دراسات مختارة الأرشيف – منبر الأمة الإسلامية https://www.al-ommah.com/category/دراسات/دراسات-مختارة/ منبر الأمة الإسلامية Mon, 07 Feb 2022 21:19:20 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.5.2 https://i0.wp.com/www.al-ommah.com/wp-content/uploads/2021/02/Group-6.png?fit=32%2C32&ssl=1 دراسات مختارة الأرشيف – منبر الأمة الإسلامية https://www.al-ommah.com/category/دراسات/دراسات-مختارة/ 32 32 171170647 اللغة العربية ودورها في بناء الأمة https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d9%84%d8%ba%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%af%d9%88%d8%b1%d9%87%d8%a7-%d9%81%d9%8a-%d8%a8%d9%86%d8%a7%d8%a1-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%85%d8%a9/ https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d9%84%d8%ba%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%af%d9%88%d8%b1%d9%87%d8%a7-%d9%81%d9%8a-%d8%a8%d9%86%d8%a7%d8%a1-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%85%d8%a9/#comments Thu, 25 Jan 2018 10:17:00 +0000 https://al-ommah.com/?p=1052 تشكل اللغة العربية أهم العوامل التي تقوم عليها أمتنا، بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل: التاريخ والدين والاقتصاد إلخ….، وهي تشكل عنصراً أساسياً في بناء هوية كل فرد من هذه الأمة، ومما يزيد في أهمية هذه اللغة عند العرب والمسلمين أن معجزة الرسول -صلى الله عليه وسلم- الكبرى، وهي: القرآن الكريم، […]

ظهرت المقالة اللغة العربية ودورها في بناء الأمة أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
تشكل اللغة العربية أهم العوامل التي تقوم عليها أمتنا، بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل: التاريخ والدين والاقتصاد إلخ….، وهي تشكل عنصراً أساسياً في بناء هوية كل فرد من هذه الأمة، ومما يزيد في أهمية هذه اللغة عند العرب والمسلمين أن معجزة الرسول -صلى الله عليه وسلم- الكبرى، وهي: القرآن الكريم، جاءت بهذا اللسان العربي المبين، ومن هنا جاء استهدافها، خلال القرن الماضي بعدد من الاتهامات غير الصحيحة، من مثل أنها صعبة القواعد والإملاء، وبأنها لغة غير علمية، لذلك ارتفعت الأصوات في عدد من البلاد العربية مطالبة باستبدال العامية بالفصحى، وقد رفع عدد من المفكرين من مثل سلامة موسى ولويس عوض حناجرهم منذ مطلع القرن العشرين بهذه الدعوة، وما زالت الهجمة عليها مستمرة.

ولكن هذه الحملة لم تنجح، ولم يعتمد أي بلد عربي العامية لغة رسمية فيه، لكن حملة من نوع آخر نجحت، وهي تفشي استعمال اللغات الأجنبية كالإنجليزية في التدريس منذ المرحلة الابتدائية، واعتمادها كلغة أساسية في تدريس جميع العلوم من طب وهندسة ورياضيات وفيزياء وكيمياء في معظم جامعات العالم العربي، وتفشي ألفاظها في الأسواق والمعاملات والإعلانات…..، فأصبحت اللغة العربية الفصحى غريبة، وها هي تزداد غربتها بمرور الزمن لكثرة اعتماد مختلف الدول العربية على الإنجليزية.

لقد أدرك الصحابة رضوان الله عليهم بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعمق فهمهم، ونفاذ بصيرتهم، أهمية العناصر الثلاثة التي تقوم عليها وحدة الأمة الثقافية وهي: القرآن الكريم، وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، واللغة العربية.

وأدركوا أن الاختلاف والتفرق عند الأمم السابقة قد جاء نتيجة عدم الحفاظ على رسالة أنبيائهم، لذلك حرص الصحابة رضي الله عنهم على المحافظة على القرآن الكريم، وبدأ ذلك بعد أن استحرّ القتل في القراء الحافظين للقرآن في معركة اليمامة، فقد روى البخاري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لأبي بكر الصديق رضي الله عنه حاثًّا إياه على جمع القرآن: “إِنَّ الْقَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ بِالْمَوَاطِنِ”. ثم شرح الله صدر أبي بكر الصديق لرأي عمر بن الخطاب، وشكل لجنة برئاسة الصحابي زيد بن ثابت رضي الله عنه من أجل جمع القرآن الكريم من صدور الرجال ومن الصحف التي كان قد كُتب عليها، ثم حُفظت النسخة عند أبي بكر الصديق، ثم انتقلت إلى عمر بن الخطاب، ثم إلى حفصة رضي الله عنهم أجمعين.

عندما انتشر الإسلام في أصقاع الأرض، وبدأت الشعوب غير العربية في الدخول في الإسلام، وبدأت مشكلة أخرى، وهي: فشو اللحن في قراءة القرآن، نتيجة اختلاف لسانها عن لسان القرآن الكريم، ومن أجل معالجة هذه المشكلة أرسل الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه نسخة من المصحف الأم الذي كان عند حفصة رضي الله عنها إلى كل من مكة والشام والبصرة والكوفة واليمن والبحرين، وأبقى عنده في المدينة مصحفًا واحدًا، ليكون مرجعاً يعود المسلمون إليه في الأمصار عند الاختلاف في تلاوة القرآن.

ثم ظهرت حاجات أخرى من أجل تصويب قراءة القرآن الكريم، فتم ابتكار علمي: تنقيط الأحرف وتشكيل الكلمات، لكي يزيلا أي خطأ في نطق الآيات الكريمة.

ثم ظهرت حاجات أخرى من أجل المساعدة على الفهم الدقيق لمعاني القرآن الكريم وأحكامه، فتم ابتكار علمي: النحو والصرف، ثم ظهرت الحاجة إلى توضيح الإعجاز القرآني وفهم أسراره، فتم ابتكار بعض العلوم من مثل: علوم البلاغة والبيان والبديع.

لقد كانت الإنجازات العلمية السابقة في مجال اللغة، والتي ابتكرت عدة علوم من أجل ضبط النص القرآني وعدم الاختلاف في فهمه، باعتبار أن وحدة الدين أصل في وحدة الأمة.

واعتبر الإمام الشاطبي في الموافقات إن من أولى الواجبات على المسلم العلم بالعربية من أجل أن يقيم بها صلاته وعبادته وتلاوته للقرآن الكريم.

ثم وضح علماء الدين بعض الأحكام الفقهية المرتبطة باللغة العربية، فاعتبروا أن أول ما يؤمر به العبد من أجل الدخول في الإسلام هو الشهادتان، وذلك نتيجة حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذي يقول فيه: “بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان”(رواه البخاري ومسلم)، وبينوا أنه يجب أن يقولها بالعربية، ويدرك معناها كما بينها الدين.

وتتأكد تلك الحاجة إلى تعلم العربية عندما نتفحص الشهادتين اللتين تعتبران المدخل إلى الدين الإسلامي بالنسبة لأي مسلم، فالشهادة الأولى وهي “أشهد أن لا إله إلا الله” جاءت بصيغة المضارع “أشهد”، والشهادة تعني إعمال الحواس، ثم الوعي والعلم بأن الله واحد أحد، من خلال عقل الكون المحيط بالمسلم من شمس وقمر وبحر ونهر وطير وبستان وزهرة إلخ…..، فإن التدقيق في هذه الكائنات ونشأتها وحركتها وتطوراتها تجعل المسلم يعرف بأن الله واحد أحد لا رب غيره، ولا معبود سواه.

أما الشهادة الثانية وهي “أشهد أن محمداً عبده ورسوله” فهي تعني أني أشهد بحواسي وعقلي أن محمداً رسول الله، فكيف يكون ذلك وقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

يكون ذلك بأني أعلم وأتبين وأشهد شهادة قاطعة بأن محمداً رسول الله من خلال رسالته الباقية وهي “القرآن الكريم”، ولن يتأتى ذلك إلا بمعرفة اللغة العربية التي يؤكد العلم بها بإعجاز القرآن الكريم، ثم العلم بأن محمداً رسول الله، وكأني معاصر له.

وهذا الوضع تحقق للرسول صلى الله عليه وسلم، وهو إمكانية التحقق والتيقن بأنه نبي ورسول، ولم يتحقق لغيره من الأنبياء لأن معجزتهم التي أقاموا بها الدليل على نبوتهم ورسالتهم انتهت بوفاتهم، كما هي معجزة موسى أو معجزات عيسى عليهما السلام، أما الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- فإن معجزته باقية بعد وفاته وهي القرآن الكريم، لكننا لا نستطيع أن نعي ونعلم أنها معجزة حقاً إلا بتعلم اللغة العربية، وإدراك أسرارها، وفقه معانيها.

لم يقبل بعض علمائنا إيمان التقليد من المسلم، بل أوجبوا عليه بأن يقيم إيمانه على الدليل حتى يكون مقبولاً من الله، أما العلم بوحدانية الله فيكون من خلال النظر إلى الكون، وأما العلم بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم فيكون من خلال العلم بالعربية، والاجتهاد في الترقي بفهمها، وتذوق بيانها، ثم تلاوة القرآن الكريم، ليدرك إعجاز هذا القرآن، ويوقن بعد ذلك بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، ويتفهم تفاصيل رسالته التي جاء بها في سور القرآن الكريم.

الخلاصة: تشكل اللغة العربية محوراً أساسياً من محاور بناء أمتنا، وعاملاً مهماً في بناء هويتنا، كما تشكل مدخلاً رئيسياً لإدراك معجزة الرسول الكبرى وهي: القرآن الكريم، والإقرار بها، ثم العلم بنبوة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وكأنك تراه وتعاصره، وبعثت معه صلى الله عليه وسلم.

المقال في الجزيرة اللغة العربية ودورها في بناء الأمة

ظهرت المقالة اللغة العربية ودورها في بناء الأمة أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d9%84%d8%ba%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%af%d9%88%d8%b1%d9%87%d8%a7-%d9%81%d9%8a-%d8%a8%d9%86%d8%a7%d8%a1-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%85%d8%a9/feed/ 1 1052
الفكر التوراتي يهدد آثار فلسطين: الحرم الإبراهيمي مجرد خطوة https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b1%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%a8%d8%b1%d8%a7%d9%87%d9%8a%d9%85%d9%8a/ https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b1%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%a8%d8%b1%d8%a7%d9%87%d9%8a%d9%85%d9%8a/#respond Fri, 05 Mar 2010 21:53:00 +0000 https://al-ommah.com/?p=1945 مقال منقول عى جريدة الشرق الأوسظ للكاتب إيهاب الحضري ضم إسرائيل لـ الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح، ليس إلا خطوة صغيرة ضمن خطة شاملة، لا تستهدف فلسطين وحدها، بل تمتد لتشمل مواقع في لبنان والأردن وسورية، ومن ضمن ما حاولت إسرائيل تسجيله كموقع تراثي إسرائيلي، هو طريق الحج الذي […]

ظهرت المقالة الفكر التوراتي يهدد آثار فلسطين: الحرم الإبراهيمي مجرد خطوة أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
مقال منقول عى جريدة الشرق الأوسظ للكاتب إيهاب الحضري

ضم إسرائيل لـ الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح، ليس إلا خطوة صغيرة ضمن خطة شاملة، لا تستهدف فلسطين وحدها، بل تمتد لتشمل مواقع في لبنان والأردن وسورية، ومن ضمن ما حاولت إسرائيل تسجيله كموقع تراثي إسرائيلي، هو طريق الحج الذي يمتد من مكة إلى القدس.

أمر قد يبدو سورياليا، لكن هذا التحقيق يلقي الضوء على محاولات إسرائيلية مدعومة دوليا، للسيطرة على مواقع عربية بأساليب لا تخطر على بال!

عندما اتخذ نتنياهو قراره بضم الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح إلى المواقع التراثية الإسرائيلية، أكد أن بقاء الإسرائيليين لا يعتمد فقط على القوة العسكرية ولا المناعة الاقتصادية، بل يتحقق من خلال الارتباط بالماضي.

وهي وجهة نظر ثقافية عادة ما نغفلها نحن العرب في تناولنا للصراع العربي الإسرائيلي، حيث نركز فقط على الشقين السياسي والعسكري، متناسين أن الصراع حضاري في المقام الأول.

الحكومة الإسرائيلية أشارت إلى أن ما حدث يمضي في سياق خطة لترميم 150 موقعا تراثيا توراتيا لخلق ارتباط مباشر بين شمال البلاد وجنوبها! وهو اتجاه ليس جديدا على الإطلاق، كما أن ما حدث أخيرا لن يكون خطوة أخيرة.

ووفقا لهذه الرؤية الإسرائيلية (الحضارية)، يدخل مسجد بلال بن رباح دائرة الصراع، لأنه معروف في الفكر التوراتي باسم قبر راحيل.

الأمر ذاته ينطبق على الحرم الإبراهيمي، الذي يحاول الصهاينة إعادة موقعه إلى ما كان عليه. فوفقا للروايات التاريخية، كان الموقع يضم مقابر الأنبياء، وفي السنة الرابعة قبل الميلاد اكتمل إنشاء سور حوله لتأمر الملكة هيلانة بعدها بثلاثة قرون ببناء سقف له، ثم قام الفرس بهدمه ليعيد الرومان إعماره وينشئوا فيه كنيسة.

وعندما دخل المسلمون فلسطين قاموا ببناء الحرم الإبراهيمي في الموقع ذاته عام 15 هجرية، لكن الصليبيين استخدموه ككاتدرائية لمدة تسعين عاما، حتى أعاد صلاح الدين الأيوبي الأوضاع إلى ما كانت عليه. ومنذ احتلال الضفة الغربية عام 1967، بدأ استهدافه من الإسرائيليين.

المحاولات مستمرة ومتعددة الأساليب، تبدأ من مجرد تغيير الأسماء وتنتهي بالتزييف الكامل!.. الاستعراض التالي يرصد بعض الأماكن التي استهدفتها إسرائيل بمختلف الوجوه، لأنها ستكون مهددة، غالبا، في المراحل القادمة، ولن تخرج عن قائمة ال-150 موقعا التي أشارت إليها الحكومة الإسرائيلية.

أقام الإسرائيليون مستعمراتهم، خلال السنوات الماضية، في مواقع درست بدقة، لتقود إلى القضاء على التراث الفلسطيني. فقد اختاروا مناطق أثرية فلسطينية وأنشأوا مستعمراتهم عليها، وقاموا بتغيير أسمائها، معتمدين على أن الزمن كفيل بالباقي. وهنا بعض النماذج للمستعمرات التي أنشئت على مواقع أثرية، ومنها:

«كوخاف هشاحر»: وتعني «نجمة الصباح»، أقيمت عام 1975 على أراضي دير جرير وكفر مالك، وبها قبر مسيحي أثري لكاهنة كانت تدعى الست زهراء.

«شاني شومرون»: أقيمت عام 1978 جنوب محطة سكة حديد المسعودية، قرب سبسطية، باعتبارها عاصمة مملكة إسرائيل التاريخية.

«كفار تفوح»: أنشئت عام 1978 على أراضي ياسوف وإسكاكا بسلفيت، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى مدينة بتواح، التي ذكرت بسفر «يشوع» في العهد القديم.

«شيلوا»: أنشئت عام 1978 على أراضي قريوت وحالوا وتر مسعيا، والموقع مهم من الناحية الأثرية، ويحتوي على عدد من الآثار القديمة، كما تم اكتشاف مناطق أثرية مهمة بهذه المنطقة، لكن المستوطنين أحاطوها بسياج كبير.

«علمون»: أقيمت عام 1983 بالقدس المحتلة، وبها خربة قديمة تدعى خربة علميت، تضم جدرانا مهدومة وأحواضا منقورة في الصخر وأساسات كنيسة مرصوفة بالفسيفساء وقناة ومساكن في الكهوف وينابيع مياه تاريخية، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى بلدة علمون الكنعانية.

«حبلة»: أثناء قيام سلطات الاحتلال بشق طريق حولها، تمت مصادرة مقام «أولاد العوام»، ودمرت الجرافات عددا من قبور الصالحين.

«عوفرة»: تحمل اسم مدينة كنعانية تاريخية، لكن الإسرائيليين ادعوا أنها مدينة إسرائيلية أقيمت منذ عهد الهيكل الثاني، وقام الرومان بضمها إلى مملكة يهودا!

* تزوير دولي

* في 6 يونيو (حزيران) 2000، أرسل يوسي ساريد، وزير التعليم الإسرائيلي حينها، رسالة إلى مركز التراث العالمي، بوصفه رئيس اللجنة الوطنية الإسرائيلية للإيكوموس. تضمنت الرسالة أسماء 29 موقعا مرشحا للتسجيل في قائمة التراث العالمي، بوصفها مواقع تراثية إسرائيلية.

من بين هذه المواقع، كان النموذج الأكثر استفزازا، هو طريق الحج من القدس إلى مكة!.. إضافة إلى وادي الأردن وخليج العقبة، ومواقع أخرى عديدة تقع خارج نطاق فلسطين التاريخية كليا.

ضمت القائمة: القدس وعكا ومسعدة وميكا تشيم (النقب الجنوبي)، وهذه المواقع الأربعة كانت مرشحة للتسجيل في العام التالي، كبداية لتسجيل المواقع الباقية، وهي:

  • جبل الكرمل (ورد في القائمة الإسرائيلية باسم هارها كرمل).
  • ووادي المغارة (ناحال مئاروت).
  • وتل وقاص (حاصور).
  • وخربة القحوان (شعار هجولان).
  • وتل القاضي (دان القديمة).
  • وتل الفخار (تل عكا).
  • وقرن حطين (كارني هيثم).
  • وخربة المنيا (هورفات منيم).

وقد خالفت إسرائيل شروط الاتفاقية الدولية لحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي، بتجنبها ذكر الأسماء التاريخية التي كانت معروفة ومستعملة في سجل المواقع والمباني التاريخية قبل سنة 1948.

في القسم الثاني من القائمة (المواقع متعددة القوميات)، اقترحت إسرائيل تسجيل خمسة مواقع، منها: وادي الأردن، ونهر الأردن ومنابعه، ووادي عربة، وخليج العقبة.

وفي القسم الثالث (مواقع المجموعات)، طالبت بضم: التل التوراتي، والحصون الصليبية، والقصور الأموية، والأديرة الصحراوية، والديكابولس، والفنون الصخرية، ومدن الموانئ، ويلاحظ أن المواقع المقترحة في المجموعتين السابقتين تنتشر في عدد من الدول، كفلسطين والأردن وسورية ولبنان.

الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، ففي القسم الرابع (الطرق الحضارية)، اقترح الوزير الإسرائيلي تسجيل: «طريق الحج من القدس إلى مكة، وخط القطار العثماني، وطريق البخور الساحلي»، في قائمة التراث العالمي.

فلسطين أعدت وقتها مذكرة بعثت بها إلى اليونسكو، وأكدت فيها أن إسرائيل عمدت إلى مغالطات عديدة، أشار حمدان طه، مدير عام دائرة الآثار في السلطة الوطنية الفلسطينية، إلى بعضها، ومنها: «تغطي خارطة إسرائيل المرفقة مع التقرير حدود فلسطين الانتدابية، ولا تشير إلى الحدود مع الأراضي الفلسطينية، سواء بموجب قرار التقسيم رقم 181، أو قرار 242 لأراضي الضفة الغربية وقطاع غزة المحتل عام 1967، أو الاتفاقات الموقعة بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية.

وتنفي الخارطة الوجود الجغرافي الفلسطيني على أرض فلسطين!». كما أكدت المذكرة أن الاستناد إلى التوراة والمصادر اللاهوتية، هو أمر محل نقد وإعادة تقييم شاملة من قبل البحث الأثري الحديث، لأن الرؤية التاريخية القديمة التي تشكلت على قاعدة الفهم اللاهوتي الديني، اتسمت بانحياز أيديولوجي واضح لفترات معينة، وإهمال مقصود لدلائل الفترات الأخرى.

العرب تصدوا لهذه المحاولة التي تعتبر واحدة من حلقات السطو على التاريخ، وتمكنت مصر والمغرب فعليا من تجميد مناقشة الطلب الإسرائيلي، غير أنه كان تجميدا مؤقتا، إذ إن إسرائيل نجحت بعد ذلك في تسجيل موقعين!

* والقدس أيضا

* محاولة أخرى استهدفت مدينة القدس ذاتها، تكشفت تفاصيلها أثناء اجتماع خبراء الآثار العرب في القاهرة في أبريل (نيسان) 2004. فإسرائيل كانت تخطط لرفع القدس من قائمة التراث العالمي!.. وكأن ما يحدث في الأقصى من تدميرات تحتية، بحجة البحث عن آثار يهودية، لم يعد كافيا!

بدأت القصة خلال اجتماع المؤتمر العام رقم 32 لمنظمة اليونسكو، الذي عقد عام 2003، حيث تقدم مندوب أميركا، وأطراف أخرى، بتوصية (مستغربة) لتشكيل لجنة فنية لمعاينة حالة التراث الثقافي لمدينة القدس وأسوارها!.. إسرائيل كانت تتصدى دائما، وبمعاونة أميركية، لفكرة تشكيل أي لجان فنية يمكنها أن تفضح ممارساتها تجاه التراث الفلسطيني، لكن التوصية هذه المرة كانت أميركية، ولم تلق ردا إسرائيليا سلبيا!.. وتم تشكيل اللجنة برئاسة مدير مركز التراث العالمي، ضمت مندوبين من المنظمة الدولية للمباني التراثية، والمنظمة العالمية لصيانة وترميم المباني التراثية، وجيوفاني بوكاردي، رئيس وحدة المواقع التراثية العربية على قائمة التراث العالمي، إضافة إلى خبراء آخرين.

وكان من المفترض أن تضم اللجنة عالم الآثار أوليك جرابار، غير أن السلطات الإسرائيلية رفضت استقباله، لأسباب أمنية (؟!!)، رغم أن جرابار كان الوحيد الذي يعتبر متخصصا في القدس من بين أعضاء اللجنة. وصلت البعثة إلى القدس نهاية فبراير (شباط) 2004، وعملت لمدة عشرة أيام. وتشير المذكرة الأردنية التي أعدها عبد السميع أبو دية، المسؤول بدائرة الآثار الأردنية، إلى أن المجموعة العربية في اليونسكو احتجت لدى مدير عام المنظمة، لأن البعثة لم تضم أي خبير بالآثار الإسلامية، مما قد يؤدي إلى تحيز. وأضافت المذكرة أن المجموعة العربية عقدت اجتماعا في باريس نهاية يناير (كانون الثاني) 2004، أشار فيه رئيس المجموعة، مندوب سلطنة عمان، إلى أنه يشاع في أروقة المنظمة أن إسرائيل تحاول شطب مدينة القدس من قائمة التراث العالمي! وبناء على ذلك، تم تشكيل لجنة عربية مصغرة اجتمعت بمدير اليونسكو وأطلعته على تحفظات المجموعة العربية على تشكيل البعثة لعدم وجود خبير متخصص بالآثار الإسلامية، كما أشارت إلى الموقف السلبي لرئيس البعثة، لعدم موافقته على اقتراح بضم خبير في الآثار الإسلامية، وهو عبد العزيز بشاوش، إلى أعضائها. على الجانب الآخر، كانت البعثة تؤدي عملها في القدس وسط أجواء مريبة، فقد طلبت إجراء تعديلات على البرنامج المعد سلفا ليشمل موضوعين جديدين، هما أسطح البيوت في القدس القديمة، وبركة حزقيا. وهو الطلب الذي أكد حمدان طه في تقريره عن الزيارة أن دائرة الأوقاف الإسلامية رفضته، لأن هذين الموضوعين يعبران عن أفكار إسرائيلية حول هاتين القضيتين سبق رفضها.

وأوضح المسؤولون الفلسطينيون لأعضاء الوفد ما تعانيه آثار المدينة من أخطار، نتيجة الحصار والاعتداءات المتتابعة، والتأثير السلبي لذلك على إمكانية الترميم والحفاظ على المباني التاريخية، وخصوصا في المنطقة المحيطة بالحرم.

وأشاروا إلى المخاطر الناجمة عن استمرار أعمال التنقيب السرية في منطقة الحرم وتأثيرها على أساسات المباني، وضربوا مثالا بالانهيار الذي كان قد حدث في توقيت مقارب بالممر الموصل إلى باب المغاربة (قرار ضم الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال الذي صدر أخيرا، تزامن مع تصريحات فلسطينية بحدوث انهيار جديد في أحد المواقع بالحرم القدسي).

التقرير الذي أعده حمدان طه لم يتضمن انطباعات سلبية عن زيارة البعثة، ويرجع ذلك إلى أنه لم يصدر عن أعضائها ما يفصح عن نيتهم.

الدكتورة ريتا عوض ألمحت في كلمتها التي ألقتها في مؤتمر خبراء الآثار العرب، كمندوبة عن المنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة، إلى وجود مؤامرة، حيث قالت: «ساد شعور له ما يبرره لدى المجموعة العربية في اليونسكو بأن إسرائيل ما وافقت على استقبال هذه البعثة بعد سنوات من رفض بعثات اليونسكو، إلا لوجود ضمانات من المنظمة الدولية، بأن يكون تقرير البعثة مواتيا لمطالب إسرائيل».

وأشارت بدورها إلى عدم وجود أي خبير عربي، أو مختص بتراث المنطقة ضمن أعضاء هذه البعثة. الشك تحول إلى يقين، حسب تأكيد ريتا عوض، بعد لقاء السفراء العرب رئيس البعثة، وتقديمه – بعد امتناع – تقريرا شفهيا مختصرا عن نتائج الزيارة، ظهر فيه جليا أن البعثة لا تذكر القدس كمدينة محتلة، ولا تحمل أي مسؤولية للاحتلال عن تردي الأوضاع المعيشية في المدينة وتدهور أحوال المواقع الأثرية.

وتقول ريتا عوض: «لعل أخطر ما صرح به التقرير، أن القدس لا تستجيب، في وضعها الحالي، لشروط التسجيل في قائمة التراث العالمي، مما يوحي بخطر إسقاطها من هذه القائمة!». الغريب أن إسرائيل كانت قد تقدمت عام 2000 بطلب لتوسعة موقع مدينة القدس القديمة على القائمة ذاتها، من أجل إضافة معبد يهودي، في محاولة سافرة للتدخل في ملف المدينة. غير أن المجموعة العربية تصدت لذلك، وتمكنت من إيقاف الطلب، اعتمادا على ضرورة الحصول على موافقة الدولة المعنية بمدينة القدس، وهي الأردن، التي كانت قد نجحت في تسجيل المدينة العتيقة عام 1981 على قائمة التراث العالمي، وفي عام 1982 نجحت في تسجيلها على قائمة المواقع المهددة بالخطر.

وهكذا تستمر محاولات إسرائيل المدعومة بتواطؤ من هيئات دولية لشطب القدس من قائمة التراث العالمي (التي تعطي المواقع المسجلة أولوية الإنقاذ في حال حدوث أي مشكلات، أو كوارث كبرى تهدد آثارها). وهو ما يفتح الباب بعد ذلك إلى بدء تسجيل جزئي لمواقع بالمدينة المقدسة على أنها إسرائيلية!

الخطة الإسرائيلية أحبطت في اجتماع مركز التراث العالمي، الذي عقد في يونيو 2004 بمدينة سوشو الصينية. لكن فشلها لا يعنى أن المحاولات توقفت، لأن التجارب السابقة تشير إلى أن الفشل المرحلي لا يلغي الفكرة، بل يجمدها لفترة، تعود بعدها للظهور من جديد. وسواء نجح المخطط مستقبلا أو فشل، فإنه يظل دليلا على أن العقلية الإسرائيلية لا تتوقف عن ابتكار مخططات، تهدف باستمرار إلى سرقة التاريخ ونزع الهوية الأصلية عن المنطقة لصالح تواريخ أخرى مختلقة!

ظهرت المقالة الفكر التوراتي يهدد آثار فلسطين: الحرم الإبراهيمي مجرد خطوة أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b1%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%a8%d8%b1%d8%a7%d9%87%d9%8a%d9%85%d9%8a/feed/ 0 1945
الطريق إلى بناء الهيكل الثالث https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d8%b7%d8%b1%d9%8a%d9%82-%d8%a5%d9%84%d9%89-%d8%a8%d9%86%d8%a7%d8%a1-%d8%a7%d9%84%d9%87%d9%8a%d9%83%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%ab%d8%a7%d9%84%d8%ab/ https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d8%b7%d8%b1%d9%8a%d9%82-%d8%a5%d9%84%d9%89-%d8%a8%d9%86%d8%a7%d8%a1-%d8%a7%d9%84%d9%87%d9%8a%d9%83%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%ab%d8%a7%d9%84%d8%ab/#respond Sun, 17 Jan 2010 21:43:00 +0000 https://al-ommah.com/?p=1941 في سنة 1989 نشرت مجلة «تايم» الأميركية تحقيقاً تحت عنوان «هل آن أوان بناء الهيكل الجديد؟» ووضعت المجلة عنواناً فرعياً بلغة الكلام المزدوج التي تجيدها كتيبة الإعلام العالمي والأميركي تحديداً الداعمة لإسرائيل يقول: «إن اليهود التقليديين يأملون في تشييد بنائهم المقدس، لكن مسجداً وقروناً من العداء تقف في طريقهم».والمعنى الواضح […]

ظهرت المقالة الطريق إلى بناء الهيكل الثالث أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
في سنة 1989 نشرت مجلة «تايم» الأميركية تحقيقاً تحت عنوان «هل آن أوان بناء الهيكل الجديد؟» ووضعت المجلة عنواناً فرعياً بلغة الكلام المزدوج التي تجيدها كتيبة الإعلام العالمي والأميركي تحديداً الداعمة لإسرائيل يقول: «إن اليهود التقليديين يأملون في تشييد بنائهم المقدس، لكن مسجداً وقروناً من العداء تقف في طريقهم».
والمعنى الواضح هو أن اليهود المتدينين الطيبين يريدون العودة للصلاة في معبدهم التاريخي، لكن المسلمين بمسجدهم الأقصى وعدائهم الديني الضارب في القدم يقفون في طريق اليهود ويحرمونهم من تشييد بنائهم المقدس.

وفي تحقيقها تشير المجلة كذلك إلى أن «إعادة بناء الهيكل لم تكن قضية مثارة إلى أن استولت إسرائيل على جبل الهيكل ومدينة القدس القديمة وأن إسرائيل نظراً لحرصها على صون السلام واصلت السماح للمسلمين بإدارة الموقع، غير أن المسلمين لا يسمحون ليهودي أو مسيحي بإقامة شعائر الصلاة علناً على الأرض المقدسة لذلك الجبل، ولم يبدوا أدنى استعداد للسماح ببناء أبسط معبد يهودي أو كنيسة، كما أن أقل حركة تشير إلى موضوع إعادة بناء الهيكل تثير المسلمين الذين عقدوا العزم تبعاً لما صرح به أحد مسؤولي المسجد الأقصى على الدفاع عن الأماكن الإسلامية المقدسة إلى آخر قطرة في دمائهم».

هكذا كانت الآلة الإعلامية الأميركية المدفوعة لصالح الفكر اليهودي تعمل في الولايات المتحدة الأميركية وفي غيرها من دول الغرب تجاه واحدة من أعقد أساطير اليهود حتى الساعة… ماذا عن تلك الأسطورة؟

الثابت أن التراث الديني اليهودي مستقر على أن أمر الله في العهد القديم «التوراة» ببناء الهيكل هو شأن لا رجعة فيه وهذا الفكر الدوغمائي غير القابل للنقاش يسيطر على تفكير العشرات بل المئات من المنظمات اليهودية في القدس والتي تعتبر مسألة بناء الهيكل مسألة مقضياً بها، ويمكن وصف تلك المنظمات بأنها شديدة التعصب، بالغة الحماسة، نشطة في الإعداد لبناء الهيكل حتى لو قاد الأمر إلى كارثة كبرى.

يتساءل المرء: ما هو تاريخ هذا الهيكل المزعوم وماذا عن أبعاده الدينية، وهل هو حقيقة إيمانية أم مجرد تهويمات منحولة؟

من دون إغراق القارئ في تفاصيل الفكر الديني اليهودي نقول إن المعبد بادئ ذي بدء هو مكان العبادة لشعب إسرائيل، على أنه عبر تاريخهم كان هناك ثلاثة هياكل وليس هيكلاً واحداً وكلها بنيت وهدمت ويمكن الإشارة إليها من دون تطويل ممل أو اختصار مخل في السطور التالية:

هيكل سليمان بني للمرة الأولى في عهد الملك سليمان بن داود وكان ذلك في حوالي عام 1004 قبل الميلاد وهدم في حوالي 587 قبل الميلاد على يد ملك بابل الشهير نبوخذ نصر، حينما سقطت أورشليم في أيدي البابليين وقد تنبأ عن إعادة بنائه النبي زكريا حوالي عام 518 ق. م وتحققت النبوءة.

هيكل زروبابل: كان بناؤه عام 150 قبل الميلاد وسمي كذلك نسبة إلى زروبابل حاكم اليهودية آنذاك وكان ذلك بأمر الملك قورش ملك فارس وقد دمره الوالي الروماني انطيوخوس الرابع 163 ق.م.

هيكل هيرودس: وقد بني على يد ملك اليهود هيرودس الكبير ابتداء من سنة 19 ق.م وظل البناء فيه قائماً حتى عام 64 بعد الميلاد ولم يمض بعد ذلك إلا سنوات حتى دمره نهائياً القائد الروماني تيطس سنة 70 ميلادية.

والشاهد أنه إذا كانت الهياكل الثلاثة السابقة قد أصابها ما أصابها، فلماذا العودة من جديد إلى المناداة ببناء هيكل آخر؟

ومن المؤسف أن بعض التيارات المغالية في التماهي مع اليهود من المسيحيين المتصهينين يمضون في طريق تصديق خرافة محتواها أن بناء الهيكل من جديد هو الطريق لعودة المسيح إلى الأرض ثانية وقيام ما يسمى بالملك الألفي، أي أن تشهد الأرض حكماً إلهياً مدته ألف سنة، ولذلك تجد فكرة إعادة بناء الهيكل زخماً عند تيارات غربية كثيرة وإن كانت الكنائس الكبرى حول العالم كالكاثوليكية والأرثوذكسية ترفض هذا الفكر المنحول.

يخبرنا المؤرخ اليهودي الشهير يوسيفوس في كتابه «حروب اليهود – الجزء السادس» الفصلين الرابع والخامس، بتفاصيل ما جرى، ذلك أنه لما استولى عساكر الرومان على مدينة القدس وكان ذلك في حوالي سنة 70 ميلادية لمواجهة التمرد اليهودي ضد الحكم الروماني، أحرقوا المعبد ودمروا الهيكل عن آخره، وكان الهيكل في نظر الرومان ليس مجرد معبد ديني، لكنه كان لليهود قلعة وحصناً، ولم يكن من سبيل لوقف عناد اليهود وتصلبهم في مقاومة الرومان إلا بتدمير الهيكل نفسه، وهو مجد اليهود ورمز فخرهم وزهوهم واستعلائهم على كل شعوب الأرض وهكذا تم خراب الهيكل وتمت نبوءة السيد المسيح: «لن يترك فيه حجر على حجر إلا وينقض».

حاول اليهود مراراً وتكراراً إعادة بناء الهيكل لإظهار كذب المسيح ذاته، واتفق أن كان هناك أحد الأباطرة الرومان ويدعى يوليانوس المرتد وسمي بذلك لأنه عاد إلى عبادة الأوثان بعد أن كانت المسيحية قد أضحت الديانة الرسمية للإمبراطورية الرومانية. غير أن ما جرى كما وصفه مؤرخ يوناني عجيب جداً إذ يقول: «إنه في الليلة التالية لبدء اليهود عملهم حدث زلزال مخيف حطم الأحجار التي كانت لا تزال في الأساسات القديمة للهيكل الذي تدمر، الأمر الذي روع له اليهود جداً فلما وصلت أنباء هذا الزلزال إلى اليهود المقيمين في الأماكن البعيدة هرعوا بأعداد كبيرة إلى مكان الهيكل حيث حدث الزلزال ثم إذا فجأة بنار تنزل من السماء لتحرق جميع أدوات البناء وظلت النار مشتعلة لمدة يوم كامل، فأتلفت الفؤوس والأدوات الحديدية والمناشير والمطارق وبالإجمال دمرت النار مختلف الغدوات التي حصل عليها البناؤون لإنجاز العمل».

لم تعد هناك إذن نبؤة تنتظر التحقق بعد، لكن الأيادي الهمجية تحاول منذ زمان وزمانين إعادة محاولة يوليانوس المرتد عبر هدم الأقصى وبناء الهيكل في موقعه وموضعه… كيف ذلك؟

يسجل قائد المنطقة الوسطى الإسرائيلية في حرب عام 1967 الجنرال الإسرائيلي اوزي ناركيس في مذكراته ما نصه: «إنني وقفت بجوار الحاخامات وهم يتلون بعض الأدعية بصوت عال وسط تزاحم ضباط وجنود من الوحدات جاؤوا لمشاهدة الحائط وملامسته تبركاً… كان ذلك بعد نصف ساعة تقريباً من وقوف موشي ديان، وإسحق رابين، واوزي ناركيس (جنرالات إسرائيل الكبار وقتها) صباح السابع من حزيران (يونيو) 1967 أمام حائط المبكى.

في تلك اللحظات، يقول ناركيس، «هرع إلى الموقع كبير حاخامات الجيش الإسرائيلي الجنرال شلومو غوربين وأخذني من يدي جانباً وقال لي همساً: أليست هذه هي اللحظة المناسبة لوضع مئة كيلوغرام من المفرقعات في مسجد عمر، وقبة الصخرة، حتى تتوقف دعاوى المسلمين بوجود حق ديني أو تاريخي لهم في القدس؟».

ويضيف ناركيس: قلت لكبير الحاخامات «أرجوك ذلك أمر لا داعي له وسوف يثير علينا الدنيا كلها، وسألني أي دنيا سوف يثيرها؟»، وقلت له: «المجتمع الدولي وعلى رأسه أميركا التي لها صداقات كثيرة تحرص عليها في المنطقة، ونحن أيضاً لنا أصدقاء في العالم الإسلامي، ولكن كبير الحاخامات أصر على مواصلة دعوته قائلاً لي: « اوزي هذه فرصتك لدخول التاريخ وأنت تضيعها»، ورددت مضطراً عليه: «بأنني سجلت اسمي في كتب التاريخ بدخول القدس وانتهى الأمر، وأدار كبير الحاخامات ظهره لي ومشى بعيداً». وتبقى علامة الاستفهام في هذا المقام: هل توقفت محاولات هدم الأقصى بعد ذلك أم مضت على قدم وساق من أجل بناء الهيكل الجديد؟

واقع الحال يشير إلى أن المحاولات مستمرة والنيات العدوانية مستقرة منذ عام 1967 مروراً بعام 1969 أي وقت الحريق الكبير الذي اشتعل في الأقصى، وصولاً إلى الأيام الأخيرة التي شهدت حفر أنفاق وإحداث هزات أرضية، ناهيك عن تزوير تاريخ المنطقة برمتها.

وبحسب الادعاءات اليهودية التي تجد كثيراً من دعم أصوليين مسيحيين غربيين خصوصاً في الولايات المتحدة الأميركية فإن المسجد الأقصى بني فوق أساسات الهيكل الثاني.

وفي هذا السياق كان طبيعياً أن تنشأ مؤسسات مثل «مؤسسة هيكل أورشليم» بغرض محدد هو مساعدة أولئك الذين ينوون تدمير المسجد الأقصى وبناء الهيكل مكانه».

ويبقى بديهياً أن يخطط البعض مثل الضابط الإسرائيلي مناحم ليفني عام 1985 لنسف المسجد عبر خطة عسكرية، فالرجل كان أحد أعضاء كتلة المؤمنين وقائد كتيبة مهندسين في جيش الاحتلال، وفي الوقت ذاته كان قائد وحدة من وحدات الحركة الزيلوتية (حماة العقيدة) الإرهابية لمنظمة «غوش ايمونيم»، فقد تمكن ليفني من الحصول على صور استطلاع جوي التقطت للموقع كله، ثم جند أحد الطيارين العسكريين واتفق معه على قصف المسجد والموقع كله من الجو، لكن السلطات العسكرية أوقفت التنفيذ لأن اشتراك أحد الطيارين العسكريين كان حرياً بأن يكشف عن اشتراك حكومي في العملية. على أنه وفي الوقت الذي كانت المؤامرات تحاك لهدم الأقصى كانت خطوات عملية تتخذ في طريق بناء الهيكل الجديد.

والثابت أنه إذا كان العسكريون يمضون في خططهم المسلحة لهدم الأقصى، فإن المنظرين من فلاسفة اليهود أمثال يهودا اتزيون الفيلسوف الإيديولوجي للزيلوت الجدد يحث دائماً جماعات «مؤمني الهيكل» على حتمية النهوض بواجبهم الديني وإزالة الحرم الشريف من الوجود «لأنه – بحسب زعمهم – مقام على أنقاض الهيكل الذي هدمه الرومان، ولا يتوقف الأمر على التنظير الفكري، بل يمتد عمل هؤلاء وأولئك من المنظرين والأتباع إلى الإجراءات العملية للإعداد لبناء الهيكل وقد شمل هذا النشاط الحصول على عدد من الدعامات الخشبية الضخمة التي يعتقد أنها استنقذت من أنقاض الهيكل سنة 70 ميلادية لاستخدامها تبركاً لتكون بين دعامات الهيكل الجديد الذي يعرض المؤمنون نموذجه المصغر من الآن في إحدى قاعات فندق «الأراضي المقدسة» في القدس، والذي تعد رسومه الهندسية بنشاط بالغ.

والمتابع للتصريحات اليهودية المتشددة في الآونة الأخيرة يستمع إلى أقوال عدد من الحاخامات الذين يؤكدون أنهم لن يستطيعوا مفارقة هذا العالم من دون أن يؤمنوا لليهود الصلاة مجدداً على جبل الهيكل، ومن بين هؤلاء نستمع إلى المؤرخ اليهودي ديفيد سولومون، والذي يصرح لمجلة «نيوزويك» الأميركية منذ فترة بالقول: «إن كل يوم يمر على اليهود من دون أن يبدأوا في بناء الهيكل يعتبر وصمة عار في جبين الأمة اليهودية… هل تحول الأمر من مجرد القراءة التوراتية إلى خطوات عملية لإقامة الهيكل الجديد»؟

يبدو مؤكداً أن العمل يجري على قدم وساق لإقامة الهيكل، وقد كثرت الأقاويل في السنين الأخيرة حول أحجار الهيكل، وطريقة بنائه وطقوس تقديم الذبائح فيه بل والذبيحة نفسها.

أما ما يثير أشد المخاوف فهو الادعاء باكتشاف تابوت العهد الإسرائيلي رمز «الحضرة الإلهية» في وسط شعب إسرائيل في العهد القديم، ذلك أنه بعد استيلاء إسرائيل على حائط البراق عام 1967 قالوا إنهم اكتشفوا تحته وثائق تعلن عن طريقة قطع الأحجار الخاصة بالهيكل بدقة.

هذه الرواية أكدها الكاتب الأميركي كولين ديل في كتابه الشهير «عودة المسيح» الصادر في نيويورك عام 1988، أما الأكثر إثارة فقوله: «إنه تم فحص بعض الأحجار القديمة المستخرجة من أنقاض الهيكل القديم فوجدوا أن أكبر حجارة في الهيكل طولها 38 قدماً و 9 بوصات وتزن 100 طن وقيل أنهم وجدوا علامة صنع العمال الفينيقيين ما زالت على هذه الأحجار».

والشاهد أنه قد تكون كل هذه التسريبات الإعلامية أكاذيب، وهذا أمر برعت فيه إسرائيل، إلا أنه ومن أسف باتت تلك الأكاذيب تأخذ منحى التصديق العملي، إذ يشير كولن ديل إلى أنه قد تم قطع أحجار الهيكل الجديد تماماً بالحجم نفسه والمواصفات القديمة نفسها، وهذه الأحجار معدة ومرقمة وهي تتجمع من خلال أربطة، وقيل إنه تم تركيب الهيكل في ولاية إنديانا الأميركية على سبيل التجربة خلال خمسة أيام وبعد فكه تم شحنه بالفعل إلى القدس.

وفي السياق ذاته أسس أحد الخامات اليهود عام 1970 مدرسة باسم «Yeshiva Avodas Hakodish» لتعليم ممارسات وطقوس تقديم الذبائح المقدسة في الهيكل وهي تقبل فقط الشباب من سبط لاوي (رجال الدين في تاريخ إسرائيل القديم) والقادرين على أن يثبتوا انتسابهم إلى ذرية هارون، أول كاهن يهودي وهؤلاء فقط هم الذين يقبلون في المدرسة ويتم تدريبهم على ممارسة طقوس الذبائح، وقد تخرج إلى الآن 15 دفعة من هؤلاء الكهنة اليهود.

وتردد في بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية كذلك أن الموسيقى اللازمة للعبادة في الهيكل قد أعيد صياغتها عام 1976، فقد نشرت جريدة «جيروزاليم بوست» في 3 شباط (فبراير) من العام نفسه مقالاً تحت عنوان «استعادة صورة الهيكل» وأكدت الجريدة أن عالمة الموسيقى الفرنسية هافك فينتورا أعلنت أنها حلت المشكلة المتعلقة بالعلامات الحركية المطبوعة في الكتاب المقدس العبري، مؤكدة أن العلامات الحركية هذه مكنتها من وضع وصياغة الألحان والنغمات التي كانت مستخدمة في خدمة الهيكل في أورشليم منذ 2000 سنة مضت.

على أن الأكاذيب تفضح نفسها بنفسها ذلك أنه في كانون الأول (ديسمبر) من عام 2004 أعلنت إسرائيل أن «الرمانة العاجية» وهي القطعة الأثرية الوحيدة الموجودة لديها من هيكل سليمان، مزورة، وذكر بيان لمتحف إسرائيل أن التحاليل المختبرية والأبحاث الميدانية أكدت أن الرمانة التي لا يتجاوز حجمها أصبع الإبهام تعود إلى العصر البرونزي وهو ما يعني أنها أقدم كثيراً من تاريخ ما تزعم إسرائيل أنه أول هيكل يهودي، فما هي النتيجة المتوقعة لما سبق؟ في ضوء ما تقدم صار من الواضح أن هناك احتمالين:

الأول: هو توقع حدوث زلزال في هضبة الجامع الأقصى وهذا التوقع مصدره أن هناك ضعفاً شديداً في أساسات المسجد الأقصى، بسبب أعمال الحفريات التي تقوم بها إسرائيل ما يجعل أقل هزة أرضية تؤدي إلى سقوطه مع الكنائس الأخرى المجاورة، وقد أيد هذا الاحتمال أحد العلماء الأميركيين من جامعة ستانفورد الذي أعلن عن اكتشاف شرخ في القشرة الأرضية تحت جبل الزيتون مما يمكن أن يسبب حدوث زلازل في وسط الجبل عن قريب.

الثاني: قيام اليهود بهدم المسجد من خلال هجوم مباشر وهو السيناريو الذي تكرر غير مرة وإن لم تصل تلك المحاولات إلى المرحلة النهائية، لكن إرهاصات الأيام الأخيرة تجعل من هذا السيناريو أمراً وارداً وبشدة.

منقول من جريدة الحياة للكاتب إميل أمين

ظهرت المقالة الطريق إلى بناء الهيكل الثالث أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d8%b7%d8%b1%d9%8a%d9%82-%d8%a5%d9%84%d9%89-%d8%a8%d9%86%d8%a7%d8%a1-%d8%a7%d9%84%d9%87%d9%8a%d9%83%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%ab%d8%a7%d9%84%d8%ab/feed/ 0 1941
الترانسفير الجديد.. مستقبل «عرب 48» في «دولة اليهود» https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b1%d8%a7%d9%86%d8%b3%d9%81%d9%8a%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%af%d9%8a%d8%af/ https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b1%d8%a7%d9%86%d8%b3%d9%81%d9%8a%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%af%d9%8a%d8%af/#respond Fri, 25 Dec 2009 16:08:00 +0000 https://al-ommah.com/?p=1937  بقلم: رمزي حكيم في سياق الحديث عن مستقبل الأقلية الفلسطينية في اسرائيل في ظل الهجمة اليمينية المتطرفة وتضييق “الهامش الديمقراطي” المرافق لطروحات حكومة نتنياهو – براك – ليبرمان فيما يختص بالتعامل مع العرب في “دولة اليهود”، لا يجوز تجاهل المخاطر الجمة والجدية التي تواجه الفلسطيني في الجليل والمثلث والنقب والمدن […]

ظهرت المقالة الترانسفير الجديد.. مستقبل «عرب 48» في «دولة اليهود» أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
 بقلم: رمزي حكيم

في سياق الحديث عن مستقبل الأقلية الفلسطينية في اسرائيل في ظل الهجمة اليمينية المتطرفة وتضييق “الهامش الديمقراطي” المرافق لطروحات حكومة نتنياهو – براك – ليبرمان فيما يختص بالتعامل مع العرب في “دولة اليهود”، لا يجوز تجاهل المخاطر الجمة والجدية التي تواجه الفلسطيني في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة، النابعة من ميول صهيونية، صريحة في وضوحها، تطمح لإلغاء العربي وشطب هويته، كمقدمة، هي تجريبية بالأساس (مجموعة القوانين العنصرية الجديدة كمثال)، لإشاعة فكرة اخطر وهي فكرة الترحيل (الترانسفير). هذا خطر قائم يتواجه معه عرب الداخل، مواجهة ساخنة، الى حد أصبحت فيه الدعوة الى الترانسفير مباحة وعلنية ومؤطرة حزبيًا وأيديولوجيًا. وتزداد الخطورة، بشكلها التصاعدي، حين نلتفت الى حقيقة كون هذه المناداة بالترانسفير منتظمة ومترابطة، غير عابرة وغير متفرقة. وهي تجد انعكاسها القوي في الإجماع الصهيوني القائم حول مقولة ان العرب في اسرائيل هم “خطر استراتيجي” و”خطر ديمفرافي” وانهم بمثابة “قنبلة موقوتة” يجب العمل على تفكيكها قبل ان تنفجر في وجه “دولة اليهود” بعد التوصل الى حل للقضية الفلسطينية على أساس الدولتين.
ويجد هذا الطرح رواجًا له، في هذه الإثناء، ضمن الصراع الجاري داخل اسرائيل على شكل “الحل النهائي” للقضية الفلسطينية. اسرائيل تجاهر، الآن، بأن مشكلتها الأساسية بعد إقامة الدولة الفلسطينية ستكون مع “العرب القاطنين في داخلها”. هنا تجد المؤسسة الإسرائيلية الرسمية، أو الأصح انها تضع نفسها وتحاصرها في حدود حالة من “الصراع الوجودي” المتأسس على مقولة “الخطر” الكامن في العربي في الحاضر والذي يهدد مستقبلها الديمغرافي وبالتالي طابعها في المستقبل. وهناك محاولات جارية لتأسيس هذه المقولة وترسيخها في الذهنية الصهيونية الجماعية لأهداف مستقبلية قد تتعلق بمخططات إسرائيلية رسمية للتخلّص من “خطر العرب”. وواضح انه لا يمكن عزل فكرة الترانسفير (الترحيل) عن الموضوع. بل لها ارتباط مباشر، ذلك ان أي “خطر” بحاجة الى “علاج”، وأية “قنبلة موقوتة” بحاجة الى “جهود لتفكيكها ومنع انفجارها”.

جوهر الأشياء هو “يهودية الدولة”. وربما يكون المجتمع الصهيوني الاسرائيلي بحاجة الى فكرة يتولد معها الشعور لديه بنوع من الإجماع والتوحّد الداخليين، من منطلق حاجته الى الخروج من حالة الإرهاق الناتجة عن عدم القدرة، خلال ستين عاما، على التخلص من الفلسطيني، وبالتالي بطلان مقولته المشهورة حول “ارض بلا شعب”. هذا المجتمع ينتابه الشعور بأزمة ثقة هي في تصاعد منذ الانتفاضة الأولى مرورًا بالثانية وانتهاءً بحرب لبنان وحرب غزة. لذلك نراه يحاصر نفسه في حدود حالة من “الصراع الوجودي” يراد لها ان تقوم بمهمة التوحيد وضمان الإجماع.

ثمة جديد يلفت النظر بين التشديد على “يهودية الدولة” وبين فكرة “التبادل السكاني” التي تطرحها اسرائيل الرسمية والأكاديمية كتوجه جدي مرتبط بالحل النهائي، وهي فكرة تقوم على مفهوم “الترانسفير” (الترحيل). وبالمقابل يمكننا الدخول الى عمق وجوهر الشرط الإسرائيلي، المطروح بلغة غير قابلة للجدل، بضرورة الحصول على اعتراف من المفاوض الفلسطيني بـ “يهودية الدولة” كشرط للتقدم في العملية التفاوضية!!. وهذا الشرط يوحي أيضًا بموضوعة الترانسفير (الترحيل) من حيث انها فكرة قد تلجأ اسرائيل اليها مستقبلاً في حال وجود علامة سؤال على استمرارية الطابع اليهودي للدولة!.

الموضوع هو إذن هذا المجال المسمى “التكتل والتوحّد لصد الخطر”. هذا ما جرى بالضبط في أحداث اكتوبر 2000. وهو قابل لإنتاج نفسه من جديد في حال تهيئة الظروف. والكل يعلم الآن دور أجهزة الاستخبارات و”الشاباك” والأجهزة الأمنية في الجر نحو مواجهة غير متكافئة مع العرب في أكتوبر 2000 وكيف جرى تهيئة الظروف لهذه المواجهة بتخطيط سلطوي مسبق والسيطرة التامة على الرأي العام اليهودي الاسرائيلي الى حد عدم خروج أي صوت يدعو الى وقف القتل والمذبحة. على العكس، فقد نجحت المؤسسة الاسرائيلية، في “أحداث أكتوبر”، بالحصول على شرعية للمواجهة من كافة أطياف التشكيلة الصهيونية داخل المجتمع الاسرائيلي مما أعطاها مساحة أكبر لتوجيه الضربة دون كوابح على الإطلاق وبتغطية من مجمل المجتمع الصهيوني الاسرائيلي.
واذا اخذنا واقع انزياح الرأي العام الصهيوني الإسرائيلي، بكل أطيافه وأحزابه وتشكلاته، من “الليكود” و”كاديما” وحزب “العمل” و”ميرتس” وحزب ليبرمان والأحزاب المتدينة المتطرفة، الى فكرة “يهودية الدولة”، فان الجماهير العربية في اسرائيل تجد نفسها أمام حالة غاية في الخطورة قال فيها رئيس الحكومة الاسرائيلية الأسبق، اريئيل شارون، قبل سنوات من على منصة الكنيست مخاطبا النواب العرب بما ترجمته الحرفية التالية: “لا تتورطوا اكثر حتى لا توقعوا انفسكم وشعبكم بذات المصير الذي آل بآبائكم واجدادكم عام 1948”. القول لا يحتاج الى تفسير. ففيه ما يكفيه من الوضوح. وهو يشرح نفسه بنفسه. هذه اشارة تراجعية واضحة الى النكبة وما حملت معها من مأساة وترحيل وضياع. وقد قالها الرجل السياسي الأول في إسرائيل (في حينه).

وفي سياق آخر قال رئيس الحكومة الحالي، بنيامين نتنياهو، في مؤتمر هرتسليا الأخير، ما ترجمته الحرفية التالية: “ان الخطر الحقيقي على اسرائيل ليس الفلسطينيين في الضفة والقطاع وانما العرب هنا داخل اسرائيل”!. في حين ان زعيمة المعارضة، رئيسة “كاديما”، تسيبي ليفني، قالت ما ترجمته الحرفية: “ان المواطنين العرب يستطيعون ممارسة حقوقهم القومية في الدولة الفلسطينية فقط”. بينما في اجتماع ضم رئيس “الشاباك”، يوفال ديسكين، وكبار رجالات الجهاز، مع رئيس الحكومة الأسبق، ايهود أولمرت، اكد قادة “الشاباك” ان “ما يحدث بين الأقلية العربية يشكل الخطر الاستراتيجي الأكبر للمدى البعيد على الطابع اليهودي للدولة ولمجرد وجود دولة اسرائيل كدولة اليهود” (موقع “معاريف” الألكتروني – 13 آذار 2007).

هذه التصريحات تفسر ذاتها بذاتها. وهي تدل على نوايا وعلى استراتيجية عمل جاهزة في الجارور قد يتم اللجوء اليها في المستقبل. وهي تدشين لمرحلة جديدة، في الستين الثانية لقيام اسرائيل، تريد اسرائيل فيها إعادة صياغة تعريف ذاتها بمعزل عن الوجود العربي ضمن مفهوم “الدولة اليهودية”. فهذا المفهوم ليس “تعبيرًا عن حق تقرير المصير لليهود” فحسب، وإنما هي مقولة واضحة بأن للعرب بعض الحقوق المشروطة بالولاء في الأرض، ولكن لا “حقوق لهم على الأرض”، وهي جملة قالها دافيد بن غوريون وكررها أيضًا شارون.

وفي اجتماع جرى قبل أشهر ضم مسؤول كبير في السفارة المصرية وقادة لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في اسرائيل واللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، أبدى المسؤول المصري تخوفه من امكانية قيام اسرائيل بتنفيذ ترانسفير بحق العرب الفلسطينيين في داخلها في وضعية حرب قادمة.

هذا ليس مجرد “إنطباع”. فالأصوات التي تخرج، حاليًا، مشترطة البقاء والحقوق بمسألة “ولاء” الأقلية القومية الفلسطينية في اسرائيل “لدولة اليهود” (حزب وزير الخارجية ليبرمان)، او تلك التي ربطت بين اقامة الدولة الفلسطينية وبين الحل القومي للعرب الفلسطينيين في اسرائيل (رئيسة حزب كديما تسيبي ليفني)، او “الخطر العربي” (رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو)، او فكرة “التبادل السكاني” للتخلص من التجمعات العربية عبر تبادل في الأراضي وما عليها من سكان (هناك اجماع بين كافة الأحزاب الصهيونية على هذه الفكرة) – كل هذه الأفكار ليست خارجة عن سياق التفكير بخطر العرب المستقبلي (استنتاج “الشاباك”)، وبالتالي ضرورة اتخاذ الإجراءات والاحتياطات للتخلّص من نسبة كبيرة منهم لا يراد لها ان تبقى في “دولة اليهود” بعد التوصل الى “الحل النهائي”.

ضمن هذا السياق شهدنا هجمة جديدة عبر مجموعة من القوانين والشرائع الاسرائيلية الجديدة التي تهدف الى تغييب العربي وشطب وجوده، او محاولة للتدجين وخلق انسان عربي جديد على مقاس “العقلية الصهيونية”، يعلن “الولاء لدولة اليهود” ويقبل بشطب هويته، القومية والثقافية والجغرافية والتاريخية، وبالتالي التنازل عن حقه في هذه البلاد طوعًا!.

هناك هجمة لسن مشاريع قوانين عنصرية في غضون الأشهر الأخيرة: “المواطنة مقابل الولاء”. “خصخصة الأراضي” بعد مصادرتها من أصحابها العرب. “تبديل التسميات العربية وتحويلها الى الكنية العبرية”. منع احياء النكبة. منع العرب من السكن في البلدات اليهودية للمحافظة على الطابع اليهودي لهذه البلدات. اسقاط كلمة النكبة من الكتب الدراسية العربية وبالمقابل الزام المدارس العربية بتعليم ثلاث حصص اسبوعية على الأقل من أجل “تعليم الصهيونية وتاريخ أرض إسرائيل ودولة إسرائيل”. اعطاء وزير الداخلية تخويلاً كاملاً بـ “نزع المواطنة” من دون حاجة إلى موافقة المحكمة أو المستشار القضائي للحكومة. تمديد اعتماد “قانون المواطنة” العنصري لعام 2003، كأمر مؤقت، لمنع جمع شمل عائلات أحد شقيها من مناطق “الخط الأخضر” والشق الآخر من الأراضي المحتلة في الضفة الغربية او قطاع غزة. اعطاء جهاز “الشاباك” حق سحب المواطنة من أي مواطن.

الصوت الاسرائيلي واضح في هذه القوانين والتشريعات:إما إعلان “الولاء” لـ “دولة اليهود”، وإما التفتيش عن بلاد أخرى!!. لا معنى لهذه القوانين غير هذا المعنى. والأمر الثاني يراد من هذه القوانين أيضًا إخافة العرب وبالتالي جعلهم يتنازلون طوعًا عن مطالبهم وحقوقهم العادلة من خلال تخفيض سقف المطالب تحت يافطة التفكير “بعدم استفزاز اسرائيل للحيلولة دون تنفيذ مخططاتها بالترحيل”. والمقصود تحويل قضية عرب الداخل الى قضية مدنية. قضية مواطنة في “دولة اليهود”. بينما قضيتهم هي ليست مدنية حتى ترتبط فقط بحقوق مدنية. والمواطنة هي حقوق مدنية. قضية عرب الداخل هي قضية قومية، قضية جماعية (قومية) وليست فردية (مواطنة)، لذلك يؤكد عرب الداخل على مطلب أساسي تريد اسرائيل الرسمية شطبه وهو “اعتراف اسرائيل بالعرب فيها كأقلية قومية جماعية، كشعب واحد وكمجموع، كونهم أهل البلاد الأصليين، وما يترتب على هذا الاعتراف من حقوق قومية ومدنية جماعية”. كذلك يرفض عرب الداخل أي حديث عن “يهودية الدولة”، لما يحمله هذا التعريف من مخاطر على مستقبلهم.

ثم هناك ما يسمى بـ “الترانسفير البطيء”. هذا المفهوم يجد تعبيرا له في مجالات متعددة، في الحياة اليومية للعربي الفلسطيني في اسرائيل، منها التشريد اليومي الحاصل للعرب في القرى غير المعترف بها. او تضييق الخناق على عرب يافا. او عرب اللد وعرب عكا. هناك نجد الفقر والحرمان والتمييز والبطالة وانسداد أي أفق للتطور. او محاصرة المدن والقرى العربية بمستوطنات يهودية ضمن مخطط “تهويد الجليل” او “تهويد النقب” (هناك قرار حكومي جديد صدر مؤخرا لإقامة مستوطنات يهودية جديدة بالقرب من التجمعات العربية لإسكان عشرات آلاف اليهود المتدينين المتطرفين فيها – الحراديم). او مصادرة الاراضي العربية وحرمان العرب من أي احتياط من الأراضي للتطور الطبيعي مستقبلاً. او حرمان المدن والقرى العربية من مناطق صناعية، واماكن عمل، ومصادر للرزق. أو سياسة هدم البيوت. أو التضييق عليهم في مجالات استكمال التعليم الجامعي بحجج مختلفة. أو اشتراط الحصول على وظائف بالخدمة العسكرية. او إثارة الفتن الداخلية، بين أبناء الشعب الواحد، وبأيدٍ من أجهزة “الشاباك”، من خلال التلاعب بمصائر الناس وإثارة المشاعر الطائفية والعشائرية والقبلية (كما حدث في الناصرة وشفاعمرو والمغار). او ضرب العرب ببعضهم البعض لإلهائهم عن قضاياهم الأساسية. بمعنى ان هناك جهد اسرائيلي رسمي باتجاه توليد حالات من اليأس والإحباط والشعور بقلة الحيلة والمقدرة، يراد لها، وبالذات لدى الجيل الشاب، ان تقود العربي الى الإستنتاج بترك البلاد والتفتيش عن حياة أخرى له في الخارج (هذا ما نسميه بالترانسفير البطيء). يضاف الى ذلك سياسة هدم البيوت العربية التي شهدت في الفترة الأخيرة تصعيدًا خطيرًا يدلل على النوايا الحقيقة للمؤسسة الاسرائيلية.

ما يجري هو نتاج عملية تراكمية. وهو الترجمة الفعلية والتفصيلية لمفهوم “يهودية الدولة”. وأحداث أكتوبر ألفين، في هبة القدس والأقصى، وقتل 13 شهيدًا عربيًا، هي المثال الأكبر على ما نذهب إليه. هناك جرى التعامل مع العربي على انه “عدو لدولة اليهود”. لذلك فإن قتله كان مباحًا. لم يجر التعامل معه على انه “مواطن في دولة اسرائيل” له حق التظاهر والاحتجاج ورفع صوته. إنما كان التعامل معه من خلال فوهة بندقية. وقد أقرت لجنة التحقيق التي أقيمت في أعقاب “أحداث أكتوبر” (لجنة أور) بأن “الشرطة الاسرائيلية تعاملت مع العرب كأعداء وليس كمواطنين”.

وإذا عدنا الى مذبحة يوم الأرض وقتل ستة شهداء نجد هناك أيضًا كيف ان المؤسسة الاسرائيلية لا تتوانى عن القتل وتنفيذ المذابح اذا ما نجحت بتسويق مقولة “الخطر” وبالتالي منح المجتمع اليهودي الاسرائيلي الشعور بتهديد داخلي من قبل الأقلية العربية الفلسطينية التي تعيش في حدود دولتها. هذا يسمى اشتغال على الرأي العام وعلى الإجماع الصهيوني لإنتاج “الخطر” والكراهية ووجوب التفكير بحتمية المواجهة. هنا بيت القصيد: “حتمية المواجهة”. هكذا تحاول المؤسسة الاسرائيلية ان تقنع شعبها، ان تفسّر وان توضح. وهذا ما نشهده حاليًا من تبديل للخطاب الرسمي يقود أكثر فأكثر نحو التخويف من العربي. من هنا نجد مؤرخين، حتى من اليهود، يحملون آراء تقول ان سياسة اسرائيل لم تتغير، وانها مستعدة لتنفيذ مذابح جديدة في المستقبل أيضًا للحد من ما تسميه بـ “الخطر العربي”. وانها تمضي، بمنهجية، نحو قمع العربي والقضاء عليه لضمان “ديمغرافية دولة اليهود” (المؤرخ التقدمي إيلان بابي مثلا الذي يحمل نظرية مفادها ان المؤسسة الاسرائيلية لن تتوانى في تنفيذ مذابح اضافية وتهجير جديد بحق العرب في الداخل).
نعود الى الأسئلة الصعبة: هل هناك محاولة جديدة لجر العرب الى مواجهة غير متكافئة بهدف تهيئة رأي عام لتوجيه ضربة مستقبلية للعرب من خلال وضعهم، في أطار هذه المواجهة، في خانة “معاداة الدولة” وتسويق هذه الفكرة محليًا وعالميًا لتبرير أية خطوة مستقبلية تهدف الى التخلّص منهم او من جزء منهم؟. هل قضية العرب هي “مواطنة” و”ولاء” ام قضية قومية. وهل يمكن لاسرائيل ان تقبل بالطرح العربي. واذا لم تقبل هل يمكن ان تنفذ ترانسفيرًا جسديًا بحقهم (في حالة حرب وفوضى مثلاً).
ونسأل أيضًا:
لماذا هذا التشديد الآن على “يهودية الدولة”؟. وماذا يعني هذا التعريف بالنسبة للوجود العربي بعد التوصل الى حل نهائي مع الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة؟. هل حقًا اسرائيل يمكن ان تتعايش – او ان تقبل التعايش- مع أقلية عربية فلسطينية في حدود دولتها نسبة وتيرة التزايد السكاني فيها أكبر بكثير من نسبة التزايد السكاني الطبيعي لدى اليهود؟. وكيف يمكن لإسرائيل – حسب وجهة نظرها – حل “معضلة” ما تسميه “الخطر الديمغرافي” العربي الذي يهدد مستقبلها؟. وكيف يمكن التعامل مع مجموعة تصفها اسرائيل بأنها “خطر على امن الدولة” و”قنبلة موقوتة يجب تفكيكها قبل ان تنفجر في وجهها”؟. هل هاجس الترانسفير (الترحيل) ما زال قائمًا بالنسبة لها؟.
ماذا تحضّر المؤسسة الاسرائيلية للعرب في داخل حدودها؟. هذا هو السؤال المركزي في ظل المعركة الجارية على الهوية. وهنا ندخل في صلب الفكرة الصهيونية الجديدة القائلة بـ “الصراع الوجودي”. فهل تحاول اسرائيل اشاعة هذا المصطلح لتهيئة الظروف لتنفيذ الترانسفير الجديد؟. وهل ستستطيع اسرائيل ان تحسم موضوع التسيّد وهوية الدولة على حساب الأقلية الفلسطينية في داخلها. وأصلاً – وهذا هو الأهم في الموضوع – هل يمتلك عرب الداخل قدرة على المواجهة غير المتكافئة. هل هم مهيئون لهذه المواجهة. هل يملكون أدواتها؟.
للحديث وجهان. والممكن ممكن بالفكر الصهيوني. ومن المفيد ان يدرك العرب في اسرائيل أن ما يتعرضون له من انفلات عنصري غير مسبوق، انما يتساير مع السعي لتكريس مفهوم “الدولة اليهودية الصهيونية” التي لا مكانة فيها للعرب، تمهيداً لنقلة نوعية على مسار “الحل الصهيوني النهائي” لوجود العرب الفلسطينيين داخل حدود 48، واستدراجهم إلى مواجهة محتومة غير متكافئة قد تحدث وتقع في ظروف معينة. وهذا ما يجب استكشافه والتعاطي معه بجدية لمواجهته وللحيلولة دون وقوعه، وعدم الإرتكان الى مقولة ان الدنيا تغيرت منذ عام 48 وان العالم المتنور لن يسمح لاسرائيل، بعد مرور كل هذه السنوات، بتهجير وترحيل السكان الأصليين عن اراضيهم ووطنهم.

رابط المقال في جريدة الشرق الأوسط الترانسفير الجديد.. مستقبل «عرب 48» في «دولة اليهود»

ظهرت المقالة الترانسفير الجديد.. مستقبل «عرب 48» في «دولة اليهود» أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b1%d8%a7%d9%86%d8%b3%d9%81%d9%8a%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%af%d9%8a%d8%af/feed/ 0 1937
ندوة دولية حول القدس: الحقيقة، العقيدة، المستقبل https://www.al-ommah.com/%d9%86%d8%af%d9%88%d8%a9-%d8%af%d9%88%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d8%ad%d9%88%d9%84-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%af%d8%b3/ https://www.al-ommah.com/%d9%86%d8%af%d9%88%d8%a9-%d8%af%d9%88%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d8%ad%d9%88%d9%84-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%af%d8%b3/#respond Mon, 14 Dec 2009 16:06:00 +0000 https://al-ommah.com/?p=1935 نظمت في القاهرة فعاليات الملتقى الثاني عشر لاتحاد الآثاريين العرب واختتمت بالتوصية بتنظيم ندوة دولية تحت عنوان (القدس: الحقائق، العقيدة، المستقبل) وإصدار بيان عاجل لفضح نيات إسرائيل الخاصة بالحفريات جنوب وغرب المسجد الأقصى وترجمته إلى اللغة الإنكليزية وإرساله إلى «يونسكو» من خلال جامعة الدول العربية. كما أوصى الملتقى بمخاطبة وسائل […]

ظهرت المقالة ندوة دولية حول القدس: الحقيقة، العقيدة، المستقبل أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
نظمت في القاهرة فعاليات الملتقى الثاني عشر لاتحاد الآثاريين العرب واختتمت بالتوصية بتنظيم ندوة دولية تحت عنوان (القدس: الحقائق، العقيدة، المستقبل) وإصدار بيان عاجل لفضح نيات إسرائيل الخاصة بالحفريات جنوب وغرب المسجد الأقصى وترجمته إلى اللغة الإنكليزية وإرساله إلى «يونسكو» من خلال جامعة الدول العربية.

كما أوصى الملتقى بمخاطبة وسائل الإعلام العربية، ومجمع اللغة العربية في القاهرة لتصويب اسم القدس على أنه كنعاني، وبتوحيد العمل الأثري من أجل القدس من خلال قناة علمية عربية واحدة، وتشكيل غرفة عمليات من الآثاريين العرب لمتابعة ومراقبة الإجراءات التي تقوم بها إسرائيل في المدينة، وإصدار نشرة دورية تتضمن الجديد في العالم العربي.

شارك في الملتقى نحو 80 بحثاً في مجال علوم الآثار والمتاحف والحفائر اهتموا بقضيتين رئيسيتين: الأولى تتعلق بإعداد مشروع قومي لتسجيل التراث الحضاري في العالم العربي خصوصاً في المواقع المهددة وكذلك تسجيل المواقع الأثريه العربية في قوائم تمهيدية أسوة بالمواقع الأثرية التي تسجل في منظمة «يونسكو».

والقضية الثانية هي قضية الاعتداءات الصهيونيه على المسجد الأقصى والتي باتت تهدد منطقة الحرم القدسي وسلامة المسجد، وذلك بوضع آليات من خلال مشروع الضمانة الدولية لحماية المسجد والذي يقوم على مطالبة الرباعية الدولية والولايات المتحده الأميركية ومنظمة «يونسكو» بحمايته من الاعتداءات المستمرة ووقف كل أعمال الحفر العشوائي والانتهاكات التي تتعارض مع اللوائح والمواثيق الدولية، وهذه الضمانه تعمل على رفع يد الإسرائيليين عن المسجد وتنص على سد الأنفاق كافة التي أصبحت تمثل خطراً داهماً على المبنى.

رئيس الاتحاد الدكتور علي رضوان أشار في كلمته إلى أن احتفالية الأمة العربية بزهرة المدائن – القدس – مدينة السلام كعاصمة للثقافة العربية لم يأت من فراغ، إذ تشير الحفائر والدراسات الأثرية إلى أن بداية نشأتها ترجع إلى الألف الرابع قبل الميلاد (في أواخر العصر الحجري النحاسي) عندما سكنتها القبائل الكنعانية القادمة من جزيرة العرب، وصارت في الألفين الثالث والثاني مدينة متميزة ذات مكانة وسيادة وخصوصية كواحدة من دويلات المدن حتى إن الآثار المصرية تذكرها باسمها الذي اشتهرت به، قبل ظهور العبرانيين على الأرض الفلسطينية بأكثر من 800 عام، كما عثر في الأرشيف الملكي في تل العمارنة على ستة خطابات مرسلة من حاكم مدينة القدس الكنعاني العربي «عيدى – خيبا» إلى فرعون مصر اخناتون.

وأشار السفير ممدوح الموصلي في كلمة جامعة الدول العربية إلى أن «الجامعة تعمل بكل جهد لوقف الاعتداءات المتكررة على الآثار العربية في الوطن العربي، خصوصاً المسجد الأقصى الذي يتعرض لكل أشكال الاعتداء على أيدي القوات الإسرائيلية، وكذلك مدينة القدس الصابرة في وجه التهديد الإسرائيلي بهدف محو الذاكرة العربية». وأضاف الموصلى «أن اسرائيل تحاول في هذه الآونة ضم المدينة إلى تراثها الثقافي والتاريخي حيث تدعي ذلك في الهيئات والمنظمات الثقافية الدولية كافة».

شهد المؤتمر غياب المشاركة الفلسطينية لعدم منح الأثاريين والباحثين الفلسطينيين تصاريح سفر الى مصر. أيضاً غابت وجوه كان لها حضور بارز في الملتقيات السابقة من الجزائر وتونس والسعودية وسورية، بينما شارك العراق بعد غياب دام خمس سنوات، ولوحظ ازدياد المشاركين والباحثين من اليمن والسودان عاماً بعد عاماً، وارتقاء مستويات الأبحاث المقدمة للمؤتمر.

الدكتورة خولة صدام من تونس تناولت في ورقتها صيانة الجامع الكبير في مدينة القيروان من خلال وثيقة من الأرشيف الوطني التونسي تعود إلى العام الهجري 1267 تميزت بدقة المعلومات الواردة فيها، وتبين مدى الحاجة الملحة للقيام بترميمات وإصلاحات في أبواب الصحن وبراطيله، وسقوف بيت الصلاة ومصلى الجنائز…

ومن المغرب أشار الدكتور مصطفى الأعشى في ورقته (الاكتشافات الأثرية في مواقع ما قبل التاريخ – الدارالبيضاء نموذجاً) إلى أن نتائج البحث والتنقيب أثبتت أن المدينة تضم مواقع غنية وسهلة التحقيب حيث تمكن الباحثون المغاربة والأجانب من خلالها تسجيل تطور البيئة البيولوجية منذ ما يقرب من 6 ملايين عام حيث ساهمت مستخرجات البقايا الحيوانية في موقع «ليساسفة» و«أهل الغلام» في التعرف على الإطار الكرونولوجي الإقليمي وفهم تطور فصائل الحيوانات في شمال افريقيا مع ربطها ببقية القارة. وأضاف الأعشى أن برنامج البحث الأثري لموقع الدار البيضاء يفتح آفاقاً واسعة للمساهمة في إيجاد حلول لتساؤلات تهم حقب ما قبل التاريخ للمغرب وأيضاً أفريقيا وأوروبا.

ومن السودان استعرض أحمد حسين عبدالرحمن (الأهمية الأثارية والتاريخية لموقع دنقلا العجوز) والذي يعتبر من أهم المراكز السياسية والدينية التي قامت في السودان (350-1500م)، وتناول المعمار الديني والمدني والعسكري، والفنون والصناعات الصغيرة بأنواعها.

إلى جانب أهم القضايا الأثريه تضمنت فعاليات المؤتمر محاضرة عامة عن الاعتداءات المستمرة على المسجد الأقصى ودراسة سبل حمايته، فمن الأردن أشار مدير إدارة شؤون المسجد الأقصى المهندس عبدالله العبادي في المحاضرة الختامية إلى أن وزارة الأوقاف الأردنية باشرت من خلال لجنة إعمار الأقصى في ترميم الرخام الداخلي لقبة الصخرة وقد تم إنجاز أربعة أضلاع من أصل ثمانية وتثبيت القاشاني حول رقبة قبة الصخرة من الخارج ومن الداخل، وحالياً يتم ترميم الفسيفساء والزخارف والرسومات في أسقف الأروقة الداخلية لقبة الصخرة، وتم ترميم ما مساحته 300 متر مربع من الجدار الشرقي من الخارج والداخل، و300 متر مربع من الجدار الجنوبي.

وأضاف العبادي أنه تم عمل التمديدات اللازمة لتنفيذ مشاريع الإنارة والصوت وإطفاء الحريق وفقاً لمخططات البنية التحتية من قبل الأوقاف الأردنية، ولا يزال العمل جارياً في ترميم أجزاء المصلى المرواني على رغم محاولات الشرطة الإسرائيلية إعاقة إتمام هذا العمل، ويجرى حالياً دراسة تهوية مسجد قبة الصخرة والجامع الأقصى.

وحول «التنقيبات والتطهير العرقي الصهيوني في القدس 2008/2009» لفت الدكتور فرج الله يوسف إلى أن القدس تواجه الآن خطرين كبيرين: أولهما التنقيبات الصهيونية التي تتقدم بخطى حثيثة للانقضاض على الحرم الشريف من الجهتين الجنوبية والغربية، وأشار إلى أعمال التنقيبات والهدم التي تقوم بها إدارة الآثار والمنظمات الصهيونية في ساحة البراق وعلى امتداد الحائط الغربي للمسجد الأقصى، وبين بلدة سلوان والحائط الجنوبي للمسجد الأقصى، والتجهيزات التي تجرى لإقامة ما يعرف بمدينة داوود التي يخطط الصهاينة لإقامتها مكان حي البستان في بلدة سلوان.

أما الخطر الثاني فيتمثل في التطهير العرقي والذي بدأ تنفيذه في أحياء الشيخ جراح، وحي البستان (هدم 88 منزلاً يسكنها 1500 نسمة)، وحي العباسية في سلوان، وحي رأس خميس في مخيم شعفاط كما تسلمت مئتا عائلة مقدسية إنذارات بهدم منازلها، وتعد بلدية القدس الصهيونية ستة آلاف إنذار هدم لتنفيذها خلال هذا العام.

رصدت أمانة القدس الدولية أوجه الاعتداءات الإسرائيليه على منطقة الأقصى من خلال ورقة بعنوان «القدس بين الجغرافيا والديموغرافيا» أوضح فيها المدير التنفيذي للمؤسسة في القاهرة الدكتور حمدي المرسي أن العقل الجمعي الإسرائيلي بتركيبته الدينية والعلمانية يرى في القدس نواة الحلم الصهيوني، فأصر على المضي في خطين متوازيين الأول: توسيع النطاق الجغرافي لبلدية القدس، من خلال وصل المستوطنات الواقعة خارج البلدية لإيجاد حزام أمني في الشرق، وضم مساحات كبيرة من الأراضي خارج حدود البلدية ذات كثافة سكانية قليلة (بيت ساحور- بيت لحم).

أما الخط الثاني فيتمثل في إعاقة النمو السكاني الطبيعي للفلسطينيين حيث تم سحب الهويات من المقدسيين الذين يعيشون موقتاً في مدن الحدود المصطنعة على اعتبار أن تلك الضواحي خارج ما يسمى بإسرائيل وكذلك ممن يحصلون على جنسيات أو تصاريح إقامة من دول أخرى مما يعرض 60 ألفاً لفقدان هويتهم إضافة إلى 20 ألفاً من المواليد، ورفض إعطاء تصاريح بناء الوحدات السكانية الجديدة ورفع رسوم تراخيص البناء إلى 80 ألف دولار ما خفض نسبة الوحدات السكانية إلى 12 في المئة مقابل 88 في المئة لليهود.

وأشار المرسي إلى أن إسرائيل تهدف إلى حسم معركة القدس جغرافياً وديموغرافياً وهي تصعّد إجراءاتها في ترحيل سكانها ولم تقتصر في ذلك على الأحياء بل شملت الموتى حيث أصدر وزير الأمن الداخلي موشيه دختر قراراً بمنع دفن الموتى الفلسطينيين في مقابر الرحمة.

نقلا عن جريدة الحياة للكاتب محمد عويس

ظهرت المقالة ندوة دولية حول القدس: الحقيقة، العقيدة، المستقبل أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d9%86%d8%af%d9%88%d8%a9-%d8%af%d9%88%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d8%ad%d9%88%d9%84-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%af%d8%b3/feed/ 0 1935
القدس.. وتجربة العيش على أرصفة المنازل https://www.al-ommah.com/%d8%aa%d8%ac%d8%b1%d8%a8%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%8a%d8%b4-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a3%d8%b1%d8%b5%d9%81%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%86%d8%a7%d8%b2%d9%84/ https://www.al-ommah.com/%d8%aa%d8%ac%d8%b1%d8%a8%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%8a%d8%b4-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a3%d8%b1%d8%b5%d9%81%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%86%d8%a7%d8%b2%d9%84/#respond Sun, 06 Dec 2009 15:31:00 +0000 https://al-ommah.com/?p=1933 يندفع الإسرائيليون بشراهة للسيطرة على مدينة القدس. يبالغون في السرعة، ويبالغون في المطالب، ويبالغون في الوسائل. كانوا سابقا يستولون على الأرض، وأصبحوا يسعون في مرحلة لاحقة للاستيلاء على المباني، وها هم الآن يبذلون جهدهم للاستيلاء على الغرف. غرف المنازل وليس غرف الفنادق أو القصور أو الفيلات. ولا يجدون غضاضة في […]

ظهرت المقالة القدس.. وتجربة العيش على أرصفة المنازل أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
يندفع الإسرائيليون بشراهة للسيطرة على مدينة القدس. يبالغون في السرعة، ويبالغون في المطالب، ويبالغون في الوسائل. كانوا سابقا يستولون على الأرض، وأصبحوا يسعون في مرحلة لاحقة للاستيلاء على المباني، وها هم الآن يبذلون جهدهم للاستيلاء على الغرف. غرف المنازل وليس غرف الفنادق أو القصور أو الفيلات. ولا يجدون غضاضة في أن يدخلوا إلى بيت ما، ثم إلى غرفة في ذلك البيت، ويقولون: هذه الغرفة لنا. وليس من المستغرب أن يقولوا إن تلك الغرفة هي جزء من إسرائيل التاريخية، وربما أضافوا إلى ذلك القول بأن نبأها قد ورد في التوراة، وتكون النتيجة، عدوانية شرسة، وعنصرية ممجوجة، وتطهيرا عرقيا يطبق فرديا، وحرمانا لعائلة من السقف الذي يؤويها.

لقد تفنن الإسرائيليون في صياغة أساليب الاستيلاء، الاستيلاء على أي شيء كان، الأرض والشجر والبيوت والغرف. الاستيلاء على السهل والجبل والوادي والجرف. استنبطوا نظريات الأراضي الأمنية، وأراضي التدريب والمناورات، وأراضي الحدائق، وأراضي النفع العام. واخترعوا نظريات الطرد بواسطة الضرائب (الأرنونا)، حتى يستطيعوا الاستيلاء على أسواق القدس دكانا دكانا.

ويمكن لهذا التفنن الإسرائيلي أن يصاغ في نظريات، وأن يدون في كراسات وكتب، ولكن المعاناة الإنسانية تنمو بعيدا عن الكراسات والكتب، إنها تنمو على الأرصفة أمام المنازل، فالعائلة الفلسطينية تطرد من منزلها، فتقرر أن تسكن الرصيف. تضع فراشا، وتبني خيمة، وتسكن. ويأتي يوميا أفراد العائلة الإسرائيلية، ليمروا من جانب، أو ربما من فوق الأشخاص المطرودين من منزلهم. يمرون من دون أن يلقوا تحية الصباح، فلا مكان في العلاقة العجيبة القائمة بينهم لأي تحية. إن المكان مفتوح فقط للوقاحة (هوتسباه) من جهة، وللحقد من جهة أخرى.

أمام هذه الصورة الإسرائيلية الوقحة، وأمام أجزاء الصورة التي تعرضها كل تلفزيونات العالم، عن العائلة المطرودة من منزلها، وعن العائلة التي دخلت لتسكن مكانها، وعن العائلة التي أصبح الرصيف موطنها، وعن العائلة التي تأتي الشرطة الإسرائيلية لتطردها من على الرصيف، ولتمنع عنها آخر حق طبيعي لها، حق الاحتجاج، ذلك أن الإسرائيلي يريد ضحية مطواعة، لينة، متفهمة، خفيضة الصوت، وإلا فإنه يتهمها بالإرهاب.

أمام هذه الصورة بكل هذه التفاصيل المخيفة، بدأ الضمير الغربي يتحرك. جاءت الحركة الأولى من أقصى الشمال الأوروبي، من السويد التي تترأس الآن الاتحاد الأوروبي. قالت: لم يعد الصمت ممكنا، إن ما يجري في القدس لا يمكن قبوله لا سياسيا ولا إنسانيا. إنهم يطردون السكان بالعلن، وبالجملة، ويقولون إنه لا دخل للعالم بذلك، فالقدس جزء من إسرائيل، تم ضمها بعد أيام من احتلالها عام 1967. ولم يلحظ الإسرائيليون أبدا أنه لم يعترف أحد في العالم (باستثناء أعضاء الكونغرس الأميركي) بهذا القرار الإسرائيلي.

وتبين عبر موقف الاحتجاج السويدي، أن القناصل الأوروبيين في القدس، أعدوا تقريرا سريا، تسرب بعض ما فيه إلى صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، وجاء فيه أن الحكومة الإسرائيلية وبالتعاون مع بلدية القدس، تعملان بموجب «استراتيجية ورؤيا»، تهدف إلى تغيير الميزان الديموغرافي في المدينة، وإلى عزل القدس الشرقية عن الضفة الغربية. وذكر التقرير أن الحكومة والبلدية تقدمان المساعدات لجمعيات اليمين الصهيوني المتطرف من أجل السيطرة على المدينة، وتقدمان المساعدات أيضا لمؤسسات خاصة تعمل على امتلاك بيوت في الأحياء العربية.

وتحدث تقرير القناصل عن التمييز الذي يجري على الأرض ضد المواطنين الفلسطينيين، وأبرز مظاهر التمييز منع تقديم تراخيص بناء للعرب، وتقديمها بكرم زائد للمستوطنين، إذ بينما تحتاج القدس إلى 1500 رخصة بناء سنويا، تقدم إسرائيل لسكانها 200 رخصة فقط. وبينما تبلغ نسبة سكان القدس العرب 35% من السكان، تقدم لهم البلدية 10% فقط من الميزانية كخدمات.

وهناك أمور كثيرة أخرى يمكن ذكرها، مثل الحفريات التي تهدد المسجد الأقصى، وإغلاق المؤسسات الفلسطينية في المدينة، وتشجيع عنف المستوطنين وحمايته من خلال استنكاف الشرطة عن التدخل. ولكن الحدث المباشر الذي دفع القناصل للتحرك، كان إقدام إسرائيل على سحب الهويات الزرقاء من 4577 مواطن مقدسي خلال هذا العام، وهذا يعادل 21 ضعفا مما سحبته سنويا منذ بدء الاحتلال عام 1967. والهويات الزرقاء هي هويات «الإقامة» التي تعطى لسكان القدس الفلسطينيين وتتيح لهم الإقامة والتنقل في المدينة. وبهذا تتعامل إسرائيل مع سكان القدس وكأنهم مهاجرون، وهي لا تعتبرهم في القانون (مواطنين)، وإنما (مقيمين). وحسب القانون الإسرائيلي تسحب الإقامة إذا غادر المقيم إسرائيل لمدة سبع سنوات، أو إذا حصل على إقامة دائمة في دولة أخرى.

وهناك من يقول إن هذا الذي يجري في القدس الآن، هو تعبير عن سياسة نتنياهو اليمينية المتطرفة، ولكن الصحف الإسرائيلية كشفت أن التحضير لعملية سحب الهويات بهذه الأعداد الكبيرة قد بدأ أيام حكم حزب «كديما» (إيهود أولمرت وتسيبي ليفني)، وأن وزير الداخلية مئير شتريت، وهو من حزب كديما، هو الذي قام بعملية الفحص للأشخاص الذين يمكن سحب هوياتهم. الأمر الذي يبرهن أن ما يجري هو سياسة إسرائيلية مستديمة، تنفذها أحزاب اليمين والوسط واليسار، فهي كلها، الأحزاب التي تستولي على الأراضي، وتمول الاستيطان، وتطرد السكان، وتعرقل أي نوع من التسوية السياسية مع الفلسطينيين والعرب، وتستعد بعد ذلك لشن الحروب.

وتبين بعد الإعلان عن تقرير القناصل في القدس، أنهم وضعوا مجموعة اقتراحات للتخفيف من وطأة السياسة الإسرائيلية في المدينة، ومواصلة التحرك الأوروبي ضد تلك السياسة، ومن نوع: الحرص على عقد اجتماعات مع القادة الفلسطينيين في القدس. والحرص على عدم عقد اجتماعات مع المسؤولين الإسرائيليين هناك. ورغم النوايا الطيبة التي تكمن وراء مثل هذه الاقتراحات، إلا أنها تبدو جزئية جدا، وهناك حاجة إلى اقتراحات من نوع آخر، أوروبية وفلسطينية أيضا.

الاقتراحات المطلوبة من الأوروبيين لا بد أن تشمل كل مناطق الاستيطان الإسرائيلي، فكلها حسب القانون (قانون الحروب ـ قانون اتفاقية جنيف الرابعة) غير شرعية، ولم يعترف بها أحد في العالم. وإذا كان منطلق الحديث هو القدس وما يجري فيها، فالمشروع الإسرائيلي في القدس متعدد الجوانب، فهو يشمل تكبير المدينة التي يراد السيطرة عليها لتصبح منطقة كاملة تسمى (القدس الكبرى). وهو يشمل أيضا المستوطنات التي تم بناؤها حول القدس لتطبق عليها، ولتغلق باب التوسع الجغرافي على الأحياء العربية، وتبقي باب التوسع مفتوحا على الأحياء (المستوطنات) الإسرائيلية.

وهو يشمل أيضا ما يسمى بـ(الحوض المقدس) الذي يمتد من القدس إلى القرى المجاورة لها. وهو يشمل ما تحت الأرض، أرض المسجد الأقصى بالذات، حيث تجرى الحفريات بحثا عن هيكل لم يجد أحد حجرا واحدا منه حتى الآن. كل ذلك يجري في القدس، وفي القدس الكبرى. وحين يتم استنكار ما يجري في القدس، فلا بد بعد ذلك من استنكار ما يجري في القدس الكبرى.

وهنا يأتي دور الاقتراحات المطلوبة من الفلسطينيين، فلقد أصبح في حكم المسلم به بالنسبة للمسؤول الإسرائيلي، أن المفاوضات مع الفلسطينيين ستتضمن بندا يسمونه (تبادل الأراضي). وقد آن الأوان لشن حملة سياسية وإعلامية تقول إن فكرة (تبادل الأراضي) قد تم التخلي عنها فلسطينيا، لأن تبادل الأراضي أصبح يعني على أرض الواقع، التخلي عن مدينة القدس، أو قبول إطباق المستوطنات الإسرائيلية عليها.

لقد تسرب مفهوم (تبادل الأراضي) خلسة إلى أجواء المفاوضات التي فشلت، وحين تم الإعلان عن فشلها، سحبت كل العروض من على الطاولة، وبقي عرض فلسطيني واحد، تمسك به الإسرائيليون وكأنه حقيقة مسلم بها، وهو عرض تبادل الأراضي الذي آن الأوان لإعلان التخلي عنه عمليا ومبدئيا. وسيشكل مثل هذا الموقف دعما فعليا للتحرك الأوروبي «الخجول»، ولعله يساعد على رفع مستواه.

المؤلف: بلال الحسن نقلا عن جريدة الشرق الأوسط

ظهرت المقالة القدس.. وتجربة العيش على أرصفة المنازل أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d8%aa%d8%ac%d8%b1%d8%a8%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%8a%d8%b4-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a3%d8%b1%d8%b5%d9%81%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%86%d8%a7%d8%b2%d9%84/feed/ 0 1933
قراءة في بعض أحاديث محمد حسنين هيكل على قناة الجزيرة https://www.al-ommah.com/%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%a1%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%a8%d8%b9%d8%b6-%d8%a3%d8%ad%d8%a7%d8%af%d9%8a%d8%ab-%d9%87%d9%8a%d9%83%d9%84/ https://www.al-ommah.com/%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%a1%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%a8%d8%b9%d8%b6-%d8%a3%d8%ad%d8%a7%d8%af%d9%8a%d8%ab-%d9%87%d9%8a%d9%83%d9%84/#respond Mon, 12 Oct 2009 00:30:00 +0000 https://al-ommah.com/?p=1650 هناك مجال طويل للحديث عن محمد حسنين هيكل وأحاديثه، ولكني سأقتصر الآن في التعليق على بعض أحاديثه الأخيرة وهي التي خصّها لنكسة 67، وأسماها (طلاسم 67)، وحاول أن يلقي الضوء في هذه الأحاديث على الظروف التي رافقت نكسة 67 من أحداث سياسية وعسكرية ودولية وعربية ومخابراتية الخ…، ومهّد لذلك بالحديث […]

ظهرت المقالة قراءة في بعض أحاديث محمد حسنين هيكل على قناة الجزيرة أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
هناك مجال طويل للحديث عن محمد حسنين هيكل وأحاديثه، ولكني سأقتصر الآن في التعليق على بعض أحاديثه الأخيرة وهي التي خصّها لنكسة 67، وأسماها (طلاسم 67)، وحاول أن يلقي الضوء في هذه الأحاديث على الظروف التي رافقت نكسة 67 من أحداث سياسية وعسكرية ودولية وعربية ومخابراتية الخ…، ومهّد لذلك بالحديث عن أمن مصر، وذكر أنّ أمن مصر مرتبط بما يحيطها، وأنّ الدفاع عنها يبدأ من حدود غزة، والمستمع لهيكل يشعر بأنه يحاول أن يقلّل من مسؤولية عبد الناصر والقيادات المتنفّذة معه عن النكسة التي وقعت في هذه الحرب، وهو من أجل أن يحقّق ذلك يتحدّثت بأسلوب في منتهى الذكاء والتظاهر بالموضوعية، فهو يحاول أن يعيد النكسة إلى عدّة أمور سبقت مجيئ انقلاب عبد الناصر، منها:

  • عدم وجود جيش وطني ومؤسسة عسكرية ذات تاريخ تراكمي في مصر.
  • عدم وجود شعب مقاتل في مصر.
  • عدم وجود دولة في مصر.

وقد وضّح الأمور السابقة بشكل متفرّق، فهو في بداية حلقاته عن نكسة 67 ذكر أنّ مصر لا تملك جيشاً وطنياً ذا تقاليد عسكرية وعقيدة قتالية، وليس ذا خبرة تراكمية مكوّنة من عدّة أجيال متتابعة، واعتبر غياب مثل هذا الجيش عاملاً رئيسياً من عوامل الهزيمة في 67، وذكر أنّ محمد علي باشا توجّه في القرن التاسع عشر إلى إنشاء جيش وطني، لكنّ هذه المحاولات انتهت إلى الإفشال من قوى خارجية، أمّا في القرن العشرين فذكر أنّ أحد أمراء أسرة محمد علي باشا هو الذي اهتم بفكرة إنشاء جيش وطني لكنّ ذلك لم يتحقّق، وهو قد اعتبر أنّ الجيوش الوطنية العريقة ذات التاريخ التراكمي تستفيد في أوقات الأزمات مما اختزنته من عقائد قتالية وخبرات دفاعية، ومثّل على ذلك بالاتحاد السوفييتي الذي انتصر جيشه على الغزو الألماني في الحرب العالمية الثانية، وأعاد ذلك إلى المخزون التراكمي الذي اختزنه الجيش منذ القياصرة، وهيكل في هذا الكلام يتناسى الجوانب المعنوية التي اضطرّ أن يعود ستالين لها في مواجهة ألمانيا النازية، وهو أنه ترك الكنائس تفتح أبوابها، وهو في هذا يخالف مبادئة الماركسية التي تتنكّر للدين، وأعاد ستالين القول بالوطنية الروسية، وهو في هذا يخالف الأُممية التي تقوم عليها دولته من أجل استثارة الشعب الروسي للدفاع عن أرضه وبلده. يتناسى هيكل هذه العوامل المباشرة التي فعلتها الدولة الشيوعية، والمتناقضة مع مبادئها من أجل تحريك الشعب وهي أولى بالاعتبار والتقديم في تحويل المعارك في الحرب العالمية الثانية من المخزون التراكمي الذي أشار إليه هيكل، ولماذا نذهب بعيداً؟

ولنأخذ اسرائيل وهي الدولة التي انتصرت على عبد الناصر مثالاً قريباً، فأين الجيش الوطني ذو التقاليد العسكرية العريقة والعقيدة القتالية الراسخة؟ من أين لها ذلك؟ وهي الدولة التي لم يتجاوز عمرها العقدين فقط، وجيشها خليط من شعوب متعدّدة، وهل يمكن أن نقارن جيش اسرائيل بجيش مصر في هذا الأمر؟ لاشك أنّ جيش مصر أعرق، وتقاليده أرسخ، ومقدرته القتالية أمضى. إنّ سبب هزيمة مصر ليس فقدانها الجيش الوطني ذا التقاليد الراسخة، فهزيمتها جاءت لأسباب أخرى، وهذا ما سنجد جوابه في فقرة تالية, ويدل على ذلك انتصار اسرائيل وجيشها الذي لا يملك هذه الصفة.

أمّا الأمر الثاني الذي اعتبره هيكل من أسباب هزيمة 67 فهو أنّ شعب مصر شعب غير مقاتل، وليست لديه تقاليد قتالية، وأنّ الذين كانوا يقاتلون عنه هم أطراف خارجية، ولهذا كانت هزيمة حزيران !!! وهذا الرأي من أغرب الآراء التي يمكن أن تُقال، أو يُتحدّث فيها عن شعب مصر، وهو الذي كان عاملاً رئيسياً في هزيمة التتار، وفي هزيمة الصليبيّين، وهما أعتى هجمتين على الأمّة الإسلامية.

وكما قارنّا في فقرة سابقة بين جيش مصر واسرائيل كذلك سنضطر -الآن- أن نقارن بين شعب مصر وشعب اسرئيل، فنسأل: هل شعب اسرائيل الذي انتصر كان أكثر عراقة من شعب مصر في القتال؟ وهل كان يملك تقاليد قتالية أكثر من شعب مصر؟ لا أظنّ أنّ أحداً يمكن أن يقول ذلك، بالعكس فإنّ الله قد أخبرنا في القرآن الكريم بأنّ اليهود هم الذين خذلوا موسى عليه السلام فقالوا له: “”اذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ”” (المائدة،24)، وكذلك بقي هذا الخُلُق متأصّلاً فيهم بعد موسى عليه السلام فقال تعالى: “”أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ”” (البقرة،246)، أبعد قول الله تعالى يجوز أن يكون هناك قول؟ ليست القضية -إذن- كما يزعم هيكل بأنّ شعب مصر ليس شعباً مقاتلاً، ولكنّ هناك أسباباً أخرى حالت بين مصر وبين الانتصار في المعركة، فلنبحث عنها.

أمّا الأمر الثالث الذي اعتبره هيكل أحد أسباب نكسة 67 فهو عدم وجود دولة، وذكر أنّ هناك حكومات وملوكاً سابقين وأمراء وسلاطين، ورؤساء وزراء، ووزراء، وبرلمانات إلخ…، ولكنّ كل هذه الأسماء والمسمّيات لا تعني وجود دولة، وهو ما تفتقده مصر، وقد أشار إلى وجود هذا العامل ودوره في النكسة عدّة مرات في أحاديثه: مرّة في حديثه مع عبد الناصر في اليوم الثاني لإلقاء خطاب التخلّي، وخروج الجماهير طالبة من عبد الناصر التراجع عن هذا القرار، فقد جلس عبد الناصر وهيكل، وبدأ عبد الناصر يراجع مع هيكل أسباب الهزيمة، وكان عنوان الحلقة: لماذا حدثت النكسة؟ فذكر عبد الناصر أسباباً متعدّدة تتعلّق بالسياسات والقوة الجوية والاتحاد السوفييتي ومعاداة أمريكا إلخ…، لكنّ هيكل استدرك بعد كل حديث عبد الناصر الطويل، وذكر عنصراً جديداً لم يذكره عبد الناصر وهو عدم وجود دولة في مصر، واعتبره السبب الرئيسي في وقوع النكسة.

وفي مجال الردّ على هيكل بخصوص هذا العامل، فمن المؤكّد أنّ المفارقة بين مصر واسرائيل ستكون خير ردّ على هيكل، فإذا اعتبرنا أنّ عاملاً رئيسياً من عوامل خسارة مصر للحرب هو عدم وجود دولة في مصر، فهذا أحرى أن يفعل فعله في اسرائيل، ويؤثّر فيها، لأنّ اسرائيل عندما انتصرت كان عمرها عقدين، ومصر تملك عمراً أطول بشكل مؤكّد، فهذا أدعى أن يعكس النتائج، ويجعل اسرائيل تنهزم ومصر تنتصر، ولكنّ الأمر لم يجر على هذا المنوال فهذا أدعى أن يجعلنا ندرك إلى أيّ حدّ كان كلام هيكل بعيداً عن الصواب.

والآن بعد أن عرضنا رأي هيكل في أسباب هزيمة 67، وفنّدنا وجهة نظره، لننتقل ونتساءل: ما سبب النكسة؟ ولماذا وقعت الهزيمة؟ أعتقد أنّ هيكل ابتعد عن الأسباب الرئيسية التي أوقعت النكسة ولم يتعرّض لها، ولم  يتفحّصها، وهي المباشرة والقريبة، وذهب إلى الأسباب البعيدة التي تتكوّن في عدّة عقود أو قرون، ولكن كل الأسباب التي ذكرها هيكل في تعليل النكسة كانت موجودة بل متجذّرة في اسرائيل: فهي لا تملك جيشاً وطنياً عريقاً ذا تقاليد قتالية راسخة، ولا تملك شعباً مقاتلاً بل هو أبعد ما يكون عن القتال، ولا تملك دولة ذات وجود مديد، فاسرائيل وبناء على ما ذكر أولى بالهزيمة من مصر، ومع ذلك فقد انتصرت اسرائيل، وانهزمت مصر ومعها كل العرب، فما الأسباب المباشرة والقريبة والتي أدّت إلى هزيمة 67، التي قفز عنها هيكل وتجاهلها؟

ذكر هيكل أنّ كل مؤسسات الدولة عملت تقارير راجعت فيها وقائع حرب 67 وأسبابها، فقدّم اللواء عبد المحسن المرتجى قائد جبهة سيناء تقريراً عن وضع الجيش، وذكر المرتجى أسباباً متعدّدة للهزيمة تتعلّق بالضباط والجيش، وأسلحته، وتدريبه، وأخلاقيته، ومناقبيته، وأشار إلى الشللّية التي قامت حول شمس بدران إلخ…

وقد أشار إلى كل العناصر السابقة بالسلبية والتأثير السيء على سير المعركة، كما أشار تقرير المخابرات الذي قدّمه أحمد فاضل إلى أنّ المخابرات لم تجمع المعلومات الكافية عن العدو، وإلى أنه لم تكن هناك متابعة دقيقة له، وإلى اختراق العدو لأمن مصر من خلال شبكات داخلية وخارجية تواجدت في نوادي مصر والتي كان يرتادها كبار الضباط إلخ… لكنّ هيكل اعتبر أنّ العوامل التي ذكرها التقريران عامة، وتحدث في كل الجيوش وفي كل الأزمنة، وقلّل من قيمتها لكنه أشاد بتقرير اللواء عبد المنعم رياض الذي قاد الجبهة الأردنية، لأنه أشار من بعيد إلى عدم وجود الدولة كأحد العوامل الرئيسية لوقوع نكسة 67، وهو ما يدعم وجهة نظره.

لاحظنا في كل ما سبق أنّ هيكل لم يعط أي وزن للآراء التي قدّمها رجالات الدولة المسؤولين عن أسباب الهزيمة، بل اعتبرها طبيعية ومحدودة التأثير، وأبرز -كما رأينا- العوامل البعيدة من مثل: غياب الجيش الوطني والدولة وعدم جاهزية الشعب للقتال، وهو في هذا الإبراز ألقى المسؤولية على عوامل أكبر من عبد الناصر وأقدم من وجود عبد الناصر وهو  بذلك يخفّف المسؤولية عنه، وكأنه يقول: إنّ الهزيمة نتيجة واقع تاريخي محتوم لازم لمصر، وهو مخطئ في ذلك خطأً كبيراً، وقد أغفل هيكل كما أغفلت التقارير التي قدّمها المسؤولون في الجيش والمخابرات والجبهة الأردنية إلقاء الأضواء على الايديولوجيا التي تبنّاها عبد الناصر أثناء حكمه، وهي الايديولوجيا القومية الاشتراكية الماركسية المتعارضة مع الدين في شقّيها القومي والاشتراكي الماركسي، فالقومية عند عبدالناصر تعتبر الأمّة العربية تقوم على عنصري اللغة والتاريخ، وتنكر دور الدين في تشكيلها، وهي تنقل كل هذا عن ساطع الحصري، أمّا الاشتراكية الماركسية فتعادي الدين، ليس هذا فحسب بل حاولت أن تقتلع الدين من وجود الأمّة، والمتديّنين من كيانها، بحجّة أنّ هذا الدين هو أصل التأخّر والتراجع والانحطاط، وأنّ هؤلاء المتديّنين هم رجعيّون وخونة وعملاء وهم سبب التأخّر والانحطاط، إنّ هذا الهذيان هو الذي أفقد الجندي فاعليته، وأفقد القيادي تماسكه، وجعل الأمور التي تحدّث عنها اللواء عبد المحسن المرتجى وأحمد الفاضل واللواء عبد المنعم رياض من فقدان للانضباط والأخلاقية والمناقبية والتراتبية ومراقبة العدو إلخ…

أسباباً حقيقية للهزيمة، وكانت أسباباً رئيسية في هذا الانهيار السريع الذي لم تعرفه أمّتنا في أيّة معركة من تاريخها السابق، وبالمقابل يمكن أن ندرك قيمة الايديولوجيا في النصر إذا نظرنا إلى اسرائيل التي هزمت العرب جميعاً، وهي أقل عدداً، وتكوّن جيشها حديثاً، وقامت دولتها حديثاً، وقد اجتمع شعبها من بلاد شتّى، ومع ذلك فقد انتصر، والسبب الرئيسي في ذلك هو أنّ قيادة اسرائيل احترمت دين الشعب، وجعلته المحور الرئيسي الذي يحرّك الشعب، وعزّزت شأن التوراة، وأجلّت المقدّسات، وسنّت القوانين التي تدعم القِيَم الدينية من مثل: عدم القيام بالعمل في يوم السبت، وأكّد قادتها بدءاً من هرتزل ومروراً ببن غوريون وانتهاء بوايزمن بأهمية التوراة والدين في قيام اسرائيل واستمراريتها. ومثلما كانت الايديولوجيا التي تحترم الدين عاملاً رئيسياً من عوامل النصر عند اسرائيل، كانت الايديولوجيا القومية الاشتراكية التي تبنّاها عبد الناصر والتي تستأصل الدين من حياة الشعب ووجوده عاملاً رئيسياً من عوامل الهزيمة عندنا.

ظهرت المقالة قراءة في بعض أحاديث محمد حسنين هيكل على قناة الجزيرة أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%a1%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%a8%d8%b9%d8%b6-%d8%a3%d8%ad%d8%a7%d8%af%d9%8a%d8%ab-%d9%87%d9%8a%d9%83%d9%84/feed/ 0 1650
تأملات في مسيرة عقل مسلم: ليوبولدفايس (محمد أسد) https://www.al-ommah.com/%d9%84%d9%8a%d9%88%d8%a8%d9%88%d9%84%d8%af%d9%81%d8%a7%d9%8a%d8%b3/ https://www.al-ommah.com/%d9%84%d9%8a%d9%88%d8%a8%d9%88%d9%84%d8%af%d9%81%d8%a7%d9%8a%d8%b3/#respond Sat, 10 Oct 2009 13:27:00 +0000 https://al-ommah.com/?p=1915 كان الصبي ( ليوبولدفايس ) تحت إصرار والده يواظب على دراسة النصوص الدينية ساعات طويلة كل يوم ، وهكذا وجد نفسه وهو في سن الثالثة عشر يقرأ العبرية ويتحدثها بإتقان ، درس التوراة في نصوصها الأصلية وأصبح عالماً بالتلمود وتفسيره، ثم انغمس في دراسة التفسير المعقد للتوراة المسمى (ترجوم) فدرسه […]

ظهرت المقالة تأملات في مسيرة عقل مسلم: ليوبولدفايس (محمد أسد) أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
كان الصبي ( ليوبولدفايس ) تحت إصرار والده يواظب على دراسة النصوص الدينية ساعات طويلة كل يوم ، وهكذا وجد نفسه وهو في سن الثالثة عشر يقرأ العبرية ويتحدثها بإتقان ، درس التوراة في نصوصها الأصلية وأصبح عالماً بالتلمود وتفسيره، ثم انغمس في دراسة التفسير المعقد للتوراة المسمى (ترجوم) فدرسه وكأنما يهيئ نفسه لمنصب ديني .

كان إنجاز ليوبولدفايس المدهش يعد بتحقيق حلم جده الحاخام الأرثوذكسي النمساوي بأن تتصل بحفيده سلسله من أجداده الحاخامات، ولكن هذا الحلم لم يتحقق ، فبالرغم من نبوغه في دراسة الدين أو ربما بسببه نمت لديه مشاعر سلبيه تجاه جوانب كثيرة من العقيدة اليهودية ، لقد رفض عقله ما بدا من أن الرب في النصوص التوراتية والتلمودية مشغول فوق العادة بمصير أمة معينة وهم اليهود بالطبع . لقد ابرزت النصوص الرب لا كخالق وحافظ لكل خلقه من البشر بل كرب قبلي يسخر كل المخلوقات لخدمة الشعب المختار .

لم يؤد إحباطه من الديانة اليهودية في ذلك الوقت إلى البحث عن معتقدات روحية أخرى ، فتحت تأثير البيئة اللا إرادية التي يعيش فيها وجد نفسه يندفع ككثير من أقرانه إلى رفض الواقع الديني وكل مؤسساته ، وما كان يتطلع إليه لم يختلف كثيراً عما يتطلع إليه باقي أبناء جيله وهو خوض المغامرات المثيرة .

في تلك المرحلة من عمر ” ليوبولدفايس” اشتعلت الحرب العالمية الأولى ( 1914_1918 ) . وبعد انتهاء الحرب _ وعلى مدى عامين _ درس بلا نظام تاريخ الفن والفلسفة في ( جامعة فينا ) ولكن ، كان مشغوفاً بالتوصل إليه هو جوانب محببة إلى نفسه من الحياة ، كان مشغوفاً أن يصل بنفسه إلى مُثّل روحية حقيقية كان يوقن أنها موجودة لكنه لم يصل إليها بعد .

كانت العقود الأولى للقرن العشرين تتسم بالخواء الروحي للأجيال الأوربية ، أصبحت كل القيم الأخلاقية متداعية تحت وطأة التداعيات المرعبة للسنوات التي استغرقتها الحرب العالمية الأولى في الوقت الذي لم تبد فيه أي روحية جديدة في أي أفق ، كانت مشاعر عدم الإحساس بالأمن متفشية بين الجميع ، إحساس داخلي بالكارثة الاجتماعية والفكرية أصاب الجميع بالشك في استمرارية أفكار البشر وفي مساعيهم وأهدافهم ، كان القلق الروحي لدى الشباب لا يجد مستقراً لاقدامه الوجلة ، ومع غياب أي مقاييس يقينية أخلاقية لم يكن ممكناً لأي فرد إعطاء إجابات مقنعة عن اسئلة كثيرة كانت تؤرق وتحير كل جيل الشباب .

كانت علوم التحليل النفسي ( وهي جانب من دراسات الشاب ليوبولدفايس ) تشكل في ذلك الوقت ثورة فكرية عظمى ، وقد أحس فعلاً أن تلك العلوم فتحت مزاليج أبواب معرفة الإنسان بذاته ، كان اكتشاف الدوافع الكامنة في اللاوعي قد فتحت أبواباً واسعة تتيح فهماً أوسع للذات ، وما اكثر الليالي التي قضاها في مقاهي فينا يستمع إلى مناقشات ساخنة ومثيرة بين رواد التحليل النفسي المبكرين من أمثال ” الفريد ادلر ” ” وهرمان سيتكل ” .

إلا أن الحيرة والقلق والتشويش حلت عليه من جديد ، بسبب عجرفة العلم الجديد وتعاليه ومحاولته أن يحل الغاز الذات البشرية عن طريق تحويلها إلى سلاسل من ردود الافعال العصبية .

لقد نما قلقه وتزايد وجعل إتمام دراسته الجامعية يبدو مستحيلاً فقرر أن يترك الدراسة ويجرب نفسه في الصحافة.

كان أول طريق النجاح في هذه التجربه تعيينه في وظيفة محرر في وكالة الأنباء ( يونايتد تلجرام ) وبفضل تمكنه من عدة لغات لم يكن صعباً عليه أن يصبح في وقت قصير نائباً لرئيس تحرير قطاع أخبار الصحافة الاسكندنافية بالرغم من أن سنه كانت دون الثانية والعشرون ، فانفتح له الطريق في برلين إلى عالم ارحب ” مقهى دي فيستن ” ” ورومانشية ” ملتقى الكتاب والمفكرين البارزين ومشاهير الصحفيين والفنانين ، فكانوا يمثلون له ( البيت الفكري ) وربطته بهم علاقات صداقة توافرت فيها الندية .

كان في ذلك الوقت سعيداً بما هو أكثر من النجاح في حياته العملية ، ولكنه لم يكن يشعر بالرضا والإشباع ولم يكن يدري بالتحديد ما الذي يتوق إلى تحقيقه .

كان مثله مثل كثير من شباب جيله فمع أن أيا منهم لم يكن تعساً إلا قليلاً منهم كان سعيداً بوعي وإدراك .

***

في أحد أيام ربيع سنة 1922م وعمره لم يتجاوز الثانية والعشرين كان على ظهر السفينة متوجهاً إلى ( القدس ، فلسطين ) .

ولو قال له أحد في ذلك الوقت أن أول معرفة له مباشرة بالإسلام ستصبح نقطة تحول عظمى في حياته لعد ذلك القول مزحة ، ليس بالطبع لأنه محصن ضد إغراءات الشرق التي تربط ذهن الأوربي برومانتيكيه ألف ليلة وليلة ، ولكنه أبعد ما يكون ان يتوقع ان تؤدي تلك الرحلة إلى مغامرات روحية .

كل ماكان يدور في ذهنه عن تلك الرحلة كان يتعامل معه برؤية غربية ، فقد كان رهانه محصوراً في تحقيق أعمق في المشاعر والإدراك من خلال البيئة الثقافية الوحيدة التي نشأ فيها ، وهي البيئة الأوروبية ، لم يكن إلا شاباً أوربياً نشأ على الاعتقاد بأن الإسلام وكل رموزه ليسا إلا محاولة التفافيه حول التاريخ الإنساني ، محاولة لا تحظى بالاحترام من الناحية الروحية والأخلاقية ، ومن ثم لا يستحق الذكر فضلاً عن أن يوازن بالدينين الوحيدين اللذين يرى الغرب أنهما يستحقان الاهتمام والبحث : اليهودية والمسيحية ، كان يلف تفكيره الفكر الضبابي القاتم والانحياز الغربي ضد كل ما هو إسلامي أو كما يعبر عن نفسه : ( لو تعاملت بعدل مع ذاتي لأقررت أني أيضاً كنت غارقاً حتى أذني في تلك الرؤية الذاتية الأوربية والعقلية المتعالية التي أتسم بها الغرب على مدى تاريخه : 104).

ولكن بعد أربع سنوات كان ينطق بشهادة أن لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ويتسـمى باسـم ” محمد أسد ” .

بالرغم من أن حياة ليوبولدفايس تفيض بالمغامرات والمفاجاءات والمصادفات فلم يكن لإسلامه نتيجة لأي من ذلك بل نتيجة لسنوات عدة من التجول في العالم الإسلامي والاختلاط بشعوبه ، والتعمق في ثقافته وإطلاعه الواسع على تراثه بعد إجادته للغة العربية والفارسية .

كان في الأعوام المبكرة من شباب ليوبولدفايس بعدما اصابه الاحباط وخيبة الأمل في العقيدة اليهودية التي ينتمي إليها قد أتجه تفكيره إلى المسيحية بعد ان وجد أن المفهوم المسيحي للاله يتميز عن المفهوم التوراتي لأنه لم يقصر إهتمام الإله على مجموعة معينة من البشر ترى أنها وحدها شعب الله المختار ، وعلى الرغم من ذلك كان هناك جانب من الفكر المسيحي قلل في رأيه إمكانية تعميمه وصلاحيته لكل البشر إلا وهو التمييز بين الروح والبدن. أي بين عالم الروح وعالم الشئون الدنيوية. وبسبب تنائي المسيحية المبكر عن كل المحاولات التي تهدف إلى تأكيد أهمية المقاصد الدنيوية ، كفت من قرون طويلة في أن تكون دافعاً أخلاقياً للحضارة الغربية ، إن رسوخ الموقف التاريخي العتيق للكنيسة في التفريق بين ما للرب وما للقيصر نتج عنه ترك الجانب الاجتماعي والاقتصادي يعاني فراغاً دينياً وترتب على ذلك غياب الأخلاق في الممارسات الغربية السياسية والاقتصادية مع باقي دول العالم. ومثل ذلك إخفاقاً لتحقيق ما هدفت إليه رسالة المسيح أو أي دين آخر.

فالهدف الجوهري لأي دين هو تعليم البشر كيف يدركون ويشعرون ، بل كيف يعيشون معيشة صحيحة وينظمون العلاقات المتبادلة بطريقة سوية عادلة ، وإن أحساس الرجل الغربي أن الدين قد خذله جعله يفقد إيمانه الحقيقي بالمسيحية خلال قرون ، وبفقدانه لإيمانه فقد إقتناعه بأن الكون والوجود تعبير عن قوة خلق واحدة وبفقدان تلك القناعة عاش في خواء روحي وأخلاقي.

كان إقتناعه في شبابه المبكر أن الإنسان لا يحيا بالخبز وحده قد تبلور إلى اقتناع فكري بأن عبادة التقدم المادي ليست إلا بديلاً وهمياً للإيمان السابق بالقيم المجردة وأن الإيمان الزائف بالمادة جعل الغربيين يعتقدون بأنهم سيقهرون المصاعب التي تواجههم حالياً ، كانت جميع النظم الإقتصادية التي خرجت من معطف المادة علاجاً مزيفاً وخادعاً ولا تصلح لعلاج البؤس الروحي للغرب. كان التقدم المادي بإمكانه في أفضل الحالات شفاء بعض أعراض المرض إلا أنه من المستحيل أن يعالج سبب المرض.

كانت أول علاقة له بفكرة الإسلام وهو يقضي أيام رحلته الأولى في القدس عندما رأى مجموعة من الناس يصلون صلاة جماعة يقول : (أصابتني الحيرة حين شاهدت صلاة تتضمن حركات آلية ، فسألت الإمام هل تعتقد حقاً أن الله ينتظر منك أن تظهر له إيمانك بتكرار الركوع والسجود؟ ألا يكون من الأفضل أن تنظر إلى داخلك وتصلي إلى ربك بقلبك وأنت ساكن؟ أجاب: بأي وسيلة أخرى تعتقد أننا يمكن أن نعبد الله؟ ألم يخلق الروح والجسد معاً؟ وبما أنه خلقنا جسداً وروحاً ألا يجب أن نصلي بالجسد والروح؟ ثم مضى يشرح المعنى من حركات الصلاة ، أيقنت بعد ذلك بسنوات أن ذلك الشرح البسيط قد فتح لي أول باب للإسلام .: 120)

بعد هذه الحادثة بشهور كان يدخل الجامع الأموي في دمشق ويري الناس يصلون ويصف هذا المشهد (اصطف مئات المصلين في صفوف طويلة منتظمة خلف الإمام ركعوا وسجدوا كلهم في توحد مثل الجنود ، كان المكان يسوده الصمت يسمع المرء صوت الإمام من أعماق المسجد الجامع يتلو آيات القرآن الكريم ، وحين يركع أو يسجد يتبعه كل المصلين كرجل واحد. أدركت في تلك اللحظة مدى قرب الله منهم وقربهم منه بدا لي أن صلاتهم لا تنفصل عن حياتهم اليومية بل كانت جزءاً منها ، لا تعينهم صلاتهم على نسيان الحياة بل تعمقها أكثر بذكرهم لله. قلت لصديقي ومضيفي ونحن ننصرف من الجامع: ما أغرب ذلك وأعظمه! إنكم تشعرون أن الله قريب منكم ، أتمنى أن يملأني أنا أيضاً ذلك الشعور ، رد صاحبي : ما الذي يمكن أن نحسه غير ذلك والله يقول في كتابه : { لقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد } . 166)

ويقول بعد ذلك (تركت تلك الشهور الأولى التي عشتها في بلد عربي قطاراً طويلاً من الانعكاسات والانطباعات ، لقد واجهت مغزى الحياة وجها لوجه وكان ذلك جديدا تماماً على حياتي. الأنفاس البشرية الدافئة تتدفق من مجرى دم أولئك الناس إلى أفكارهم بلا تمزقات روحية مؤلمة من عدم الإطمئنان والخوف والطمع والإحباط الذي جعل من الحياة الأوروبية حياة قبيحة وسيئة لا تعد شيئ:131)

(أحسست بضرورة فهم تلك الشعوب المسلمة لأني وجدت لديهم تلاحماً عضوياً بين الفكر والحواس ، ذلك التلاحم الذي فقدناه نحن الأوربيين ، واعتقدت أنه من خلال فهم أقرب وأفضل لحياتهم يمكن أن أكتشف الحلقة المفقودة التي تسبب معاناة الغربيين وهي تآكل التكامل الداخلي للشخصية الأوروبية ، لقد اكتشفت كنه ذلك الشيء الذي جعلنا نحن أهل الغرب ننأى عن الحرية الحقة بشروطها الموضوعية التي يتمتع بها المسلمون حتى في عصور انهيارهم الاجتماعي والسياسي:132)

(ما كنت أشعر به في البداية أنه لا يعدو أكثر من تعاطف مع شكل الحياة العربية والأمان المعنوي الذي أحسبه فيما بينهم تحول بطريقة لا أدركها إلى ما يشبه المسألة الذاتية ، زاد وعيي برغبة طاغية في معرفة كنه ذلك الشيء الذي يكمن في أسس الأمن المعنوي والنفسي وجعل حياة العرب تختلف كلياً عن حياة الأوروبيين ، ارتبطت تلك الرغبة بشكل غامض بمشكلاتي الشخصية الدفينة ، بدأت أبحث عن مداخل تتيح لي فهماً أفضل للشخصية العربية والأفكار التي شكلتهم وصاغتهم وجعلتهم يختلفون روحياً عن الأوروبيين بدأت أقرأ كثيراً بتركيز في تاريخهم وثقافتهم ودينهم ، وفي غمرة اهتمامي أحسست بأني توصلت إلى إكتشاف ما يحرك قلوبهم ويشغل فكرهم ويحدد لهم إتجاههم ، أحسست أيضاً بضرورة اكتشاف القوى الخفية التي تحركني أنا ذاتي وتشكل دوافعي وتشغل فكري وتعدني أن تهديني السبيل) : 132)

قضيت كل وقتي في دمشق أقرأ من الكتب كل ما له علاقة بالإسلام كانت لغتي العربية تسعفني في تبادل الحديث إلا أنها كانت أضعف من أن تمكنني من قراءة القرآن الكريم.. لذا لجأت إلى ترجمة لمعاني القرآن الكريم.. أما ما عدا القرآن الكريم فقد اعتمدت فيه على أعمال المستشرقين الأوربيين. ومهما كانت ضآلة ما عرفت إلا أنه كان أشبه برفع ستار ، بدأت في معرفة عالم من الأفكار كنت غافلاً عنه وجاهلاً به حتى ذلك الوقت ، لم يبد لي الإسلام ديناً بالمعنى المتعارف عليه بين الناس لكلمة دين بل بدا لي أسلوباً للحياة ، ليس نظاماً لاهوتياً بقد ما هو سلوك فرد ومجتمع يرتكز على الوعي بوجود إله واحد ، لم أجد في أي آية من آيات القرآن الكريم أي إشارة إلى احتياج البشر إلى الخلاص الروحي ولا يوجد ذكر لخطيئة أولى موروثة تقف حائلاً بين المرء وقدره الذي قدره الله له ، ولا يبقى لأبن آدم إلا عمله الذي سعى إليه ولا يوجد حاجة إلى الترهب والزهد لفتح أبواب خفية لتحقيق الخلاص ، الخلاص حق مكفول للبشر بالولادة ، والخطيئة لا تعني إلا ابتعاد الناس عن الفطرة التي خلقهم الله عليها ، لم أجد أي أثر على الثنائية في الطبيعة البشرية فالبدن والروح يعملان في المنظور الإسلامي كوحدة واحدة لا ينفصل أحدهما عن الآخر.

أدهشني في البداية اهتمام القرآن الكريم ليس بالجوانب الروحية فقط بل بجوانب أخرى غير مهمة من الأمور الدنيوية ، ولكن مع مرور الوقت بدأت أدرك أن البشر وحدة متكاملة من بدن وروح ، وقد أكد الإسلام ذلك ، لا يوجد وجه من وجوه الحياة يمكن أن نعده مهمشاً بل إن كل جوانب حياة البشر تأتي في صلب اهتمامات الدين. لم يدع القرآن الكريم المسلمين ينسون أن الحياة الدنيا ليست إلا مرحلة في طريق البشر نحو تحقيق وجود أسمى وأبقى وأن الهدف النهائي ذو سمة روحية ، ويرى أن الرخاء المادي لا ضرر منه إلا أنه ليس غاية في حد ذاته ، لذلك لا بد أن تقنن شهية الإنسان وشهواته وتتم السيطرة عليها بوعي أخـلاقي من الفرد ، هذا الوعي لا يوجه إلى الله فقط بل يوجه أيضاً إلى البشر فيما بينهم ، لا من أجل الكمال الديني وحده بل من أجل خلق حالة اجتماعية تؤدي إلى تطور وعي للمجتمع بأكمله حتى يتمكن من أن يحيا حياة كاملة.

نظرت إلى كل تلك الجوانب الفكرية والأخلاقية بتقدير وإجلال ، كان منهجه في تناول مشكلات الروح أعمق كثيراً من تلك التي وجدتها في التوراة ، هذا عدا أنه لم يأت لبشر دون بشر ولا لأمة بذاتها دون غيرها ، كما أن منهجه في مسألة البدن يعكس منهج الإنجيل منهج إيجابي لا يتجاهل البدن ، البدن والروح معاً يكونان البشر كتوأمين متلازمين سألت: ألا يمكن أن يكون ذلك المنهج هو السبب الكامن وراء الإحساس بالأمن والتوازن الفكري والنفسي الذي يميز العرب والمسلمين: 166- 168).

بعد أن غادر ليوبولدفايس سوريا بقى شهوراً في تركيا في طريق عودته إلى أوروبا لتنتهي رحلته الأولى إلى العالم الإسلامي.

(بدأت انطباعاتي عن تركيا تفقد حيويتها وأنا في القطار المتوجه إلى فينا وما ظل راسخاً هو الثمانية عشر شهراً التي قضيتها في البلاد العربية ، صدمني إدراكي أن أتطلع إلى المشاهد الأوروبية التي اعتدتها بعيني من هو غريب عنها ، بدا الناس في نظري في غاية القبح وحركاتهم خالية من الرقة ، ولا علاقة مباشرة بين حركاتهم وما يرددونه ويشعرون به ، أدركت فجأة أنه على الرغم من المظاهر التي تنبيء بأنهم يعرفون ما يريدون إلا أنهم لا يعرفون أنهم يحيون في عالم الادعاء والتظاهر ، أتضح لي أن حياتي بين العرب غيرت منهجي ورؤيتي لما كنت أعده مهماً وضرورياً للحياة ، تذكرت بشيء من الدهشة أن أوروبيين آخرين قد مروا بتجارب حياتية مع العرب وعايشوهم أزماناً طويلة فكيف لم تعترهم دهشة الاكتشاف كما اعترتني أم أن ذلك قد وقع لهم أيضا؟ هل أهتز أحدهم من أعماقه كما حدث لي: 178-179).

(توقفت بضعة أسابيع في فينا واحتفلت بتصالحي مع أبي الذي سامحني على ترك دراستي الجامعية ومغادرتي منزل الأسرة بتلك الطريقة الفجة ، على أي حال كنت مراسلاً لجريدة “فرانكفوتر ذيتونج” وهو أسم يلقي التقدير والتبجيل في وسط أوروبا في ذلك الوقت ، وهكذا حققت في نظره مصداقية ما زعمت له قبل ذلك من أني سأحقق ما أصبو إليه وأصل إلى القمة:)179).

(رحلت بعد ذلك من فينا مباشرة إلى فرانكفورت لأقدم نفسي شخصياً إلى الصحيفة التي كنت أمثلها في الخارج على مدى عام ، كنت في طريقي إليها وأنا أشد ثقة بنفسي فالرسائل التي كنت أتلقاها من فرانكفورت أظهرت لي أن مقالاتي كانت تلقى كل التقدير والترحيب: 180)

(أن أكون عضواً عالماً في مثل تلك الصحيفة كان مصدر فخر واعتزاز لشاب في مثل سني ، وعلى الرغم من أن مقالاتي عن الشرق الأوسط قوبلت باهتمام شديد من قبل جميع المحررين إلا أن نصري الكامل تحقق في اليوم الذي كلفت فيه أن أكتب مقالاً افتتاحياً بالصحيفة عن مشكلة الشرق الأوسط) :182 ) .

(كان من نتائج عملي في جريدة “فرانكفورت ذيتونج” النضج المبكر لتفكيري الواعي ، كما نتجت عنه رؤية ذهنية أكثر وضوحاً من أي وقت مضى ، فبدأت في مزج خبرتي بالشرق بعالم الغرب الذي أصبحت جزءاً منه من جديد. منذ عدة شهور مضت اكتشفت العلاقة بين الاطمئنان النفسي والعاطفي السائد في نفوس العرب وعقيدة الإسلام التي يؤمنون بها ، كما بدأ يتبلور في ذهني أن نقص التكامل النفسي الداخلي للأوروبيين وحالة الفوضى اللاأخلاقية التي تسيطر عليهم قد تكون ناتجة من عدم وجود إيمان ديني وقد تكونت الحضارة الغربية في غيابه ، لم ينكر المجتمع الغربي الإله إلا أنه لم يترك له مكاناً في أنساقه الفكرية: 182).

بعد عودته إلى أوروبا من رحلته كان يحس بالملل إحساس من أجبر على التوقف قبل التوصل إلى كشف عظيم سيميط عن نفسه الحجب لو أتيح له مزيد من الوقت.

كان  ليوبولدفايس يتوق إلى العودة إلى الشرق مرة أخرى ، وقد تحقق له ما أراد إذ أن رئيس تحرير الجريدة الدكتور هنري سيمون ـ الذي كان في ذلك الوقت مشهوراً في أرجاء العالم ـ قد رأي فيه مراسلاً صحفياً واعداً فوافق بحماس على عودته إلى الشرق الأوسط بسرعة.

عاد إلى الشرق ليقضي عامين آخرين بين مصر وبلاد الشام والعراق وإيران وأفغانستان ، عاد من أوروبا وفي ذهنه صورة عن عالم الغرب ظلت تزداد في ذهنه مع الأيام رسوخاً وثباتاً ، عبر عن هذه الصورة فيما يأتي: (حقاً إن الإنسان الغربي قد أسلم نفسه لعبادة الدجال ، لقد فقد منذ وقت طويل براءته ، وفقد كل تماسك داخلي مع الطبيعة ، لقد أصبحت الحياة في نظره لغزاً ، أنه مرتاب شكوك ولذا فهو منفصل عن أخيه ، ينفرد بنفسه ، ولكي لا يهلك في وحدته هذه فإن عليه أن يسيطر على الحياة بالوسائل الخارجية ، وحقيقة كونه على قيد الحياة لم تعد وحدها قادرة على أن تشعره بالأمن الداخلي ، ولذا فإن عليه أن يكافح دائماً وبألم في سبيل هذا الأمن من لحظة إلى أخرى ، وبسبب من أنه فقد كل توجيه ديني وقرر الاستغناء عنه فإن عليه أن يخترع لنفسه باستمرار حلفاء ميكانيكيين ، من هنا نما عند الميل المحموم إلى التقنية والتمكن من قوانينها ووسائلها ، أنه يخترع كل يوم آلات جديدة ويعطي كلا منها بعض روحه كيما تنافح في سبيل وجوده ، وهي تفعل ذلك حقاً ، ولكنها في الوقت نفسه تخلق له حاجات جديدة ، ومخاوف جديدة وظمأ لا يروي إلى حلفاء جدد آخرين أكثر اصطناعية ، وتضيع روحه في ضوضاء الآلة الخانقة التي تزداد مع الأيام قوة وغرابة ، وتفقد الآلة غرضها الأصلي ـ أي أن تصون وتغني الحياة الإنسانية ـ وتتطور إلى صنم بذاته ، صنم من فولاذ ، ويبدو أن كهنة هذا المعبود والمبشرين به غير مدركين أن سرعة التقدم التقني الحديث هي نتيجة ليس لنمو المعرفة الإيجابي فحسب بل لليأس الروحي أيضاً ، وأن الانتصارات المادية العظمى التي يعلن الإنسان الغربي أنه بها يستحق السيادة الطبيعية هي في صميمها ذات صفة دفاعية فخلف واجهتها البراقة يكمن الخوف من الغيب ، إن الحضارة الغربية لم تستطع حتى الآن أن تقيم توازنا بين حاجات الإنسان الجسمية والاجتماعية وبين أشواقه الروحية ، لقد تخلت عن آداب دياناتها السابقة دون أن تتمكن أن تخرج من نفسها أي نظام أخلاقي آخر ـ مهما كان نظرياً ـ يخضع نفسه للعقل ، بالرغم من كل ما حققته من تقدم ثقافي فإنها لم تستطع حتى الآن التغلب على استعداد الإنسان الأحمق للسقوط فريسة لأي هتاف عدائي أو نداء للحرب مهما كان سخيفاً باطلاً يخترعه الحاذقون من الزعماء… الأمم الغربية وصلت إلى درجة أصبحت معها الإمكانيات العلمية غير المحدودة تصاحب الفوضى العملية ، وإذا كان الغربي يفتقر إلى توجيه ديني حاذق فإنه لا يستطيع أن يفيد أخلاقياً من ضياء المعرفة الذي تسكبه علومه وهي لا شك عظيمة ، إن الغربيين ـ في عمى وعجرفة ـ يعتقدون عن إقتناع أن حضارتهم هي التي ستنير العالم وتحقق السعادة ، وأن كل المشاكل البشرية يمكن حلها في المصانع والمعامل وعلى مكاتب المحللين الاقتصاديين والإحصائيين ، إنهم بحق يعبدون الدجال:373).

في هذه الرحلة الثانية أمكنه أن يتقن اللغة العربية ولذلك فبدل أن ينظر إلى الإسلام بعين غيره من المستشرقين ومترجمي القرآن غير المسلمين صار في إمكانه أن ينظر إلى الإسلام في تراثه الثقافي كما هو ، لم يعد على اعتقاده السابق استحالة أن يتفهم الأوروبي بوعي العقلية الإسلامية ، أيقن أنه لو تحرر المرء تماماً من عاداته التي نشأ عليها ومناهجها الفكرية وتقبل مفهوم أنها ليست بالضرورة الأساليب الصحيحة في الحياة لأمكن أن يفهم ما يبدو غريباً في نظره عن الإسلام ، كانت فكرته عن الإسلام تتطور وتنمو طوال هذه الرحلة الثانية التي أمكنه فيها أن يختلط بالشعوب ويناقش العلماء ، ويتصل بالزعماء.

(كان التفكير في الإسلام يشغل ذهني إن الأمر بدا لي في ذلك الوقت إنه رحلة لاستكشاف ما أجهله من تلك المناطق ، كان كل يوم يمر يضيف إليّ معارف جديدة ويطرح أسئلة جديدة لأجد إجاباتها تأتي من الخارج جميعها أيقظت شيئاً ما كان نائماً في أعماقي وكلما نمت معارفي عن الإسلام كنت اشعر مرة بعد أخرى أن الحقائق الجوهرية التي كانت كامنة في أعماقي من دون أن أعي وجودها بدأت تنكشف تدريجياً ويتأكد تطابقها مع الإسلام:255).

كان اليقين ينمو في داخله يقترب من إجابة نهائية عن أسئلته بتفهمه لحياة المسلمين كان يقترب يومياً من فهم أفضل للإسلام ، وكان الإسلام دائماً مسيطراً على ذهنه (لا يوجد في العالم بأجمعه ما يبعث في نفسي مثل تلك الراحة التي شعرت بها والتي أصبحت غير موجودة في الغرب ومهددة الآن بالضياع والاختفاء من الشرق ، تلك الراحة وذلك الرضا اللذان يعبران عن التوافق الساحر بين الذات الإنسانية والعالم الذي يحيط بها: 238). بهذه الروح من التسامح تجاه الآخر استطاع بسهولة أن يتخلص من انخداع الرجل الغربي وإساءته فهم الإسلام بسبب ما يراه من تخلف وانحطاط في العالم الإسلامي.

(الآراء الشائعة في الغرب عن الإسلام ـ تتلخص ـ فيما يأتي:” انحطاط المسلمين ناتج عن الإسلام وأنه بمجرد تحررهم من العقيدة الإسلامية وتبنى مفاهيم الغرب وأساليب حياتهم وفكرهم فإن ذلك سيكون أفضل لهم وللعالم” ، إلا أن ما وجدته من مفاهيم وما توصلت إلى فهمه من مبادئ الإسلام وقيمه أقنعني أن ما يردده الغرب ليس إلا مفهوماً مشوهاً للإسلام … أتضح لي أن تخلف المسلمين لم يكن ناتجاً عن الإسلام ، ولكن لإخفاقهم في أن يحيوا كما أمرهم الإسلام .. لقد كان الإسلام هو ما حمل المسلمين الأوائل إلى ذراً فكرية وثقافية :243- 244).

(وفر الإسلام باختصار حافزاً قوياً إلى التقدم المعرفي والثقافي والحضاري الذي أبدع واحدة من أروع صفحات التاريخ الإنساني ، وقد وفر ذلك الحافز مواقف إيجابية عندما حدد في وضوح نعم للعقل ولا لظلام الجهل ، نعم للعمل والسعي ولا للتقاعد والنكوص ، نعم للحياة لا للزهد والرهبنة ، ولذلك لم يكن عجباُ أن يكتسب الإسلام أتباعاً في طفرات هائلة بمجرد أن جاوز حدود بلاد العرب ، فقد وجدت الشعوب التي نشأت في أحضان مسيحية القديس بولس والقديس أوجستين… ديناً لا يقر عقيدة ومفهوم الخطيئة الأولى. .. ويؤكد كرامة الحياة البشرية ولذلك دخلوا في دين الله أفواجاً ، جميع ذلك يفسر كيفية انتصار الإسلام وانتشاره الواسع والسريع في بداياته التاريخية ويفند مزاعم من روجوا أنه انتشر بحد السيف ، لم يكن المسلمون إذاً هم من خلقوا عظمة الإسلام ، بل كان الإسلام من خلق عظمة المسلمين ، وبمجرد أن تحول إيمانهم إلى عادة ، وابتعد أن يكون منهجاً وأسلوباً للحياة خبا وهج النبض الخلاق في تلك الحضارة وحل محلها تدريجياً التقاعس والعقم وتحلل الثقافة:246).

كان ذكاؤه الحاد ونفاذ بصيرته ونهمه إلى الإطلاع على التراث الفكري للمسلمين يعمق معرفته بالإسلام فيبصره على حقيقته (كانت صور نهائية متكاملة عن الإسلام تتبلور في ذهني ، كان يدهشني في أوقات كثيرة أنها تتكون داخلي بما يشبه الارتشاح العقلي والفكري أي إنها تتم من دون وعي وإرادة مني ، كانت الأفكار تتجمع ويضمها ذهني بعضها إلى بعض في عملية تنظيم ومنجهة لكل الشذرات من المعلومات التي عرفتها عن الإسلام ، رأيت في ذهني عملا عمرانيا متكاملاً تتضح معالمه رويداً رويداً بكل ما تحتويه من عناصر الاكتمال ، وتناغم الأجزاء والمكونات مع الكل المتكامل في توازن لا يخل جزء منه بآخر ، توازن مقتصد بلا خلل ، ويشعر المرء أن منظور الإسلام ومسلماته كلها في موضعها الملائم الصحيح من الوجود:381).

(كانت أهم صفة بارزة لحضارة الإسلام وهي الصفة التي انفردت بها عن الحضارات البشرية السابقة أو اللاحقة أنها منبثقة من إرادة حرة لشعوبها لم تكن مثل حضارات سابقة وليدة قهر وضغط وإكراه وتصارع إرادات وصراع مصالح ، ولكنها كانت جزءاً وكلاً من رغبة حقيقية أصيلة لدى جميع المسلمين مستمدة من إيمانهم بالله وما حثهم عليه من إعمال فكر وعمل ، لقد كانت تعاقداً اجتماعيا أصيلاً لا مجرد كلام اجوف يدافع به جيل تالٍ عن امتيازات خاصة بهم… لقد تحققت أن ذلك العقد الاجتماعي الوحيد المسجل تاريخياً تحقق فقط على مدى زمنى قصير جدا ، أو على الأصح أنه على مدى زمني قصير تحقق العقد على نطاق واسع ، بعد أقل من مائة سنة من وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بدأ الشكل النقي الاصيل للإسلام يدب فيه الفساد وفي القرون التالية بدأ المنهج القويم يزاح إلى الخلفية .. لقد حاول المفكرون الإسلاميون أن يحفظوا نقاء العقيدة إلا أن من أتوا بعدهم كانوا أقل قدرة من سابقيهم ، وتقاعسوا عن الاجتهاد.. وتوقفوا عن التفكير المبدع والاجتهاد الخلاق. كانت القوة الدافعة الأولى للإسلام كافية لوضعه في قمة سامية من الرقي الحضاري والفكري… وهذا ما دفع المؤرخين إلى وصف تلك المرحلة بالعصر الذهبي للإسلام ، إلا أن القوة الدافعة قد ماتت لنقص الغذاء الروحي الدافع لها وركدت الحضارة الإسلامية عصراً بعد عصر لافتقاد القوة الخلاقة المبدعة ، لم يكن لدي أوهام عن الحالة المعاصرة للعالم الإسلامي ، بينت الأعوام الأربعة التي قضيتها في مجتمعات إسلامية أن الإسلام ما زال حياً وأن الأمة الإسلامية أن الإسلام ما زال حياً وأن الأمة الإسلامية متمسكة به بقبول صامت لمنهجه وتعاليمه إلا أن المسلمين كانوا مشلولين غير قادرين على تحويل إيمانهم إلى أفعال مثمرة ، إلا أن ما شغلني أكثر من إخفاق المسلمين المعاصرين في تحقيق منهج الإسلام والإمكانيات المتضمنة في المنهج ذاته ، كان يكفيني أن أعرف أنه خلال مدى زمني قصير .. كانت هناك محاولة ناجحة لتطبيق هذا المنهج ، وما أمكن تحقيقه في وقت ما يمكن تحقيقه لاحقاً ، ما كان يهمني ـ كما فكرت في داخلي ـ أن المسلمين شردوا عن التعليمات الأصلية للدين… ما الذي حدث وجعلهم يبتعدون عن المثاليات التي علمهم أياها الرسول صلى الله عليه وسلم منذ ثلاثة عشر قرناً مضت ما دامت تلك التعليمات لا تزال متاحة لهم إن أرادوا الاستماع إلى ما تحمله من رسالة سامية؟ بدا لي كلما فكرت أننا نحن في عصرنا الحالي نحتاج إلى تعاليم تلك الرسالة أكثر من هؤلاء الذين عاشوا في عصر محمد صلى الله عليه وسلم ، لقد عاشوا في بيئات وظروف أبسط كثيراً مما نعيش فيه الآن ولذلك كانت مشكلاتهم أقل بكثير من مشكلاتنا.. العالم الذي كنت أحيا فيه ـ كله ـ كان يتخبط لغياب أي رؤية عامة لما هو خير وما هو شر.. لقد أحست بيقين تام..أن مجتمعنا المعاصر يحتاج إلى أسس فكرية عقائدية توفر شكلاً من اشكال التعاقد بين افراده ، وأنه يحتاج إلى إيمان يجعله يدرك خواء التقدم المادي من أجل التقدم ذاته ، وفي الوقت نفسه يعطي للحياة نصيبها ، إن ذلك سيدلنا ويرشدنا إلى كيفية تحقيق التوازن بين احتياجاتنا الروحية والبدنية ، وأن ذلك سينقذنا من كارثة محققة نتجه إليها بأقصى سرعة .. في تلك الفترة من حياتي شغلت فكري مشكلة الإسلام كما لم يشغل ذهني شيء آخر من قبل ، قد تجاوزت مرحلة الاستغراق الفكري والاهتمام العقلي بدين وثقافة غريبين ، لقد تحول اهتمامي إلى بحث محموم عن الحقيقة : 380-386).

لقد صار في إمكانه أن يميز بين ما هو الإسلام وما هو غريب عنه في تصورات المسلمين وسلوكهم ، في رحلته الأولى رأى حلقة ذكر يقيمها الصوفية في أحد مساجد {سكوتاري} في تركيا ويصفها بهذه العبارات (كانوا يقفون في محيط واحد فاستداروا في نصف دورة ليقابل كل واحد منهم الآخر أزواجاً ، كانوا يعقدون أذرعهم على صدورهم وينحنون انحناءة شديدة وهم يستديرون بجذوعهم في نصف دائرة .. في اللحظة التالية {كانوا } يقذفون أذرعهم في الاتجاه المعاكس الكف اليمنى ترتفع والكف اليسرى تنزل إلى الجانب ، وتخرج من حلوقهم مع كل نصف انحناءة واستدارة اصوات مثل غناء هامس “هو” ثم يطرحون رؤوسهم للخلف مغمضين أعينهم ويجتاج ملامحهم تقلص ناعم ، ثم تتصاعد وتتسارع إيقاعات الحركة وترتفع الجلاليب لتكون دائرة متسعة حول كل درويش مثل دوامات البحار.. تحولت الدائرة إلى دوامات ، اجتاحهم الانهماك وشفاههم تكرر بلا نهاية”هو ، هو” 251).

وفي الرحلة الثانية يتذكر حلقة الذكر هذه ويعلق عليها (اتضحت في ذهني معاني لم تبد لي عندما شاهدت حلقة الذكر {سكوتاري } ، كان ذلك الطقس الديني لتلك الجماعة ـ وهي واحدة من جماعات كثيرة شاهدتها في مختلف البلاد الإسلامية ـ لا يتفق مع صورة الإسلام التي كانت تتبلور في ذهني .. تبين لي أن تلك الممارسات والطقوس دخيلة على الإسلام من جهات ومصادر غير إسلامية ، لقد شابت تأملات المتصوفة وأفكارهم أفكار روحية هندية ومسيحية ، مما أضفى على بعض ذلك التصوف مفاهيم غريبة عن الرسالة التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم ، أكدت رسالة النبي صلى الله عليه وسلم أن السببية العقلية هي السبيل للإيمان الصحيح بينما تبتعد التأملات الصوفية وما يترتب عليها {من سلوك } عن ذلك المضمون ، والإسلام قبل أي شيء مفهوم عقلاني لا عاطفي ولا انفعالي ، الانفعالات مهما تكن جياشة معرضة للاختلاف والتباين باختلاف رغبات الافراد وتباين مخاوفهم بعكس السببية العقلية ، كما أن الانفعالية غير معصومة بأي حال: 253).

كتب بعد ذلك بسنوات: (لقد بدا لي الإسلام مثل تكوين هندسي محكم البناء ، كل اجزائه صيغت ليُكمل بعضها البعض وليدعم بعضها بعضا ، ليس فيها شيء زائد عن الحاجة وليس فيها ما ينقص عنها ، وناتج ذلك كله توازن مطلق وبناء محكم ، ربما كان شعوري بأن كل ما في الإسلام من تعاليم وضع موضعه الصحيح هو ما كان له أعظم الأثر علي ، لقد سعيت بجد إلى أن أتعلم عن الإسلام كل ما أستطيع أن أتعلمه ، درست القرآن وأحاديث النبي ، درست لغة الإسلام وتاريخه وقدراً كبيرا مما كتب عن الإسلام وما كتب ضده ، أقمت ست سنوات تقريباً في نجد والحجاز معظمها في مكة والمدينة بغرض أن أتصل مباشرة ببيئة الإسلام الأصلية ، وبما أن المدينتين كانتا مكان اجتماع المسلمين من مختلف الاقطار فقد تمكنت من الاطلاع على مختلف الآراء الدينية والاجتماعية السائدة حالياً في العالم الإسلامي ، وكل هذه الدراسات والمقارنات خلقت لدى اعتقاداً راسخاً أن الإسلام كظاهرة روحية واجتماعية لا يزال أقوى قوة دافعة عرفها البشر رغم كل مظاهر التخلف التي خلفها ابتعاد المسلمين عن الإسلام. (Islam At Crossroads ED. 1982 p 11-12 )

طوال العامين اللذين قضاهما في رحلته الثانية في العالم الإسلامي كان بعقله ومعلوماته يتقدم بسرعة في الطريق إلى الإسلام لقد وعى ذلك وهو يعدو بجواده فوق جبال إيرانية مغطاة بالثلج الأبيض (بدا العالم كله مبسوطاً أمامي في رحابية لا تنتهي بدا شفافاً في عيني كما لم يبد من قبل ، رأيت نمطه الداخلي الخفي ، وأحسست بنبضه الدفين في تلك الأصقاع البيضاء الخالية ، واندهشت من خفاء ذلك علي منذ دقيقة مضت وأيقنت أن كل الأسئلة التي تبدو بلا إجابة ماثلة أمامنا في انتظار أن ندركها ، بينما نحن ـ الحمقى المساكين ـ نطرح الأسئلة وننتظر أن تفتح الأسرار الإلهية نفسها لنا بينما تنتظر تلك الأسرار أن نفتح نحن أنفسنا لها ، مر أكثر من عام بين انطلاقي المجنون على جوادي فوق الجليد والبرد قبل أن اعتنق الإسلام ، ولكن حتى في ذلك الوقت قبل إسلامي كنت انطلق ـ دون أن أعي ذلك ـ في خط مستقيم كمسار السهم المنطلق بإتجاه مكة المكرمة:574-275).

(كنت في طريقي من مدينة هراة إلى مدينة كابل.. توجهنا إلى قرية ده زانجي جلسنا في اليوم التالي حول غداء وافر كاالمعتاد {في بيت الحاكم} وبعد الغداء قام رجل من القرية بالترفيه عنا..

غنى على ما أذكر عن معركة داود وجالوت ، عن الإيمان عندما يواجه قوة غاشمة .. علق الحاكم في نهاية الأغنية قائلاً: ” كان داود صغيراً إلا أن إيمانه كان كبيراً” فلم أتمالك نفسي وقلت بإندفاع : ” وأنتم كثيرون وإيمانكم قليل” نظر مضيفي مندهشاً فخجلت مما قلت من دون أن أتمالك نفسي وبدأت بسرعة في توضيح ما قلت واتخذ تفسيري شكل أسئلة متعاقبة كسيل جارف ، قلت (( كيف حدث أنكم معشر المسلمين فقدتم الثقة بأنفسكم تلك الثقة التي مكنتكم من نشر عقيدتكم في أقل من مائة عام حتى المحيط الأطلسي.. وحتى أعماق الصين ، والآن تستسلمون بسهولة وضعف إلى أفكار الغرب وعاداته؟ لماذا لا تستجمعون قوتكم وشجاعتكم لإستعادة إيمانكم الفعلي ، كيف يصبح أتاتورك ذلك المتنكر التافه الذي ينكر كل قيمة للإسلام ، رمزاً لكم في الإحياء والنهوض والإصلاح؟)).

ظل مضيفي صامتاً .. كان الثلج قد بدأ في التساقط خارجاً ، وشعرت مرة أخرى بموجة من الأسى مختلطة مع تلك السعادة الداخلية التي شعرت بها ونحن نقترب من ده زانجي أحسست بالعظمة التي كانت عليها الأمة ، وبالخزي الذي يغلف ورثتها المعاصرين . اردفت مكملاً أسئلتي ” قل لي كيف دفن علماؤكم الإيمان الذي أتى به نبيكم بصفائه ونقائه؟ كيف حدث أن نبلاءكم وكبار ملاك أراضيكم يغرقون في الملذات بينما يغرق أغلب المسلمين في الفقر .. مع أن نبيكم علمكم أنه لا يؤمن أحدكم أن يشبع وجاره جائع؟ هل يمكن أن تفسر لي كيف دفعتم النساء إلى هامش الحياة مع أن النساء في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة ساهمن في شئون حياة أزواجهن؟ كان مضيفي ما زال يحملق فيّ دون كلمة ، وبدأت اعتقد أن انفجاري ربما سبب له ضيقاً ، في النهاية جذب الحاكم ثوبه الأصفر الواسع وأحكمه حول جسمه… ثم همس ” ولكن أنت مسلم” ضحكت وأجبته كلا لست مسلماً ولكني رأيت الجوانب العظيمة في رسالة الإسلام مما يجعلني أشعر بالغضب وأنا أراكم تضيعونه ، سامحني إن تحدثت بحدة ، أنا لست عدوا على أي حال ” إلا أن مضيفي هز رأسه قائلاً : ” كلا أنت كما قلت لك مسلم إلا أنك لا تعلم ذلك ، لماذا لا تعلن الآن هنا : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وتصبح مسلماً بالفعل بدلاً من أن تكون مسلماً بقلبك فقط “قلت له : ” لو قلتها في أي وقت فسأقولها عندما يستقر فكري عليها ويستريح لها ” استمر إصرار الحاكم : ولكنك تعرف عن الإسلام أكثر مما يعرفه أي واحد منا ، ما الذي لم تعرفه أو تفهمه بعد؟” قلت له : ” الأمر ليس مسألة فهم بل أن أكون مقتنعاً ، أن أقتنع أن القرآن الكريم هو كلمة الله ، وليس ابتداعاً ذكياً لعقلية بشرية عظيمة ” ولم تمح كلمات صديقي الأفغاني من ذهني على مدى شهور طويلة:375-376).

بعد شهور من هذه الحادثة كان ينطق بالشهادة أمام رئيس رابطة المسلمين في برلين كان قد رجع إلى أوروبا من رحلته الثانية التي استغرقت عامين من التجوال في العالم الإسلامي فعرف أن اسمه أصبح من الأسماء المعروفة… وأنه أصبح واحداً من أشهر مراسلي الصحف وسط أوروبا ، بعض مقالاته لقيت ما يفوق الاعتراف بأهميتها ، وتلقى دعوة لإلقاء سلسلة من المحاضرات في أكاديمية الجغرافيا السياسية في برلين ، ولم يحدث كما قيل له أن رجلاً في مثل سنه (السادسة والعشرين) قد حقق ذلك التميز ، وأعيد نشر مقالاته الأخرى في صحف كثيرة حتى أن واحدة من تلك المقالات نشرت في ثلاثين مطبوعة مختلفة.

ولكن بعد عودته واتصاله من جديد بأصدقاء الفكر والثقافة في برلين ومناقشته معهم قضية الإسلام ، أحس أنه وإياهم لم يعودوا يتحدثون من المنطلقات الفكرية نفسها ، شعر بأن من يرون منهم أن الأديان القديمة أصبحت شيئاً من الماضي وهم الأغلبية ومن كانوا لا يرفضون الأديان رفضاً كلياً ، كانوا كلهم يميلون بلا سبب إلى تبنى المفهوم الغربي الشائع الذي يرى أن الإسلام يهتم بالشئون الدينية وتنقصه الروحانيات التي يتوقع المرء أن يجدها في أي دين ( ما أدهشني بالفعل أن اكتشف أن ذلك الجانب من الإسلام هو ما جذبني إليه من أول لحظة وهو عدم الفصل بين الوجود المادي والوجود الروحي للبشر ، وتأكيد السببية العقلية سبيلاً للإيمان ، وهو الجانب ذاته الذي يعترض عليه مفكروا أوروبا ، الذين يتبنون السببية العقلية منهجاً للحياة ، ولا يتخلون عن ذلك المنهج العقلاني إلا عندما يرد ذكر الإسلام ، لم أجد أي فرق بين الأقلية المهتمة بالأديان والأغلبية التي ترى أن الدين أصبح من المفاهيم البالية التي عفا عليها الزمن ، أدركت مع الوقت مكمن الخطأ في منهج كل منهما ، أدركت أن مفاهيم من تربوا في أحضان الأفكار المسيحية في أوروبا .. تبنوا مفهوماً يسود بينهم جميعاً فمع طول تعود أوروبا نسق التفكير المسيحي تعلم حتى اللادينيين أن ينظروا إلى أي دين آخر من خلال عدسات مسيحية فيرون أي فكر ديني صالحاً لأن يكون ديناً إذا غلفته مسحة غامضة خارقة للطبيعة تبدو خافية وفوق قدرة العقل البشري على استيعابها ، ومن منظورهم لم يف الإسلام بتلك المتطلبات .. كنت أوقن بأني في طريقي إلى الإسلام وجعلني تردد اللحظة الأخيرة أؤجل الخطوة النهائية التي لا مفر منها، كانت فكرة اعتناق الإسلام تمثل لي عبور قنطرة فوق هاوية تفصل بين عالمين مختلفين تماماً قنطرة طويلة حتى أن المرء عليه أن يصل إلى نقطة اللاعودة أولاً قبل أن يتبين الطرف الآخر للقنطرة ، كنت أعي أني لو اعتنقت الإسلام لاضطررت إلى خلع نفسي نهائياً من العالم الذي ولدت فيه ونشأت فيه ، لم تكن هناك حلول أخرى ، فلم يكن ممكنا لأمرئ مثلي أن يتبع دعوة محمد صلى الله عليه وسلم ويظل محتفظاً بروابطه مع مجتمع يتصف بثنائية المفاهيم المتعارضة والمتناقضة ، كان سؤالي الأخير الذي كنت متردداً أمامه هو : هل الإسلام رسالة من عند الله أم أنه حصيلة حكمة رجل عظيم:287-289).

ولم يمكث غير بعيد حتى جاءت الإجابة ، لقد اتصل من جديد بحياة الغرب مباشرة ورأى مبلغ التعاسة والشقاء الذي يعانيه الغربيون ولكنهم لا يعونه أو لا يعون سببه ، كان في القطار مع زوجته ، وشغل نفسه بالتطلع إلى وجوه الناس (بدأت أتطلع حولي إلى الوجوه.. كانت جميعاً وجوهاً تنتمي إلى طبقة تنعم بلبس ومأكل جيدين ولكنها كانت تشي بتعاسة داخلية عميقة ومعاناة واضحة على الملامح تعاسة عميقة حتى أن أصحابها لم يدركوا ذلك.. كنت أوقن بأنهم غير واعين وإلا لما استمروا في إهدار حياتهم على هذا المنوال من دون أي تماسك داخلي ومن دون أي هدف أسمى من مجرد تحسين معيشتهم ومن دون أمل يزيد على الاستحواذ المادي الذي من الممكن أن يحقق لهم مزيداً من السيطرة:290).

جاءت الإجابة حين قرأ القرآن فور عودته إلى بيته – وكانت التجربة التي مر بها في القطار لا تزال حية في تفكيره –

(وقفت لحظات مشدوهاً وأنا أحبس أنفاسي وأحسست أن يدي ترتجفان ….. لقد كان القرآن يتضمن الإجابة إجابة حاسمة قضت على شكوكي كلها وأطاحت بها بلا رجعة ، أيقنت يقيناً تاماً أن القرآن … من عند الله :291).
بعد إسلامه بست سنوات كان يقطع الصحراء الكبرى قادماً من “قصر عثيمين” على الحدود السعودية العراقية وقاصداً مكة ، كانت رحلة مليئة بالمفاجأة والمغامرة لقد أشرف فيها على الموت.
وكتب كتابه ” الطريق إلى مكة” يقص فيه التفاصيل المثيرة لهذه الرحلة ويقص معها تفاصيل رحلة أخرى رحلة روحه إلى مكة، رحلتها إلى الإسلام. كل ما سبق من معلومات واقتباسات أخذت من هذه القصة الرائعة.

المقال من إعداد اللجنة العالمية لنصرة خاتم الأنبياء

ظهرت المقالة تأملات في مسيرة عقل مسلم: ليوبولدفايس (محمد أسد) أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d9%84%d9%8a%d9%88%d8%a8%d9%88%d9%84%d8%af%d9%81%d8%a7%d9%8a%d8%b3/feed/ 0 1915
تعذيب الفلسطيني باسم «الهوية النضالية» https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d9%87%d9%88%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%b6%d8%a7%d9%84%d9%8a%d8%a9/ https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d9%87%d9%88%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%b6%d8%a7%d9%84%d9%8a%d8%a9/#respond Mon, 27 Jul 2009 11:44:00 +0000 https://al-ommah.com/?p=1895 تعذيب الفلسطيني باسم «الهوية النضالية» “الفلسطيني يعاني كثيرا في معاملاته اليومية بحجة المساعدة على عدم نسيان القضية مع ارتباطه الوثيق بها، وكان من الممكن أي يعالج الأمر بدون هذه المعاناة” ننشر  مقالين للكاتب داود الشريان لتوضيح هذه المعاناة. مقال للكاتب داود الشريان نقلا عن جريدة الحياة في حوار نشر أمس في […]

ظهرت المقالة تعذيب الفلسطيني باسم «الهوية النضالية» أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
تعذيب الفلسطيني باسم «الهوية النضالية»

“الفلسطيني يعاني كثيرا في معاملاته اليومية بحجة المساعدة على عدم نسيان القضية مع ارتباطه الوثيق بها، وكان من الممكن أي يعالج الأمر بدون هذه المعاناة”

ننشر  مقالين للكاتب داود الشريان لتوضيح هذه المعاناة.

مقال للكاتب داود الشريان نقلا عن جريدة الحياة في حوار نشر أمس في «الحياة»، دافع وزير الداخلية الأردني نايف القاضي عن مشروع «التمسك بلم الشمل» الذي تطبقه الأردن على الأردنيين من اصل فلسطيني، ونفى سحب الجنسية من الأردنيين من اصول فلسطينية، معتبراً ما يجري «تصويب أوضاع». وخلال حديثه عن إجراءات إجبار المواطن الأردني الفلسطيني، على تجديد بطاقة «لم الشمل»، او «تصويب الهوية الحقيقية»، اكد ما حاول نفيه، معتبراً ان «الفلسطيني يحمل هوية نضالية يجب ان نعتز بها».

لا يوجد فلسطيني لا يعتز بهويته، لكن المشكلة التي يواجهها الفلسطيني في دول «مخيمات اللاجئين»، هي المزايدة عليه في الانتماء، والانتماء في عرف هذه الدول بات مرادفاً للإقامة الجبرية داخل مخيمات موحشة والعيش تحت هاجس التهديد بالطرد، فالهوية الفلسطينية في نظر «دول الطوق» ستذوب اذا عاش الفلسطيني مثل عباد الله، وعمل وعلم أولاده في مدارس محترمة، وهي تعتقد ان الفلسطيني سيتنكر لأرضه وحقه اذا تحسن وضعه وعاش في ظروف طبيعية، حتى صارت «الهوية النضالية» سوط وصاية ومذلة وهوان.

وزير الداخلية الأردني رفض منح الجنسية لأبناء المرأة الأردنية المتزوجة من فلسطيني، وقال «هناك 37 الف أردنية متزوجة من فلسطيني، وهذا يعني وبقرار إداري، تجنيس اكثر من 200 ألف فلسطيني، وهذا عمل لا يمكن أن نقوم به لأنه يخدم الأهداف الإسرائيلية»، على رغم ان مصر تجاوزت هذه الإشكالية، ومنحت ابناء المصريات المتزوجات من فلسطيني جنسيتها، واستطاعت بهذا القرار الشجاع ان تحمي أبناء الفلسطينيين من الانكسار وضياع الأمل.

لا شك في ان التوطين قادم، ونتمنى ان يكون قريباً. ونحن لا نطالب «دول المخيمات» بتجنيس الفلسطينيين طواعية، لكن، الى ان يحين توطينهم، على هذه الدول ان تهدم جدار المخيمات، وتشرع نوافذها للشمس والهواء النظيف وحرية التنقل، وتقي الفلسطيني ذل الفقر والحاجة وسؤال «الاونروا»، وتفتح أمامه سبل العمل.

على هذه الدول ان تكف عن التعامل مع الفلسطينيين وكأنهم وباء، تحت شعارات نعلم جميعاً انها أصبحت من ترهات النضال السمج. لا بد من كسر عزلة الفلسطينيين في لبنان وسورية والأردن، لا بد من ان يشعر الفلسطيني انه مرحب به كضيف عزيز، قبل ان تأتي إرادة خارجية وتعطيه حق العيش بكرامة رغماً عن الجميع. لا بد من دعم الفلسطينيين بالطريقة التي دعم بها الغرب اليهود. لا بد من إعادة النظر في فكرة المخيمات قبل ان تهد على رؤوسنا جميعاً. اتقوا الله بسكان المخيمات. كفوا عن النضال على حساب كرامة الشعب الفلسطيني.

ظهرت المقالة تعذيب الفلسطيني باسم «الهوية النضالية» أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d9%87%d9%88%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%b6%d8%a7%d9%84%d9%8a%d8%a9/feed/ 0 1895
المخطط التآمري الصهيوني لتهويد القدس https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ae%d8%b7%d8%b7-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a2%d9%85%d8%b1%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d9%87%d9%8a%d9%88%d9%86%d9%8a-%d9%84%d8%aa%d9%87%d9%88%d9%8a%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%af%d8%b3/ https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ae%d8%b7%d8%b7-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a2%d9%85%d8%b1%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d9%87%d9%8a%d9%88%d9%86%d9%8a-%d9%84%d8%aa%d9%87%d9%88%d9%8a%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%af%d8%b3/#respond Sat, 09 May 2009 11:23:00 +0000 https://al-ommah.com/?p=1888 د.عيد بن مسعود الجهني نقلا عن صحيفة الحياة تقوم إسرائيل منذ احتلال القدس عام 1967، بتنفيذ أعمال وإجراءات تهويد متواصلة، لتجعل من المدينة المقدسة عاصمة موحدة لها في ظل حالة التشتت والضعف العربي والإسلامي، وفي حماية موقف دولي منحاز للدولة العبرية، رغم استهانتها بالقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الصادرة لصالح […]

ظهرت المقالة المخطط التآمري الصهيوني لتهويد القدس أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
د.عيد بن مسعود الجهني نقلا عن صحيفة الحياة

تقوم إسرائيل منذ احتلال القدس عام 1967، بتنفيذ أعمال وإجراءات تهويد متواصلة، لتجعل من المدينة المقدسة عاصمة موحدة لها في ظل حالة التشتت والضعف العربي والإسلامي، وفي حماية موقف دولي منحاز للدولة العبرية، رغم استهانتها بالقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الصادرة لصالح العرب في قضية القدس.

إن الخيارات التي يمتلكها العرب والمسلمون لدعم قضيتهم كثيرة متنوعة، وفي مقدمها أنهم أصحاب حق قانوني وتاريخي، يدعمه القانون الدولي والشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن، وما عليهم إلا نفض غبار الخوف والتردد والضعف والانتفاضة من أجل حماية قدسهم الشريف.

إن ما يراد للقدس كبير وخطير، وما تفعله إسرائيل حتى الآن إنما هو إرهاصات لذلك المخطط التآمري لتهويد تلك المدينة العزيزة على قلب كل مسلم وكل مسيحي، والسيطرة عليها سيطرة كاملة بعد تهويدها، ولديها مخطط خبيث لاستقدام أكثر من مليون يهودي لتوطينهم فيها بحلول عام 2020، وهذا معناه أن المدينة المقدسة سيتم تفريغها من سكانها العرب الأصليين تماماً.

الدولة العبرية وهي تنفذ ذلك المخطط الخبيث الخطير، ترتكز على حجج وأساطير واهية لا تمت إلى الحق ولا إلى القانون الدولي بصلة، وتتعمد هدم المباني العربية، بزعم أنها بنيت من دون تراخيص تارة، وتارة أخرى تهدمها بحجة تنفيذ مشاريع جديدة، مثل بناء ما أطلقت عليه السلطات الإسرائيلية (مدينة الملك داود الأثرية)، وتحت ستار هذه الادعاءات قامت في الفترة ما بين عام 2000 و2007 بهدم 900 منزل، وتخطط لهدم وإخلاء أكثر من 1700 منزل خلال هذا العام.

وهكذا وجدت إسرائيل في غياب استراتيجية عربية وإسلامية واضحة ونتيجة لشعورها بضعف المسلمين والعرب الساحة خالية أمامها لتعربد وتهدم وتخرب في المدينة، وتعمل على تفريغها من سكانها العرب، ومن ذلك أن بلدية القدس الغربية قررت هدم عشرات المنازل في حي البستان في سلوان التي تعتبرها إسرائيل جزءاً من التراث اليهودي في القدس الشرقية، وطرد 1500 من أهالي الحي.

إن القدس تعتبر اليوم مدينة تحت الاحتلال، فقد احتلت إسرائيل قسماً منها عام 1948، ثم التهمت القسم الآخر في حرب 1967، ثم قامت الدولة العبرية بضم القدس بصورة فعلية، واعتبرتها عاصمة لها، وهكذا أصبحت هذه المدينة المقدسة التي تتعلق بها أفئدة مئات الملايين، فريسة للاحتلال الإسرائيلي، وبقيت قضيتها حبيسة الأدراج في منظمة الأمم المتحدة ومجلس أمنها، رغم صدور القرارات العديدة من المنظمة الدولية بشأنها، لكن لم ير واحد منها النور، هذا لأن المجتمع الدولي – وفي مقدمه الإدارة الأميركية – غير راغب في فرض قرارات مجلس الأمن وقرارات الأمم المتحدة وأحكام القانون الدولي، على رغم علم المجتمع الدولي الظالم، أن إسرائيل احتلت القدس مع الأراضي الفلسطينية، وأن لا سيادة لها على القدس في القانون الدولي، وأن كل ادعاءاتها بسيادتها عليها هي باطلة بطلاناً مطلقاً، فإن الاحتلال بالقوة لا يترتب عليه نقل سيادة البلد المحتل إلى الدولة المحتلة من دولة الأصل صاحبة الحق، ولا تزال السيادة على القدس حقاً خالصاً للشعب الفلسطيني صاحب الحق في أرضه وتراب وطنه.

مدينة القدس التي اعتبرتها إسرائيل عاصمة أبدية ودائمة لها وأيدتها في ذلك الولايات المتحدة بقرار الكونغرس الأميركي بتاريخ 28 أيلول (سبتمبر) 2002 تمر بأخطر مراحل قضيتها ولن يكون ما حدث، من تطهير وتهجير للسكان وهدم المنازل في منطقة سلوان والشيخ جراح، الأخير في سلسلة مخططات إسرائيل، فعلى العرب والمسلمين توقع المزيد من الهدم والتهجير وتوسيع المستوطنات القائمة وتشييد مستوطنات جديدة من أجل فرض واقع جديد تصعب إزالته.

وإذا لم ينهض العرب والمسلمون ويهبوا هبة رجل واحد فإن القدس سوف تضيع، ولن يمر وقت طويل حتى تصبح مدينة يهودية، وسوف ينهار المسجد الأقصى الذي تجري الحفريات وتشق الأنفاق تحته ومن حوله، وحينئذ لن ينفع الندم ولن يفيدنا لطم الخدود وشق الجيوب، وسيكتب عنا التاريخ أننا الجيل الذي أضاع القدس.

إسرائيل وضعت مخططها الإجرامي للتخلص من السكان الفلسطينيين الذين يدافعون عن مقدساتهم ومقدسات العرب والمسلمين والمسيحيين بدمائهم وبكل ما يملكون أمام صمت عربي وإسلامي مريب، وإسرائيل تعمل ليل نهار لتنفيذ مخططاتها واستراتيجياتها تجاه القدس وسكانها لتضمن أغلبية يهودية مطلقة وأقلية عربية لا تتجاوز 12 في المئة من مجموع السكان عام 2020، وهي تخطط لنقل 30 ألف يهودي من منطقة الساحل إلى القدس لتصبح القدس للإسرائيليين وليست للعرب والمسلمين.

قال تعالى: «سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَه» الإسراء (الآية 1)، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى» رواه البخاري.

إن من واجبنا لملمة الصفوف من أجل إنقاذ القدس وأهلها، وعقد المؤتمرات الإسلامية والعربية، والتحرك دولياً والضغط على مجلس الأمن والأمم المتحدة لتنفيذ قرارات المنظمة والمجلس بشأن القدس ومنها قرار المجلس رقم 478 (1980) الذي أكد فيه أن قانون الكنيست الإسرائيلي باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل هو قرار باطل ولا يترتب عليه أي أثر قانوني وأنه على كل الدول الالتزام بعدم نقل بعثاتها الدبلوماسية إلى القدس، كما أن على المنظمات الإسلامية والعربية رفع قضايا ضد إسرائيل إلى المحاكم الدولية المختصة، تطالب بالقصاص منها في قضايا التطهير العرقي، وعلى جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ولجنة القدس والمجموعة العربية في الأمم المتحدة أن تقوم بمسؤولياتها، وبذل الجهود ومخاطبة الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي لشرح الحق العربي – الإسلامي العادل، كما يجب بذل الجهد لتوصيل الحقائق إلى المجتمع الدولي والمؤسسات والهيئات العالمية المهتمة بقضايا حقوق الإنسان وإيضاح ما يحدث في الأراضي المحتلة من تمييز عنصري وطرد جماعي واعتداء على حقوق الإنسان، وهذا كله لا يعفي الأمة من أن تعد لتحرير القدس ما استطاعت من قوة!

* رئيس مركز الخليج العربي للطاقة والدراسات الاستراتيجية

ظهرت المقالة المخطط التآمري الصهيوني لتهويد القدس أولاً على منبر الأمة الإسلامية.

]]>
https://www.al-ommah.com/%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ae%d8%b7%d8%b7-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a2%d9%85%d8%b1%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d9%87%d9%8a%d9%88%d9%86%d9%8a-%d9%84%d8%aa%d9%87%d9%88%d9%8a%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%af%d8%b3/feed/ 0 1888