاقي والإغراء المادي، من خلال برامج مرتبة ومدروسة ومعدة إعدادًا محكمًا من أجل تغريب المجتمع الفلسطيني وطمس هويته الإسلامية، وإعداد قيادة مهادنة لإسرائيل، لكنها فشلت في الأمرين وانبثقت -على العكس من ذلك- الانتفاضة الأولى في نهاية عام 1987، وتحركت فيها جماهير الشعب الفلسطيني في كل أنحاء غزة والضفة الغربية بقيادة حماس والجهاد الإسلامي، واستمرت لمدة ست سنوات حتى وقع ياسر عرفات اتفاقية أوسلو في أيلول من عام 1993.

أما سورية فقد قفز البعث عام 1963 إلى حكم سورية من خلال انقلاب عسكري، وقد استهدف البعث اقتلاع الدين من حياة السوريين، واستئصال المتدينين بحجة أن كليهما رجعيون، معادون للنهضة والتقدم، فلا بد من استئصالهما، مستلهما في ذلك الفكر القومي العلماني، والفكر الاشتراكي الماركسي.

ثم تمكنت الطائفة العلوية من الحكم متعاونة مع حزب البعث بعد انقلاب حافظ أسد على الحكم في عام 1970 واستمر الطرفان متعاونين من أجل اقتلاع الدين واستئصال المتدينين، لكنها فشلا في ذلك فشلًا ذريعًا، وأبرز ما يدل على ذلك هو الثورة السورية التي بدأت في 15/3/2011، والتي انطلقت من المساجد، وكان مادتها الجمهور المسلم، بشعارات إسلامية في مواجهة الطغيان، وقدمت هذه الثورة مليون شهيد على الأقل بعد عشر سنوات، وضعفهم من الجرحى والمعاقين وقدمت اثني عشر مليونًا من المهجرين بين الداخل والخارج.

إن هذه الأمثلة الثلاثة في انتصار طالبان وفشل أمريكا في تغريب الشعب الأفغاني، وفي انتصار حركة حماس والجهاد الإسلامي وفشل إسرائيل في طمس هوية الشعب الفلسطيني الإسلامية، وكذلك انتصار الشعب السوري لدينه وعلمائه في مواجهة محاولة البعث لاقتلاع الدين الإسلامي واستئصال المتدينين، كل ذلك يؤكد حيوية هذه الأمة، وكل ذلك يحتم ضرورة التواصل والاستفادة من تجارب بعضنا، والتعاون على مواجهة الأعداء المشتركين لنا معًا.

وتبرز تلك الأمثلة أن الأمة التي أنجبت جيل الانتفاضة في فلسطين بعد عشرين سنة من الاحتلال والقهر والإذلال والتخريب، والإفساد والإفقار بين عامي 1967 – 1987، هي نفس الأمة التي أنجبت طالبان “طلاب المدارس الشرعية” الذين حرروا أفغانستان بعد عشرين سنة من الاحتلال والتدمير والإذلال والإفقار والإفساد الذي قامت به أمريكا بين عامي 2001 – 2021، وهي نفس الأمة التي أنجبت ثورة سورية عام 2011 بعد خمسين سنة من محاولة اقتلاع الدين الإسلامي واستئصال المتدينين الإسلاميين بأعنف الطرق وأشدها شراسة وإجرامًا، وكان الفشل في النهاية هو ثمرة كل هذه التجارب وهذا يوضح أن هذه الأمة عصية على التخريب والتدمير، وأنها تملك رصيدًا من الثقة بدينها وقيمها ومبادئها ورصيدًا من الشخصية التاريخية والصوابية ما يجعلها تواجه بها محاولات التدمير والتفتيت في كل مكان، كما فعلت ذلك في كل من فلسطين وسورية وأفغانستان.

هذه بعض الأضواء على الماضي والحاضر الذي تمر به طالبان، أما بالنسبة للمستقبل فأهم ما يجب أن تحرص عليه طالبان هو صلتها بأمتها، والأهم -الآن- أن تستفيد من هذه الصلة في بناء نفسها في مختلف المجالات العلمية، والاقتصادية، والاجتماعية، والتكنولوجية إلخ..

وفي مجال علاقات طالبان مع الأمة، تبرز التجربة السابقة التي خاضتها طالبان مع أسامة بن لادن، والتي تمثلت في استقبالها له في عام 1996 قادمًا من السودان، ثم أعلن أسامة بن لادن مع أيمن الظواهري في قندهار 1998 عن اندماج تنظيميهما تحت مسمى “الجبهة العالمية للجهاد ضد اليهود والصليبيين” ثم نفذت هذه الجبهة عدة أعمال عدائية ضد أمريكا أولها كان تفجير السفارتين الأمريكيتين في نيروبي ودار السلام في 7-8-1998 ثم نفذت هجماتها ضد أمريكا ودمرت برجي التجارة في 11-9-2001 مما استدعى الرد الأمريكي ومهاجمة أفغانستان في 7-10-2001 ثم احتلالها، واقتلاع طالبان من الحكم في أفغانستان.

ليس من شك بأن هذه التجربة تجربة مرة في علاقة طالبان مع أمتها، لكن يحسب لها وفاؤها لأبناء أمتها، فقد رفضت تسليم بن لادن لأمريكا من أجل محاسبته على القيام بتفجيرات أمريكا وكان هذا السبب المباشر في إنهاء حكمها لأفغانستان. لذلك نأمل ألا تكون هذه التجربة المرة سببًا في الحيلولة دون تعامل طالبان مع إخوانها المسلمين خارج أفغانستان.

وأعتقد أن طالبان تدرك أنها جزء من أمة عظيمة تمتد من طنجة إلى جاكرتا، ومن الواضح أن هذه الأمة ذات إمكانيات هائلة وكبيرة، ويجب أن تعتبر طالبان نفسها طليعة هذه الأمة، وتقودها، وتستفيد من كل طاقاتها: العلمية والاقتصادية والثقافية والسياسية والاجتماعية إلخ….

ومن المفيد أن تعلم طالبان أن هذه الأمة العظيمة والممتدة من طنجة إلى جاكرتا هي عمقها ومادتها الرئيسية، وجمهورها الذي يتطلع إليها في إعادة الأمة والدين إلى قيادة البشرية، فكما أن الإسلام خرج من الجزيرة العربية وأنشأ حضارة منقذة للبشرية في المرة الأولى، يمكن أن يخرج من أفغانستان لينقذ البشرية في المرة الثانية.

الخلاصة:

بيّنا في العرض السابق أن انتصار طالبان في أفغانستان أبرز فشلين للولايات المتحدة الأمريكية، هما: الفشل في تغريب المجتمع الأفغاني، والفشل في توليد قيادة بديلة لطالبان تقود الشعب الأفغاني وهذا الفشل الأمريكي ذكرنا بفشلين آخرين وهما: فشل إسرائيل في طمس هوية الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة بعد احتلالها لهما عام 1967، وفشل البعث في سورية في اقتلاع الدين واستئصال المتدينين بعد استلام السلطة عام 1963.

ثم عرجنا على التجربة المرة التي عاشتها طالبان مع أسامة بن لادن، وقلنا إن هذه التجربة يجب أن لا تجعلها تحجم عن التعاون مع أمتها الإسلامية.

ثم بيّنا أن طالبان جزء من أمة عظيمة تمتد من طنجة إلى جاكرتا، وأن عليها أن تستفيد من طاقات هذه الأمة وامكاناتها الهائلة، وأن تقودها لإنقاذ البشرية من السقوط الذي تتردى فيه الآن.

نشر المقال في موقع عربي 21 بعنوان لماذا فشلت أمريكا وحلفاؤها في تغريب أفغانستان؟

ظهرت المقالة انتصار طالبان: التفسير وتصويب المسير أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d8%b7%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%81%d8%b3%d9%8a%d8%b1-%d9%88%d8%aa%d8%b5%d9%88%d9%8a%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d9%8a%d8%b1/feed/ 0 9258
قراءة في وقائع من حياة محمد عبده https://www.al-ommah.com/%d9%85%d8%ad%d9%85%d8%af-%d8%b9%d8%a8%d8%af%d9%87/ https://www.al-ommah.com/%d9%85%d8%ad%d9%85%d8%af-%d8%b9%d8%a8%d8%af%d9%87/#respond Fri, 04 May 2018 03:31:27 +0000 https://al-ommah.com/?p=1062 لقد لعب محمد عبده دوراً كبيراً على الصعيدين الفكري والسياسي في تاريخ مصر، وجاء هذا الدور من كونه تبوّأ مناصب عالية في حياة مصر، وأبرزها كونه أصبح مفتياً لها منذ عام 1899م. وقد ألّف عدداً من الكتب في مختلف المجالات الشرعية والدينية والحضارية…، ويمكن أن نعتبره غزير الإنتاج الفكري والثقافي […]

ظهرت المقالة قراءة في وقائع من حياة محمد عبده أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
لقد لعب محمد عبده دوراً كبيراً على الصعيدين الفكري والسياسي في تاريخ مصر، وجاء هذا الدور من كونه تبوّأ مناصب عالية في حياة مصر، وأبرزها كونه أصبح مفتياً لها منذ عام 1899م. وقد ألّف عدداً من الكتب في مختلف المجالات الشرعية والدينية والحضارية…، ويمكن أن نعتبره غزير الإنتاج الفكري والثقافي على عكس أستاذه جمال الدين الأفغاني الذي كان محدود الإنتاج الفكري، لذلك يمكن أن نعتبره رأساً من رؤوس التأثير في المسار الفكري والثقافي للأمة منذ مطلع القرن العشرين، وترك آثاراً في النخبة الثقافية التي برزت بعد ذلك من أمثال: قاسم أمين، سعد زغلول، أحمد لطفي السيد، طه حسين، عباس محمود العقاد..

ومن المؤسف أن هناك اضطراباً في الموقف نحوه وفي تقويمه، مع أنه يفترض أن تكون الساحة الثقافية قد قومته التقويم الدقيق، من أجل أن نبني على الصواب الذي أرساه، ونتجنب الخطأ الذي وقع فيه، ولكننا لا نجد ذلك بكل أسف متحققاً، والسبب في ذلك هو ضعف الدراسات التقويمية التي تصدر أحكاماً بناء على معايير محددة من جهة، وعلى الموقف العاطفي من الرموز التاريخية من جهة ثانية. ونحن من أجل تحريك المياه الراكدة، ومن أجل إعطاء حكم على بعض أحوال محمد عبده، وجانب من وقائع حياته، سندرسه من ثلاث زوايا، هي:
1. دخوله إلى المحفل الماسوني.
2. موقفه من الاحتلال الإنجليزي لمصر.
3. موقفه من مادية الحضارة الغربية.

محمد عبده والمحفل الماسوني

لقد أسّس جمال الدين الأفغاني محفلاً ماسونياً في مصر تحت اسم المحفل الماسوني الشرقيي الفرنساوي، ودخل فيه محمد عبده، وقد التمس بعض الناس العذر لـمحمد عبده وجمال الدين الأفغاني في قبولهما للماسونية، وكانت حجتهم أن الماسونية لم تكن معروفة في زمنهم كما هي عليه الآن، وهي مجهولة بالنسبة لهم، لذلك فهم معذورون في دخولهم هذا، وفي عملهم ذاك. والحقيقة إنّ هذا العذر غير مقبول، فهو إذا كان مقبولاً من إنسان عادي، فلا يمكن أن يُقبل من محمدد عبده الذي هو علم من أعلام الأمة من جهة، وهو -بالتالي- يملك تفكيراً عميقاً ومتقدماً، ويملك نظرة ثاقبة للأمور، ويُفترض أن يكون متحرياً لأي تصرف يتصرفه، لذلك لا يمكن أن يُقبل من كلا الشخصين: جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده مثل هذا التصرف، وإن كان يمكن أن يُقبل من سواهما لمن هو دونهما في العقلية، وعمق النظر، وبُعْد التفكير.

فعندما أسس جمال الدين الأفغاني محفله الماسوني في مصر، كانت الماسونية قد أصبحت معروفة الأهداف والتكوين والمؤسسات والتاريخ في أوروبا في القرن التاسع عشر، وكان الأفغاني ومحمد عبده يمكن أن يصلا إلى كل ما يتعلق بالماسونية من كل تلك المعلومات نتيجة ثقافتهما، واطلاعهما على حضارة الغرب من جهة، وعيشهما معاً في باريس ولندن عدة سنوات من جهة ثانية. فالماسونية نشأت في القرن السابع عشر في أوروبا، ولعبت دوراً سياسياً كبيراً في دفع الأحداث وتطويرها في القرن الثامن عشر كالثورة الفرنسية، وكانت قد أصبحت معروفة في القرن التاسع عشر، وكل هذا يمكن أن تصل إليه إمكانيات جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، وبالتالي يقفان موقف الحذر والعداء لهذه التنظيمات التي تقوم على أفكار وأهداف غير سليمة وغير مقبولة من ناحية وحدة الأديان، ومن ناحية الدور السياسي، وكانت قد حاولت أن تلعب دوراً سياسياً في منطقتنا في القرن التاسع عشر في إثارة المشاكل في وجه الخلافة العثمانية، من أجل تمزيقها.

موقف محمد عبده من الاحتلال الإنجليزي لمصر

لقد تعاون محمد عبده مع الاحتلال الإنجليزي لمصر، وقد تمثل هذا التعاون في مدّ يده إلى “كرومر”” المندوب السامي البريطاني في ذلك الحين، وقد تجسد التعاون بأن قدّم له عدّة مذكرات من أجل تغيير الأوضاع، ومنها مذكرة في إصلاح التعليم، كما تعاون معه في إنشاء معهد لقضاة الشرع في مصر بناء على نصيحة من المندوب السامي في البوسنة ، الذي أشار على كرومر بإنشاء هذا المعهد على غرار ما قام به في البوسنة، وبعد أن وضّح له نجاح الفكرة وفوائدها في البوسنة، ويمكن الاستفادة منها في مصر، فتذاكر اللورد كرومر مع محمد عبده في تنفيذ الفكرة، وتجاوب محمد عبده مع اللورد كرومر، وتعاونا في تحقيق ذلك المشروع، وكان هدف كرومر من إنشاء هذا المعهد هو تزويد الطالب ببرامج ثقافية ذات طابع تحرري لا تحصر الطالب في الدراسات الدينية الخالصة.

ونشب صراع بين السلطتين: الخديوية والإنجليزية، وكان يُنظر إلى سلطة الخديوي بأنها شرعية، وإلى سلطة كرومر بأنها مُغتصبة وغير شرعية، وبرّر محمد رشيد رضا هذا الانحياز بأنه من أجل أن يتمكن محمد عبده من العيش في مصر، ولكن هذا التبرير غير مقبول بحال من الأحوال، لأن المبادئ فوق الأشخاص ومصالحهم، وهذا ما سار عليه الأنبياء والصالحون وعلماؤها الربانيون على مدار التاريخ. وهدف محمد عبده من تعاونه مع اللورد كرومر الإنجليزي تحقيق الإصلاح، لكنّ الإصلاح الحقيقي يكون بأمرين: الأول: السعي إلى طرد المحتل الأجنبي من جهة، والثاني: الانحياز إلى الأمة من جهة ثانية، والعمل مع العلماء الآخرين على إصلاح ما يمكن إصلاحه في مجال التعليم والاقتصاد والاجتماع والعبادة والفكر والثقافة واللغة..

موقف محمد عبده من مادية الحضارة الغربية

من الواضح أن الحضارة الغربية هي أكبر تحدّ علمي وثقافي وسلوكي واجه المسلم خلال القرنينن الثامن عشر والتاسع عشر، لذلك كانت إحدى مهام العلماء هو اتخاذ الموقف السليم من هذه الحضارة من أجل النجاح في تحدي هذه المواجهة، وتجاوزها، ونقل المسلم إلى دائرة الفعل الحضاري. من الواضح أن الحضارة الغربية قامت على عدّة دعائم أبرزها: المادية، وإنكار كل ما هو غيبي منن مثل: الروح والجنة والنار والملائكة والشياطين…، واعتبار كل تلك المقولات خرافات وأوهاماً، جاء بها رجال الدين من أجل السيطرة على عقول العوام، وابتزازهم، وتقييدهم، وسلبهم أموالهم.

ليس من شك بأن هذه القضية هي إحدى القضايا الرئيسية التي واجهت العلماء المسلمين، فكيف واجههاا محمد عبده؟ واجهها محمد عبده بأن لجأ إلى التأويل من أجل أن يقلل الفجوة بين عالم الغيب والشهادة، لذلك أوّلل الجن بالميكروبات التي عُرفت بالنظارات المكبرة، كما أوّل النفاثات في العقد بالنمّامين المقطّعين لروابط الألفة، المُحرِقون لها بما يُلقون عليها من ضرام نمائمهم. كما أوّل طير الأبابيل بجنس البعوض أو الذباب، وحجارة السجيل بأنها طين يابس مسموم هي جراثيمم مرض الجدري أو الحصبة.

وقد أوّل محمد عبده خلق عيسى عليه السلام بأحد وجهين:
الأول: اعتقاد قوي استولى على قلب مريم عليها السلام فأحدث الحمل بها، وكثيراً ما يكون الاعتقادد بالمرض مثلاً مسبباً له.
الثاني: روح لطيف أرسله الله إلى مريم فأحدث التقليح بها، وغالباً تؤثر الأرواح اللطيفة في الأجسام الكثيفة.

المهم أنّ محمد عبده حاول أن يضيّق الفجوة بين عالم الغيب وعالم الشهادة بخطوات تأويليه، واستندد أكثر ما استند عليه فيما توصلت إليه الحضارة الغربية من اكتشافات مادية في مجال الطبيعة والعلم. ولكن الحقيقة أنّ هذا التوجه ذو نتائج خطرة، فهو لا يحل مشكلة المادي الكافر بالغيوب، ويمكن أن يهزّ إيمان المؤمن وطريقة إيمانه، مع أن الإيمان بالغيب أمر مقبول ومبرّر عقلياً، وكان عليه أن يبين أنّ إنكار عالم الغيب في الحضارة الغربية موقف خاطئ جاء نتيجة ظرف خاص مرتبط بالحضارة الغربية، ونتيجة رد الفعل على أخطاء الكنيسة التي عادت الفطرة والعقل في القرون الوسطى، فقامت الحضارة الغربية على معاداة الدين، والتنكّر لكثير من حقائقه، ومنها: وجود الغيوب، بل بالعكس إن عالم الغيب أكبر من عالم الشهادة، كما هو واضح في مختلف أمور حياتنا، لذلك فإن موقف محمد عبده يمكن أن نعتبره خطوة إلى الوراء في التعامل مع الحضارة الغربية.

الخلاصة: إنّ تقويمنا لـمحمد عبده سيكون سلبياً في الجوانب الثلاثة التي تحدثنا عنها وهي: دخول المحفل الماسوني، والتعاون مع المحتل الإنجليزي، والموقف من الحضارة الغربية، ومحاولة تأويل مفردات عالم الغيب الإسلامي لصالح المادية الغربية.

ظهرت المقالة قراءة في وقائع من حياة محمد عبده أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d9%85%d8%ad%d9%85%d8%af-%d8%b9%d8%a8%d8%af%d9%87/feed/ 0 1062
الدولة الإسلامية: العقبات التي تواجه إقامتها https://www.al-ommah.com/state/ https://www.al-ommah.com/state/#respond Thu, 28 Dec 2017 11:00:00 +0000 https://al-ommah.com/?p=1049 تمر أمتنا بأوضاع في منتهى السوء، كما هو واضح، فلو أجرينا جرداً للتطورات التي حصلت خلال المائة سنة الماضية، نجد أنها تسير من سيئ إلى أسوأ، منذ أن بدأت بإسقاط الدولة العثمانية، ثم تبعها الاستعمار وتقسيم البلاد، ثم قيام اسرائيل عام 1948، ثم نكسة حزيران التي في وقعت في 5/6/1967 […]

ظهرت المقالة الدولة الإسلامية: العقبات التي تواجه إقامتها أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
تمر أمتنا بأوضاع في منتهى السوء، كما هو واضح، فلو أجرينا جرداً للتطورات التي حصلت خلال المائة سنة الماضية، نجد أنها تسير من سيئ إلى أسوأ، منذ أن بدأت بإسقاط الدولة العثمانية، ثم تبعها الاستعمار وتقسيم البلاد، ثم قيام اسرائيل عام 1948، ثم نكسة حزيران التي في وقعت في 5/6/1967 والتي احتلت فيها اسرائيل أضعاف ما قامت عليه، فاحتلت سيناء من مصر، والضفة الغربية من الأردن، والجولان من سورية، وما زلنا نعيش آثار ذلك الاحتلال ومشاكله.

ثم جاء احتلال آخر وهو احتلال أمريكا لأفغانستان عام 2001، ثم احتلال أمريكا للعراق عام 2003، ثم انتقلنا إلى احتلال إيران وروسيا وأمريكا لسورية بين عام 2011-2017م.

وإن أوضاع أمتنا الآخرى من اقتصادية وسياسية وعسكرية واجتماعية في البلدان الأخرى غير المحتلة سواء في المغرب العربي أو أفريقيا أو آسيا لا تقل سوءاً عن البلدان المحتلة، وهي من تدهور إلى آخر، ومن سفول إلى ما هو أسفل.

لو تساءلنا: ما هو السر في هذا التدهور والاحتلالات والسفول؟ لوجدنا الجواب على ذلك واضحاً وجلياً وهو: غياب الدولة الإسلامية التي يجب أن ترعى شؤون الأمة، وتحافظ عليها، وتنمي طاقتها ودورها، وهو العامل الأول في هذا التدهور والسفول، ولا شك أن هناك عوامل أخرى وراء ما يصيب أمتنا، لكنها تأتي ثانياً وثالثاً ورابعاً إلخ…

وهذه الأوضاع السيئة التي نعيشها، لا تمنعنا من أن نشير إلى فاعلية هذه الأمة وحيويتها التي تتضح في التضحيات التي تقدمها لكي تدفع المساوئ الناتجة عن مخططات الأعداء، في كل الساحات كفلسطين والعراق وسورية واليمن.

ولقد تحرك العلماء والمفكرون والزعماء بعد سقوط الدولة العثمانية، وأسسوا حركات في مختلف أنحاء العالم الإسلامي من أجل إعادة الدولة الإسلامية بعد الحرب العالمية الأولى نتيجة القناعات التي كانت تملأ عقولهم وقلوبهم بوجوب إقامة الدولة الإسلامية، وتنصيب إمام للمسلمين، وكان أبرز هذه الحركات: الإخوان المسلمون في مصر على يد حسن البنا، والجماعة الإسلامية في باكستان على يد أبي الأعلى المودودي، ثم جاء حزب التحرير في القدس على يد تقي الدين النبهاني.

مواقف حول فكرة الدولة الإسلامية

ومع كل الجهود التي بذلت من أجل تحقيق ذلك الهدف، فإن الدولة لم تقم خلال المائة سنة الماضية لكي تسدّ هذه الثغرة في حياة الأمة ووجودها، وهذا الهدف يتعرض -الآن- لثلاثة أنواع من المواقف هي:

الأول: المشوهون لفكرة الدولة الإسلامية

وهم الذين استغلوا التطبيق السيء لتعاليم الإسلام في دولتي داعش وطالبان من أجل دفع الناس إلى الكفر بهذا المطلب الشرعي، والقول بأنه لن تكون أية دولة إسلامية قادمة بأحسن حالاً مما قامت به طالبان وداعش، فعليكم الإقلاع عن فكرة إقامة الدولة، وهم يركّزون على كل أنواع تطبيقات الدولتين إعلامياً من أجل الوصول إلى ذلك الهدف.

الثاني: المهونون من شأن الدولة الإسلامية

ومن ضمنهم بعض الكتاب من أمثال محمد عمارة وسعد الدين العثماني وفهمي هويدي وغيرهم، الذين ادعوا أن إقامة الدولة من الفروع، واستندوا في ذلك إلى أقوال ابن تيمية بالدرجة الأولى، وبعض الأئمة الآخرين كالغزالي، والمؤكد أن جميع الأئمة الذين قالوا إن “الإمامة من الفروع” إنما كان حديثهم رداً على الشيعة في اعتبارهم تعيين الأئمة بالنص أهم المطالب في الدين، ويمكن أن نأخذ مثالاً على ذلك قول ابن تيمية الذي رد فيه على ابن المطهر الحلي الشيعي بشأن (ولاية الأئمة)  بأنها ليست من الأصول، وهو يعني أن تحديد الأسماء بالصورة التي يقولها الشيعة، وهو النص من الوحي على أن علي بن أبي طالب ومن بعده الحسن والحسين إلى آخر الأئمة الاثني عشر الذين تدعي الشيعة ضرورة مبايعتهم، وتعتبر –هذه المبايعة- من أهم المطالب في أحكام الدين ومن الأصول، فابن تيمية ينفي هنا ذلك المعنى الشيعي.

ومن أجل أن نوضح المعنى الذي انتهى إليه ابن تيمية، فإننا سنفصّل المحاور التي تقوم عليها الدولة الإسلامية، وعند التفصيل سنجد أنها تقوم على محورين، هما:

  • الأول: تطبيق الشريعة من جهة.
  • الثاني: تنصيب إمام للمسلمين يقود الدولة من جهة ثانية.

وعند العودة إلى مجمل كلام ابن تيمية في الفتاوى وغيرها عن المحورين نجد أنه يقول بفرضية المحورين ووجوبهما، وهو ما ينفي التلبيس والتدليس الذي لجأ إليه بعض الكتّاب من خلال الإيهام بأن ابن تيمية لا يقول بوجوب أحد المحورين أو كليهما.

الثالث: المهولون لفكرة إقامة الدولة

قد يقول بعضهم إن الوصول إلى الدولة الإسلامية في هذا العصر مستحيل، وذلك بسبب النظام الدولي الذي يمانع في ذلك، ويحاربه أشد المحاربة، والحقيقة أن الشعب الذي يعوّل على النظام الدولي من أجل تحقيق أهدافه هو شعب واهم وغير مستحق للحياة، فالنظام الدولي لا يحقق أهداف الشعوب والأمم، بل يحقق مصالح واضعيه وصانعيه، وهو استغلال الشعوب وإخضاعها لبرامجه وثقافته وتجارته وصناعته.

بل على العكس من ذلك فمن الممكن تحقيق قيام الدولة، وليس ذلك مستحيلاً، شريطة أن نعي قيمة هذا الهدف ووجوبه، ونهيء الإرادة والعزيمة التي نحتاجها لتحقيق ذلك الهدف، وبخاصة إننا نملك مقوماً مهماً وأساسياً لتحقيق إقامة الدولة، وهو امتلاكنا لمقوم وجود الأمة الواحدة، وهو شرط أساسي لقيام هذه الدولة، فنحن نملك أمة واحدة تمتد من طنجة إلى جاكرتا، تمتلك وحدة ثقافية، وهذا الاتساع يعطي الدعاة فرصاً متعددة لإقامة هذه الدولة، في أكثر من بلد.

لكن إقامة الدولة يصبح مستحيلاً عند افتقاد هذا الشرط وعند غياب هذه الأمة، وعند تفتيت هذه الوحدة الثقافية. ومن الواضح أن الغرب بعد أن أسقط الدولة العثمانية، وأنهى الخلافة عام 1924، تحوّل إلى إنهاء وجود هذه الأمة عن طريق تفتيت الوحدة الثقافية والوحدة السياسية، وركّز على عوامل هذه الوحدة وهي: القرآن الكريم، والسنة المشرفة، واللغة العربية، والتاريخ المشترك، والدور الحضاري إلخ…، فهو قد شكك في تلك العوامل وسعى إلى تفتيتها على مدار قرنين من الزمان، أما الوحدة السياسية فها هو يعمل باستمرار على تفكيك البنى السياسية، فها هو قد جزّأ السودان إلى سودانين، والعراق إلى ثلاث دول، والحبل على الجرار كما يقولون.

لذلك أعتقد الآن، أنه يجب على كل الدعاة المخلصين والعلماء والأحزاب والجماعات والمشايخ العاملين في حقل الدعوة الإسلامية، والحاملين لهم الإسلام أن يعملوا على محورين في المرحلة القادمة:

  • الأول: مقاومة الغرب في محاولات التفتيت الثقافي والتجزيء السياسي لهذه الأمة.
  • الثاني: السعي إلى تطبيق الشرع الإسلامي، وإقامة الدولة الإسلامية وتنصيب الإمام المسلم، وهذا من أبرز الواجبات والفروض عليهم، فإذا فعلوا ذلك، وحققوا ذلك الهدف فإن الأمة تصبح في قوة وعزة ومنعة، وتؤدي دورها الحضاري المنوط بها منذ قرون.

الخلاصة

إن أمتنا تمر بأسوأ ظروف مرت عليها في تاريخها من الضعف الاقتصادي والسياسي والعسكري..، وسبب ذلك عدم وجود دولة تقود هذه الأمة، ومع أن عدداً من الشخصيات والحركات استهدفت قيام الدولة في مطلع القرن العشرين، لكن ذلك لما يتحقق حتى الآن، وانقسم المسلمون إزاء عدم تحقيق ذلك الهدف إلى ثلاثة أصناف: المشوّه والمهوّن والمهوّل، لكن الحقيقة إن قيام الدولة أمر ممكن وضروري لأننا نملك أهم مقوّم لقيامها وهو وجود أمة حية وفاعلة تمتد من طنجة إلى جاكرتا.

ظهرت المقالة الدولة الإسلامية: العقبات التي تواجه إقامتها أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/state/feed/ 0 1049
لماذا وقعت الانقلابات على الديمقراطية؟ https://www.al-ommah.com/%d9%84%d9%85%d8%a7%d8%b0%d8%a7-%d9%88%d9%82%d8%b9%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%86%d9%82%d9%84%d8%a7%d8%a8%d8%a7%d8%aa/ https://www.al-ommah.com/%d9%84%d9%85%d8%a7%d8%b0%d8%a7-%d9%88%d9%82%d8%b9%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%86%d9%82%d9%84%d8%a7%d8%a8%d8%a7%d8%aa/#respond Sat, 21 Oct 2017 16:38:49 +0000 https://al-ommah.com/?p=1031 ليست الديمقراطية حديثة الولادة في منطقتنا، فقد عرفت بلادنا العربية النظام الديمقراطي معرفة جيدة بعد الحرب العالمية الأولى في أكثر البلاد العربية ومنها: مصر، والعراق، وسورية، ولبنان، والأردن، والجزائر، وتونس، والمغرب إلخ…. ونحن سنتوقف عند التجربة الديمقراطية في مصر، لأن مصر بلد عربي كبير المساحة وكثير السكان، ويملك مؤسسات عريقة […]

ظهرت المقالة لماذا وقعت الانقلابات على الديمقراطية؟ أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
ليست الديمقراطية حديثة الولادة في منطقتنا، فقد عرفت بلادنا العربية النظام الديمقراطي معرفة جيدة بعد الحرب العالمية الأولى في أكثر البلاد العربية ومنها: مصر، والعراق، وسورية، ولبنان، والأردن، والجزائر، وتونس، والمغرب إلخ….

ونحن سنتوقف عند التجربة الديمقراطية في مصر، لأن مصر بلد عربي كبير المساحة وكثير السكان، ويملك مؤسسات عريقة كالأزهر وغيره، لذلك سنتوقف عنده لدراسة تجربته الديمقراطية.

لقد انطلقت التجربة الديمقراطية في مصر بعد ثورة 1919 وقد بدأت بإقرار دستور عام 1923، وقامت انتخابات شملت كل أجزاء القطر المصري، أفرزت برلماناً مثّل الشعب المصري، وقامت أحزاب متعددة كان على رأسها حزب الوفد الذي قاده سعد زغلول، وقد عرفت تلك الديمقراطية مختلف أنواع الحريات، ومنها: حرية التعبير وإبداء الرأي، وإصدار الصحف، وتشكيل النقابات، وتسيير المظاهرات إلخ….

وقد رافق تلك التجربة في نظام الحكم أمر آخر وهو الطرح القومي، فقد اعتبرت القيادات السياسية -آنذاك- أن “مصر ذات قومية فرعونية” وأن الشعب المصري “أمة فرعونية”، وأن الإسلام لم يؤثر في حقيقة أن “الشعب المصري أمة فرعونية”، وقد أيّد هذا الرأي عدد كبير من الكتّاب من أمثال: طه حسين، وعباس محمود العقّاد، ومحمد حسين هيكل، وسلامة موسى إلخ…، ولا أريد أن أناقش هذا الطرح القومي، فقد ناقشته في أماكن أخرى، وبيّنت خطأه بالتفصيل.

لكن هذه التجربة الغنية الثرية –سياسياً وقومياً- تعثّرت، ليس هذا فحسب، بل أنهيت من خلال الانقلاب الذي قاده جمال عبدالناصر عام 1952، حيث استولى على السلطة، وعطّل الحياة البرلمانية، وألغى حرية الأحزاب، وإصدار الصحف، وأقام نظاماً ديكتاتورياً بدل النظام السياسي، واعتبر مصر جزءاً من القومية العربية والأمة العربية بدل الطرح القومي الفرعوني.

فلماذا وقع انقلاب مصر عام 1952 وأنهى التجربة الديمقراطية؟ الأرجح أن الانقلاب وقع من أجل الحيلولة دون جعل الأمة في مصر تعبّر عن حقيقتها الإسلامية، والتي اتضحت بانحسار التوجه الفرعوني، والسعي إلى تطوير النظام الديمقراطي ليتمشّى مع القيم الإسلامية من خلال أسلمة القوانين من مثل قانون إباحة الربا، ويمكن أن نوضّح ذلك في السطور التالية.

بعد أن سمح النظام الديمقراطي بقيام الأحزاب والجمعيات إثر ثورة 1919، برزت جمعيات إسلامية متعددة “كجمعية الإخوان المسلمين” و”جمعية الشبّان المسلمين”، و”جمعية الشريعة الغراء”، ومجموعة “مجلة الفتح” حول محبّ الدين الخطيب، ومجموعة “مجلة المنار” حول رشيد رضا إلخ…..

وبرزت شخصيات ثقافية ذات علم عميق من أمثال: مصطفى عبدالرازق الذي ألّف كتاب “تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية”، ومحمد أبو زهرة الذي ألف عدداً من الكتب حول علماء الأمة فقهائها، ومحمد عبدالله دراز الذي ألف عدداً من الكتب منها: “دستور الأخلاق في القرآن الكريم” حول النظرية الأخلاقية في الدين الإسلامي، و “النبأ العظيم” حول الإعجاز في القرآن الكريم، ومحمد البهي الذي ألّف كتاب “الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي”.

اضطرّ هذا الاكتساح من التيّار الإسلامي للساحتين: الثقافية والسياسية كثيراً من دعاة القومية الفرعونية ومنهم: طه حسين، وعباس محمود العقاد، ومحمد حسين هيكل، اضطرّهم أن يعدّلوا جانباً من فكرهم القومي، ويعترفوا بالإسلام، فبدأوا في الكتابة عن الإسلام بعد الحرب العالمية الثانية، مع أنهم لم يكتبوا حرفاً واحداً عن الإسلام منذ مطلع القرن العشرين.

فكتب عباس محمود العقاد عبقرياته عن شخصيات الإسلام، وكان من أبرزها: عبقرية محمد (ص)، وعبقرية أبوبكر، وعبقرية عمر، وعبقرية عثمان،  وغيرها كثير، وكتب طه حسين: مرآة الإسلام، الشيخان، الفتنة الكبرى في جزئين، وكتب محمد حسين هيكل: في منزل الوحي، حياة محمد، الصديق أبوبكر، الفاروق عمر.

من الواضح أن الأمة الإسلامية في مصر قد عبّرت عن حقيقتها الإسلامية: ثقافياً وسياسياً كما وضّحنا سابقاً، وتغلّبت على الطرح الفرعوني الذي أراد أن يطمس الحقيقة الإسلامية في مصر، مما اضطر الغرب إلى إنهاء التجربة الديمقراطية عن طريق انقلاب جمال عبدالناصر عام 1952.

ثم جرت محاولتان أخريان لتطبيق الديمقراطية: في الجزائر ومصر، لكنهما انتهتا كما انتهت تجربة عام 1952. أما الجزائر فقد أعلنت الحكومة الجزائرية عن تحوّل الجزائر إلى النظام الديمقراطي عام 1988، وأعلنت عن دستور جديد للبلاد عام 1989، وسمحت الحكومة الجزائرية بتشكيل الأحزاب، وإصدار الصحف، وأباحت حرية الاجتماعات، وأعلنت عن إجراء انتخابات نيابية عام 1991، وبالفعل أجريت هذه الانتخابات، وفاز فيها الإسلاميون بنسبة تفوق التسعين بالمائة.

لكن الجيش حلّ البرلمان وألغى الانتخابات، وألغى النظام الديمقراطي، وخضعت البلاد للأحكام العرفية، وللحكم العسكري، حيث بدأت “العشرية الحمراء” التي استمرت عشرة أعوام، وقتل فيها ما يقرب من مليون شخص نتيجة العمليات القتالية.

أما مصر فقد تمّت إعادة النظام الديمقراطي إليها إثر ثورة 25 يناير 2011، وجرت انتخابات برلمانية ورئاسية عام 2012، وفاز فيها الإسلاميون بأكبر عدد من المقاعد، كما فاز محمد مرسي برئاسة الجمهورية وهو مرشح التيار الإسلامي، لكن الجيش انقلب على محمد مرسي في 30 حزيران “يونيو” 2013، وأقام حكماً ديكتاتورياً.

والسؤال الآن: لماذا انقلب الجيش على النظام الديمقراطي في كل من الجزائر ومصر في عامي 1992 و2013؟ السبب هو أن الأمة الإسلامية في الجزائر ومصر قد عبّرت عن حقيقتها الإسلامية من خلال الفوز بالانتخابات، فدفع الغرب الجيش إلى إلغاء هاتين التجربتين.

لذلك يجب أن يعي الإسلاميون هذا الدرس، وهو أن الغرب سيحول دون أية تجربة تعطي الأمة فرصة للتعبير عن حقيقتها الإسلامية، ولو كان ذلك من خلال نظام ديمقراطي هو كان قد رسم حقائقه، وبلور أبعاده، ولا يمكن أن يتم ذلك إلا إذا فرض الإسلاميون هذا النظام فرضاً على الغرب.

لكن اعتراضاً يرد وهو عن التجربة الديمقراطية في تونس، فها هم الإسلاميون بقيادة “حزب النهضة” قد مضى ست سنوات على وجودهم في تلك التجربة، ولم يلغها أحد في تونس، فلماذا؟

السبب الرئيسي الذي أدى إلى عدم إلغاء التجربة الديمقراطية في تونس، هو تقديم التنازلات ل”العلمانية”، فقد كتب الغنوشي مقالاً تحت عنوان “الإسلام والعلمانية” اعتبر فيه أنه ليس هناك تعارض بين العلمانية والإسلام، كما أن “النهضة” قامت بفصل “العمل الدعوي” عن “العمل السياسي” في برنامج الحزب، وهي خطوة تمهيدية لفصل الدين عن الدولة، وقد أقرت بحرية الضمير في دستور تونس بما يعني إباحة الإلحاد والكفر. إن هذه التنازلات المنهجية هي السبب الأكبر في السماح للإسلاميين في تونس بالاستمرار دون غيرهم من الإسلاميين في تجارب أخرى.

الخلاصة: قامت عدة تجارب ديمقراطية في العالم العربي بعد الحرب العالمية الأولى، وكانت تجربة مصر الديمقراطية أغناها وأكثرها حياة، لكن تجربة مصر وغيرها من التجارب الديمقراطية ألغاها الغرب عن طريق الجيوش التي يتحكّم بقيادتها، والسبب في ذلك أن التيار الإسلامي قد عبّر من خلالها عن حقيقة وجود الأمة الإسلامية، ورغبتها في صياغة نظامها الذي يعبّر عن شخصيتها، وقد كانت تجربة تونس الاستثناء من القاعدة السابقة، لأنها قدّمت تنازلات منهجية مما جعل الغرب يسمح باستمراريتها.

رابط المقال في الجزيرة نت لماذا وقعت الانقلابات على الديمقراطية؟

ظهرت المقالة لماذا وقعت الانقلابات على الديمقراطية؟ أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d9%84%d9%85%d8%a7%d8%b0%d8%a7-%d9%88%d9%82%d8%b9%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%86%d9%82%d9%84%d8%a7%d8%a8%d8%a7%d8%aa/feed/ 0 1031
الوحدة الثقافية.. ملاذنا الأخير https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%ad%d8%af%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ab%d9%82%d8%a7%d9%81%d9%8a%d8%a9-%d9%85%d9%84%d8%a7%d8%b0%d9%86%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%ae%d9%8a%d8%b1/ https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%ad%d8%af%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ab%d9%82%d8%a7%d9%81%d9%8a%d8%a9-%d9%85%d9%84%d8%a7%d8%b0%d9%86%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%ae%d9%8a%d8%b1/#respond Wed, 21 Sep 2016 20:38:00 +0000 https://al-ommah.com/?p=2054 انطلق المشروع الغربي الصهيوني بعد الحرب العالمية الأولى لتجزئة وتفتيت أمتنا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا من أجل استغلالها ونهب خيراتها، وتحقيق زرع إسرائيل في فلسطين، ومحو شخصيتها الحضارية التاريخية من أجل تحقيق التغريب. وقد نجح المشروع الغربي الصهيوني في تحقيق التجزئة السياسية، فقسم بلاد الشام إلى أربع دول هي: سوريا، […]

ظهرت المقالة الوحدة الثقافية.. ملاذنا الأخير أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
انطلق المشروع الغربي الصهيوني بعد الحرب العالمية الأولى لتجزئة وتفتيت أمتنا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا من أجل استغلالها ونهب خيراتها، وتحقيق زرع إسرائيل في فلسطين، ومحو شخصيتها الحضارية التاريخية من أجل تحقيق التغريب.

وقد نجح المشروع الغربي الصهيوني في تحقيق التجزئة السياسية، فقسم بلاد الشام إلى أربع دول هي: سوريا، لبنان، فلسطين، الأردن.

كما نجح في تدمير الخلافة العثمانية من خلال إثارة المكونين لهذه الخلافة، وهما: العرق العربي والتركي على بعضهما البعض، مما أدى إلى تقاتل العرب مع الأتراك في الحرب العالمية الأولى، وانقسام الخلافة العثمانية إلى قسمين: عربي بقيادة الشريف حسين، وتركي بقيادة كمال أتاتورك.

وقد توجه المشروع الغربي الصهيوني إلى تحريك الطوائف و الأعراق والإثنيات في العالم العربي، ودغدغة أحلامها بكيانات مستقلة من أجل تفتيت الأمة، وحقق ذلك من خلال دول للمسيحيين والعلويين والدروز بعد الحرب العالمية الأولى في كل من لبنان وسوريا.

وقد وعد اليهود بإقامة دولة لليهود في فلسطين بعد الحرب العالمية الأولى، ونجح في إعلانها عام 1948، وهو الآن يدغدغ أحلام الأكراد في دولة تمتد من إيران شرقا إلى البحر المتوسط غربا مرورا بالعراق وسوريا وتركيا.

نستطيع أن نقرر أن المشروع الغربي الصهيوني حقق نجاحات إلى حد ما في تفتيت العاملين السياسي والاجتماعي من كيان أمتنا، ونجح إلى حد كبير في تحقيق النهب الاقتصادي وبخاصة فيما يتعلق بأسعار البترول، حيث موّل أوروبا وأحيا اقتصادها بعد الحرب العالمية الثانية من خلال فرض أسعار رخيصة لسعر برميل البترول لمدة أربعين سنة.

نجح المشروع الغربي الصهيوني في تحقيق التفتيت في مجالات الوحدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، لكن الوحدة الثقافية بقيت عصية على التفتيت، وهي التي مثّلت الحلقة الأخيرة من مجالات التعبير عن حضور الأمة ووجودها، وقد ظهر ذلك في القضية الفلسطينية والجهاد الأفغاني.

لقد تعرضت الوحدة الثقافية لعدة محاولات للتفتيت كان أولها عن طريق الفكر القومي: الفرعوني والعربي، أما الفكر القومي الفرعوني فاعتبر أن الشعب في مصر ليس جزءا من الأمة العربية الإسلامية، بل اعتبره أمة مستقلة، ترتبط بتاريخ الفراعنة القديم، ودعا إلى هذه الأفكار عدد كبير من كتاب مصر وكبار مثقفيها من أمثال: أحمد لطفي السيد، وطه حسين، وسلامة موسى، وعباس محمود العقاد..إلخ. وبناء على تلك التوجهات دعا طه حسين إلى نقل الحضارة الغربية نقلا حرفيا لأن مصر تنتمي إلى الغرب وإلى البحر المتوسط وإلى أوروبا وليس إلى الشرق، ودعا إلى أخذ الحضارة الغربية: حلوها ومرها، وحسنها وسيئها دون تمييز ودون فصل.

وكذلك دعا ساطع الحصري رائد الفكر القومي العربي إلى اعتبار أهل العراق والشام جزءا من الأمة العربية التي لا يشكل الدين الإسلامي عاملا من عوامل بنائها ووجودها، لكن هاتين الدعوتين القوميتين: الفرعونية والعربية بقيتا دعوتين مختصتين بالنخب الثقافية في البلاد العربية، ولم يتعد ذلك إلى جماهير الأمة، لذلك بقيتا محدودتي الأثر، ويمكن أن نعتبر أنهما فشلتا في تفتيت الوحدة الثقافية.

ثم جاءت المحاولة الثانية لتفتيت الوحدة الثقافية عن طريق الفكر الماركسي الذي طبقه جمال عبد الناصر في مصر ثم تبعته عدد من الدول العربية منها سوريا والعراق والجزائر وليبيا والسودان واليمن.. إلخ. وقد اعتبر هذا الفكر الماركسي أن الدين هو أصل التأخر والانحطاط، وهو أصل التخلف في المجتمع، لذلك يجب استئصاله وإبعاده من أجل حياة حرة كريمة يسود فيها العقل والعلم والحضارة، ويجب أن نبعد الخرافات والأوهام والشعوذات التي يروج لها رجال الدين عن الآخرة والجنة والنار من أجل قيادة الجماهير لصالح طبقة الأغنياء والرأسماليين.

لكن هذه المحاولة فشلت في تحقيق أهدافها، وعلى العكس من ذلك جاءت الصحوة الإسلامية التي عاد فيها الناس إلى الدين، وانتشرت مظاهر إسلامية كانت مختفية، منها: الحجاب، والكتاب الإسلامي، والبنوك الإسلامية، والعمل الخيري الإسلامي إلخ.

ثم جاءت المحاولة الثالثة لتفتيت الوحدة الثقافية عن طريق “مشروع ملالي إيران” الذي انطلق بعد وصول الخميني إلى طهران 1979، وتقوم هذه المحاولة على افتعال التصادم بين “المذهب السني” و”المذهب الشيعي” اللذين يمثلان أكبر منظومتين ثقافيتين في الكيان الثقافي الإسلامي، ويعني تصادمهما أكبر نجاح في تفتيت الوحدة الثقافية، وزادت مخاطر التصادم والتفتيت في “مشروع ملالي إيران” بعد أن وقّعت إيران الاتفاق النووي مع دول مجلس الأمن الخمس وألمانيا في 14/7/2015، حيث أطلق التوقيع يد إيران في المنطقة، واعترف بها لاعبا أساسيا، وبدأت تحصد نتائج ذلك في العراق وسوريا ولبنان واليمن.

ليس من شك بأن الأخطر في “مشروع ملالي إيران” هو استهدافها تحويل هذه الأمة من “أمة إسلامية” إلى “أمة شيعية”، ولكي تنجح إيران في تحقيق هذا الهدف لابد من تفتيت الوحدة الثقافية تفتيتا كاملا، وصياغتها صياغة جديدة لتكون مناسبة لتكوين هذه” الأمة الشيعية”.

وسخّر “مشروع ملالي إيران” كل إمكانات إيران المالية والاقتصادية والعسكرية والسياسية من أجل تحقيق ذلك الهدف، كما استغل الطوائف الشيعية في كل العالم الإسلامي، و حاول أن يربطها به من أجل الانتصار في معركته وتحقيق أهدافه.

ليس من شك بأن “ملالي إيران” يعيشون أوهاما مريضة عندما يستهدفون تحويل هذه “الأمة الإسلامية” إلى “أمة شيعية” وسيفشلون قطعا في ذلك، لأني أعتقد أن الأمة تملك وعيا كافيا بأن معركتها مع الغرب الذي يريد أن يفتتها لصالح إسرائيل ومن أجل نهب خيراتها، وليست معركتها بين “مذهبي سني” و”مذهب شيعي”، وأن هذه المعركة التي يفتعلها “ملالي إيران” إنما هي تضليل عن معركتها الحقيقية مع الغرب.

أما المحاولة الرابعة لتفتيت الوحدة الثقافية فقد جاءت عن طريق “داعش” (تنظيم الدولة الإسلامية)، والخطورة في وجود “داعش” هي دعواها أنها الممثل الرئيس لأهل السنة، والمدافع عن مظلوميتهم في العراق وغيرها في وجه “مشروع ملالي إيران”، وتدعي أنها الصورة الأنقى للوحدة الثقافية المرتبطة بالنص الصحيح من قرآن كريم وسنة شريفة، ولكن ممارستها العملية على الأرض من أسوأ الممارسات وأغلظها وأقساها، وهو ما يركز عليه الإعلام الغربي ويبرزه.

من الواضح أن الغرب يطيل في عمر “داعش” ويغذي مختلف الأطراف للتصادم معها من أجل توليد تيار يأتي معلنا نبذ الوحدة الثقافية القائمة على الدين، وتوليد ثقافة معادية للدين، أو على الأقل تدعو إلى تحييد الدين وإبعاده عن مجالات السياسة، كما حدث في الغرب عندما وقعت حرب الثلاثين عاما في أوروبا بين البروتستانت والكاثوليك، ثم نتج عن ذلك صلح وستفاليا بتاريخ 1648م، وكان ذلك الصلح هو بداية التيار العلماني الذي يقوم على فصل الدين عن الدولة، وهو ما يطمح الغرب إلى توليده في منطقتنا من خلال دعم “داعش” وخلق التصادم المستمر معها.

الخلاصة: لقد استهدف المشروع الغربي الصهيوني وحدة الأمة بالتفتيت، واستطاع أن يحقق نجاحات في مجالات الوحدة السياسية والاجتماعية، ولكنه فشل إلى حد ما في تفتيت الوحدة الثقافية، في محاولتين عن طريق الفكر القومي والماركسي، ولكنه لم ييأس، وبدأ بمحاولتين جديدتين.

ولما كانت الوحدة الثقافية أهم ما نملك الآن، وهي ملاذنا الأخير، وهي ما يمكن أن نبني عليه من أجل إعادة حضور الأمة الفاعل، فإن الوقوف في وجه محاولات التفتيت الأخيرتين المتمثلتين في “مشروع ملالي إيران” و “داعش”، وتبيان خطورتهما، والعمل على تحصين الأمة من أخطارهما هو واجب الوقت على علماء الأمة النابهين، وواجب الوقت على الجماعات والأحزاب والهيئات التي تجتهد في إنهاض الأمة وتحقيق دور حضاري لها.

المقال كما ظهر في الجزيرة نت الوحدة الثقافية.. ملاذنا الأخير

ظهرت المقالة الوحدة الثقافية.. ملاذنا الأخير أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%ad%d8%af%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ab%d9%82%d8%a7%d9%81%d9%8a%d8%a9-%d9%85%d9%84%d8%a7%d8%b0%d9%86%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%ae%d9%8a%d8%b1/feed/ 0 2054
ماذا بقي من ثورة 23 يوليو لدى حكام مصر؟ https://www.al-ommah.com/%d9%85%d8%a7%d8%b0%d8%a7-%d8%a8%d9%82%d9%8a-%d9%85%d9%86-%d8%ab%d9%88%d8%b1%d8%a9-23-%d9%8a%d9%88%d9%84%d9%8a%d9%88/ https://www.al-ommah.com/%d9%85%d8%a7%d8%b0%d8%a7-%d8%a8%d9%82%d9%8a-%d9%85%d9%86-%d8%ab%d9%88%d8%b1%d8%a9-23-%d9%8a%d9%88%d9%84%d9%8a%d9%88/#respond Tue, 26 Jul 2016 20:41:00 +0000 https://al-ommah.com/?p=2056 قاد جمال عبد الناصر ثورة في مصر يوم 23 يوليو/تموز عام 1952، وتعتبر هذه الثورة مفصلية في تاريخ المنطقة العربية وأفريقيا والعالم الثالث، فماذا بقي منها لدى الرؤساء الذين جاءوا بعد عبد الناصر في الحكم؛ أنور السادات، وحسني مبارك، ومحمد مرسي، وعبد الفتاح السيسي؟ وحتى نستطيع أن نجيب على السؤال […]

ظهرت المقالة ماذا بقي من ثورة 23 يوليو لدى حكام مصر؟ أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
قاد جمال عبد الناصر ثورة في مصر يوم 23 يوليو/تموز عام 1952، وتعتبر هذه الثورة مفصلية في تاريخ المنطقة العربية وأفريقيا والعالم الثالث، فماذا بقي منها لدى الرؤساء الذين جاءوا بعد عبد الناصر في الحكم؛ أنور السادات، وحسني مبارك، ومحمد مرسي، وعبد الفتاح السيسي؟ وحتى نستطيع أن نجيب على السؤال السابق، لابد لنا من التساؤل عن المبادئ التي قامت عليها ثورة 23 يوليو/تموز، والإنجازات التي حققتها.

أما عن المبادئ التي قامت عليها ثورة 23 يوليو/تموز، فقد قامت على نوعين من المبادئ، وهما: مبادئ الفكر القومي العربي من جهة، ومبادئ الفكر الاشتراكي الماركسي من جهة ثانية، فكيف تعامل عبد الناصر مع هذين النوعين من الأفكار؟ وماذا كان أثرهما في بناء مصر؟

لقد تبنى جمال عبد الناصر الفكر القومي العربي، وكان قد اطلع على كتابات ساطع الحصري في هذا المجال، ثم التقى به، وأهداه ساطع الحصري بعض كتبه، ومن المعلوم أن مصر كانت تقوم على الفكر القومي المصري الفرعوني بعد ثورة 1919 التي قادها سعد زغلول في مصر، والتي أعلنت أن مصر أمة فرعونية مستقلة، وليست جزءا من الأمة العربية أو الإسلامية، وقد غذى أقطاب السياسة والثقافة هذا المفهوم الفرعوني في أذهان الشعب المصري بعد الحرب العالمية الأولى، فأكد ذلك كل من أحمد لطفي السيد أستاذ الجيل، وطه حسين عميد الأدب العربي، وعباس محمود العقاد جبار الفكر، ومحمد حسين هيكل، وتوفيق الحكيم.. إلخ.

وقد ازدهر العلم بالتاريخ الفرعوني والسلالات الفرعونية والحضارة الفرعونية بعد فك طلاسم اللغة الهيروغليفية عند اكتشاف حجر رشيد، وعند فك طلاسم الكتابات التي كانت تملأ جدران المعابد والآثار المصرية في كل أنحاء القطر المصري، وقد أدى ذلك كله إلى اكتشاف جثث الفراعنة المحنطة في الأهرامات والقبور وغيرها.

لقد أدت كل تلك الجهود الثقافية والعلمية والفكرية والتاريخية إلى تكوين تيار قوي في مصر يعتبر نفسه امتدادا للحضارة الفرعونية، لذلك عندما جاء عبد الناصر واعتمد الفكر القومي العربي في بناء الدولة المصرية، واعتبر الشعب المصري جزءا من الأمة العربية، كانت نقلة نوعية صادمة لجزء من الشعب المصري ونخبته التي بنت ثقافتها وأفكارها على أنها ليست جزءا من الأمة العربية، ولكن نقلة عبد الناصر واعتباره مصر جزءا من الأمة العربية كانت خطوة في الاتجاه الصحيح من جهة، ولاقت استحسانا لدى جزء كبير من الشعب المصري الممتلئ بالثقافة العربية والإسلامية، والذي كان يعتبر نفسه غير منسجم مع مقولة الانتماء للحضارة الفرعونية.

أما مبادئ الفكر الاشتراكي فقد تبناها عبد الناصر في الستينات بعد أن أقام علاقة مع الاتحاد السوفيتي، وقد أمم كثيرا من البنوك والمصانع والشركات، وكان قد أقام نظام الإصلاح الزراعي قبل ذلك في الخمسينات، ووزع كثيرا من أراضي الإقطاعيين على صغار الفلاحين، وكان قصده من تلك الإجراءات تقليل الفجوة بين الأغنياء والفقراء في الشعب المصري، وكان قصده أيضا إيجاد قطاع صناعي واسع، ينتج صناعات مختلفة تغطي حاجات الشعب المصري ومنها الحاجات العسكرية.

وقد ضرب عبد الناصر على بعض الأوتار الحساسة عند جماهير أمتنا، فطرح شعارات تحرير فلسطين، وإقامة الوحدة بين الأقطار العربية، وطرد الاستعمار من المنطقة وبالأخص الاستعمارين الإنجليزي والفرنسي، وبالفعل نجح في تحقيق بعض ما نادى به، فأقام الوحدة مع سوريا عام 1958، وساعد حركات التحرر في الجزائر وتونس والمغرب وعدن وبعض دول أفريقيا وآسيا.. وكان له دور كبير في نيل الجزائر استقلالها عام 1962 برئاسة أحمد بن بلة.

ولكن الفشل الرئيسي كان بالنسبة لجمال عبد الناصر في مجال القضية الفلسطينية، فكانت نكسة عام 1967 هي الواقعة التي قسمت ظهر النظام المصري، فقد انتصرت إسرائيل في حرب يونيو/حزيران عام 1967، ودمرت الطيران المصري في جميع أنحاء مصر صبيحة الخامس من يونيو/حزيران عام 1967، واحتلت في النهاية كل سيناء من مصر، كما احتلت الضفة الغربية من الأردن، واحتلت الجولان من سوريا.

والآن؛ ماذا بقي من ثورة 23 يوليو/تموز بعد مجيء السادات إلى الحكم عام 1970 من ناحية المبادئ والإنجازات؟

لقد تنكر السادات للمبدأين اللذين أقام عليهما جمال عبد الناصر ثورة 23 يوليو/تموز، وهما الفكر القومي العربي، والاشتراكية، فأعاد مصر إلى عزلتها الإقليمية، وأحيا النزعة الفرعونية عند المصريين، كما نقل مصر من النظام الاشتراكي إلى النظام الاستهلاكي الرأسمالي الأميركي، كما نقل مصر من القتال مع إسرائيل إلى عقد السلام معها واعتبار حرب 1973 آخر الحروب معها، كما نقل مصر من معسكر التحرير والعالم الثالث إلى عالم الولاء للمعسكر الأميركي.

باختصار لقد محا السادات كل منظومة المبادئ والإنجازات التي أقام عبد الناصر مصر عليها، والسؤال الذي يحتاج إلى إجابة: لماذا نجح السادات في محو كل المبادئ والقيم والإنجازات التي أقام عبد الناصر مصر عليها بهذه السهولة؟

السبب في ذلك إلى أن المبادئ التي جاء بها عبد الناصر في مجال الفكر القومي العربي أو المجال الاشتراكي لم تكن متصالحة مع الدين بل متحاربة معه، فهو قد اعتمد القومية العربية التي طرحها الحصري، والتي كانت ذات محتوى علماني، وكانت تعتبر أن الأمة العربية تقوم على عنصري اللغة والتاريخ، وتعتبر أن الدين ليس داخلا في بناء الأمة، وكذلك تبنى عبد الناصر الطرح الاشتراكي الماركسي الذي يعتبر الدين معاديا للتقدم، وأن رجال الدين رجعيون، ويدعون الشعب والفقراء إلى الاستكانة للرأسماليين والأغنياء.

وقد جاء هذا الموقف المعادي للدين من قبل جمال عبد الناصر بسبب نقله مفاهيم القومية والاشتراكية نقلا حرفيا من المفاهيم الغربية التي لا تتوافق مع معطيات حضارتنا، وذلك ما يعلل سرعة قضاء السادات على نقل مصر من وضع إلى آخر مناقض له، ويوضح كيفية قضاء السادات على الإنجازات التي بناها جمال عبد الناصر لمصر.

فماذا بقي من ثورة 23 يوليو/تموز لدى حسني مبارك؟
لقد عمق حسني مبارك التحولات التي أقرها السادات من ناحية القطرية المصرية، ومن ناحية الانعزال المصري عن المحيط العربي، وحول السلام الذي أقامه السادات مع إسرائيل عام 1977 إلى استسلام كامل لإسرائيل، كما جعل مصر تابعة لأميركا، دائرة في فلك السياسة الأميركية، منفذة لمخططاتها في المنطقة.

أما في مجال الاقتصاد، فقد عمق حسني مبارك النهج الرأسمالي الذي بدأه السادات في مصر من خلال إنهاء دور القطاع العام وبيعه للقطاع الخاص، ومن خلال إعطاء دور كبير للجيش وجنرالاته في إدارة المؤسسات التجارية، وإدارة الاقتصاد المصري.

فماذا بقي من ثورة 23 يوليو/تموز لدى الرئيس محمد مرسي؟
لقد حاول محمد مرسي إحداث تغيير جذري في وضع مصر السياسي والاقتصادي في الفترة التي مارس فيها الحكم، وهي لا تعدو السنة، ومع أنه جاء من بيئة معادية لثورة 23 يوليو/تموز، وهي بيئة الإخوان المسلمين، إلا أنه انسجم معها في إعادة مصر إلى محيطها العربي والإسلامي من جهة، وفي الوقوف في وجه إسرائيل كما حدث معه عندما وقف إلى جانب غزة في حربها مع إسرائيل عام 2012 من جهة ثانية.

فماذا بقي من ثورة 23 يوليو/تموز لدى عبد الفتاح السيسي؟
لقد حاول السيسي أن يزيد شعبيته بأن يربط ويؤسس لبعض الشبه بين “ثورته” وثورة عبد الناصر، فكلاهما أقام ثورته في شهر يوليو/تموز وهو شهر الثورات، وكلاهما عسكري جاء من المؤسسة العسكرية التي تحمي مصر، وكلاهما حاول أن يبني اقتصادا مرتبطا بالقناة، فعبد الناصر أمم القناة من أجل زيادة الدخل المصري، وبنى السد العالي على النيل من أجل زيادة حصة مصر من مياه النيل ومن أجل توفير الكهرباء، وكذلك فعل عبد الفتاح السيسي فكان مشروعه الأول توسعة قناة السويس من أجل زيادة حركة السفن في القناة وإنعاش الدخل القومي لمصر.

لكن ممارسات السيسي على أرض الواقع تخالف الأهداف والوقائع التي توصلت إليها ثورة 23 يوليو/تموز، ومن ذلك مياه النيل، فقد اعتبرت ثورة 23 يوليو/تموز أن تدفق مياه النيل وعدم النيل من حصتها أحد دعائم الأمن القومي لمصر، لكن بناء أثيوبيا سد النهضة، تحدى هذه الدعامة وكسرها، وهدد أمن مصر القومي، مما اضطر السيسي إلى الاستعانة بإسرائيل من أجل أن يعالج هذا التهديد، فأرسل وزير خارجيته سامح شكري من أجل استجداء إسرائيل وطلب وساطتها عند أثيوبيا لعدم التجاوز على مصر في هذا المجال، وهذا مثال بسيط على التشابه والتناقض بين “الثورتين”، تشابه في الشكل وليس في المضمون.

الخلاصة التي يمكن أن ننتهي إليها هو أنه لم يبق شيء من مبادئ ثورة 23 يوليو/تموز ولا من إنجازاتها، فقد ألغى السادات التوجه القومي العربي والتوجه الاشتراكي اللذين أقامهما جمال عبد الناصر في كيان مصر، واللافت للنظر هو نجاح السادات السريع في هاتين الخطوتين، وقد عللنا ذلك بأنهما كانتا مبنيتين على العداء للدين، ثم جاء الرؤساء بعد السادات فعمقوا ما بناه السادات من تأكيد انعزالية مصر، ومن تأكيد التوجه الرأسمالي والاستسلام لإسرائيل، والارتباط الكامل بالسياسة الأميركية.

رابط المقال في الجزيرة نت ماذا بقي من ثورة 23 يوليو لدى حكام مصر؟

ظهرت المقالة ماذا بقي من ثورة 23 يوليو لدى حكام مصر؟ أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d9%85%d8%a7%d8%b0%d8%a7-%d8%a8%d9%82%d9%8a-%d9%85%d9%86-%d8%ab%d9%88%d8%b1%d8%a9-23-%d9%8a%d9%88%d9%84%d9%8a%d9%88/feed/ 0 2056
الأمة بين مشروعين.. المشروع الصهيوني ومشروع ملالي إيران https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%85%d8%a9-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d9%85%d8%b4%d8%b1%d9%88%d8%b9%d9%8a%d9%86/ https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%85%d8%a9-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d9%85%d8%b4%d8%b1%d9%88%d8%b9%d9%8a%d9%86/#respond Sun, 21 Feb 2016 19:11:00 +0000 https://al-ommah.com/?p=911 واجهت أمتنا مشروعين في قرنين الأول هو “المشروع الصهيوني” مطلع القرن العشرين والثاني هو “مشروع ملالي إيران” في مطلع القرن الحادي والعشرين، وسنلقي الضوء على هذين المشروعين، ونبين آثارهما على أمتنا، كما سنوضح جوانب الاتفاق والاختلاف بينهما. لقد انطلق المشروع الصهيوني في نهاية القرن التاسع عشر في بازل 1897، وتعاون […]

ظهرت المقالة الأمة بين مشروعين.. المشروع الصهيوني ومشروع ملالي إيران أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
واجهت أمتنا مشروعين في قرنين الأول هو “المشروع الصهيوني” مطلع القرن العشرين والثاني هو “مشروع ملالي إيران” في مطلع القرن الحادي والعشرين، وسنلقي الضوء على هذين المشروعين، ونبين آثارهما على أمتنا، كما سنوضح جوانب الاتفاق والاختلاف بينهما.

لقد انطلق المشروع الصهيوني في نهاية القرن التاسع عشر في بازل 1897، وتعاون مع الدول الغربية -آنذاك- وأبرزها إنجلترا وفرنسا، وكانت أبرز إنجازاته عدة أمور، منها: اتفاقية سايكس بيكو التي وقعها عام 1916 وزيرا خارجية فرنسا وإنجلترا، ومنها: وعد بلفور الذي أعطاه بلفور وزير خارجية إنجلترا في رسالة وجهها في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 1917 إلى روتشيلد الزعيم الصهيوني، ومنها:
محادثات الشريف حسين مكماهون، وقيام الثورة العربية عام 1916، ودخول العرب إلى جانب الحلفاء ضد الخلافة العثمانية، ثم انتهت الحرب العالمية الأولى بانسحاب الجيوش العثمانية من كل بلاد الشام والعراق واليمن والحجاز، وعودتها إلى تركيا وإنشاء الجمهورية التركية بزعامة كمال أتاتورك.

وكانت أبرز نتائج المشروع الصهيوني الغربي في مطلع القرن العشرين في منطقتنا، هي استعمار بلاد الشام، وتجزئتها إلى أربع دول (سوريا، لبنان، فلسطين، الأردن)، وإحياء الدول الطائفية في كل من لبنان وسوريا، فتكونت دولة سوريا من دولة العلويين في جبل العلويين، ودولة الدروز في جبل الدروز، ودولتين للسنة في حلب ودمشق، مع إعطاء دولة للمسيحيين في لبنان.

وبدأت إنجلترا بتنفيذ وعد بلفور بجعل فلسطين وطنا قوميا لليهود، فمكنتهم من سرقة الأرض الفلسطينية، وساعدتهم على إنشاء المؤسسات التي ستكون عماد دولتهم، ثم كانت ذروة التطورات والإنجازات للمشروع الصهيوني الغربي هو قيام دولة إسرائيل في 15 مايو/أيار 1948 بعد إنهاء الانتداب الإنجليزي على فلسطين، ثم جاء اعتراف الدول الكبرى بقيام إسرائيل وعلى رأسها الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأميركية.

وبعد أن عجز المشروع الصهيوني عن تحقيق كل أهدافه، جاء “مشروع ملالي إيران” ليساعد المشروع الأول في استكمال تحقيق أهدافه، فقد انطلق مشروع ملالي إيران في القرن العشرين بعد دخول الخميني إلى الحكم 1979، لكن أبرز إنجازاته كانت في القرن الحادي والعشرين، بعد تعاونه مع الولايات المتحدة الأميركية عام 2001 ومساعدتها في احتلال أفغانستان، ثم مساعدتها عام 2003 في احتلال العراق، ومن ثم أصبح يملك نفوذا وسيطرة على أربع عواصم هي بغداد، دمشق، بيروت، صنعاء. فما جوانب الاتفاق بين المشروع الصهيوني ومشروع ملالي طهران؟ وما جوانب الاختلاف بينهما؟

أ‌- جوانب الاتفاق بين المشروعين
الأول: يتفق كلا المشروعين بأن المحرك لهما دوافع دينية، فالمشروع الصهيوني تحركه أوهام توراتية خرافية في إنشاء “إسرائيل من الفرات إلى النيل”، ومشروع ملالي إيران تحركه أوهام “ملالي إيران” في تحويل الأمة الإسلامية إلى أمة ذات “صبغة طائفية شيعية”.

الثاني: يتفق كلا المشروعين على تفتيت المنطقة وتجزئتها بالتعاون مع المشروع الغربي، فالأول قسم بلاد الشام إلى أربع دول: سوريا والأردن ولبنان وفلسطين، كما جزأ سوريا بشكل ما إلى أربع دول وهي: دولة العلويين، ودولة الدروز، ودولة حلب، ودولة دمشق، أما مشروع ملالي إيران فقد جزأ العراق عمليا إلى ثلاث دول هي: دولة الكرد في الشمال، ودولة السنة في الوسط، ودولة الشيعة في الجنوب، ويسعى إلى تجزئة وتقسيم سوريا إلى عدة دول: دولة للعلويين والشيعة، ودولة للأكراد، ودولة للدروز، ودولة للسنة، ويسعى إلى تجزئة اليمن إلى دولتين: واحدة في الشمال، والثانية في الجنوب.

الثالث: المستفيد الأساسي والرئيسي من المشروعين هي إسرائيل، وهذا جلي وبين، فقد كانت حصيلة سقوط الخلافة، وانتداب إنجلترا وفرنسا على سوريا ولبنان والأردن وفلسطين والعراق هي قيام دولة إسرائيل عام 1948.

أما مشروع ملالي إيران فمن الواضح أن إسرائيل هي المستفيد الأكبر من إنجازاته، وأبرز مثال على ذلك هو تقسيم المنطقة وتجزئتها فهو يصب في خانة إسرائيل، كما أن تدمير السلاح الكيميائي في سوريا يصب في مصلحة إسرائيل، وتم بترتيب بين روسيا وإيران وسوريا وإسرائيل من أجل تجنيب نظام الأسد ضربة أميركية.

وكذلك فإن الاتفاق الدولي الذي وقعته إيران مع دول خمسة زائد واحد في 14 يوليو/تموز 2015 بخصوص إنهاء البرنامج النووي الإيراني وإيقاف التخصيب يصب في مصلحة إسرائيل، لأنه سيجعل إسرائيل الدولة النووية الوحيدة في المنطقة والتي تمتلك في ترسانتها أسلحة نووية.

ب‌- جوانب الاختلاف بين المشروعين
الأول: لقد تنبهت الأمة مبكرا إلى خطر المشروع الصهيوني منذ أن بدأت تتكون ملامحه في القرن التاسع عشر في أوروبا، وتصدت له القيادات السياسية والاجتماعية والفكرية، ودعت إلى مواجهته، لذلك دعوا إلى عدم التفريط بالأراضي وعدم بيعها للصهاينة.

وقد جاءت الأرض التي حصل عليها الصهاينة في فلسطين من الحكومة الإنجليزية التي أعطت الصهاينة الأراضي التي كانت تابعة للدولة من العهد العثماني.

وعلى العكس من ذلكلم تتبين الأمة خطورة مشروع ملالي إيران بل استقبله بعض المشايخ والدعاة والعلماء والجماعات بالترحاب، ظانين أنه سيكون في خدمة الأمة، لكنهم اكتشفوا متأخرين خطأ تعاملهم مع هذا المشروع، وأبرز هؤلاء المشايخ الذين يمكن أن نضرب بهم المثل على ذلك هو الشيخ يوسف القرضاوي، الذي اعترف مؤخرا بانخداعه بهم، وخطئه في التعامل معهم.

الثاني: لقد صاغت قيادات الأمة مشاريع لمواجهة المشروع الصهيوني منذ اللحظة الأولى، وكان على رأس هذه المشاريع المشروع السياسي الذي قاده الحاج أمين الحسيني عندما عقد المؤتمر الإسلامي العام في القدس عام 1931، ودعا إليه علماء من مختلف أنحاء الأرض من أجل مواجهة الخطر الصهيوني في ابتلاع فلسطين والقدس.

وكان هناك مشروع جهادي قاده الشيخ عز الدين القسام الذي اتخذ من مسجد الاستقلال في حيفا منبرا من أجل جمع الأتباع، وحشد المسلمين لمواجهة الحركة الصهيونية بالقتال، وكان من أثر ذلك ثورة 1936 وغيرها من الثورات في مختلف أنحاء فلسطين.

ثم التقى المشروعان في إطار واحد تحت قيادة الحاج أمين الحسيني بعد ذلك، وتمثل ذلك في “الهيئة العربية العليا” التي كان لها دور بارز في الصراع مع الصهاينة بعد الحرب العالمية الثانية إلى عام 1948 تاريخ قيام دولة إسرائيل، كما استمر دورها القيادي إلى حين قيام منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 التي أنشأها مؤتمر القمة العربي التابع لجامعة الدول العربية.

لكن مشروع ملالي إيران لم يواجه بمشروع مقاوم، والأرجح أن أبرز محاولة قامت لصياغة مشروع لمواجهته كانت في نهاية عام 2015، عندما اجتمعت نخبة من العلماء تحت عنوان “مؤتمر إنقاذ الأمة” وصاغت مشروعا لمواجهته سمته “مشروع إنقاذ الأمة”.

الثالث: الاختلاف الثالث بين المشروعين هو أن الأمة كانت مجمعة على معاداة المشروع الصهيوني لكنها ليست مجمعة على معاداة مشروع ملالي إيران، وذلك بسبب السياسات المخادعة التي قام عليها، من قبيل: وحدة المسلمين، ومعاداة الغرب والاستكبار، ونصرة قضايا المستضعفين، والدعوة لمقاتلة إسرائيل وتأييد الفصائل الفلسطينية التي تقاتل إسرائيل.. إلخ.

وبكل أسف ما زال قطاع من المشايخ والدعاة والجماعات والأحزاب مخدوعين بإيران وأقوالها، ومعسول كلامها، مع أنه لم يبق عذر لأحد بعد أن ساهم مشروع ملالي إيران في تدمير العراق بلدا، وتدمير جيشه الذي كان أهم جيش في الجبهة الشرقية في مواجهة إسرائيل، وهو الجيش الوحيد القوي الذي بقي لمواجهة إسرائيل بعد انسحاب مصر من الصراع معها إثر اتفاقية “كامب ديفيد” التي عقدها السادات مع إسرائيل عام 1979.

كذلك لم يبق عذر لأحد في مناصرة مشروع ملالي إيران بعد أن وقف هذا المشروع إلى جانب الظالم والديكتاتور في سوريا، الذي قتل 400 ألف شخص من السوريين، وهجر12 مليون.

لقد انكشف هذا المشروع وتعرى، وخسر مصداقيته، وتبين أنه مشروع “أقوال لا أفعال”، وأنه مشروع عدو، فهو ينادي بـ”موت إسرائيل”، لكنه يدمر الجيوش التي ستقاتل إسرائيل، كما حدث مع الجيش العراقي، وهو ينادي بنصرة المستضعفين والمظلومين، لكنه يناصر “الظالم القاتل” ويساعده على قتل شعبه كما حدث مع بشار الأسد والشعب السوري، وينادي بـ”وحدة المسلمين” لكنه يعمل على تجزئة وتقسيم بلاد المسلمين كما حدث في العراق ويحدث في اليمن وسوريا.

لقد انكشف مشروع ملالي إيران وبانت سوأته، بعد أن سقطت ورقة التوت التي كانت تغطي عورته في كل من سوريا والعراق واليمن، ولم يعد هناك عذر لأحد في مناصرة هذا المشروع العدو للأمة.

الخلاصة: هنالك مشروعان قاما لتغيير واقع أمتنا، هما المشروع الصهيوني، ومشروع ملالي إيران، وقد جاء الثاني استكمالا للأول، ويتفق المشروعان في أنهما يعيشان أوهاما دينية مريضة، وأنهما استهدفا تجزئة المنطقة، واتفقا على خدمة إسرائيل. ويختلفان في أن مشروع ملالي إيران خدع قسما من علماء الأمة ومشايخها وجماعاتها وأحزابها، لكنه لم يعد مقبولا الاستمرار في الانخداع والتعامل معه، بعد الجرائم الفظيعة التي ارتكبها في كل من العراق وسوريا.

رابط المقال من موقع الجزيرة نت الأمة بين مشروعين

ظهرت المقالة الأمة بين مشروعين.. المشروع الصهيوني ومشروع ملالي إيران أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%85%d8%a9-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d9%85%d8%b4%d8%b1%d9%88%d8%b9%d9%8a%d9%86/feed/ 0 911
الجهاد عند التنظيمات الجهادية… رؤية غير فقهية https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%87%d8%a7%d8%af-%d8%b9%d9%86%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%86%d8%b8%d9%8a%d9%85%d8%a7%d8%aa/ https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%87%d8%a7%d8%af-%d8%b9%d9%86%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%86%d8%b8%d9%8a%d9%85%d8%a7%d8%aa/#respond Sat, 26 Dec 2015 04:28:14 +0000 https://al-ommah.com/?p=665 إذا رأينا أن “الجهاد” هو الجانب القتالي من الدين الذي يستخدم فيه المسلم بدنه وسلاحه، ويكون جندياً ضمن تشكيلات قتالية، فإننا نقر بأنه لم يكن غائباً عن الأمة في العصر الحديث. لقد شرع الله الجهاد في الدين الإسلامي، وعدّه الرسول -صلى الله عليه وسلم- “ذروة سنام الإسلام”، وقد أبرزت كثير […]

ظهرت المقالة الجهاد عند التنظيمات الجهادية… رؤية غير فقهية أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
إذا رأينا أن “الجهاد” هو الجانب القتالي من الدين الذي يستخدم فيه المسلم بدنه وسلاحه، ويكون جندياً ضمن تشكيلات قتالية، فإننا نقر بأنه لم يكن غائباً عن الأمة في العصر الحديث.

لقد شرع الله الجهاد في الدين الإسلامي، وعدّه الرسول -صلى الله عليه وسلم- “ذروة سنام الإسلام”، وقد أبرزت كثير من الحركات الجهادية هذا الفرض، وأعطته حجماً أكبر من حجمه الذي أعطاه إياه الدين، ونحن سنرى كيف تضخم هذا الفرض عند الحركات الجهادية، وكيف تم استخدامه، ومدى صوابية هذا الاستخدام.

لقد تحدث عبدالسلام فرج المنظّر الأول للحركات الجهادية عن الجهاد، فعدّه “الفريضة الغائبة”، مع أن فرض الجهاد لم يكن غائباً عن الأمة في أية مرحلة من مراحل حياتها، حين كانت تستدعي هذه المرحلة الجهاد، فإذا رأينا أن “الجهاد” هو الجانب القتالي من الدين الذي يستخدم فيه المسلم بدنه وسلاحه، ويكون جندياً ضمن تشكيلات قتالية، فإننا نقر بأنه لم يكن غائباً عن الأمة في العصر الحديث.

الحاج محمد أمين الحسيني.

فلو ألقينا نظرة على العالم العربي -وحده- بعد سقوط الخلافة الإسلامية لوجدناه يموج بالثورات، ففي فلسطين ثورات لم تهدأ منذ احتلال الإنجليز لها عام 1920، إلى ثورة عام 1936 التي فجّرها عز الدين القسّام مع الحاج أمين الحسيني، إلى دخول الجيوش العربية عام 1948، وفي العراق هناك ثورة العشرين، وفي سوريا هناك ثورات الغوطة وجبل العرب وجبل الأكراد، وفي ليبيا هناك ثورات عمر المختار، وفي الجزائر هناك ثورات عبد القادر الجزائري وثورة عام 1954 التي أنهت الاحتلال الفرنسي للجزائر، وفي المغرب هناك ثورةعبد الكريم الخطابي، إلخ.

ورأى عبد السلام فرج أن الجهاد هو “السبيل الوحيد لعودة ورفع صرح الإسلام من جديد”، وهذا الكلام مبالغ فيه أصلاً، وفيه تسطيح لمسألة عودة الإسلام إلى القيادة والتأثير، فما كان الجهاد إلا وسيلة من الوسائل التي نحتاج إليها من أجل إعادة صرح الإسلام مرة ثانية.

ومما يؤكد أن قضية الجهاد مضخمة عند عبد السلام فرج هو أنه أفرد نصف كتابه للحديث عن أحكام تتعلق بالجهاد، فردّ على من قال إن الجهاد هو للدفاع فقط، وإننا نعيش في مجتمع مكي لذلك فلا جهاد علينا، وبيّن أن القتال فرض عين على كل مسلم، ثم بيّن نماذج من بيعة بعض الصحابة للرسول -صلى الله عليه وسلم- على الموت، وذكر نماذج من تحريض الرسول -صلى الله عليه وسلم- صحابته على القتال في سبيل الله، ووضح عقوبة ترك الجهاد.

وأورد أنه إذا تمترس جيش العدو بمن عندهم من الأسرى، فإن المسلمين يقاتلون جيش العدو، وإن أفضى ذلك إلى قتل الأسرى، ثم نقل من السيرة بعض فنون القتال التي وردت في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي بعض سرايا الرسول كسرية كعب بن الأشرف في السنة الثالثة للهجرة، وسرية عبد الله إلى أبي سفيان في السنة الرابعة للهجرة، وقصة نعيم بن مسعود في غزوة الأحزاب.

ثم نرى عبد السلام فرج مال إلى الآراء التي تبرز الجهاد والقتل والسيف في كل الأمور التي تحدث فيها، فهو عدّ أن آية السيف، وهي قول الله تعالى: “فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد”، نسخت 114 آية في 48 سورة، مع أن كثيراً من المفسرين والأصوليين لا يوافقون على هذا الرأي.

ورد عبد السلام فرج على القول الذي يرى أن الجهاد واجب في فلسطين، وعدّ هذا القول خاطئاً ومضيعة للوقت، وأن علينا أن نركز على قضيتنا وهي إقامة شرع الله، ثم تأتي قضية مقاتلة إسرائيل والاستعمار، وليس من شك في أنه أخطأ في ذلك، وجاء خطؤه من خطئه في تشخيص الوضع بعد مجيء اليهود والاستعمار.

عبد الحميد الثاني. هو خليفة المسلمين الثاني بعد المائة والسلطان الرابع والثلاثون من سلاطين الدولة العثمانية.

فصحيح أن الدولة الإسلامية سقطت بعد سقوط الخلافة عام 1924، لكن الأمة ما زالت موجودة وقائمة، وحتى في ظل الحكام الذين لا يطبقون شريعة الله، وأن المحافظة على قوة الأمة وغناها وشوكتها ووحدتها وأرضها لهو أمر شرعي يتطلبه الدين، لأن هذه الأمة هي الرصيد الذي يستند إليه الدعاة في عملهم، ويبنون عليه حركاتهم، ويستمدون منه جمهورهم، عدا عن أن دفاع المسلم عن أرضه وعرضه وماله مما شرعه الدين، فهذا الخطأ في التشخيص هو الذي جعله يقع في الحكم الخاطئ.

لذلك، فإننا نعتقد أن الرأي الأصوب هو تحميل المسلم واجبين: الأول هو السعي إلى إعادة تطبيق شرع الله، والثاني مقاتلة المعتدين المحتلين لأرضه من مستعمرين وصهاينة، وعليه أن يقوم بهذين الواجبين في الوقت نفسه.

إن مشكلة الحركة الإسلامية هو ضعف المراجعات بشكل عام، وأشدها عند الحركات الجهادية، فلو أن هناك مراجعات لما كتبه عبد السلام فرج وغيره من المنظرين الجهاديين، لما تكررت الأخطاء والتعثرات كما هو واضح من مسيرة الحركة الجهادية الآن.

ومما يؤكد تكرار الأخطاء العودة إلى كتاب “إدارة التوحش”، وهو الكتاب الثاني الذي صحت نسبته إلى “القاعدة” بعد كتاب “الفريضة الغائبة” لعبد السلام فرج.

وعند دراستنا كتاب “الفريضة الغائبة” وجدنا أن الخطأ الأبرز هو تضخيم “حكم الجهاد”، وعند دراستنا كتاب “إدارة التوحش” سنجد أنه وقع في الخطأ نفسه، وهو تضخيم “حكم الجهاد”، وسنوضّح ذلك في السطور التالية.

لقد تم تشكيل “الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والصليبيين” بين حركتي “القاعدة” و”الجهاد” اللتين يرأسهما أسامة بن لادن وأيمن الظواهري في 23/2/1998، ثم جاءت بعد ذلك العملية المزدوجة في تفجير السفارتين الأميركيتين في نيروبي ودار السلام في 7/8/1998، والتي كانت ثمرة لتشكيل “قاعدة الجهاد” وخطوة في تحقيق أهداف التنظيم الجديد.

وذكر كتاب “إدارة التوحش” أن القاعدة أقدمت على هذه العملية من أجل تحقيق عدة أهداف، هي:

إسقاط جزء من هيبة أميركا وبث الثقة في نفوس المسلمين أولا، وتعويض الخسائر البشرية التي منيت بها حركة التجديد في الثلاثين عاماً الماضية عن طريق مد بشري ثانيا.

وأمام هذه الأهداف نتساءل: لماذا ذهبت قيادة القاعدة إلى تحقيق هذه الأهداف من خلال عمليتي نيروبي ودار السلام عام 1998، وفيما بعد من خلال عمليتي نيويورك وواشنطن عام 2001؟

لماذا لم تتجه إلى تحقيق تلك الأهداف من خلال تدعيم دولة طالبان، وإنجاحها وتقديمها كنموذج فعال وحيوي في أعين المسلمين؟ خاصة أن قيادة القاعدة جاءت بإرادتها إلى أفغانستان مؤمنة بصوابية حركة طالبان، مبايعة لقائدها الملاّ محمد عمر، وقامت بكل أعمالها من الإعلان عن انبثاق “قاعدة الجهاد”، مروراً بتفجيري نيروبي ودار السلام وانتهاءً بتفجيرات نيويورك وواشنطن في ظلال وحماية دولة طالبان.

ولنناقش كل هدف من الأهداف التي رسمتها القاعدة لعملية نيروبي ودار السلام، وكيف كان يمكن أن يتحقق بشكل أفضل من خلال تدعيم دولة طالبان، والوقوف إلى جانب قيادتها. من المؤكد أن نجاح دولة طالبان كنموذج في أرض الواقع يجسد قيم الإسلام التي تتمثل في فرد ذي بناء نفسي متوازن فعّال وحيوي، ومجتمع مزدهر اقتصادياً وزراعياً وصناعياً، ويجسّد -أيضاً- هذا المجتمع قيم العدالة والمساواة، كما جسدها مجتمع الصحابة، ويحقق العلاقة السليمة بين القيادة وجمهور الشعب التي تقوم على الشورى وعلى محاسبة الحاكم، وعلى حرص الحاكم على مصالح الأمة، وعلى الثقة المتبادلة بين الحاكم والمحكوم كما جسدها الخلفاء الراشدون.

أليس تحقيق هذا النموذج على أرض الواقع هو الذي يسقط هيبة أميركا من قلوب المسلمين؟ ليست أميركا فحسب بل كل الحضارة الغربية، وهي الحضارة التي تفتن رهطاً كبيراً من المسلمين في الوقت الحاضر.

أليس إحياء هذا النموذج وتقديمه بشكل مشرق في مجال الفرد المسلم، والدولة المسلمة، والمجتمع المسلم الذي يتحلى بأروع صفات الحب والتلاحم والطهر والعفاف والغنى والاستقامة هو الذي يجعل الشباب المسلم يهرع إلى هذه الدولة بالمئات بل بالآلاف؟

لماذا لم تنتبه القاعدة إلى مثل هذه المعاني، وتتجه إلى تدعيم النموذج في طالبان بدلاً من أن تذهب إلى تفجيري نيروبي ودار السلام، أو تفجيرات نيويورك وواشنطن؟

أعتقد أن السبب في ذلك واضح وهو تضخيم حكم الجهاد عند القاعدة، واحتلاله مساحة أوسع من المساحة التي يجب أن يأخذها في العملية البنائية، وهو الذي جعلها تخطئ الطريق.

الخلاصة

مجاهدو طالبان.

عند استعراضنا كتاب “الفريضة الغائبة” لمنظّر الجهاديين الأول عبد السلام فرج وجدنا أن الكتاب ضخّم حكم الجهاد، وظنّ أن الجهاد -وحده- هو الذي يعيد صرح الإسلام، وهذا فهم قاصر ورأي خاطئ.

ثم رأينا الخطأ يتكرر مع “القاعدة” في كتاب “إدارة التوحّش”، فإن تضخّم حكم الجهاد عندهم هو الذي جعلهم يذهبون إلى تفجيري نيروبي ودار السلام من أجل تحقيق أهداف كان بالإمكان تحقيقها من خلال تدعيم دولة طالبان التي جاؤوا إليها مختارين مبايعين.

رابط المقال في الجزيرة نت “الجهاد” عند التنظيمات الجهادية … رؤية غير فقهية

ظهرت المقالة الجهاد عند التنظيمات الجهادية… رؤية غير فقهية أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%87%d8%a7%d8%af-%d8%b9%d9%86%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%86%d8%b8%d9%8a%d9%85%d8%a7%d8%aa/feed/ 0 665